منتديات زهرة الشرق

منتديات زهرة الشرق (http://www.zahrah.com/vb/index.php)
-   شخصيات وحكايات (http://www.zahrah.com/vb/forumdisplay.php?f=16)
-   -   ،، لا أريد غيرك ،،بقلم يمامة الوادي ،، (http://www.zahrah.com/vb/showthread.php?t=66687)

هيام1 23-11-14 09:23 AM

،، لا أريد غيرك ،،بقلم يمامة الوادي ،،
 
سم الله الرحمن الرحيم قال الراوي :لن يخلو هذا النهار من مفاجآت ! اللهم اجعله خيراً !!هكذا دار لساني وأنا أخرج من بيتي على عجلة ، متأخراً عن عمليوانطلقت اقطعُ الشوارع وفي صدري شحنة ضيق وكدر ، كفيلة بالتعكير على أهل بلدة كاملة لو وزع على بيوتها !ربما كان سبب ذلك فوات صلاة الفجر في المسجد ،أو بسبب ذلك السهر الطويل البارحة في غير ما شيء مفيد !!كنت أمضي في طريقي وكأني لا أرى أحداً !!

ولما دلفت إلى مكتبي شعرت أني كمن دُفع دفعاً إلى زنزانة ضيقة ستكون مقر إقامته !!رغم سعة المكتب ، وحسن ترتيبه ، وجمال الديكورات فيه !!لكنه اليوم أصبح في نظري أضيق من سم الإبرة !! يا إلهي !! كيف تنصبغ الأشياء من حولنا بسبب الحالة النفسية التي نكون عليها !!

مرت دقائق وأنا أقلب نظري هنا وهناك ، أمر به على الأوراق المصفوفة فوق الطاولة ، والملفات المرتبة في أرففها ، والستائر والنوافذ والحيطان وسقف الحجرة !!وإذا بي أفتح درجا وأغلقه ، وأرفع سماعة الهاتف وارميها ، وأقوم ثم أقعد !!لم أطق صبرا .. شعرت أني سأنفجر .. وقررت الخروج ، لعل جولة بين مكاتب الزملاء تؤدي الغرض ، وتكون عوناً لي على الخلاص من هذا الاختناق ..!قلت في نفسي : لعل تغيير المكان سيغير نفسيتي ..!!

غير أني وجدت نفسي أمام المكتبة الخاصة بالوزارة ، فولجتها على أمل أن أجد فيها كتاباً خفيفاً لطيفا شائقاً ، أتسلى به ..مررت بإحدى الطاولات الكبيرة ، وكان عليها كمية كبيرة من الأوراق المنثورة ، وعدد قليل من الكتب مكدسة في ركن الطاولة ، لإعادتها إلى رفوفها ،

كانت المكتبة في تلك الساعة خالية تماماً حتى من الموظف المختص ،لا أدري ما الذي دفعني أن أقف أمام هذه الطاولة دون غيرها ، ربما لأنها ستوفر لي البحث في أرفف المكتبة ، ولذا شرعت أقلب تلك الكتب الموجودة عليها ،

وكلما أخذت كتابا ألقيت عليه نظرة سريعة ثم نحيته ، وأخذت آخر ، وهكذا وجدتني أمر على تلك المجموعة بشكل خاطف ، ولم أجد بغيتي فيها ، حين هممت أن أنصرف إلى أرفف المكتبة ، حانت مني التفاتة إلى هذه الأوراق المنثورة على الطاولة وأكثرها أوراق مصورة ، فمررت بيدي أنثر ما تكوم منها ، فلاح لي عنوان مثير بخط جميل أزرق ، كان العنوان كالتالي :معك لا أريد شيئاً !!

لفت نظري العنوان وشدني إليه بقوة ، فسارعت أسحب الورقة من بين الأوراق ،وقلت وأنا ابتسم بصعوبة :هذا صاحب قلب هائم متيم فيما يبدو !!!

