العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة الثقافية }{}< > شخصيات وحكايات

شخصيات وحكايات حكايات عربية - قصص واقعية - قصص قصيرة - روايات - أعلام عبر التاريخ - شخصيات إسلامية - قراءات من التاريخ - اقتباسات كتب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10-10-08, 01:34 PM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
مشاركة المتنبي


[FONT="Arial Black"][SIZE="2"]

فلسفة الحياة لدى شاعر الحكمة والطموح



أبو الطيب المتنبي، أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، صاحب كبرياء وشجاع طموح محب للمغامرات. في شعره اعتزاز بالعروبة، وتشاؤم وافتخار بنفسه، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي، فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئاً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام، إذ تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة، لتفجر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، مما أضفى عليه لوناً من الجمال والعذوبة. ترك تراثاً عظيماً من الشعر القوي الواضح، يضم 326 قصيدة، تمثل عنواناً لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصوير، ويستدل منها كيف جرت الحكمة على لسانه، لاسيما في قصائده الأخيرة التي بدأ فيها وكأنه يودعه الدنيا عندما قال: أبلى الهوى بدني. لنتعرف على هذا الشاعر العظيم ونقترب أكثر من سيرة حياته:

ظهور الموهبة الشعرية:

هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي. ولد في كندة بالكوفة سنة 303 هـ=915 م. وتقع حالياً على مسافة عشرة كيلومترات من النجف وخمسة وستون من كربلاء تقريباً. يقال إن والده الحسين سماه أحمد و لقبه بأبي الطيب، ويقال إنه لم يعرف أمه لموتها وهو طفل فربته جدته لأمه. قضى طفولته في كندة (304-308 هـ= 916-920م)، اشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكراً، فقال الشعر صبياً، وهو في حوالي العاشرة، وبعض ما كتبه في هذه السن موجود في ديوانه. في الثانية عشر من عمره رحل إلى بادية السماوة، أقام فيها سنتين يكتسب بداوة اللغة العربية وفصاحتها، ثم عاد إلى الكوفة حيث أخذ يدرس بعناية الشعر العربي، وبخاصة شعر أبي نواس وابن الرومي ومسلم بن الوليد وابن المعتز. وعني على الأخص بدراسة شعر أبي تمام وتلميذه البحتري. انتقل إلى الكوفة والتحق بكتاب (309-316 هـ=921-928م) يتعلم فيه أولاد أشراف الكوفة دروس العلوية شعراً ولغة وإعراباً. اتصل في صغره بأبي الفضل في الكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله. كان أبو الطيب سريع الحفظ، فقيل أنه حفظ كتاباً نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه.

شاعر لا يقل عن الأمير منزلة:

وفيها التقى ببدر بن عمار سنة 328 هجرية، وهو أول من قتل أسداً بالسوط، فنعم عنده حقبة من الزمن، راضياً بما لقيه عنده من الراحة بعد التعب والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه وشعر بأنه لم يلتق بالفارس الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه وتحقيق آماله. فعاوده الضجر الذي ألفه والقلق الذي لم يفارقه، فسقم من حياة الهدوء ووجد فيها ما يستذل كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعراً متكسباً كسائر الشعراء، وهو لا يريد لنفسه أن يكون شاعر أمير، وإنما يريد أن يكون شاعراً فارساً لا يقل عن الأمير منزلة. فلم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه منه استعاد إرادته وكبرياءه. فالسجن أسهم في تعميق تجربته في الحياة، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذلك أخذ يبحث عن نموذج الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه. أما بدر فلم يكن هو ذاك، ثم ما كان يدور بين حاشية بدر من الكيد لأبي الطيب ومحاولة الإبعاد بينهما، جعل أبا الطيب يتعرض لمحن من الأمير ومن الحاشية تريد تقييده بإرادة الأمير. لقد رأى ذلك إهانة وإذلالاً، عبّر عنه بنفس جريحة ثائرة بعد فراقه لبدر متصلاً بصديق له هو أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني في قوله : لا افتخار إلا لمن لا يضام. وعاد المتنبي بعد فراقه لبدر إلى حياة التشرد والقلق ثانية، وعبر عن ذلك أصدق تعبير في رائيته التي هجا بها ابن كروس الأعور أحد الكائدين له عند بدر.

الاندفاع المخلص نحو سيف الدولة:

ظل باحثاً عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 ه، وعن طريقه اتصل بسيف الدولة بن حمدان، صاحب حلب، سنة 337 ه، انتقل معه إلى حلب فمدحه وحظي عنده. في مجلس هذا الأمير وجد أفقه وسمع صوته، وأحس أبو الطيب بأنه عثر على نموذج الفروسية الذي كان يبحث عنه، وسيكون مساعده على تحقيق ما كان يطمح إليه، فاندفع الشاعر مع سيف الدولة يشاركه في انتصاراته. ففي هذه الانتصارات أروع ملاحمه الشعرية، استطاع أن يرسم هذه الحقبة من الزمن وما كان يدور فيها من حرب أو سلم، فانشغل انشغالاً عن كل ما يدور حوله من حسد وكيد، ولم ينظر إلا إلى صديقه وشريكه سيف الدولة. فلا حجاب ولا واسطة بينهما. شعر سيف الدولة بهذا الاندفاع المخلص من الشاعر، واحتمل منه ما لا يحتمل من غيره من الشعراء، وكان هذا كبيراً على حاشية الأمير. ازداد أبو الطيب اندفاعاً وكبرياء واستطاع في حضرة سيف الدولة استطاع أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرماً مميزاً عن غيره من الشعراء. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعداً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضاً هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحياناً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.
مدح ابن العميد:

بعد عودته إلى الكوفة، زار بلاد فارس، فمر بأرجان، ومدح فيها ابن العميد، وكانت له معه مساجلات.

مدح عضد الدولة:

ثم رحل إلى شيراز، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي.

