الموضوع: البعث والجزاء
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-02-05, 05:47 PM   #1
 
الصورة الرمزية كل الحنان

كل الحنان
زهـرة الشرق

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 3,444
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ كل الحنان
البعث والجزاء


[ALIGN=CENTER][ALIGN=CENTER]
عندما خلق الله أبناء آدم لم يدعهم يعيشون في الارض عدد سنين ثم يفنون وتبقى لهم الذكرى او لاتبقى ! كلا انه اوجدهم ليخلدوا



والموت التي يعترض محياهم على ظهر الارض هو رقدة مؤقته او نقطه فاصله بين مرحلتين من الوجود كانت الاولى للغرس والاخرى للحصاد



اما الذين احسنوا الغراس واستعدوا للقاء اله فأنهم يقولون



أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58)



إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59)



إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60)



لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ



واما الذين ظنوا العيش بين المهد واللحد هو الوجود الاول والاخير وجحدوه مابعده فلهم شأن آخر



وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)



إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)



تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ



في كثير من الاحيان اترك وطني الى اقطار اخرى تطول فيها الغربه او تقصر ويشتد الحنين او يخف انني خلال تلك الاسفار ارسم الخطط للعوده واعلم بيقين من اين جئت والى اين اعود



انظر الى الفندق الذي نزلت به شاعرآ بأنني عابر سبيل وان غرفتي سيحتلها احد الناس بعدي كما احتللتها انا بعده



ولاريب ان الشعور الدائم بالاستقرار بلاهه كذلك نحن في هذه الحياة الدنيا انها ممر لامقر ولذلك قيل



فحي على جنات عدن فأنها منازلك الاولى وفيها المخيم



وقد اكثر القرآن الكريم الحديث عن الدار الاخره وحسابها الدقيق ونعيمها المقيم وعذابها الدائم واكد للبشر ان حياتهم فوق التراب فترة صغيره وان استغراقهم في الاحزان والافراح خدعه كبيره وان المسلك الوحيد الرشيد هو الايمان بالله واليوم الاخر



وعندما كان الجدال يشتد بين الرسول ومعارضيه يتنزل عليه قول الله



إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30)



ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)



أن خط الحياة مطرد مستمر والاحساس بأن الموت عدم احساس كاذب ! واغلب الناس لايتخذ الاهبة للقاء الله بل ينساق وراء مآربه بطيش ويحتجب داخلها فلا يبصر اي عقبى



بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5)



يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)



وفي السوره الاولى من القرآن الكريم حمد لله رب العالمين المالك ليوم الدين اي يوم الجزاء وهي سورة يقرؤها المسلم عشرات المرات كل يوم



في حين نجد في أسفار موسى الخمسه المسماة بالتوراة انها خاليه من اي ذكر للبعث والجزاء خاليه من اي ترغيب بالجنه او ترهيب من النار وكأن مؤلف كتاب رأس المال وضع هذه التوراة



وهذا الاغفال كان له اثره في اخلاد اليهود الى الارض وصياغة تفكيرهم المادي واعتبار جنتهم ونارهم في هذه الحياة وحدها



وموسى بريء من هذا الانحراف وقد لاحظنا انه في اول لقاء لكليم الله مع ربه تلقى هذه التعليمات البينه



إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)



إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)



فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى



ولما كانت اعمارنا قصيره ولما كنا نستقبل حياة لايعروها القضاء فأن اغفال هذا المستقبل خيانه وترك الاستعداد له ضياع



اننا نحب ان نكسب خير الدنيا والاخره معآ لكن مالعمل اذا خير المرء بين احدهما وكلف ان يرضى بالقليل هنا ليظفر بالكثير هناك



والاستعداد للمستقبل خلق محمود ولكن الخلاف في تعريف المستقبل فمن الناس من يحسبه ماوراء اليوم الحاضر الى حين الوفاة فحسب! واغلب البشر في يومنا هذا لايعرفون المستقبل الا في هذا النطاق الضيق! فأذا قال احد انا افكر في مستقبلي ! فليس يعني الا غده القريب وشيخوخته المقبله



