اليوم العالمي للمرأة ( 8 - 3 - 2004 )
التاريخ: الأحد 2004/03/07 م
د . نوره السعد
يوم غد الاثنين 8/مارس هو اليوم العالمي للمرأة كما قررته الأمم المتحدة!! وكما ذكرت الأستاذة صافي ناز كاظم في جريدة الشرق الأوسط يوم الخميس 14/محرم/1425هـ الموافق 4/مارس أنه سيكون اجتراراً لما يصيب المرأة من (قهر ذكوري)!!.
واستعرضت في مقالتها المتميزة - التي أتمنى من كل من تهتم بقضايا المرأة أن تقرأها وتفهمها جيداً - استعرضت كيف يتم تسويق شعارات رنانة تحمل في ظاهرها الدفاع عن قضايا المرأة بينما في الواقع هي تقليد لذكرى غربية نالت فيها النساء حقوقهن كما أنها أي السيدة صافي ناز كاظم لا تنكر المظالم الواقعة على النساء في بلادنا وفي غيرها ولكن علينا حين ننهض للدفاع عنها ننهض كإنسان يدافع عن (إنسان) وليس كأنثى تدافع عن (أنثى) وأعجبتني جداً عبارتها: (لا أعترف بقومية اسمها (الفيمينزم)!! وهي قومية الإناث كما تقول.. ولكن ما علمنا القرآن هو أن الرجال والنساء بعضهم من بعض والأكرم عند الله هو الأتقى..
وقد استعرضت الازدواجية في تحليل المواقف من جماعة القومية الأنثوية ضد قضايانا الاجتماعية في مجتمعاتنا المسلمة وكيف يتم تحوير كل تشريع وفق هذا المنظور على أنه ظلم للمرأة وقهر لها!! مثل إرضاع الأم لطفلها حولين كاملين كيف يتم تحليله في مقياسهن على أنه (مؤامرة ومكيدة) تستهدف النيل من إنجازات المرأة وإهدار طاقتها الإبداعية!!
بل امتد شجبهن إلى ما تقوم به المناضلات الفلسطينيات للدفاع عن أرضهن ضد المحتل الصهيوني فتذكر قول إحداهن عن: (ان القضية الوطنية قد جنت كثيراً على قضية المرأة في فلسطين).. أي أنها ترى أن وقوف الفلسطينيين جميعاً رجالاً ونساءً وأطفالاً ضد العدو الصهيوني كان نكبة على ما يراه الاتجاه "الأنثوي" الذي تمثله تلك المرأة - ضرورة وقوف المرأة الفلسطينية ضد - ما تزعمه - من قهر الرجل الفلسطيني ضد المرأة الفلسطينية.. وتتساءل صافي ناز كاظم سؤالاً جوهرياً وهو (ماذا يمكن أن نقول في هذا الكلام "النوعي" التقدمي التنويري العلماني الحضاري)؟؟
هذا بالإضافة الى رفض هذا التيار الأنثوي لما تقوم به المناضلات الفلسطينيات من عمليات استشهادية ويغلفون هذا الرفض برداء بعبارات مطاطة هي (ماذا تقول عنا الجمعيات الأهلية بالخارج؟ عن "دفع" الرجل العربي الفلسطيني لزوجته أو ابنته أو أخته لقتل نفسها.. وكما تقول السيدة صافي نار كاظم: هكذا ببساطة يتم تلخيص مقاومة الإنسان الفلسطيني من ذكر أو أنثى إلى "قهر ذكوري ضد الأنثى"!! وبدلاً من الوقوف صفاً واحداً متكاملاً ضد هيمنة القوة العاتية وضد ما تتجبر به علينا من قرارات تلزمنا بها "قهراً واستعباداً تريد حركة (الأنثوية) أن تقف الإنسان/ الأنثى منسلخة عن الصف المقاوم للمحتل للتفرغ فقط لمقاومة الأب والأخ والزوج والابن وبقية الذكوريين من أهلها..