معركة العودة:

ثم عاد من شيراز يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً. فاقتتل الفريقان حتى قتل أبو الطيب وابنه محسد وغلامه مفلح (354 هـ= 965 م) بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد. وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي. وكان التمس منه خفارة لبعض الرجالة ليسلكوا به الطريق ويحموا عنه فلم يفعل، وقال معي سيفي ورمحي أخفّر. ويقال إن الذين خرجوا عليه من بني كلاب مع ضبة بن محمد العيني لما هجاه به: ما أنصف اليوم ضبُ. وكان الفرسان نحو خمسين فارساً، فقتل منهم جماعة وجرح جماعة وأثخن فيهم عدة، وقدرت الحرب من ضحوة إلى الأولى، ثم كلّ أبو الطيب وولده ومملوكه، فلما تطاول الأمر استرسل وظفروا به. فقتلوه وولده والمملوك. وأخذ جميع ما كان معه، ودفنوه في الموضع، وكان له قيمة كثيرة، ولم يكن طلبهم ما معه سوى نفسه. والذي تولى قتله منهم فاتك بن فراس بن بداد وكان قرابة لضبّة. ويقال أنه لما قرب منه فاتك كان معه عبد يقال له سراج، فقال له: يا سراج أخرج إليّ الدرع، فأخرجها ولبسها، وتهيأ للقتال، ثم قال هذه القصيدة.

أفرغ الدرع يا سراج وأبصر ما ترى اليوم ها هنا من قتال
فلئن رحت ف يالمكر صريعاً فلع للعالمين كل الرجال

ثم قال له فاتك: قبحاً لهذه اللحية يا سبّاب. فقال فاتك ألست الذي تقول:

الخيل والليل والبيداء تعرفني والطعن والضرب والقرطاس والقلم

فقال أنا عند ذاك يابن اللخناء العفلاء. ثم قاتل وبطح نفساً أو نفسين، فخانته قوائم فرسه، فغاصت إحداها في ثقبة كانت في الأرض، فتمكن منه الفرسان وأحاطوا به وقتلوه واقتسموا ماله ورحله، وأخذوا ابنه المحسّد وأرادوا أن يستبقوه، فقال أحدهم لا تفعلوا، واقتلوه، فقتلوه. وحكى الشريف ناصر قال: عبرت على بدنه وكان مفروقاً بينه وبين رأسه، ورأيت الزنابير تدخل في فيه وتخرج من حلقه. أعاذنا الله من كل سوء ومكروه بمنّه وطوله. وكتب في سنة ثلث وثمانين وأربع مائة.


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-08, 02:05 PM   #2
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
 اوافق رد: المتنبي


هذة المشارك المتواضعة ارجوا تقبلها ولقد حذفت بع منها لكبر حجم الملف وسنورد ماتبقى من حياة المتنبي الكبير ادبا شعرا ولغتا ووو وهو معروف لدينا دون وصف.


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-08, 02:55 PM   #3
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,154
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: المتنبي


[align=center] كان أبو الطيب سريع الحفظ، فقيل أنه حفظ كتاباً نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه

مشاء الله ولاقوة إلا بالله
لله درك بهذه الذاكرة القوية ..
.

.
. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعداً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضاً هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحياناً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.

اعجبتني طبيعته العفوية..
لم يكن يمتلك التصنع وتلفيق المشاعر
المتنبى فخر وعز لكل عربي ...
اتمنى من الشباب يقتدون بمثل هذا الشاعر الكبير [/align].
.


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-08, 03:00 PM   #4
 
الصورة الرمزية سلام العبيدى

سلام العبيدى
مشرف حدائق بابل

رقم العضوية : 5500
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,600
عدد النقاط : 51

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ سلام العبيدى
رد: المتنبي


اخي حسين الحمداني

المتنبي ومن لايعرف هذا الشاعر الكبير الذي
لمع اسمه في فتره من الزمن وما زال ليومنا هذا

شكرا لك اخي الكريم على الموضوع



سلام العبيدي


توقيع : سلام العبيدى
زهرة الشرق
zahrah.com

سلام العبيدى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-08, 12:23 AM   #5
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المتنبي


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيام1 مشاهدة المشاركة
[align=center] كان أبو الطيب سريع الحفظ، فقيل أنه حفظ كتاباً نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه

مشاء الله ولاقوة إلا بالله
لله درك بهذه الذاكرة القوية ..
.

.
. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعداً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضاً هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحياناً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.

اعجبتني طبيعته العفوية..
لم يكن يمتلك التصنع وتلفيق المشاعر
المتنبى فخر وعز لكل عربي ...
اتمنى من الشباب يقتدون بمثل هذا الشاعر الكبير [/align].
.
شكرا للزيارة نورتونا


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-08, 12:24 AM   #6
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
 اوافق رد: المتنبي


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلام العبيدى مشاهدة المشاركة
اخي حسين الحمداني

المتنبي ومن لايعرف هذا الشاعر الكبير الذي
لمع اسمه في فتره من الزمن وما زال ليومنا هذا

شكرا لك اخي الكريم على الموضوع



سلام العبيدي
كما قلتم اخي الكريم لمع اسمه في فترة من الزمن فلمع ذلك الزمن معه
شكرا لزيارتكم الكريمة


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-08, 02:40 AM   #7
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المتنبي


صفحات القصيدة : 1


[الشروح : 5 ] 1 أَرى حُلَلاً مَطَوّاةً حِساناً عَداني أَن أَراكَ بِها اِعتِلالي

[الشروح : 6 ] 2 وَهَبكَ طَوَيتَها وَخَرَجتَ عَنها أَتَطوي ما عَلَيكَ مِنَ الجَمالِ

[الشروح : 6 ] 3 لَقَد ظَلَّت أَواخِرُها الأَعالي مَعَ الأولى بِجِسمِكَ في قِتالِ

[الشروح : 5 ] 4 تُلاحِظُكَ العُيونُ وَأَنتَ فيها كَأَنَّ عَلَيكَ أَفإِدَةَ الرِجالِ

[الشروح : 2 ] 5 مَتى أَحصَيتُ فَضلَكَ في كَلامٍ فَقَد أَحصَيتُ حَبّاتِ الرِمالِ

[الشروح : 1 ] 6 وَإِنَّ بِها وَإِنَّ بِهِ لَنَقصاً وَأَنتَ لَها النِهايَةُ في الكَمالِ




منقول


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-08, 02:48 AM   #8
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المتنبي


