منتديات زهرة الشرق - إعادة بناء الدول.. الهواية المحببة لعائلة بوش

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في بدايات تسعينيات القرن الماضي، التقي بوش الاب بمجموعة من الصحفيين، وقال انه بعد ان انتهينا من ترتيب البيت "يعني امريكا" من الداخل، علينا ان نعيد ترتيب العالم من حولنا.. في ذلك الوقت اعتبرنا ان الامر مجرد تمهيد لحرب الخليج.. لم نكن نعلم بالخطط المجنونة التي يدبرها ديك تشيني، وزير الدفاع في ذلك الوقت، مع مجموعة من الرجعيين المتعصبين، من الاصوليين اليهود والمسيحيين الصهيونيين.. لم نكن قد سمعنا عن "استراتيجية الدفاع للتسعينيات" أو عن "مشروع القرن الامريكي الجديد"، الذي تولد عن السابق، وعرف بعد ذلك بالاسم الرمزي "باناك".
فما هو جوهر هذه المشروعات الجنونية.. انها خطة تسعي بها الولايات المتحدة لحكم العالم.. الغرض المعلن هو مواجهة وضع احادية القطب، التي وجدت امريكا نفسها فيها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لكنها في جوهرها قصة سعي للسيطرة التامة علي العالم.. هذه المشروعات تطالب الولايات المتحدة بان تتوصل الي تفوق عسكري كاسح، يمنع قيام اي قوي مضادة جديدة تنافسها علي المسرح العالمي.. انها تطالب بالسيطرة الكاملة علي الاصدقاء والاعداء سواء.. وهي لا تقول ان الولايات المتحدة يجب ان تكون قوية، او الاقوي، بل يجب ان تكون الاكثر قوة علي الاطلاق.

لكن.. لماذا؟!
يقول الكاتب الامريكي دافيد ارمسترونج "قبل ان تستهدف الخطة السيطرة، كانت تستهدف المال".. عندما تضاءل الخطر السوفيتي بوضوح، انخفض دعم الرأي العام لميزانيات التسلح الهائلة، التي تبتلع العديد من الميزانيات التي تمس مصالح ابناء الشعب اليومية.
وهنا، ظهر دور كولن باول، مستشار الامن القومي في ادارة رونالد ريجان.. لقد استشعر باول التغيرات التي تحدث في الاتحاد السوفييتي، وشأنه شأن ديك تشيني، أراد تفادي التخفيضات في الميزانية العسكرية.. ولكي يظهر قدراته امام الجانب الاهم من حكام الولايات المتحدة، اعني بذلك كبار اثرياء صناعة السلاح، الذين أتوا به وبريجان ومعظم اعضاء المجلسين بفضل انفاقهم وضغوطهم واعلامهم، وتفتق ذهنه عن مبرر لمواصلة تدفق الميزانيات علي خزائن تجار السلاح.. قال ان الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة علي ادارة القوي القائمة علي الملعب العالمي، وعليها ان تبقي كقوة عسكرية عظمي حتي تؤمن السلام، وتشكل النظام البازغ بما يتفق مع المصالح الامريكية.
ومن ناحية اخري، تحرك داعية القوة المفرطة والانفراد بالسيطرة، بول وولفويتز نائب وزير الدفاع لشئون التخطيط، لمساندة باول ولمواجهة ضغط النواب الديموقراطيين من اجل خفض ميزانية التسليح.
فطرح باول مبدأه الجديد "لا يعد ممكنا للولايات المتحدة ان تحدد احتياجاتها العسكرية علي اساس التهديدات المعروفة.. بل علي البنتاجون ان يركز علي تحقيق القدرة علي مواجهة تنوع واسع من التحديات غير المعروفة".. هذه الفكرة التي اسعدت تجار السلاح، اصبحت ركنا اساسيا في المشروعات الجنونية التالية.
علي الفور قام تشيني بدمج افكار باول وولفويتز، ووضع ما اسماه بالاستراتيجية الواقعية.. وتقدم الثلاثة الي الرئيس بوش الاب، وبعد عدة اسابيع كشف بوش الاب النقاب عن الاستراتيجية الجديدة، كما اوردنا في بداية حديثنا.

وجاء كلينتون
سقط بوش الاب في الانتخابات، وجاء كلينتون.. غير ان شيني طليعة مقاتلي تجار السلاح والبترول لم يصمت.. اسرع في الايام الاخيرة لوجوده في مكتبه باجراء تعديلات في خطته السابقة، ليجعلها خفيفة علي قلب الادارة الجديدة.
لكن الادارة الجديدة رفضت الخطة بلباقة.. لقد سعي كلينتون الي تعظيم وضع القوة الراهن لامريكا، والي تنمية مصالحها، من خلال الدبلوماسية الاقتصادية، والمؤسسات التعددية الامريكية "الخاضعة لسيطرة امريكا"، ومن خلال تجارة حرة عالمية اوسع، وتنمية التحالفات الصديقة.. باختصار تحولت السياسة الامريكية من السيطرة علي العالم، الي العولمة.
خلال ثماني سنوات هي حكم كلينتون، لم تهدأ الجماعة التي كانت علي اقصي يمين الحزب الجمهوري، وتمخض جهدهم عن "مشروع القرن الامريكي الجديد"، الذي اشرنا اليه في بداية حديثنا.. كانت هذه الجماعة تضم مقاتلين اشداء، من امثال دونالد رامسفيلد، وديك تشيني، وجيمس وولسي، وبول وولفويتز، وريتشارد بيرل، وبيل كريستول، وزالماي خليل زاد "الذي عمل كحاكم مدني علي افغانستان بعد غزوها" وآخرين.. وقد اختار هؤلاء لافتة "المحافظون الجدد" باعتبارها اكرم من "الرجعيون الجدد" وظلوا يترقبون علي نار، حتي انتهت رئاسة كلينتون، وجاءت اللعبة المناسبة جورج دبليو بوش.

راجي عنايت

أللهم انفعنا بعلمك