العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة العامة }{}< > واحة الزهـرة

واحة الزهـرة زهرة الشرق - غرائب من العالم - حوارات ساخنة - نقاشات هادفة - معلومات مفيدة - حكم - آراء - مواضيع عامة - أخبار وأحداث يومية من العـالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 15-07-08, 09:21 PM   #1
 
الصورة الرمزية وديعة الغالية

وديعة الغالية
خطوات واثقة

رقم العضوية : 10246
تاريخ التسجيل : Jan 2008
عدد المشاركات : 78
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ وديعة الغالية
مشاركة القمر الأخضر:أشواك الحب


أشواك الحب
تقدمها : زينات إبراهيم

القمر الأخضر

تعود علي أكل الظهيرة البارد.. قطعة دائما من الجبن لا تنفذ أبداً وإذا تحسنت الظروف كانت هناك بيضة فوجبته الأساسية كانت في المساء عندما تعود أمه وتفتح لفة الطعام التي أحضرتها معها.. طعام يختلط فيه كل شئ... الخضار بالأرز والمكرونة بقطع اللحم الصغيرة المشبعة بالدهن.. ويجلسان سويا يتناولان طعامها دون أن يتبادلا كلمة واحدة.
تعود أمه متعبة كل مساء لدرجة تجعلها غير قادرة علي الكلام معه.. تتجنب الحديث معه حول كل شئ فكثيرا ما كان يسألها لماذا تركهما أبوه يواجهان مذلة الفقر والحاجة والخدمة في البيوت لكنه لم يجد الإجابة الشافية فأخذ يقنع نفسه بأن أباه سافر في قطار إلي نجمة حين مل الدنيا وكان يستيقظ في الليل ويخرج إلي الشرفة الصغيرة باحثا بين النجوم عن نجمة مضيئة أكثر من غيرها إلي أن عثر عليها فيقضي ليلته في مناجاتها كي تعيد إليه الأب الغائب.. وكان يرسم طائرات ويحلم بركوب إحداها ليسافر إلي تلك النجمة ويعود برفقة أبيه.. لكن النجمة اشتعلت ذات ليلة وهوت إلي الأرض فصرخ مذعورا ولم يعد يحب الليل ولا النجوم!
ظل الصغير يحاور أمه حول رحيل أبيه حتي أعطته عنوانه فأحس بفرح طاغ وذهب إليه.. وحين ذهب استقبلته امرأة غريبة بتكشيرة غاضبة وأمعنت في ازدرائه واذلاله علي مرأي ومسمع الأب الذي لم تهتز شعرة في جلده فهرب إلي الشارع.. وعندما عصر الجوع أمعاءه امتدت يده وسرق لكن الشرطي الساهر علي أمن الناس وحماية ممتلكاتهم قبض عليه بتهمة سرقة رغيفين خبز لا أكثر!
لأول مرة يدخل عبدالله قسم الشرطة.. تتعثر خطواته وسط الزحام الشديد.. أنماط مختلفة من البشر فهناك المجرمون وهناك المدعون والمدعي عليهم.. الظالمون والمظلومون والمعتدون والمعتدي عليهم.
مرت لحظات كالدهر حتي جاءت أمه ووقفت أمام ضابط المباحث تعرض قضية ابنها بانكسار وحقد فهو ضحية من ضحايا المجتمع.. ضحية جناية أبيه البشعة.
ليلتها ارتمي في حضن أمه يرتجف حتي غلبه النعاس وغرق في أحلام النوم.. رأي وجوهاً صفراء باهتة تتناثر حوله كأوراق خريفية ميتة فقد توافد الفقراء الجياع إلي الشاطئ يرمون شباكهم في البحر وهم يتوسلون وجبة عشاء تسد جوعهم فإذا بالبحر يقذف اليهم بأسماك كثيرة فأيقن أن الله يحب الفقراء لكن رجلا يمر بهم في طريق العودة يهددهم بسكين ويغتصب منهم عطايا الله والبحر.
ثم رأي نفسه يذهب صوب القمامة يفتش فيها عما يسد جوعه فيعثر علي فانوس يذكره بمصباح علاء الدين.. يفرك عبدالله الفانوس فيأتيه المارد الجبار صائحا أن يطلب ما يشاء ليحقق له أمانيه!
طلب الصغير رغيف خبز وكأنما سخر منه المارد فتحول مرة أخري إلي سحابة دخان راحت تصغر وتصغر إلي أن غابت داخل الفانوس الذي اشتعل فجأة وتحول بلمحة بصر إلي رماد!
استيقظ عبدالله من نومه وفي نيته أن يخبر أمه بأن مصباح علاء الدين أصبح هذه الأيام عاجزا عن إحضار ولو رغيف خبز لكنه سرعان ما أدرك بحدسه الغريزي أنه ليس المارد هو الذي يعجز عن إحضار رغيف خبز وانما هو الفقر الذي سحقه إلي درجة أن جعله عاجزا عن التصرف في حضرة المارد.. تماما مثلما أن الله يظل يحب الفقراء كما أن الطبيعة ما تزال علي عهدها بسخائها وعطائها لكن الظلم الاجتماعي يسلب الفقير ما يمنحه إياه الله وما تجود عليه به الطبيعة.
الفقراء والكادحون ليس لديهم إلا جهدهم وأحلامهم بحياة أفضل.. يناضلون في سبيل العمل والقوت ومطاردة البؤس.. يبحثون عن كرامتهم المهدرة في طوابير الخبز الممتدة في حواري المدن وأحراش الريف حتي الموت.. ثم يموتون موتا بسيطا هادئا وبشعا كحياتهم دون أن يدري أحد.. بينما الفضائيات تبث عشرات الحكايات والأخبار عن استغلال أقوياء المال والنفوذ والسلطة للطبقة المستضعفة.. الرأسمالي المحتكر الذي يتنعم بتعب غيره فيلهو ويمرح وينفق ببذخ ثم يتحدث ببراءة الاطفال عن تاريخ ثروة العائلة ونضاله الطويل لحماية الصناعة الوطنية.. وهذا الذي يوظف قرابته للمسئول لصالحه فيترقي في سلم المناصب بسرعة الصاروخ.. والمحسوبية والرشوة في وزارات الدولة والأجهزة الحكومية وصعود المنافقين والوصوليين واضطهاد العمال المخلصين المنتجين الذين أصبحوا في أسفل السلم حينما سلبوهم ملكية وسائل الانتاج ليجعلوا منهم طبقة العبيد تخدم الطبقة المستفيدة.. والفساد الذي ترك هؤلاء ينهبون قوت الشعب ويغتصبون أراضي الدولة يقيمون عليها القصور والفيللات والبحيرات دون حسيب أو رقيب.. وفضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة لأبناء المسئولين وعجز المؤسسة التعليمية عن تبرير واقع التعليم المأزوم.
والحكومة لا تزال عاجزة عن اصلاح الواقع المضطرب في ظل وزارات تقودها شخصيات مسطحة سياسيا.. تعاني بعضها من عقدة تضخم الذات التي تجعل المسئول عاجزا عن الالتحام بواقع البسطاء والاقتراب منهم.. شخصيات تجمدت حتي كأنما لا ذاكرة لها فهي لا تستفيد من أي خبرة سابقة في مواجهة موقف جديد تماما مثل السندباد.. انه لا يتعظ من تجربته في رحلته السابقة ولا يتخذ أية حيطة لرحلته المقبلة ولذلك فانه ما يلبث أن يلقي مخاطر مشابهة لما لقيه في رحلاته السابقة ومع ذلك فهو يعود إلي ماكان مصدر خطر عليه.
الحكومة تنذر سياساتها بشئ يشبه الإنفجار حتي التمزق فقد ضاقت صدور الناس حتي كادوا يختنقون من تحت ثيابهم بما تفرضه من ضرائب جديدة وأعباء مجحفة طالت فواتير الماء والغذاء والكهرباء والتليفونات.
توجهات الحكومة تجسد واقع الازمة الاجتماعية.. البطالة والفقر من جهة والترف والبذخ في الجهة الأخري ففي ظل تزايد عدد السكان زيادة رهيبة بحيث ازدحمت المدن بل حتي القري ومانتج عن هذا الزحام من أخلاقيات جديدة في مقدمتها التنافس الذي قد يبلغ حد الجريمة وقيد حرية الانسان في أولويات حياته كاختيار المسكن وحتي الوقت لأن غيره يزاحمونه فيهما وعليه إما أن يتركها شاعرا بالعجز والغربة وإما أن يبذل جهدا نفسيا وربما عضليا ووقتا ومالا من أجل الحصول علي بعض وليس كل ما يتصور أنه الحد الأدني لما يحفظ كرامته الانسانية.
في الوقت نفسه تتزايد سطوة الأثرياء وأرصدتهم وممتلكاتهم بل يتحولون الي استعمار جديد.. ينهبون قوت الشعب والبيوت الآمنة.. يحتلون الأرض والبحر ويحرقون القمر الأخضر وابتسامات الأطفال وينثرون الغضب والحقد علي الأبواب والنوافذ وفي الطرقات والينابيع والحدائق والأنهار.
استعمار داخلي جديد أصبح بمثابة الدولة داخل الدولة.. يشكل الطبقات وليس الطبقات هي التي تشكل الدولة.. يمنح الغني والثراء للقلة ويحرم عامة الناس قادر دائما علي حسم الصراعات لصالحه بأيدي متسلطة تحرص علي حماية نفوذها ومصالحها أشد الحرص فتشكل طبقة عازلة بين مركز السلطة ومتطلبات الشعب.. يساعد علي ذلك تراجع كل ما يتعلق بمتابعة النشاظ الأدبي والفني وما يعرضه التليفزيون والفضائيات من برامج ثقافية تعكس تدهور النظام التعليمي السائد!
ابن خلدون لفت انتباهنا إلي العلاقة المباشرة بين الأدب والتعليم وكيف يرتبط ضعف الحياة الأدبية بضعف مستوي التعليم حيث تلعب المدرسة دورا هاما في تكوين الميول الثقافية التي تغرسها في نفوس الأطفال والشباب.
مدارس الزمن الجميل تخرج منها كتاب وأدباء الملاحم والمقامات.. أحمد شوقي وعزيز أباظة وتوفيق الحكيم وغيرهم ممن فجروا الأفكار الخالدة من الحياة نفسها كما هي وكما يجب أن تكون.. عاشوا مع الناس في حياتهم اليومية في الشارع والحقل والمصنع ومع الطبقات الكادحة ورسموا ظلال كل شيء من غير اسفاف بالمثل ومن غير استهتار بالمبادئ والقيم الحياتية والجمالية معا!
أدب رائع صريح شارك في اصلاح المجتمع من مفاسده وعيوبه الخبيثة.. اصلاحات سياسية واجتماعية وانسانية تركزت علي فكرة المساواة وعدم القبول بالتفاوت الطبقي الصارخ وتوظيف الدين لخدمة أمور الحياة اليومية بعيدا عن التجهيل والتخويف والمواعظ السطحية والنفاق الاجتماعي الذي يمارسه بعض رجال الدين وهم يعيشون بأقوالهم في واد وبأعمالهم في واد آخر.
أدب رائع صريح يعلي من مفهوم الانصاف قبل العدل فربما تحمل العدالة معني العقاب والانتقام في حين أن الانصاف يحمل معني احقاق الحق مع الحب والتسامح والغفران ويهدهد أحزان الفقير البائس الذي تطحنه الظروف القاسية وأينما يذهب وتدور عيناه لا يجد شيئا.. فقط السماء منبسطة باسمه يقطر منها السلام.. والأرض تزدهر بالأشجار السامقة ترقص في نشوة علي أنغام وشوشات الطيور.. واطفال صغار ينشدون الانصاف والعدل والمساواة ويحلمون بعيون مفتوحة بمن يحطم امبراطوريات الفساد والاحتكار بلا حقد ولا رحمة.


توقيع : وديعة الغالية





وديعة الغالية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-07-08, 01:53 AM   #2
 
الصورة الرمزية حبىالزهرة

حبىالزهرة
المراقب العـام

رقم العضوية : 1295
تاريخ التسجيل : Oct 2003
عدد المشاركات : 29,780
عدد النقاط : 263

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حبىالزهرة
رد: القمر الأخضر:أشواك الحب




الحياة لم تعد تلك الحياة ، فحياة الأمس
حب ووفاء وتعاون بين أفراد المجتمع
حياة اليوم تجردت فأصبحت بلا مبالات

اللهم احشرنا في زمرته واجعلنا ممن فاز
بشفاعته وائتمر بشريعته واهتدى بسنته
واقتدى بصحابته. اللهم أوردنا حوضَه وأرِنا
وجهه ولا تحرمنا شفاعته واجمع بيننا وبينه
وديعة الغالية شكرا لك هذا النقل وتقبلي تحيتي




توقيع : حبىالزهرة

الصدق في أقوالنا أقوى لنا
والكذب في أفعالنا أفعى لنا


زهرة الشرق .. أكبر تجمع عائلي

حبىالزهرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأخضر:أشواك , الحب , القمر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
"قــــــــــالــــو عـــــــن الــــــحـــــــب" albasel واحة الزهـرة 6 20-04-09 10:59 PM
مستويات الحب : نهى على واحة الزهـرة 7 06-07-08 02:49 PM
الحب قبل الزواج حلال ام حرام؟ جنان الحياه حواء وآدم 4 06-03-08 03:32 PM
أعظم الأقاويل عن الحب من أشهر فلاسفة العالم والكتًاب لميس صلاح أوراق ثقافية 6 26-01-08 10:52 AM
الحب حنين الشوق واحة الزهـرة 8 17-02-03 12:34 AM


الساعة الآن 06:47 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)