آخِرُ ما المَلكُ مُعَزّى بِهِ هَذا الَّذي أَثَّرَ في قَلبِهِ

لا جَزَعاً بَل أَنَفاً شابَهُ أَن يَقدِرَ الدَهرُ عَلى غَصبِهِ

لَو دَرَتِ الدُنيا بِما عِندَهُ لَاِستَحيَتِ الأَيّامُ مِن عَتبِهِ

لَعَلَّها تَحسَبُ أَنَّ الَّذي لَيسَ لَدَيهِ لَيسَ مِن حِزبِهِ

وَأَنَّ مَن بَغدادُ دارٌ لَهُ لَيسَ مُقيماً في ذَرى عَضبِهِ

وَأَنَّ جَدَّ المَرءِ أَوطانُهُ مَن لَيسَ مِنها لَيسَ مِن صُلبِهِ

أَخافُ أَن تَفطُنَ أَعداؤُهُ فَيُجفِلوا خَوفاً إِلى قُربِهِ

لا بُدَّ لِلإِنسانِ مِن ضَجعَةٍ لا تَقلِبُ المُضجَعَ عَن جَنبِهِ

يَنسى بِها ما كانَ مِن عُجبِهِ وَما أَذاقَ المَوتُ مِن كَربِهِ

نَحنُ بَنو المَوتى فَما بالُنا نَعافُ مالا بُدَّ مِن شُربِهِ

تَبخَلُ أَيدينا بِأَرواحِنا عَلى زَمانٍ هِيَ مِن كَسبِهِ

فَهَذِهِ الأَرواحُ مِن جَوِّهِ وَهَذِهِ الأَجسامُ مِن تُربِهِ

لَو فَكَّرَ العاشِقُ في مُنتَهى حُسنِ الَّذي يَسبيهِ لَم يَسبِهِ

لَم يُرَ قَرنُ الشَمسِ في شَرقِهِ فَشَكَّتِ الأَنفُسُ في غَربِهِ

يَموتُ راعي الضَأنِ في جَهلِهِ مَوتَةَ جالينوسَ في طِبِّهِ



منقول يتبع


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-08, 02:18 PM   #9
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المتنبي


[COLOR="Blue"]صاح ديك فانقطع خاطري
2007-03-16


قلة من المهتمين بالأدب يعرفون أن النامي كان قامة شعرية شامخة في بلاط سيف الدولة، ولم تكن منزلته لدى أمير حلب أقل من منزلة المتنبي. لكن الأيام طمست اسمه وضاعت روائع آثاره. ولعلي أبين بهذه المقالة جوانب مضيئة من شاعريته وأصل إلى الكشف عن بعض الأسرار التي أدّت إلى خفوت ذكره. وأنا هنا أفتح الباب أمام المهتمين والباحثين لعلهم يعثرون بين المخطوطات المركونة في زوايا المكتبات والمتاحف في العالم على قصائد أخرى للشاعر، إضافة إلى ما تضم الموسوعة الشعرية من أعماله.

ذكر ابن فورَّجة في "التجني على ابن جني" قال: إن المتنبي كان على كثرة شعراء سيف الدولة لا يتَّّقي منهم غير أبي العباس أحمد بن محمد المصِّيصي المعروف بالنامي، وقد عناه بقوله:

وَالمَدحُ لابن أَبي الهَيجاءِ تُنجدُهُ بِالجاهِلِيَّةِ عَينُ العِيِّ وَالخَطَـلِِ

لَيتَ المَدائِحَ تَستَوفي مَنـــاقِبَهُ فَما كُلَيبٌ وَأَهلُ الأَعصُرِ الأُوَلِ

خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ

أراد بالشمس سيف الدولة، وبزحل أباه، فالشمس أبهى إلينا من زحل وأبين نورا وأكثر فضلا.
وأضاف المعري قائلا: "لعل الشاعر أراد نفسه" وأنا أقول كذلك.
وكان النامي كثيرا ما يذكر في مدائحه أيام الجاهلية وآباء سيف الدولة الأوائل كقوله:

إذا فاخرتْ بالمكرماتِ قبيلة فتغلب أبناء العلا بك تغلب

قناة من العلياء أنت سنـانها وتـلك أنابيب عليها وأكعب

وكأن المتنبي أراد غاية جديدة للشعر والشعراء من بعده في البدء بمدح الأمير مباشرة ، دون الحاجة لشجرة الأنساب، ثم ألم يلـّم بك قوله وقد خالف الشعراء إستهلالهم المدائح بالنسيب كقوله :

إذا كان مدح فالنسيب المقدَّمُ أكلّ فصيــح قال شعرا متيَّمُ

لحب ابن عبــد الله أولى فإنه به يبدأ الذكر الجميل ويختم

وفي المواقف القليلة التي كان المتنبي مضطرا لمراعاة الجو المحيط به، فقد كان يتطرق إلى مدح آباء سيف الدولة في عدد من القصائد، ومنها السالفة الذكر، لكن ذلك لم يكن إعجابا بالأيام الخوالي وإنما وسيلة للوصول إلى ممدوحه، إذ لا يمكن فصل الفروع عن جذع الشجرة وأصولها، كقوله:

من تغلب الغالبين الناس منصبه ومن عدّي أعادي الجبن والبخل

ويقول في قصيدة أخرى:

وَأَنتَ أَبو الهَيجاء حَمدانَ يا ابنَهُ تَشــابَهَ مَولودٌ كَريمٌ وَوالِدُ

وَحَمدانُ حَمدونٌ وَحَمدونُ حـارِثٌ وَحارِثُ لُقمانٌ وَلُقمانُ راشِدُ

أولَئِكَ أَنيابُ الخِــــلافَةِ كُلُّها وَسـائِرُ أَملاكِ البِلادِ الزَوائِدُ

والزوائد من الأسنان التي تنبت خلف الأضراس، أراد إن آباء سيف الدولة هم للخلافة العبّاسيّة بمنزلة الأنياب، تمتنع منهم امتناع السبع بنابه، أما بقيّة الملوك فهم بمنزلة الزوائد، لا حاجة للخلافة بهم.
ولأسوق إليك حكاية طريفة عن بعض حوادث الزمان في دولة بني حمدان:
بنى سيف الدولة قلعة مرعش في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وأتاه الدمستق بعساكر الروم ليمنعه منها فأوقع به سيف الدولة الوقعة العظيمة المشهورة.
ومنها: أن سيف الدولة دخل بلد الروم، في سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وأغار على زبطرة، والتقاه قسطنطين بن بردس الدمستق على درب موزار وقتل من الفريقين خلق. ثم تم سيف الدولة إلى الفرات، وعبره، وقصد بطن هنزيط، ودخل سيف الدولة سميساط، فخرج الدمستق إلى ناحية الشام، فرجع سيف الدولة، فلحقه وراء مرعش، فأوقع به، وهزم جيشه، وقتل لاون البطريق في الحرب، وأسر قسطنطين ولد الدمستق، وحمله الإبريق إلى بيت الماء، وكان أمرد، فخرج فوجده قائماً يبكي، ولم يزل عنده حتى مات من علة اعتلها.
وكان الدمستق استتر في تلك الوقعة في القناة ودخل فترهب، ولبس المسوح، ففي ذلك يقول المتنبي:

