العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة الثقافية }{}< > أشعار وقصائد

أشعار وقصائد زهرة القصائد ونظم الأشعار - شعر شعبي - شعر فصيح - شعر نبطي - إبداع الشعراء - إبداع الشعر - دواوين شعر وقصائد مختارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18-01-03, 12:34 PM   #1
 
الصورة الرمزية ابويافا

ابويافا
سفيـر الشـرق

رقم العضوية : 47
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 1,031
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ ابويافا
البئر / محمود درويش


.. تحية /


قصيدة من ديوان ( لماذا تركت الحصان وحيدا )
وهو من أجمل ما قرأت للشاعر الفلسطيني ..
وهذا جزء من الديوان المقسم أصلا الى ستة أقسام ...
عله يعجبكم ...
------------------------




البئر
أَختارُ يومًا غائمًا لأَمُرَّ بالبئر القديمةِ.

رُبّما امتلأتْ سماءً. رُبَّما فاضَتْ عن المعنى وَعَنْ

أُمْثُولةِ الراعي. سأشربُ حفنةً من مائها.

وأَقولُ للموتى حوالَيْها: سلامًا، أَيُّها البَاقونَ

حول البئر في ماء الفراشةِ! أَرفَعُ الطَّيُّونَ

عن حَجَرٍ: سلامًا أَيها الحَجَرُ الصغيرُ! لعلَّنا

كُنَّا جناحَيْ طائرٍ ما زال يوجعُنا. سلامًا

أَيها القَمَرُ المُحَلِّقُ حَوْلَ صُورَتِهِ التي لن يلتقي

أَبدًا بها! وأَقول للسَّرْوِ: انتَبهْ ممَّا يقولُ

لَكَ الغبارُ. لعلَّنا كنا هنا وَتَرَيْ كمانٍ

في وليمة حارساتِ اللازَوَرْدِ. لعلَّنا كُنَّا

ذراعَيْ عاشقٍ...

قد كنتُ أَمشي حَذْوَ نفسي: كُنْ قويًّا

يا قريني، وارفعِ الماضي كقرنَيْ ماعزٍ

بيديكَ، واجلسْ قرب بئرك. رُبَّما التفتتْ

إليكَ أَيائلُ الوادي ... ولاح الصوتُ -

صوتُك- صورةً حجريَّةً للحاضر المكسورِ...

لم أُكْملْ زيارتي القصيرةَ بَعْدُ للنسيانِ...

لم آخُذْ مَعي أَدواتِ قلبي كُلَّها:

جَرَسي على ريح الصنوبرِ

سُلَّمي قرب السماءِ

كواكبي حول السطوحِ

وبُحَّتي من لَسْعة الملح القديم...

وَقُلْتُ للذكرى: سَلامًا يا كلامَ الجَدّة العَفَوِيَّ

يأخُذُنا إلى أَيَّامنا البيضاءِ تحت نُعَاسها...

واسْمِي يرنُّ كليرة الذَّهَبِ القديمةِ عِنْدَ

باب البئرِ. أَسْمَعُ وَحْشَة الأَسلاف بين

الميم والواو السحيقة مثل وادٍ غيرِ ذي

زرعٍ. وأُخفي ثعلبي الوديَّ. أَعرفُ أَنني

سأعود حيًّا، بعد ساعاتٍ، من البئر التي

لم أَلْقَ فيها يوسُفًا أَو خَوْفَ إخوتِهِ

مِنَ الأصداء. كُنْ حَذِرًا! هنا وضعتْكَ

أُمُّكَ قرب باب البئر، وانصرَفَتْ إلى تَعْويذةٍ...

فاصنعْ بنفسكَ ما تشاءُ. صَنَعْتُ وحدي ما

أَشاءُ: كبَرتُ ليلاً في الحكاية بين أَضلاعِ

المُثَلَّثِ: مصرَ، سوريّا، وبابلَ. ههنا

وحدي كبَرتُ بلا إِلَهاتٍ الزراعة. [كُنَّ

يَغْسِلْنَ الحصى في غابة الزيتون. كُنَّ مُبلَّلاتٍ

بالندى]... ورأيتُ أَنِّي قد سقطتُ

عليَّ من سَفَر القوافِل، قرب أَفعى. لم

أَجِدْ أَحدًا لأُكْمِلَهُ سوى شَبَحي. رَمَتْني

الأرضُ خارجَ أَرضها، واسمي يَرِنُّ على خُطَايَ

كَحذْوةِ الفَرَسِ: اقتربْ ... لأَعود من هذا

الفراغ إليكَ يا جلجامشُ الأبديُّ في اسْمِكَ!..

كُنْ أَخي! واذْهَبْ معي لنصيحَ بالبئر

القديمة... ربما امتلأتْ كأنثى بالسماء،

ورُبَّما فاضت عن المعنى وعمَّا سوف

يحدُثُ في انتظارِ ولادتي من بئريَ الأُولى!

سنشرب حفنةً من مائها،

سنقول للموتى حواليها: سلامًا

أَيها الأحياءُ في ماء الفَرَاشِ،

وأَيُّها الموتى، سلامًا! .

تعاليم حُوريَّة


فَكَّرتُ يومًا بالرحيل، فحطَّ حَسُّونٌ على يدها ونام.

وكان يكفي أَن أُداعِبَ غُصْنَ دالِيَةٍ على عَجَلٍ...

لتُدْركَ أَنَّ كأسَ نبيذيَ امتلأتْ.

ويكفي أَن أنامَ مُبَكِّرًا لتَرَى مناميَ واضحًا،

فتطيلُ لَيْلَتَها لتحرسَهُ...