وشرعت أقرأ فيها وأنا لا زلت واقفاً ، لكني ما إن وصلت إلى خواتيمها حتى وجدتني أُسقط نفسي على أقرب كرسي !!كان وقع هذه القصة على نفسي كوقع المطر ينزل على أرض قاحلة متعطشة ،إن لم يكن وابل يحييها فطل يكفيها !وشعرت بوضوح أن هذه القصة استطاعت بفضل الله أن تحرك أوتاراً في قلبي ، وتحيي مواتاً في نفسي ، وتنير زوايا في روحي !!

كانت الورقة تتضمن قصة رمزية ، لكنها بالنسبة لي كانت مفتاحاً عجيباً حين دار في داخليانبعث ربيع القلب على أروع ما يكون !!ورب قصة قصيرة ، أو سطور قليلة ، أو كلمة عابرة مسموعة ،تفعل في نفس الإنسان فعل السحر ..!!وذلك ما كان معي حين قرأت تلك القصة ، فقد شعرت أني انخلعت من هذا الكون كله ، ونسيت نفسي ، وأين أنا ، ولماذا أنا هنا !!وهيجت هذه القصة ينابيع راكدة في أغوار قلبي ،وشعرت برغبة شديدة في البكاء لكني تجلدت ، خشية من أن يراني أحد !!

والخلاصة أنني بعد قراءة تلك القصة شعرت أني كمن نفض نفسه نفضه قوية ، فأشرقت شمس قلبي بعد إظلام !وخرجت من القاعة الكبيرة غير الإنسان الذي دخلها قبل دقائق !

وهذه هي القصة بين يديك مع قليل من التصرف .. فتأمل := = يحكى أن ملكا كان بين الحين والآخر يحب أن يتحدث مع شعبه متخفيا.حتى لا يعرفه أحد ،.ذات مرة اتخذ صورة رجل فقير ..ارتدى ثيابا بالية جدا ، وقصد أفقر أحياء مدينته، ثم تجول في أرقتها الضيقة ، واختار إحدى الحجرات المصنوعة من الصفيح القديم ، وقرع على بابها ..وجد بداخلها رجلا يجلس على الأرض وسط الأتربة .. عرف أنه يعمل كناسا، فجلس بجواره وأخذا يتجاذبان أطراف الحديث..

ولم تنقطع زيارات الملك بعد ذلك ، عن هذا الرجل .. وتعلق به الفقير وأحبه .. فتح له قلبه وأطلعه على أسراره .. وصارا صديقين حميمين .. بعد فترة من الزمن ، قرر الملك أن يعلن لصديقه عن حقيقته ، فقال له : :" تظنني فقيراً ..!!؟ الحقيقة غير ذلك، أنا هو الملك بعينه" ..ذهل الفقير لهول المفاجأة ، لكنه ظل صامتا ..قال له الملك في حنو وتلطف : " ألم تفهم ما أردت أن أقوله لك ..؟ أردت أن أقول : إنك تستطيع الآن أن تكون غنيا إنني أستطيع أن أعطيك ما تريد ، بل يمكنني أن أعطيك مدينة بكاملها تتولى شؤونها ، يمكنني أن أصدر قرارا بتعينك في أعظم وظيفة ..!! إنني الملك ،يا صاحبي الحبيب ، أطلب مني ما شئت أيها الصديق "..

أجابه الفقير قائلا:" سيدي .. إني أصدقك والله ، ولقد فهمت مرادك ، لكن يا سيدي ما هذا الذي فعلته معي ؟ أتترك قصرك وتتخلى عن مجدك ، وتأتي لكي تجلس معي في هذا الموضع المظلم، وتشاركني همومي وتقاسمني أحزاني.

سيدي، أعرف أنك قدمت لكثيرين عطايا ثمينة، أما أنا فقد وهبت لي ذاتك..سيدي ، طلبتي الوحيدة هي ألا تحرمني أبدا من هذه الهبة .. أن تظل صديقي الذي أحبه ويحبني ..أنا لا أريد شيئا غيرك ، ولا أرغب في شيء سواك !! .."