فلو كان ينجي من علي ترهب ترهبت الأملاك مثنى وموحدا

وقال أبو العباس أحمد بن محمد النامي:

لكنه طلب الترهب خيفة ممن له تتقاصر الأعمار

فمكان قائم سيفه عكازه ومكان ما يتمنطق الزنار

والنامي يذكرني بشعراء الحوليات قبل الإسلام، فهو يقف على الأطلال ويتأنى كثيرا في انتقاء صوره وصوغ بيانه. فلنتأمل هذه القصيدة التي لا تعوزها البلاغة:

أحقاً أن قـــــاتلتي زرودُ وأن عهودها تلك العهودُ

وقفتُ وقد فقدت الصبر حتى تبيَّنَ موقفي أني الفقيـــد

وشكَّت فيَّ عذَّالي فقــــالوا لرسم الدار أيُّكما العميـد

وبعد هذه المقدمة التي مزج فيها بين النسيب وتذكر العهود والوقوف على الرسوم وديار الأحبة الخاوية، نراه ينتقل إلى مخاطبة سيف الدولة مصورا طول السفر إليه حتى أصاب الهزال مطاياه فصارت عظامها نحيلة كعيدان الأراك وجلودها التي رقّت من طول المشقة وتصببت عرقا حتى غدت كأوعية الماء واللبن، فيقول:

إليك صَدعنَ أفئدةَ الليـــالي وفيهن السـخائم والحـقود

فعيدان الأراك لها عظــــام وأسقية الشنان لها جـلود

والشاعر لا يكتفي بذلك، بل نجده يزهو بشعره ويتطاول بقامته فيرفع نفسه فوق شعراء المعلقات مشيرا بلمسات فنية ولمحات جمالية خاطفة إلى امرئ القيس (ابن حجر) وعبيد بن الأبرص ولبيد:

وشعرٍ لو عبيد الشـعر أصغى إليه لظلّ لي عبداً عـبيد

كأن لفكره نُشرَ ابن حجـــر ونودي من حفيرته لـبيد

إلى أن يقول في سيف الدولة:

خُلقتَ كما أرادتك المعالــي فأنت لمن رجاك كما يريــد

عجيب أن سيفك ليس يــروي وسيفك في الوريد له ورود

وأعجب منه رمحك حين يسقى فيصحو وهو نشــوان يميد

وللنامي أيضا هذه القصيدة التي يلتمس فيها العون من صاحبيه لمعرفة السبب الذي جعل الحبيبة تنفر من شيبه وتقلب حبه الجميل إلى مرارة سوداء وهي التي أودت بشبابه وجعلته يهرم من لوعة المكابدة، كما تكشف لنا عن طول سهاده في غيابها ومدى خبرته بمواقع النجوم وحركاتها وكأنه يرسم من خيوطها الدرية لوحة فنية على صفحة الليل الدكناء:

سلاها لم اسودَّ الهوى في ابيضاضه وإلا سلاني كيف بُيِّض مسـوِّدي

كأن برأسي عســـكرين تحاربا فقد كثر استئمان جند إلى جنــد

وليل له نجم كليلٌ عن السُّــرى تحيَّر لا يُهدَى لقصد ولا يهـــدي

كأني وابن الغمد والطـرف أنجم على قصدها والنجم ليس على قصدي

إلى أن رأيت الفجر والنسر خاضب جناحيه ورساً عُلَّ بالعنبر الـوردي

وحلّت يد الجوزاء عقدا وشاحــها إزاء الثرّيا وهي مقطــوعة العقد

إلى أن يقول في سيف الدولة:

فقلت أخيل التغــلبي مغيرة أم الفجر يرمي الليل سداً على ســدّ

فتى قسم الأيام بين ســيوفه وبين طريفات المكارم والتـــــلد

فسوَّد يوماً بالعجاج وبالـردى وبيَّض يوماً بالفضائل والمجــــد

أميرَ العلى إن العوالي كواسـب علاءك في الدنيا وفي جنة الخــلد

يمر عليك الحول سيفك في الطلى وطرفك ما بين الشكيمة واللبـــد

ويمضي عليك الدهر فعلك للعـلى وقولك للتقوى وكفك للــــرفد

ألم تر فرعوناً وموسى تحـاربا فغودرت العقبي لذي الحق لا الحشـد

جهدت فلم أبلغ مداك بمدحــة وليس مع التقصير عندي سوى جهدي

رياحين أذهان سماحك غــارس لها فاجنِها بالعرف من روضة الحمد

من المذهبات الدارميَّات ســرَّد تــدق معانيها على الملك الكنـدي

تزيد على شأوَي زيادٍ وجـرولٍ وقد غودر ابن العبد في نظمـها عبدي

ولا ينسى الشاعر في البيتين الأخيرين أن يفتخر بقومه أبناء دارم من تميم، مشيرا إلى أن شعراء تميم كانوا من أصحاب القصائد الذهبية التي يعجز عن إدراكها امرؤ القيس ملك كندة، ثم يعرج إلى ذكر النابغة زياد والحطيئة جرول، ليبلغ ذروة زهوه واعتداده بنفسه عندما يجعل الشاعر المتألق طرفة بن العبد عبدا لا يرقى إلى مكانته التي يسمو بها على الشعراء. /COLOR]
w

الملف المنقول يتبع


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-09, 06:23 AM   #10
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المتنبي


بحوث مهرجان المتنبي السادس في محافظة واسط

25- 27/ 3/ 2007

تناصات المتنبي

مع الثقافة العالمية

الشاعر والناقد د. محمد تقي جون

توطئة

كان لابد لشاعر إنساني كبير بحجم المتنبي أن يتناص فكراً وروحاً مع شعراء وعلماء وثقافات إنسانية حية، وكانت النظرة القاصرة جداً من النقد العربي المحافظ قد جعلت المتنبي أكبر سارق بدلا من أن يكون أكبر متماس مع كل فكرة سامية كانت قبله أو معاصرة له؛ فقد اتهمه الصاحب بن عباد بأنه كان يسرق معاني أبي تمام ويزعم انه لا يعرفه" وقد أوغل العميدي في ظلمه له حتى اتهمه بسرقات مفضوحة التهافت؛ فقد اتهمه بالسرقة من بديع الزمان الهمذاني الذي ولد بعد وفاة المتنبي بأربع سنوات! واتهمه أيضا بالسرقة من شخصية وهمية هو أبو الفتح الاسكندري بطل مقامات البديع، وسبب ذلك يعود إلى النقد العربي الذي يرى إن المبتدع والمخترع في الشعر قليل؛ فمهما احترس الشعراء فانهم سيقعون في السرقة. فالجاحظ يرى ان المتقدمين قالوا كل شيء ولهذا فالمعاصرون لابد ان يكونوا شركاء في معانيهم سرقة او استعانة . على ان موضوعة السرقات أريدت حجر عثرة في طريق الشعر الجديد المعتمد على المعاني؛ توليدها واستيفائها.

وفكرة التناص تعيد للمتنبي براءته من التقليد وتصحح فكرة السرقات فهي أكثر من وقع حافر على حافر كما يفهمه النقد المعاصر؛ فاليوت في (الأرض اليباب) جعل قصيدته مليئة باستعارات من أبيات وعبارات لشعراء وكتاب نثر في الماضي والحاضر لأنه أراد أن يثبت انه بعد قراءاتنا لأي شاعر تصبح بعض أبياته جزءاً من خبرتنا الشخصية أو التراكم الذي يكوّن ثقافتنا وليس ثمة سرقة أو سطو.

في هذه الدراسة ننأى بالمتنبي بعيداً عن أرضه العربية وعصره العباسي منفتحاً على الثقافة الإنسانية كلها فانه لسمو شاعريته وفكره تناص مع الكثير من تلك الافنان المزهرة الطيبة، وفي الغالب كان مبعث هذه التناصات سمو الفكر والشاعرية، وهناك تناصات كان وراءها التأثر والتأثير كما سنشير إلى ذلك.

المتنبي وسير فانتس

في أبيات له قالها في معركة الحدث (344هـ/ 955م) يعرض المتنبي صورة ساخرة لجبن الروم تناص فيها مع الروائي الإسباني سافاديرا سير فانتس في شخصية (دون كيشوت) التي مثلت فارساً يعيش في عالم بعيد عن الحقيقة وقد اراد به سيرفانتس السخرية من الابطال الرومانسيين وقصص البطولة المدَّعاة حتى زمانه الذي راجت فيه تلك القصص بشدةٍ ولكن الواقع الغربي تناقض معها فهو مليء بالهزائم أمام الأتراك المسلمين. وقد عانى الكاتب نفسه ذلك فقد أسره الأتراك وسجنوه في الجزائر اربع سنوات تمكن من الفرار بعدها.

صمم سير فانتس شخصيته ليكون جباناً حد الضحك " طويل ونحيل يقارب الخمسين من العمر، يبدو خداه وكأنهما يقبلان بعضهما داخل فمه، ورقبته طولها نصف ياردة"، وبرغم تنوع تفسيرات (دون كيشوت) عبر القرون الا ان الضعف الجسماني، واختياره لخصومه يقنعانا بصفة الجبن، فقد هاجم اولا طاحونة هواء ومنها جاء المثل يصارع طواحين الهواء، اما عدوه الثاني فكان قطيعا من الاغنام هجم عليه بقوة وشراسة أي انه يختار أعداء لا يملكون قوة او هو يصارع اللاشيء ولكن عندما يظهر الرعاة يؤدبونه أي إذا ظهر المقاتل الحقيقي فانه يطوي سيفه ورمحه وبطولاته الاسفنجية. وتلك الفكرة ترجمها المتنبي في وصف الروم قوم سيرفانتس يقول المتنبي:

والعيان الجلي يحدث للظن زوالا وللمراد انتقالا



واذا ما خلا الجبان بارض



طلب الطعن وحده والنزالا




أي ان العيان يزيل ما يحدث الظن دائما، وان الجبان يظن نفسه شجاعا اذا كان وحده فيتخيل نفسه قادرا على قهر كل شيء عظيم ويقنعنا بان سيرفانتس تأثر بالمتنبي أن المتنبي غزا اسبانيا بشعره حتى قال ابن رشيق " وجاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس". وسيرفانتس نفسه يعترف بان رواية دون كيشوت حكاها له رجل عربي. وبهذا نقطع بأن سير فانتس تأثر بالمتنبي.

المتنبي وأدب الملحمة

التناص الثاني للمتنبي مع الملاحم؛ ومعروف ان العرب دون الامم لم يعرفوا الملاحم الا ان المتنبي المتنوع الثقافة كان على علم بخفايا وتفصيلات تلك الملاحم ولذا خاطب عضد الدولة الفارسي بثقافة الملحمة. وهذا دأبه فعندما مدح هارون بن عبد العزيز الاوراجي المتصوف، استعمل اساليب المتصوفة في مدحه، وعندما مدح طاهر العلوي استعمل افكار الشيعة ومصطلحاتهم مثل (الوصي)، و (النواصب). وبالمثل فانه مدح عضد الدولة بثقافة الملحمة فكان ذلك منه آلية جديدة في فن المدح. والفرس كبقية الامم الملحمية يعطون الفرس اهمية بطولية تكمل بطولة الفارس فيقوم باعمال خارقة فحصان (رستم زال) المسمى (رخش) عثر عليه بعد جهد اذ لا يوجد حصان يتحمل قوة كفه، وبمساعدة الحصان قتل رستم السبع الهارب والثعبان الهائل والساحرة الشمطاء وقائد الجن وقطع سبعة جبال شواهق مرصودة ومحروسة بالعفاريت.

ولم يكن العرب جاهلين بأهمية الخيل أو تاركين تسميتها ولكن طريقة تسميتهم للخيول تختلف عن طريقة الفرس، وقد ورث العرب معرفة الخيل والعناية بها من اسلافهم الاشوريين والبابليين فدخول الخيل المعركة احدث تبدلات في اساليب قتال الكشيين. وميز الاشوريون الخيل في القتال حسب الوانها. وهو ما نجد نظيره عند العرب؛ ففي حين فضل العبسيون الخيول الدهم في معاركهم لملاءمتها القتال في الصحارى، استعمل فاتحو الأندلس الخيول الشقر لقوتها وصبرها في القتال بأجواء باردة ووعرة .