اما النظر في الدار الاخره واعداد ما يغني فيها فالتفكر فيه بعيد مع كثرة النذر وموت العشرات والمئات كل ساعه



بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ



اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1)



مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2)



لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ



واهل الايمان الواعي يعرفون ان المستقبل الحقيقي يشمل الارض والسماء معآ ويتناول القليل الباقي من العمر ولو كان عشرات من السنين والطويل الباقي من الحياة الابديه بعد الرحيل من هنا ! وهذا مايلفتنا القرآن اليه عندما يعبر عن الاخره بالغد في قوله تعالى



يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)



وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ



أخلاق طلاب الاخره



وبناء الاخره يتطلب اخلاقآ معينه! فمن استحلى اخذ رشوه او غصب حق او اكل حرام فلن يجد الا منقلبآ مشؤومآ



اما الموقنون بالاخره فلهم سيره اخرى انهم يتقون الشبهات استبراء لدينهم وعرضهم ويكترثون بالاخره اشد من اكتراث غيرهم بالدنيا وهم يفهمون بعمق قوله تعالى



وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ



قال ابن اسحاق يصف المسلمين في عزوة احد كان ابو دجانه رجلا شجاعآ يختال عند الحرب وكانت له عصابه حمراء اذا اعتصب بها علم انه سيقاتل حتى الموت



كيف يختال رجل وهو يستعد للقاء عدوه، ويتوقع الموت في هذا اللقاء ! لقد استخفت في نفسه مشاعر الرهبه كلها، ولم ير في الموت الا نقله ترفعه الى عليين



فليتبختر فوق الثرى فربما وثب منه الى الفردوس الاعلى في ساعة استشهاد



اما الخلوف التي تزاحم الارض لنا فلهم مثل السوء في حب الدنيا وكراهية الموت



ان التفريق بين شؤن الدنيا وشؤن الاخره مع تجميد حركة القلب كان من وراء التخلف الشائن الذي ازرى بأمتنا واعجزها عن نشر رسالتها



وعندما يوازن القرآن الكريم بين الدنيا والاخره فهو يعني الدنيا المقطوعه عن الله ولو راءت بأسمه وتاجرت بدينه، ان قصور المعرفه وقسوة القلب وسوء القصد امراض تفتك بالعبادات وتمنعها من الصعود الى السماء



وربما كان اثم البعيدين عن الله واقعآ على من لم يوصلوا القول ولم يقوموا بعبء البلاغ



وفي القرآن الكريم تهديد لاهل الكتاب كلهم وبينهم المسلمين اذا لم يتقوا الله وتدبر قوله الله تعالى



وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا



ثم يعود التهديد مره اخرى لليهود والنصارى والمسلمين بأنهم ان لم يصلحوا في الارض ذهب الله بهم واستخلف غيرهم



إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا



والتهديد بأفناء الاجيال الفاشله تكرر في مواطن كثيره من الكتاب العزيز



إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا



اي من سقطت همته فلم تتجاوز التراب فليبق في دنياه ومن طلب أفقآ اعلى فأن الله لايضيع عمله وهو سميع لقوله بصير بعمله



وفي طلب الدنيا والاخره جاءت ايات تحتاج الى تفسير قريب منها قوله تعالى



مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15)



أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ





والايات تفيد ان هناك أممآ وافرادآ سوف يحيون هذه الدنيا وحدها لايعنيهم ماوراءها وسوف يبذلون قواهم ومواهبهم للاستحواذ على مافي الحياة من خيرات والاستمتاع بها دون شكر لخالقها او تقديره حق قدره



وقد بين الله تعالى انه يعطيهم ماطلبوا ويمكن لهم في الدنيا بقدر جهدهم دون بخس او حيف اما الاخره فلا نصيب لهم فيها اذ هم لم يعنوها او يكترثوا بها



ويبقى ان ينالوا الجزاء الاوفى على تكذيبهم ونسيانهم لربهم وهو الخلود في النار


للشيخ محمد الغزالي[/ALIGN][/ALIGN]


توقيع : كل الحنان
زهرة الشرق
zahrah.com

كل الحنان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس