![]() |
العيش والملح
العيش و الملح
كانت بورصة القطن تعادل بورصة النفط في العصر الحاضر ، و كان للقطن تجاراً و سماسرةً ، ومحطات ، و موانيء تصدير كسلعة استراتيجية حطم البترول اللعين كبرياءها .كان الحاج عطية المنزلاوي من أكبر تجار القطن ، وكان يتردد على الإسكندرية باستمرار حسب طبيعة عمله ، و يتنقل من فندق إلى بانسيون حتى استقر به الحال في أحد الفنادق المطلة على بحر اسكندرية الجميل ، يصحو على أصوات النوارس المشاغبة ، و ينام على صوت الموج .ومع الأيام ارتبط الحاج عطية بعلاقة صداقة مع مدير الفندق ، و طلب منه أن يعين له صبياً يقفُ وراء الباب ليكون جاهزاً لتلبية أي طلب من الفندق أو خارجه حيث أنه لا يحب أن يرفع سماعة الهاتف التي تعمل بذراع يدوي و يطلب من الإستقبال تلبية حاجاته.في اليوم الأول طلب من الصبي أن يشتري له كيلو كباب و كفته ، و ما أن فتح اللفة الورقية حتى (ماعت) نفسه من رائحة اللحم المشوي فنادى على الصبي ، وطلب منه أن يلقيها في القمامة . حمل الصبي اللفة و بينما هو يغادر الغرفة لمحه الحاج عطية يلتهم قطعة لحم و يمشي . غضب الحاج عطية و ذهب إلى صديقه مدير الفندق و طلب منه معاقبة الصبي ، و تسريحه من العمل . أخذ مدير الفندق يهديء من غضب الحاج عطيه و يقول له : يا عمي الحاج ده عيل هفت نفسه على حتة لحمة ، مش قضية يعني و أنت يا حج أبو الكرم كله !! رد الحاج عطيه : ازاي يا صاحبي ؟ ده الأكل بتاعي ، و معناه ياكل منه يبقى الواد ده حيبقى بيني وبينه عيش و ملح و ازاي حاعرف أشغله بعد كده !؟ انت ما بتعرفش يعني إيه عيش و ملح يا صاحبي؟مرت الأيام سريعاً ، وأصبح للحاج عطية غرفته الدائمة في الفندق ، والصديقان يلتقيان كل أسبوع مرتين ، وفي إحدى المرات لمح الحاج عطية امرأة جميلة تخرج من الفندق بينما هو يهم بالدخول ، و أخبر صديقه بأن قلبه رفًّ ، وقفز و تراقص لهذه المرأة الفاتنة و طلب منه البحث عنها ، و عن أهلها ليتزوجها . في كلّ يوم يمر لا يملُّ الحاج عطيه عن سؤال صاحبه عن هذه المراة ، حتى أخبره المدير أنه توصل إلى معرفة أهلها و أخبره بأنها مطلقة حديثاً ، و هي سيدة محترمة و أهلها كرام ، وعليه الإنتظار حتى تنتهي العدة ليتقدم للزواج منها .تزوج الحاج عطيه المرأة الجميلة ، و أصبح لا يبيت كعادته في الإسكندرية ، و يغادر الإسكندرية فور انتهاء صفقاته التجارية ليكون بجوار زوجته التي أحبها بجنون و مع الأيام تدهورت أوضاع صديقه مدير الفندق ، و خسر عمله ، و تراكمت عليه الديون، و أهمل في نفسه ، و أكله و شربه و لباسه ، و اسودت الدنيا أمامه و لم يجد من يقف بجواره . تذكر صديقه الحاج عطيه ، وقال في نفسه لماذا لا أطلب منه وهو الصديق الذي يقدر الصداقة و العيش و الملح .ذهب المدير إلى صديقه الحاج عطية ، و ما أن وصل الفيللا حتى استوقفه الحراس و الخدم ، أخبرهم أنه يريد مقابلة صديقه الحاج عطيه . حاول بعضهم أن يطرده و يبعده من أمام الفيللا لأن الحاج على وشك الوصول .اقترح عليه أحدهم أن يمسك بمكنسه و يقوم بكنس الشارع أمام الفيللا ، و عند وصول الحاج لو كان صادقاً بأنه صديقه سيتعرف عليه ، ولو لم يكن سيخبروه بان هذا هو كناس الشارع الجديد !!!ما أن وصل الحاج عطية ولمحه حتى عرفه و هجم عليه يحتضنه ويقول له : ايه البهدلة اللي انت فيها دي ؟؟ و اخرج دفتر الشيكات من جيبه و كتب له شيكاً بمبلغٍ كبير ، وطلب منه أن يشتري ملابس جديدة و يعتني بمظهره ثم يعود من جديد.