وأورد المتنبي نفسه نحوا من اربعين نوعا للخيول المحاربة في ديوانه. اما علة تسمية العرب لخيولهم فهي للتعريف بها وحفظ انسابها اذ انهم اهتموا بتثبيت سلالات الخيول الاصيلة والفوا الكتب في انساب الخيل مثلما الفوا في انسابهم. وغاية ما أراده العرب من خيولهم ان تتحلى بالسرعة وهو ما يدل عليه أسماء خيولهم كـ(الطيار) و ( النعامة) و ( الدموك).

وواضح ان النفس مختلف بين العرب والفرس؛ فخيول العرب واقعية اما الخيول الفارسية فهي ملحمية خارقة فهم يزعمون ان امهات خيول الملك برويز مثل شبديز وكلكون لم يكنّ يحبلن من ذكر بل كان هناك فرس من حجر وحينما يطلبن الفحل يذهبن ويمسحن جسمهن بهذا الحجر وشبديز هذه عدت من عجائب الملك كسرى برويز الاثنتي عشرة، وقد نقش رسمه على الصخر وفوقه الملك.

إن إدراك المتنبي حقيقة أن الشعوب الملحمية تمنح الحصان اسما بطوليا حمله على ذكر أسماء خيول عضد الدولة فقال في مدحه:

بفارس (المجروح) و (الشِمال)



أبي شجاع قاتل الأبطال




فالمجرح والشِمال فرسا عضد الدولة ويدلان على البطولة فالمجروح يشير الى كثرة خوضه المعارك الطاحنة وجرحه فيها، والشِمال يدل على الشؤم أي: شؤم العدو. ولم يذكر المتنبي اسم فرس لممدوح آخر حتى سيف الدولة الذي أطال المكث عنده وذكر بطولاته فلم يترك لها حدودا الا وقف على مشارفها. وقد حاول المؤرخون الغربيون ان يضيفوا ذلك الى سيف الدولة في معركة خرشنة ( 339هـ 950 م) التي احتاجت الى سند بطولي خارق فقال شلمبرجة:" ان الجواد الجبار الذي كان يركبه سيف الدولة قفز من قمة الجبل قفزة عجيبة فنجا بها من القتل". ولكن المتنبي حين ارخ المعركة لم يشر الى هذا الذي اضافه الغربيون مما الفوه من النفس الملحمي لانه خاطب سيف الدولة بثقافته العربية. ولعل المتنبي المَّ بحكايات الشاهنامة المعروفة في بلاطات الفرس التي جمعها لاحقا الفردوسي (411هـ/ 1020م)، وفي هذا التناص نقطع بأن المتنبي تأثر بتلك الحكايات ولكن نقلها بشكل واقعي الى شعره .


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-09, 06:26 AM   #11
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المتنبي


المتنبي والاسطورة الاوربية

ويتناص المتنبي مع الثقافة الشعبية الغربية في شخصية (روبن هود) البطل الذي كان يجيد رمي القوس بشكل خرافي فكان يصيب أدق الأمكنة، ووقف في إحدى المرات ليسجل اكبر بطولة في رمي القوس عندما استطاع بدقة خارقة أن يصيب براس السهم الثاني عقب السهم الأول حتى صنع قضيبا من السهام المتراصة. ان هذه الفكرة عينها جسدها المتنبي، ففي قصيدته التي مدح بها علي بن سيار يصفه بهذه الصفات الروبنهودية ذاتها فهو يرسل السهام إرسالا واحداً لا تعثر فيه فيصير النصل من السهم الثاني مكان الفوق (وهو موضع السهم من الوتر) للسهم الاول! حتى تكاد تتصل قضيباً لولا ما يعتري ذلك من الكسر. على ان الكسر لا يبطل الصورة المشتركة فان المتنبي خشي أن يتهم بالمبالغة المفرطة فاحترز. ويصل عجب المتنبي إلى الظن بان هذه السهام التي يستعملها الأمير ذكية كالأسلحة التي في زماننا. يقول المتنبي:

اذا نكبت كنانته استبنا



بانصلها لانصلها ندوبا



يصيب ببعضها افواق بعض



فلولا الكسر لاتصلت قضيبا



بكل مقوم لم يعص امرا



له حتى ظنناه لبيبا




وإذا كان المتنبي قد المّ بأخبار أهل النوبة جنوب مصر فألهمته صورته (التناصية) فان الصورة التي رسمها اقرب إلى الثقافة الشعبية الأوربية (الروبنهودية) منها إلى أخبار أهل النوبة. وقد كانوا يتندرون بإجادتهم الرمي فكانوا يضعون النياشين على أي شيء دقيق فيصيبونه وبسبب إجادتهم الرمي الهائلة فشلت حملات الفتح الإسلامي للنوبة التي قادها عمرو بن العاص وعقبة بن نافع فتأجل فتحها إلى العصر العباسي، بل إن المسلمين اضطروا أن يوقعوا مع أهل النوبة معاهدة صلح سنة 31هـ عرفت بمعاهدة (البقط)

الا ان هذا التناص النادر يعود الى الخيال الخصب، لانه ارتفع على مستوى الواقع النوبي الى مستوى آخر حققته الخرافة الاوربية الشعبية، الا اننا لا نرى ان المتنبي تأثر بالخرافة الأوربية لبعد المتنبي عن تلك الثقافة، بل هو التقاء تصادفي.