وازداد إعجاب الملك بهذا الفقير ، وعلم أن مثل هذا الإنسان لا يسمى فقيرا إلا في الصورة ..!!وقرر أن يبقيه بقربه ، ويفيض عليه من كرمه ، وأن يؤثره على جميع من سواه!

إلى هنا انتهت القصة ، ثم كان التعليق التالي : = =أما تعليقنا الوحيد الذي نرغب أن نهز به قلوبنا فهو :إذا كان هذا قد اكتفى بالملك عن أي شيء من أمور الدنيا وشهواتها فكيف لا نكتفي نحن بالله سبحانه عوضا عن كل شيء ،وهو مالك الملك من بيده ملكوت كل شيء وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن ،، فيكون ..


وفي الحديث :أنا جليس من ذكرني ، من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في الملأ الأعلى ..وكان بعض الربانيين يقول وهو في خلوته مع الله :سبحانك كيف انشغلوا عنك بسواك !؟ولو عرفوك ما طابت لهم الحياة إلا معك وفي رحابك

وقال آخر وهو يناجي ربه عز وجل :إلهي ،، ماذا وجد من فقدك !!؟ وما الذي فقد من وجدك ..!!؟

قال الراوي :وأحسب أني أعدت قراءة هذه السطور أكثر من مرة ، ثم حملقت في فضاء القاعة ورأسي يمور بألون من المعاني والمشاعر التي كنت أجد صداها واضحا

وجدت نفسي أتمتم :سبحان الله .. هذا حب مخلوق لمخلوق !!فكيف بحب المخلوق للخالق سبحانه !؟

إذا كان هذا الفقير قد قنع من الدنيا كلها بقرب من يحب ، ولا يريد غيره ، ولا يلتفت إلى شيء سواه ، فلماذا لا تتعلق قلوبنا بالله على هذا النحو أو حتى قريب منه !!وكان الأصل أن أقول : بل أشد !!فالذين آمنوا اشد حباً لله ..!!الذين آمنوا !!!!!!! آآآآآآآه ... الذين آمنوا .. !!!!

لماذا يشوب علاقتنا بالله شيء من الجفاف ّّ؟مع أننا نزعم أنه أحب إلينا من كل شيء !!؟أين ترجمة هذا الزعم في واقع الحياة ، ونحن نتثاقل عن محبوباته التي أمرنا بها ونسارع إلى دوائر لا يحب أن يرانا فيها !!!

مع أننا ما عرفنا الحياة إلا به !!ولا وجدنا الخير إلا منه !!كم يسترنا ، ويحلم علينا ، ويصبر على سفاهتنا ،ويفرح بعودتنا إليه ، ويواصل إكرامه لنا ، وإحسانه إلينا !!وأعد لنا جنة عرضها السماوات والأرض ، ثم بعد هذا كله لا نشعر بأن قلوبنا قد ( شُغفت ) حبا له ، وحياءً منه !؟بل لا نشعر أن حبنا لله قد وصل إلى عشر معشار حب ذلك الفقير لصاحبه الملك !!يا إلهي !!!!!!!

قال الراوي : وحين هاجت هذه المعاني ومثلها ، وهب تيارها على قلبي شعرت أن قلبي سينفطر بالبكاء لو سمحت لعيناي بذلك !وخرجت وأنا غير الإنسان الذي دخلت هذه القاعة قبل قليل ،واتجهت مباشرة إلى المصلي الصغير ، وأخذت أركع واسجد وقلبي معي يغرف من ينبوع سماوي عجيب يهز روحي ويسمو بها ، وعلمت يقينا أن من لم يعرف هذا الطريق فإنه واهم كل الوهم حين يتحدث عن السعادة !وهل السعادة إلا مشاعر قلب تفيض عليه أنوار السماء وتسمو به !

،

حسين الحمداني 24-05-16 10:08 AM

رد: ،، لا أريد غيرك ،،بقلم يمامة الوادي ،،
 
موضوع راق جدا شكرا للأختيار


الساعة الآن 03:14 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.