![]() |
حفار القبور ... قصة
[ALIGN=CENTER]
يتملكني دوما شعور يشبه الخجل عندما أدخل في حوار بسيط مع شخص ما، ثم فجأة يأخذ الحوار بيننا مأخذا شخصيا، فيسألني دونما سابق إنذار عن مهنتي، فيبتلعني غول الصمت، ويلفني شيء من الارتباك الذي يعقد لساني، فأقف عندئذ عاجزا عن الرد.. هكذا يظل محدثي يتأملني بنظرات يأكلها الشك، وربما يذهب به الشك إلى حد التوجس مني، كما لو كنت مجرما خطيرا أو لصا مشبوها.. أعترف أنني أشعر بالحسد من الذين يجيدون قول الحقيقة دون أن يهتز لهم طرف.. أحسد ساعي البريد(مثلا)، فهو لا يحتاج إلى من يسأله “ما هي وظيفتك”؟ كما أحسد المهرج والمجنون، حيث انك تعرف حقيقتهم في سيماهم، ولكن، في حالتي أنا يبدو الأمر في غاية التعقيد.. تسألونني لماذا؟ لأني حفار قبور.. هه.. أرأيتم كم تقززتم وأنتم تسمعون عن وظيفتي؟ مع ذلك سوف أقول لكم انني حفار قبور ممتاز، وان عملي هذا ورثته عن والدي، كما ورثه هو عن والده، كما ورثه والده عن جده.. نعم ياسادتي.. أنا أكسب قوتي، وقوت أطفالي من القبور التي أحفرها يوميا، فتتحول كل حفرة إلى دار للآخرة يسكنها هؤلاء الذين يتقززون اليوم مني في دنياهم، يعني انني لا أختلف عن البناء والمهندس في شيء، وإن كان هؤلاء يصممون المباني لحياة الدنيا، أنا أصمم القبور لحياة الآخرة، وأكسب بذلك راحة بالي، واعتزازي بنفسي وأنا أستوعب يوما بعد يوم أهميتي.. شعوري بالاعتزاز نابع أيضا من قناعتي أنني إنسان شريف، أنا أمارس العمل الوحيد في الدنيا الذي لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يمكن الغش أو المساومة فيه، فهل سمعتم مثلا عن حفار قبور أخذ رشوة أثناء أداء عمله؟ هل سمعتم بحفار قبور خان ميتاً، أو أساء إليه.. ففي نهاية الأمر أنا موظف مفروغ منه، لا أقل شأناً عن أي موظف مهم.. الطبيب الذي يقدس الناس مهنته ليس معصوماً من الخطأ، قد يصف لمريضه علاجا ينتهي به إلى حفرة أحفرها بنفسي، بينما أنا لا حق لي في الخطأ، الحفرة التي أحفرها تتسع لأي شخص، رجلا كان أم امرأة، غنياً أم فقيراً، عالماً أم جاهلاً، أبيض أم أسود، قبوري تصنع حالة من التساوي، من العدالة بين كل الناس، فلا وجود للتمييز العنصري، ولا للطبقية الاجتماعية، ولا للغش والمحسوبية، تعلمت.. هذا ما تعلمته من عملي، أن الموت هو الشيء الوحيد الذي لا يعرف المجاملة.. الموت قطار أبدي يركبه البشر جميعا.. زوجتي تلح علي كي أبحث عن وظيفة أخرى، وقد أوصت زوج أختها ليوظفني في مطعمه بوسط المدينة.. هل تتخيلونني نادل مطعم يجتمع فيه كل أنواع الحمقى والكذابين، والمدعين، ليمارسوا دور العظمة على عقدهم الدفينة؟ قلت لزوجتي أنا فخور بعملي، حفار قبور أبا عن جد، ولن أكون غير ذلك.. كل القبور التي حفرتها يشهد لي أصحابها بأمانتي، وإخلاصي وإنسانيتي أيضا.. زوجتي تتهمني بنقص الطموح، والناس يتعاملون معي كما لو كنت أنا الموت بعينه، مع ذلك.. راحة ضميري لا توازيها كنوز الدنيا.. [ALIGN=CENTER] قصة الكاتب الإسباني: خوزي مونسيرات ترجمتها عن الفرنسية: ياسمينة صالح الجزائر [/ALIGN][/ALIGN] |
[ALIGN=CENTER]
أنا فخور بعملي، حفار قبور أبا عن جد، ولن أكون غير ذلك.. كل القبور التي حفرتها يشهد لي أصحابها بأمانتي، وإخلاصي وإنسانيتي أيضا.. زوجتي تتهمني بنقص الطموح، والناس يتعاملون معي كما لو كنت أنا الموت بعينه، مع ذلك.. راحة ضميري لا توازيها كنوز الدنيا.. حضرة الأخت الفاضله http://fawaz518.jeeran.com/فاصل9.gif كل الحنان http://fawaz518.jeeran.com/فاصل9.gif كلام جميل ورائع اما بالنسبة لعمله فلا يحتاج لكلام الناس لأنه في الآخرة له الأجر والثواب عند الله تحياتي[/ALIGN] |
الغاليه كل الحنان اقتباس جميل حقا
للاسف البعض يتشائم عندما يقول انا وظيفة حفار قبور او حنوتي البعض يتعامل بنفس هذا الاسلوب وايضا يتانا ويتاخر برد ولكن القصة رائعه حقا لما تحتويه |
كل الحنان
سطور جميلة تحتاج لوقفات طوال نتأمل في ذاتنا.. اوقاتنا .. وظائفنا.. نتامل في كل شي شكرا جزيلا معلمتي ولك خالص التحايا |
الأعزاء على قلبي
كل الشكر والتقدير .... لهذا الحضور العذب من كل قلبي شكرا يحفظكم الله ويرعاكم ودمتم بخير |
اقتباس:
|
[ALIGN=CENTER]
http://www.3e6r.net/data/media/19/Ujk.gif كل الحنان قصة لها مغزى وتحاكي واقع تحياتي وتقديري http://www.3e6r.net/data/media/4/566.gif [/ALIGN] |
رد: حفار القبور ... قصة
قصه رووعه
يعطيك العافيه |
رد: حفار القبور ... قصة
الغالية كل الحنان
قصة رائعه من سرد لترجمه ممتعه لم تخن النص لانه وصل الينا بهذا الابداع والامتاع تحية من القلب لحسن اختياراك وتحية لياسمينه صالح وتحية لصاحب الفكرة القاص الكاتب الإسباني: خوزي مونسيرات باقة ورد من نهى |
الساعة الآن 07:02 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.