المتنبي والخرافة العالمية

ويتصل بحديث الثقافة الشعبية تناص آخر للمتنبي كان منشؤه الخرافة التي تداولتها امم الارض اجمع وقد صدرت مؤلفات أخيرة أكدت حقيقة وجود خرافات واساطير هي ليست حكرا على امة او شعب بل هي معروفة في مشارق الأرض ومغاربها ومن ضمن هذه الخرافات العامة خرافة الم بها المتنبي ووظفها في شعره وهي من الأحاديث عن الجن وكونهم يختبئون في الصور ويتجسدون بها لانهم اشباح وارواح بلا اجساد. ولعل وراء ذلك فكرة دينية نقلتها الاديان السماوية الثلاثة، وقد جسَّدها ووضحها جون ملتون في ملحمته (الفردوس المفقود) وهي ان الشيطان عندما طره الله (عز جل) قرر ان يحاربه بصنع تماثيل على هيئة الملائكة الذين اصطحبهم ودعا الناس الى عبادتها من دون الله وهي الاصنام التي عرفتها فيما بعد ارض كنعان والبلدان المتاخمة لها ومن هنا ارتبط الشيطان والجن والارواح بالتماثيل والأصنام والصور وعلى هذا الأساس كان موقف الفكر الإسلامي من التماثيل والصور في زمن الرسول (ص) وما تلاه موقفا رافضا متشددا فقد نهى الرسول (ص) عن صنع التماثيل والصور ووضعها في البيوت لان الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تماثيل ولا تصاوير أو بيتاً فيه كلب ولا صورة ، وهذا يرجع إلى حداثة الإسلام وارتباط التماثيل والصور بالأصنام من جهة، وارتباط التماثيل والصور بالجن والأرواح من جهة أخرى فان الجامع بين الكلب والصورة – كما جاء في الحديث السابق – هو الجن والشيطان وقد ورد عن الرسول (ص) قوله: " الكلب الاسود شيطان" و " .. انه جنها او من جنها" وبرغم استحكام الدين وزوال الوثنية فان الرسم بقي محظوراً بسبب النظرة الدينية وهذا السبب وراء الغموض الذي يلف حياة أكبر رسام ظهر في العصر العباسي وهو الواسطي. ولكن وقر في الفكر الجمعي الشعبي ارتباط الجن والأرواح بالتماثيل والصور فكان المسيحيون كما تذكر روايات وأفلام مثل (The others)؛ الآخرون، و (Poster Ghosts)؛ أشباح الصور، يصورون الموتى قبل دفنهم على أمل عودة أرواحهم فبعد ان تفارق الأجساد تهرب إلى تلك الصور وتتجسد بها. ولعل هذه العادة قديمة عندهم فقد ورد عن أم سلمة (رض) انها أخبرت الرسول (ص) انها شاهدت كنيسة في الحبشة يفعل فيها مثل ذلك وقد استلهم المتنبي تلك الصورة الشعبية فأجاد رسمها بشكل أذهل ابن جني فوقف إزاءها متحيرا مبلسا فقال:" ما اعلم انه وصفت صورة بأنها تكاد تنطق بأحسن من هذا. وقد جاءت صورة المتنبي في بيت من قصيدة مدح بها بدر بن عمار. يقول المتنبي:

سلكت تماثيلَ القبابِ الجنُّ من



شوقٍ بها فأدرنَ فيك الاعينا




أي ان الجن اشتاقت إلى رؤيتك أسوة بالإنس، أراد حب الثقلين له، فلما لم تستطع ذلك من دون أن تتجسد بشيء فإنها توارت في تماثيل القباب فأدارت النظر فيك من خلال عيون التماثيل. وهذا التناص يشير إلى ان المتنبي لم يهمل فكر العامة فكان جزءاً من ثقافته الشاملة. وانه في هذا التناص متأثر حتماً بتلك الثقافة.

المتنبي والفلسفة الاغريقية

توافرت فرصة ذهبية للحاتمي ، وهو المطلع على كتب الفلسفة وأفكارها المترجمة، في أن يشير إلى ظاهرة (التناص) بين المتنبي والطرف الآخر من العالم، الا انه أضاع ذلك مدفوعا ببغضه الشديد للمتنبي، وطاعته العمياء لمولاه الوزير المهلبي فطرح التقاء المتنبي بأرسطو وغيره طرحا مشوهاً.

والحق أن المتنبي اطلع على الفلسفة الإغريقية ووجد فيها مادة ثقافية جليلة فتشربها وأضاف اليها من عندياته الكثير، فحكم المتنبي ليست ارسطية محضة، بل هي انعكاس لثقافته الواسعة وتجربته العريضة ونفسيته العارفة فكثير من حكمه مصدرها التجربة الذاتية والمعالجة الشخصية، والظروف القاسية التي مر بها فهو مدين لمصر بالكثير من حكمته كما يقول طه حسين.. وهكذا جاءت معانٍ فلسفية في شعره لم يذكرها الحاتمي. ومما أشار اليه قول أرسطو " روم نقل الطباع شديد الامتناع" . وفي ذلك يقول المتنبي:

يراد من القلب نسيانكم



وتأبى الطباع على الناقلِ




ويقول أرسطو: " إذا كانت الشهوة فوق القدرة كان هلاك الجسم دون بلوغها". ويقابله قول المتنبي:

واذا كانت النفوس كباراً



تعبت في مرادها الاجسامُ




وقد أشار إحسان عباس إلى إمكانية رصد معان أخرى على غرار طريقة الحاتمي ولكنه لم يذكرها وبالمقابل فإن الحاتمي أورد ما لا يصلح للمقابلة فتعسف في ذلك.

ومن التناصات التي أوردها إحسان عباس قول المتنبي:

تلذ له المروءة وهي تؤذي



ومن يعشقْ يلذُّ له الغرامُ
ج


فالمصطلح الفلسفي الشائع في القرن الرابع كان معروفا تماماً للمتنبي فحديث المفكرين عن اللذة والاذى يوحي بهذه المطابقة.

إن هذه التناصات تفسر تأثر المتنبي بالفلسفة الإغريقية، ومحاولته أن يطرح نفسه فيلسوفاً ليعلم الجيل ويرشده لتكمل بذلك شخصيته التي أراد طرحها وهي صورة القائد والمعلم، وبالتالي فانه تأثر بأرسطو وغيره من الفلاسفة الإغريق. وكان هذا التطابق نتيجة إطلاعه على الفلسفة وتفكيره الفلسفي الثاقب في أمور الحياة فجاء ذلك مزيجاً في شعره غطى مناحي حياة الإنسان كلها. وكان المتنبي مطلعاً شغوفاً بالقراءة إذ كان يقرأ يومياً إلى أن ينتهي من الليل أكثره.