ويكفي أَن تجيء رسالةٌ منّي لتعرف أَنَّ عنواني تغيَّر،

فوق قارِعَةِ السجون، وأَنَّ

أَيَّامي تُحوِّمُ حَوْلَها... وحيالها

أُمِّي تَعُدُّ أَصابعي العشرينَ عن بُعْدٍ.

تُمَشِّطُني بخُصْلَةِ شعرها الذَهَبيّ.

تبحثُ في ثيابي الداخليّةِ عن نساءٍ أَجنبيَّاتٍ،

وَتَرْفُو جَوْريي المقطوعَ.

لم أَكبَرْ على يَدِها كما شئنا:

أَنا وَهِيَ، افترقنا عند مُنْحَدرِ الرُّخام... ولوَّحت سُحُبٌ لنا،

ولماعزٍ يَرِثُ المَكَانَ.

وأَنْشَأَ المنفى لنا لغتين:

دارجةً... ليفهَمَها الحمامُ ويحفظَ الذكرى،

وفُصْحى... كي أُفسِّرَ للظلال ظِلالَهَا!

ما زلتُ حيًّا في خِضَمِّكِ.

لم تَقُولي ما تقولُ الأُمُّ للوَلَدِ المريضِ.

مَرِضْتُ من قَمَرِ النحاس على خيام البَدْوِ.

هل تتذكرين طريق هجرتنا إلى لبنانَ،

حَيْثُ نسيتِني ونسيتِ كيسَ الخُبْزِ [كان الخبزُ قمحيًّا].

ولم أَصرخْ لئلاَّ أُوقظَ الحُرَّاسَ.

حَطَّتْني على كَتِفَيْكِ رائحةُ الندى.

يا ظَبْيَةً فَقَدَتْ هُنَاكَ كِنَاسَها وغزالها...

لا وَقْتَ حَوْلَكِ للكلام العاطِفيِّ.

عَجَنْتِ بالحَبَقِ الظهيرةَ كُلَّها.

وَخَبَزْتِ للسُّمَّاقِ عُرْفَ الدِيك.

أَعْرِفُ ما يُخَرِّبُ قلبَكِ المَثْقُوبَ بالطاووس،

مُنْذُ طُرِدْتِ ثانيةً من الفردوس.

عالَمُنا تَغَيَّر كُلُّهُ، فتغيَّرتْ أَصواتُنا.

حتّى التحيَّةُ بيننا وَقَعَتْ كزرِّ الثَوْبِ فوق الرمل،

لم تُسْمِعْ صدًى.

قولي: صباح الخير!

قولي أيَّ شيء لي لتمنَحَني الحياةُ دَلالَها.

هي أُختُ هاجَرَ.

أُختُها من أُمِّها.

تبكي مع النايات مَوْتى لم يموتوا.

لا مقابر حول خيمتها لتعرف كيف تَنْفَتِحُ السماءُ،

ولا ترى الصحراءَ خلف أَصابعي لترى حديقَتَها على وَجْه السراب،

فيركُض الزَّمَنُ القديمُ

بها إلى عَبَثٍ ضروريٍّ:

أَبوها طار مثلَ الشَرْكَسيِّ على حصان العُرْس.

أَمَّا أُمُّها فلقد أَعدَّتْ،

دون أن تبكي، لِزَوْجَة زَوْجِها حنَّاءَها،

وتفحَّصَتْ خلخالها...

لا نلتقي إلاَّ وداعًا عند مُفْتَرَقِ الحديث.

تقول لي مثلاً: تزوّجْ أَيَّةَ امرأة مِنَ

الغُرَباء، أَجمل من بنات الحيِّ.

لكنْ، لا تُصَدِّقْ أَيَّةَ امرأة سوايَ.

ولا تُصَدِّقْ ذكرياتِكَ دائمًا.

لا تَحْتَرِقْ لتضيء أُمَّكَ، تلك مِهْنَتُها الجميلةُ.

لا تحنَّ إلى مواعيد الندى.

كُنْ واقعيًّا كالسماء.

ولا تحنّ إلى عباءة جدِّكَ السوداءِ،

أَو رَشوَاتِ جدّتكَ الكثيرةِ،

وانطلِقْ كالمُهْرِ في الدنيا. وكُنْ مَنْ أَنت حيث تكون.

واحملْ عبءَ قلبِكَ وَحْدَهُ...

وارجع إِذا اتَّسَعَتْ بلادُكَ للبلاد وغيَّرتْ أَحوالَها...

أُمِّي تضيء نُجُومَ كَنْعَانَ الأخيرةَ،

حول مرآتي،

وتَرْمي، في قصيدتِيَ الأَخيرةِ، شَالَها! .












............ ابويافا


توقيع : ابويافا
.

ابويافا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-03, 02:44 PM   #2

غير الناس
عضوية متميزة

رقم العضوية : 636
تاريخ التسجيل : Jan 2003
عدد المشاركات : 240
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ غير الناس

سيدى العزيز ابويافا تحيه طيبه ابعثها لك سيدى .

اشكرك لنقلك الكلمات الجميله والمعبره لشاعر المبدع/استاذى محمود درويش

دمت لزهرتنا.


تحياتى

اخوك/غير الناس


توقيع : غير الناس

غير الناس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-03, 08:06 PM   #3

همسة حب
همسات شرقية

رقم العضوية : 250
تاريخ التسجيل : Aug 2002
عدد المشاركات : 1,086
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ همسة حب

أخي وأستاذي القدير أبويافا


الف شكر لك أخوي على هذه الروعة والكلمات الجميلة للمبدع محمود درويش


تقبل واحترامي



أختك همسة


توقيع : همسة حب



نعم المحدث والرفيق كتاب
................. تلهو به ان خانك الاصحاب


لا مفشيا سرا اذا استودعته
................. وتُنال منه حكــمة وصواب


همسة حب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:53 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)