خطاب العلم .. هو الأكثر إحتراما للعقل

[align=center]
خطاب العلم .. هو الأكثر احتراماً للعقل




إبراهيم كشت - تضيق صدورنا، وتطفح ملامحنا وجوارحنا بعلامات الانفعال، إذا لقينا نوعاً من عدم الاحترام لأشخاصنا من قبل أيٍّ كان، سواء عبّر عن عدم احترامه هذا بالكلمة أو الفعل أو الموقف أو مجرد النظرة والإيماءة . لكننا نكون أقل غضباً وحِدّة حين تُوجَّهُ قلة الاحترام لعقولنا . مع أن الأَولى أن نكون أحرص على احترام الآخر لعقولنا، مادمنا نؤكد دائماً أن العقل هو ما يميّز الإنسان عن سائر الكائنات الحيّة، وهو ما يفرّق كذلك بين العالم والجاهل، والذكي والغبي، والحكيم والطائش، والحليم والأرعن، وما دمنا نعرف أن هذا العقل هو نتاج أعظم جهاز في الوجود كله، أعني أنه نتاج الدماغ، الذي لم يعرف العلماء شيئاً في الكون أكثر غموضاً وأبعد عمقاً وأشد تعقيداً منه .
وربما كان أقل أنواع الخطاب احتراماً للعقل حديث الخرافات والأساطير، بغض النظر عن مسمياتها، ومن ذلك الشعوذة والتنجيم وإدعاء التأثير في حياة الغير وظروفه بوسائل ما ورائية، لأن كل ذلك لا يقوم إلا على توارث الأفكار، والاقتباس الأعمى، والقناعات الجاهزة المتناقلة، التي لا يسندها منهج علمي، ولا يقرُّها منطق، ولا يقوم عليها دليل من الواقع . فما الخرافة في منطلقها إلا تعبير عن حاجات نفسية لاشعورية، أو تَقبُّل أعمى للإيحاء، أو تهيؤات وتصورات، أو عدوى اجتماعية، خِطابها لا يوافق عقلاً سليماً ولا تفكيراً قويماً، ومع ذلك نجدها مستشرية بين الناس، في سائر الأمم وعبر تعاقب الأجيال .
ويحتلُّ خطاب السياسة فيما أرى المرتبة الثانية بعد الخرافة من حيث قلة احترامه للعقل، فمحور السياسة ومنطلقها ومدارها وهدفها هو المصالح، مهما حاولتْ أن ترتدي عباءة الفضيلة، أو تتخذ من الخير لبوساً لها . لذلك فإنها حين لا تجد من العقلانية سنداً تلجأ الى مخاطبة العواطف، وتمارس الإدعاء والإفتراء، فتجدها تحلل وتحرّم، وتبدل الأسماء والمسمّيات، وتبرر وتفسر ما تشاء كما تشاء، دون أن تلقي للمنطق بالاً . وكثيراً ما تعتمد في خطابها وسعيها للإقناع على ضعف ذاكرة الشعوب، وتأثير الهالة في نفوس الناس، وتدني مستوى الذكاء الجمعي، وسيكولوجية الفرد في الركض خلف الجموع، وترسيخ وتعزيز قيم وأفكار واهتمامات ونبذ أخرى ومقاومتها، وعلى نحو يحدّ من التفكير السليم . والسياسة بخطابها هذا ليست قادرة على تضليل أفراد وفئات وحسب، بل طالما تمكّنتْ من تضليل أمم كاملة لأحقاب من الزمن، وهي على ذلك (أعني السياسة) نادراً ما تحترم في خطابها العقل، وقلّما يكون من ضمن اعتباراتها الصدق أو الموضوعية أو تحري الحقيقة .
وثمة خطاب آخر قليلاً ما تجده يحترم عقل المتلقي، وهو خطاب التسويق، وتحديداً الترويج بما فيه من دعاية وإعلان، لأن همّه الإقناع بالسلعة أو الخدمة، لكن ليس الإقناع القائم على برهان، أو على قياس أو استنباط أو استقراء منطقي، بقدر ما هو إقناع يبحث عن ثغرات ينفذ من خلالها إلى النفس البشرية، بأسلوب لَفْتِ الانتباه والتكرار والإيحاء وتوجيه التفكير نحو الانتقائية، وربط شكل المنتج واسمه بالرغبات والغرائز الدّفينة . إنه خطاب يبدو كأنما يبحث عن مغالطات المنطق ليقترفها، ولو أتيح له أن يمارس غسيل الدماغ أحياناً لما توانى عن ذلك، وربما يمكن لأساتذة علم المنطق (إذا كان هذا العلم مازال يُدَّرس) أن يجدوا في مضمون الدعاية والإعلان مادة جيدة لأمثلتهم على فساد الاستدلال وغلط القياس .
أما خطاب العلم، فهو دائماً الأكثر احتراماً للعقل، وتقديراً للتفكير السليم، ولا أقصد هنا بطبيعة الحال المعنى السطحي الضحل للعلم، حيث يفهم بعض الناس العلم على أنه إدراك الأشياء، أو تراكم المعلومات لدى الشخص، أو معرفته بمجال من مجالات الحياة، وإنما أعني بالعلم ذلك النظام الكامل القائم على منهج سليم من العقل والتجربة في التوصل إلى الحقائق وفهمها ووصفها وتفسيرها وصياغة قوانينها والتحكّم فيها والسّعي نحو الإفادة منها . أقصد ذلك العلم الذي انقلب بالتكنولوجيا إلى سيارة وطائرة وصاروخ وراديو وتلفزيون وكمبيوتر وانترنت وخلوي ولاقط للفضائيات، إنه العلم الذي تحوّل إلى أدوية وتخدير وتنظير وتصوير لجسم الإنسان، العلم الذي يرسم خريطة الجينات ويفك رموزها، ويستنسخ كائناً من خلية، ويزرع أنسجة، ويُنشئ خلايا جذعية ..
هذا العلم، بالمفهوم الذي تقدم، يحترم عقلك بالتأكيد، لأنه حين يخبرك مثلاً أن ثمة موجات من إشعاعات وجسيمات تنتقل عبر الأثير، ويحدّثك عن تردادتها وطولها وسرعتها وتوليدها وإرسالها والتقاطها، أو يحدّثك عن تحويل الصوت أو الصورة إلى شارات وموجات، فإنه (أي العلم) لا يستخدم أي مداخل نفسية لإقناعك بهذه الأمور غير المرئية، ولا يخاطب رغباتك الدفينة، ولا يرجعك إلى قوالب جاهزة ومتوارثة لتقتنع، ولا يستخدم أساليب الإيحاء النفسي، ولا يلجأ إلى ذوي التأثير والهالة والكاريزما لهذه الغاية، وإنما يقنعك بأمر تلك الموجات وأحوالها حين يُريكَ فعلها في الراديو والتلفزيون والرادار والهاتف الخلوي وسواها، وليس لك حينها إلا أن تقتنع، دون جدل وطول نقاش .
وبمناسبة هذا الحديث عن احترام العقل، فقد تذكرت حقيقة تعلمناها صغاراً، لا أذكر في البيت أو في المدرسة، وهي أن أسمى أنواع الاحترام وأهمّها هو احترام المرء لذاته، فمن احترم نفسه احترم الناس واحترمه الناس، ولعل هذا القول ينطبق أيضاً على العقل، فلو احترم كلٌ عقله من خلال تبني المنهج العلميّ في التفكير والحكم على الأشياء والوصول إلى الحقائق، إذن لما كانت ثمة خرافة ولا ضلالة ولا تعصّب ولا انغلاق ولا جمود في التفكير، ولتدنّتْ نِسَبُ العدوان والإرهاب والتخلّف إلى حد كبير .



منقول[/align]

[align=center]عزيزتي لميس صلاح





سلام العبيدي[/align]

[align=center]أشكرك جزيلا أخي سلام
وأشكر مرورك
لك مني كل الود
الحارة[/align]

صحيح فالجهل هو افة المجتمعات ...

والعلم هو خير دليل للانسان ..

وعليه يكون صلاح الامم ..

اختي لميس ..

شكرا على نقلك ..

لك ..

أشكرك جزيلا عزيزتي جرح العمر
وأشكر مرورك
لك مني كل الود