المتنبي ونيتشه

اما التناص الاخر الذي نشير اليه فهو مع نيتشه حيث يلتقي المتنبي ونيتشه في اكثر من فكرة، وقد حلا للاثنين ان يتكلما بلسان الانبياء فكل منهما يرى نفسه يحمل رسالة إنسانية شاملة كرسالة الأنبياء فنيتشه تكلم بلسان زرادشت النبي الفارسي والمتنبي جعل نفسه كالأنبياء في قوله:

ما مقامي في ارض نخلة إلا



كمقام المسيح بين اليهودِ



أنا في امة تداركها الله غريب كصالح في ثمودِ




وكلاهما اصطدم بـ(الحكام) فسمى نيتشه الحكومات الصنم الجديد كما سمى المتنبي الحكام الذين التقاهم:

أسيرها بين أصنامٍ أشاهدها



ولا أشاهد فيها عفة الصنمِ




ورسم كلاهما صورة البطل الخارق او (السوبرمان) الذي يكون محله الذرى دائماً. قال نيتشه:" انكم تنظرون الى ما فوقكم عندما تتشوفون الى الاعتلاء اما انا فقد علوتُ حتى اصبحت اتطلع الى ما تحت قدمي فهل فيكم من يمكنه ان يضحك وهو واقف على الذرى". وقال المتنبي:




ضاق ذرعاً بان اضيق به ذرعاً زماني واستكرمتني الكرامُ





واقفاً تحت أخمصي قدر نفسي



واقفاً تحت أخمصيَّ الأنامُ




وآمن كلاهما بالقوة واستهجن الرحمة لان القوة من مبادئ التغيير قال نيتشه:" احترسوا من الرحمة لانها تعقد فوق الإنسان غماما متلبداً". وقال المتنبي:

ومن عرف الأيام معرفتي بها

وبالناس روى رمحه غير راحمِ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-09, 06:27 AM   #12
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المتنبي



إن ذلك الإحساس جعلهما يظنان أن الحرب السبيل الوحيد للتغيير ولذا آمنا بالحرب حلا لا بديل له وروجا لها. قال نيتشه:" لقد طال انتظار غيومي بين قهقهة الرعد، وقد آن لي أن أرشق الأعماق بقذائف بَرَدي" وقال المتنبي

لقد تصبرتُ حتى لات مصطبرٍ



فالآن أقحمُ حتى لات مقتحمِ




وقال نيتشه في الحرب ايضا :" عليكم أن تحبوا السلم كوسيلة توصله إلى حروبٍ جديدة " وقال المتنبي ايضا:

وإن عمرتُ جعلتُ الحرب والدةً



والسمهريَّ أخاً والمشرفيّ أبا



بكلِّ أشعثَ يلقى الموت مبتسماً



حتى كأنَّ له في قتله أَرَبَا



قُحٍّ يكاد صهيل الخيل يقذفه



عن سرجه مَرَحَاً بالغزو أو طربا



فالموتُ أعذرُ لي والصبرُ أجملُ بي



والبرُّ أوسعُ والدنيا لمن غلبا




المتنبي وشكسبير

ونقف اخيرا مع شكسبير عملاق شعراء الدنيا في صورة هي اكثر من رائعة ونادرة تصور الغدر والخيانة. ففي مسرحية (تاجر البندقية) تمنح بورشيا حبيبها بسانيو خاتم الحب وتسأله ان يعدها بالا ينزعه من اصبعه حتى الموت الا انه اضطر ان يجعله ثمن خلاص صديقه انطونيو من الموت وتلتقي بورشيا حبيبها وتجده بدون الخاتم فيعتذر لها وهنا تبدأ الصورة الشكسبيرية. يقول بسانيو:" سامحيني على هذا الخطأ غير المتعمد وامام هذا الجمع من الاصدقاء اقسم على ذلك بعينيك اللتين أرى بهما نفسي"

فتجيبه بورشيا متحدثة إلى جمع الأصدقاء:

" لاحظوا هذا جيداً! هو يقسم بصورته المزدوجة المنطبعة في عينيّ؛ في كل عين واحدة ثم تلتفت اليه قائلة:

" اقسم بازدواجيتك عندها سيكون قسمك حقيقياً"

ان طرافة الصورة تاتي من حقيقة ان المقتربين من بعضهما يرى كل واحد منهما صورته في عين الآخر؛ فبورشيا التي اعتادت حديث القرب مع بسانيو تراه كاذبا لا يقسم بعينيها بل بصورته المزدوجة التي تنطبع في عينيها عند كل لقاء.

وهذه الصورة ذاتها رسمها المتنبي وهو يصف حبيبته التي فارقها في الشام وهو يقف امام عضد الدولة الفارسي مجبراً. ولعل حبيبته المزعومة كانت رمزا لسيف الدولة الذي غدر به بعدما احبه واقتربا من بعضهما البعض في لقاءاتهما حتى كان الواحد منهما يرى صورته في عين الآخر شأن بورشيا وبسانيو. يقول المتنبي:

شامية طالما خلوت بها



تبصر في ناظري محياها



فقبلت ناظري تغالطني



وإنما قبلت به فاها




اي ان حبيبته قبّلت عينه على انها مجبرة على فراقه ولكنها في حقيقتها مغالطة كانت تقبل فمها وصورتها المنطبعة في عينيه. وهي صورة مشتركة واضحة التناص، على ان الذي جمع هذين العملاقين في هذه الصورة الخيال السامي والشاعرية المتفردة التي جعلتهما في مصاف واحد وليس التاثر والتاثير لبعد الزمان والمكان، ولان أغلب الغربيين اهتموا بالمتنبي مؤرخا أو مفكراً أكثر منه شاعرا؛ فماريوس كنار المؤرخ المشهور الذي اهتم بشعر المتنبي لم تعجبه الروعة الشعرية فيه تلك التي نحسها نحن حين نقرأ شعره بل كان اهتمامه منصبا لاستنباط حقائق تاريخية ففي قوله:

اتوك يجرون الحديد كانهم



سروا بجياد ما لهن قوائمُ




وجد كنار دليلا على ثقل جيش الفرسان البيزنطيين المسمى بالرومية (scholorioi) أي المطاردون المدججون بالحديد الذين ركبوا خيولا مستورة القوائم برداء من الدروع يكاد يبلغ الأرض.وصورة المتنبي تشير الى مجرد الغدر بينما كانت الصورة الشكسبيرية أكثر تعقيداً لان شكسبير أكثر تحضرا وعمقا من المتنبي فأشارت صورته إلى الازدواجية سلوكاً ومرضا ولم تكن الازدواجية معروفة في زمن المتنبي وكانت في عصر شكسبير مرضا لم يقتصر على الأفراد بل شمل مجتمعات كاملة. ويرد بعضهم انهيار الإمبراطورية الرومانية الى تفشي مرض الازدواجية في الشعب الروماني وحكامه على السواء.

وبعد فهذه بعض تناصات المتنبي أردنا بها أن نشير إلى عالمية المتنبي وعالمية ثقافته وعالمية نتاجه الخالد.


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المتنبي

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رسالة إلى المتنبي المهاجر أشعار وقصائد 6 26-05-03 08:01 PM
حكمة المتنبي أحزان ليل أشعار وقصائد 5 01-05-03 02:11 PM


الساعة الآن 02:36 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)