أشجان الغرفة الوحيدة
.
.
- أمي جائعٌ أنا ..
قال الصغير بسنواتِ عمره الأربع؛ مخاطباً أمه، نظرت إليه .. قلبها يتمزق من كل
زاوية .. ألم .. حزن .. قهر.. جوع ? قالت :
- أصبر أصبر يا بُنى..
خمسةٌ أطفال وأمهم فاتحون أعينهم وأفواههم وأيديهم ويدعون الله؛ في منزلهم الغرفة
الوحيدة ? يلفهم ليلٌ موحش كئيب .. برد مضى ?.. ?.. وجوع قاسِ يمزقُ أحشاءهم ..
وسط الغرفة وضع موقد به قليلٌ من الوقود ? بضعةُ أعوادٍ أتى بها أكبرهم ذا الإثنى
عشر عاماً ? عساها تعينهم وتُسرى الدفء فى أوصالهم وتجعلهم يمارسون على الأقل شيئاً
مماَّ يمارسه البشر وإن كان ببضعةِ اعواد .. الشعور بالدفء ..
أمهم وضعت على الموقد إناءاً به ماء ? عساها تجعلهم ينامون وعلى شفاههم شبح
ابتسامة وهم يحلمون بأكل اللحم ككلِ ليلة … يمارسون على الأقلِ شيئاً ممَّ يمارسه
البشر .. الحلم ..
- اليومَ رأيتُ عم صلاح صديق أبى ومعه ذاك الطويل الذي لم أكن أحبه وكان يقول
أنني لا أتمتع بالذكاء مثل أبنه؛ يقود عربة جميلة لم أستطع تمييز لونها ? سمعتُ من
أحد المارة أن ثمنها باهظاً جداً جداً ..
قال أكبرهم ..
أجابه صمت أمه وربما شجنها .. حاول أن يجعلها تتكلم فقال :
- أليسوا هم من رافقوا أبى إلى الحرب .. أستشهد أبى وعادوا هم ..?
أجابه الصمت أو .. الشجن مرة أخرى
- هل لو أن أبى قد عاد كان سيمتلك عربةً كتلك التى رأيتها..?
- لا ..
- لماذا يا أمى ..?
- لأنهم أبناءُ .....
- ولماذا إذن..?
- أصمت ولا تتحدث ..
على الركن القصي كانت القطة تشاركهم في كل شئ، الحوار .. البرد .. الجوع ..
- إنها جائعة ..
- لقد رأيتها بالأمسِ تأكلُ إبنها الصغير ..
- نعم فقد مات البارحة ..
- لماذا يا أمى ..?
- يقال أن القطط تأكل أبنائها عندما يموتون ? هذا لحبها لهم
قال الأكبر
- لا أصدقُ هذا الكلام ? إنه الجوع ..
- أمى هل ستأكلينا عندما تجوعين ..؟
سأل الصغير بسنوات عمره الأربع، ابتسمت .. أجابته نفياً .. احتضنتهُ .. ذهبت مع
شجنها تفكر بالسـؤال …!!
ولكم مودتي :type:
القصة بقلم .. .رانيا مأمون
|