غضب المدير عضباً شديدا ، وبينما هو يبتعد قليلا عن فيللا صاحبه حتى مزق الشيك و ألقاه على الأرض ، وقال في نفسه : هل هذا هو الوفاء للعيش و الملح ؟؟ يلقي لي بصدقه من ماله و يقرف حتى من استقبالي في بيته؟أصابه الإحباط و اليأس ، و أخذ يسير في شوارع القاهرة الصاخبة حتى وصل إلى شجرة ضخمة بجوار النيل العظيم ، و جلس تحتها و نام .... و أصبحت الشجرة بيته ، لا يغادرها أبداً . يمرُّ العشاق فيلقون له ببعض ما لديهم ، و يمر عابروا السبيل فيتصدقون عليه ، وتمر الأيام قاسية ، باردة ، مخيفة ، لا بيت و لا مأوى ولا أهل ولا صديق يمارس معه لعبة العيش و الملح .!توقفت سيارة سوداء فارهة ، و نزلت منها سيدة كبيرة في السن ، تأملته كثيراً و سألته عن قصته ، فأخبرها عن صديقه المليونير الذي أهانه و خان العيش و الملح . سألته السيدة : لو أعطيتك مليون جنيه ، ماذا ستفعل بها ؟ فأجابها بأنه سيتاجر في القطن و ينافس صديقه .قالت له : سأعطيك المبلغ كله و أزوجك أبنتي الوحيدة لوفائك و كبريائك .بدأ الرجل في ممارسة تجارة القطن ، و أصبح اسمه يلمع بين كبار التجار ، حتى أصبحت المنافسة بينه و بين صاحبه معركة سقط فيها كل التجار الصغار . تجمع كل تجار القطن و أخذوا قراراً بالذهاب لكل منهما و تهدئة النفوس حتى يستعيدون تجارتهم مرة أخرى . ذهبوا إلى المدير و قالوا له أنت رجل طيب و كل تعاملاتك في السوق بأمانه و شرف ،لماذا كل هذه الحرب مع الحاج عطية ؟؟أخبرهم أنه كان صديقاً للحاج ووفياً له إلى أبعد حدود احتراماً للعيش و الملح حتى أنه طلق زوجته التي يحبها ليزوجها لصديقه الحاج حين رآها تخرج من الفندق ، ولكن الحاج تنكر للعيش و الملح و طردني من أمام فيلته. ذهبوا إلى الحاج عطيه و أخبروه بما قال صديقه ، وقالوا له يا حاج أنت تخاف الله . كيف تفعل بصديقك الوفي كل هذا ؟؟ تنهد الحاج عطيه وقال : من أجل العيش و الملح أعطيته الشيك ليعود بصورة جميلة تسمح لي باستقباله في بيتي و رأسه مرفوعة أمام الخدم و الحراس و أهل بيتي ، و لما تأخر بحثت عنه في كل شوارع القاهرة لشهور عديدة حتى رأيته تحت الشجرة وووفاء للعيش و الملح أرسلت أمي إليه لتعطيه المال الذي ينافسني به ، ووفاء للعيش و الملح زوجته أختي الوحيدة جميلة الجميلات . انتهت مع تحيات بارودا الذي نشرها هنا وفاء للعيش و الملح معكم رغم ضيق الوقت ، و يسمح بالنقل و اللطش مع ذكر المصدر هنا منقوووووووووووووووول |
رد: العيش والملح
حقا
هناك أناس لا تنسى العيش و الملح كل منها قام بحفظ كرامة الاخر و حفظ العيش و الملح كل منهما كان كريما لدرجة اكبر من ان نتوقعها تقبل مني كل الشكر اخي احمد المصري |
رد: العيش والملح
[align=center]حلوة كثير
مش عارفه مازال فيه ناس بهالشكل تحفظ وتصون العشرة اللي جمعتهم بسنوات بديت أفكر إنه معدوم هالشئ والله اعلم .[/align] . |
رد: العيش والملح
[align=center]شيء جميل ان تصان وتحترم العشره
شكرا لك تحيتي سلام العبيدي[/align] |
رد: العيش والملح
كانهم يتنافسون على الوفاء
شكرا لك استاذ احمد تحيتي العطره |
رد: العيش والملح
من كتب هذة القصة هو صديق عزيز
ذكر انه سمعها من رجل عجوز كان والده حكاها له وعلى هذا فهى قصة يمكن اعتبراها من التراث شكرا لكل من مر هنا |
رد: العيش والملح
.
قصة معبرة جدا وممتعة شكرا عمو أحمد . . مع محبتيlonely |
رد: العيش والملح
شكرا لمرورك لونلى
وكل عام وانت بخير |
الساعة الآن 02:55 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.