وتسترجع كيف ترفض (الأنثويات) استنزاف وقتهن في تربية الأولاد بينما كان من الممكن استثمار هذا الوقت في كتابة المزيد من الدراسات والكتب!!
وما ذكرته السيدة صافي ناز كاظم في مقالتها.. من شواهد عن خلخلة المفاهيم عند (تيار الفيمينزم) الذي ابتليت به مجتمعاتنا المسلمة هو غيض من فيض.. ونجده ينتشر في معظم مجتمعاتنا العربية المسلمة ولدى من (يقلدن) ويتبعن النموذج الغربي رغم رفض معظم قطاعات الغرب من الجمعيات النسائية هذا التوجه وهناك رفض لما تنادي به هذه الحركة النسوية التي تناقض ما تنادي به حركة مساواة المرأة بالرجل.. بل هناك توجه جديد لإعادة الأمور الى نصابها من احتواء للمرأة والرجل تحت مظلة (الأسرة) بل ورفض (الاختلاط) في المدارس وكما نشر يوم الجمعة حول إصدار قرار لمنع الاختلاط في المدارس الحكومية كما هو في معظم المدارس الخاصة وتقود هذه الحملة هيلاري كلينتون!!
لا ننكر أن وضع المرأة في العالم كله وليس في عالمنا العربي فقط لا يمثل تقدماً على مستوى التعليم والتوظيف والرعاية الصحية فهناك ( 500مليون امرأة في العالم) لا يعرفن القراءة والكتابة أي ثلثي الأميين في العالم.. ووجد أن 58% ممن يحملون فيروس الإيدز هم من النساء في أفريقيا!! ناهيك عن الظلم والجور الذي يواجه النساء العاملات في المصانع في الدول الفقيرة التي تستخدمها الشركات الكبرى وفق آلية العولمة للتصنيع فتجني الأرباح الطائلة بينما تعيش هؤلاء النساء في حالات مزرية من الجوع والفقر والمرض وقد صدرت عدة دراسات عن هذا الموضوع منها مؤلف (المرأة والعولمة)..
وفي مجتمعاتنا العربية الوضع مماثل.. ولهذا فالمطالبة بتحسين وضع النساء ينبغي أن يكون من الأولويات في أجندة مشاريع التنمية في دولنا العربية ولكن بعيداً عن هذه الشعارات البراقة التي لا تستفيد منها النساء في البادية أو الريف.. فالفرق شاسع بين من تطالب بمقعد في البرلمان ومن تناضل من أجل لقمة العيش مع زوجها وأبنائها في قرية تنعدم فيها مظاهر الرعاية الاجتماعية والصحية بل وبعضها يفتقد للتيار الكهربائي!! كما هي لدينا في بعض أجزاء منطقة جازان!!
الدفاع عن قضايا النساء و حقوقهن ينبغي أن يكون (قضية مجتمع) وليس قضية النساء ضد الرجال أو أحيانا ضد النساء الأخريات اللاتي قد لا يعجب التيار الأنثوي تطلعاتهن أو آراؤهن!!
المجتمع المسلم كلّ لا يتجزأ فكل قضية من قضاياه تجيء في دائرة الأسرة والمجتمع أي النسق الأسري وليس منعزلاً عنه.. وليس ضده!!
الخطاب الإسلامي وليس (الأنثوي) يوجه التكليف للرجال والنساء معا.. فجميعهم يحملون (أمانة التكليف) وهي العبء الذي أبته السموات والأرض والجبال.. وحملناه نحن البشر وكنا وفق هذه المسؤولية جهلاء بعبئها.. ولهذا نجد أن بعضنا يتخبط في البحث عن حلول.. رغم أنها متوفرة في تشريعاتنا ولكن تحتاج إلى تفعيل تسهم فيه الدولة بجميع مؤسساتها ونحن جميعا نساء ورجالاً.. كي نحقق واجب العبودية لله وحده ثم واجب الإعمار في الأرض.. دونما حاجة للاحتفال بيوم عالمي لمرأة أو لرجل!!
--------لكم محبتي ----------
توقيع : عبرات الضماير
|