الموضوع: ويسئلونك
عرض مشاركة واحدة
قديم 24-10-03, 11:28 PM   #42

بنـ زايـد ـت
سفيرة زهرة الشرق

رقم العضوية : 444
تاريخ التسجيل : Oct 2002
عدد المشاركات : 1,813
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ بنـ زايـد ـت

[c]
السؤال:
أنا إنسان سريع الغضب ، لا أملك نفسي عند النقاش مع جميع من أناقشه حتى مع والديّ
أرشدني إلى الطرق والأساليب التي أتجنب بها سرعة الغضب .!

الجواب:
أوجب الله بر الوالدين والإحسان إليهما بالقول والفعل ، وحرَّم إيذاءهما بالقول والفعل
حتى لو كان ذلك بأدنى شيء .

قال الله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ
لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/ 23 ، 24 .

وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الغضب ، ومعناه : البعد الأسباب التي تؤدي إليه
والاحتراز مما يترتب عليه .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني ، قال :
" لا تغضب " ، فردد مرارا ، قال : " لا تغضب " . رواه البخاري ( 5765 ) .

والغضب للنفس ولغير الله من الأخلاق التي ينبغي على المسلم أن يتنزه عنها ، وقد يترتب
عليه ما يندم عليه صاحبه إما في الدنيا وإما في الآخرة وإما فيهما معاً .

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إنما يعرف الحلم ساعة الغضب ، وكان يقول :
أول الغضب جنون ، وآخره ندم ، ولا يقوم الغضب بذلِّ الاعتذار ، وربما كان العطب
( أي الهلاك ) في الغضب ، وقيل للشعبي : لأي شيء يكون السريع الغضب سريع الفيئة
ويكون بطيء الغضب بطيء الفيئة ؟ قال : لأن الغضب كالنار فأسرعها وقوداً أسرعها خموداً .

فإذا حدث للمسلم ما يغضبه فينبغي عليه أن يتذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تغضب )
وكأنه يوجه الحديث له مباشرة ، وليتذكر إيجاب الله تعالى عليه الإحسان إلى والديه وتحريم الإيذاء
لهما كأنه يسمعه منه مباشرة .

ولتسكين الغضب إذا وقع أسباب ، يمكن لمن عمل بها أن يعالج نفسه منه ومن آثاره ، وقد ذكر
الماوردي جملة طيبة منها إذ يقول :

واعلم أن لتسكين الغضب إذا هجم أسبابا يستعان بها على الحلم منها :

1. أن يذكر الله عز وجل فيدعوه ذلك إلى الخوف منه , ويبعثه الخوف منه على الطاعة له
فيرجع إلى أدبه ويأخذ بندبه ، فعند ذلك يزول الغضب .

قال الله تعالى : ( واذكر ربك إذا نسيت ) قال عكرمة : يعني إذا غضبت ، وقال الله تعالى :
( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ) ومعنى قوله { ينزغنك } أي : يغضبنك
{ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } يعني : أنه سميع بجهل من جهل , عليم بما يذهب
عنك الغضب .

وقال بعض الحكماء : من ذكر قدرة الله لم يستعمل قدرته في ظلم عباد الله ، وقال عبد الله
بن مسلم بن محارب لهارون الرشيد : يا أمير المؤمنين أسألك بالذي أنت بين يديه أذل
مني بين يديك , وبالذي هو أقدر على عقابك منك على عقابي لما عفوت عني ، فعفا
عنه لما ذكَّره قدرة الله تعالى .

2. ومنها : أن ينتقل عن الحالة التي هو فيها إلى حالة غيرها , فيزول عنه الغضب بتغير
الأحوال والتنقل من حال إلى حال .

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا : ( إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ
قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلا فَلْيَضْطَجِعْ ) رواه أبو داود (4782)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

3. ومنها : أن يتذكر ما يؤول إليه الغضب من الندم والحاجة إلى الاعتذار .

قال بعض الأدباء : إياك وعزة الغضب فإنها تفضي إلى ذل العذر .

4. ومنها : أن يذكر ثواب العفو , وجزاء الصفح , فيقهر نفسه على الغضب رغبة في
الجزاء والثواب , وحذرا من استحقاق الذم والعقاب ، قال رجاء بن حيوة لعبد الملك
بن مروان لما تمكن من بعض أعدائه وأسرهم : إن الله قد أعطاك ما تحب من الظفر
فأعط الله ما يحب من العفو ، وأسمع رجلٌ عمرَ بن عبد العزيز كلاماً يكرهه ، فقال عمر :
أردت أن يستفزني الشيطان لعزة السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غدا
( يعني : يوم القيامة ) انصرف رحمك الله .

5. ومنها : أن يذكر انعطاف القلوب عليه , وميل النفوس إليه , فلا يضيّع ذلك بالغضب
فيتغيّر الناس عنه وليعلم أنه لن يزداد بالعفو إلا عزاً ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا ) رواه مسلم (2588) ، وقال بعض البلغاء : ليس من
عادة الكرام سرعة الانتقام , ولا من شروط الكرم إزالة النعم .

والله الموفق .

[/c]


توقيع : بنـ زايـد ـت

بنـ زايـد ـت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس