ذكريات من عمر الحياة

[c]بسم الله الرحمن الرحيم[/c]

[c] ذكريات من عمر الحياة .. الجزء التاسع عشر [/c]

و بعد ........

تفضلوا بقبول الجزء التاسع عشر من القصة

هدء سامي و تبادل الحديث لنصف ساعة مع أمه الحبيبية و من ثم ودعها بعد أن نال رضها و دعائها و توجه عائداً لمكانه منشغل البال بالحديث الذي لم تتحدث به والدته و الذي شعر به يحزن قلبها ...

دخل سامي مرةً أخرى إلى الفناء الداخلي للسجن و أختلى بنفسه متسائلاً متعجباً متأملاً مسترجعاً لك ما حدث معه من أحداث طويلة و غريبة و بنفس الوقت كان مرةً حزيتا و مرةً مبتسماً كلما رأى وجه أمه الحبيبة في تأملاته ، و لكن ما كان يدور في عقله و يشغل باله هو ذاك الصمت الغامض الذي شعر به بين نظرات امه المسكينة حين كانت تحدثه و تنظر إليه بغرابة تحمل في مكنونها سراً لم تبوح به لولدها لسبب ما .
بعد أن دخل سامي بين السجناء مرةً أخرى بدء يحدثهم و يتسامر معهم بهذا و ذاك ليتناسى أفكاره و قلقه و أستمرت أيام سامي بينهم طويلة سوداء كان ينيرها بكلمات الله عز و جل و التضرع له سبحانه . و كان يأم المصلين في كل صلاة و قد بدء يعد الخطب ليوم الجمعة حتى يتسنى للجميع بصلاتها و كان جيداً في ذالك ، و في كل صلاة جهراً كان صوته بالقرآن يتردد في كل أنحاء السجن لتخشع لكلمات الله جميع من يسمعه .
و في يومِ من الأيام و كما كانت العادة بعد صلاة المغرب تذاع أسماء المطلوبين للمحاكمة في اليوم التالي و من بعدها أسماء المطلوبين للمغادرة من السجن لم يكن سامي يستمع لتلك الأسماء فقد مل الأنتظار ..
فجأة سمع الجميع و كل من في السجن أسم ســـامي يذاع في قائمة المطلوبين للمحاكمة و حقاً أنه لأمر مضحك أي محاكمة تلك بعد أن توضحت الصورة و أي محاكمة تلك بعد أن قضى في السجن السياسي سنة و شهر و تسعة عشر يوماً و في السجن العام حتي يوم طلبه للمحكمة كان قد مر عليه عامٌ و أربعة أيام تخيل عزيزي القاريء ها نحن قد تجاوزنا السنتين من عمر هذا الشاب الذي بلغ من العمرعشرون عاماً في ذلك الظلم و القهر .

عندما سمع الجميع أسمه في قائمة المطلوبين للمحاكمة تعالت الصيحات و الفرحة بينهم كثيراً فقد كان الجميع قلقاً عليه و خائفاً من أن يكون حكمه الإعدام أو ما شابه لا سمح الله فكما تعلمون أنه قد قيل عن سامي أنه مجرم خطير ... عندها ذهب الجميع لسامي و أخذوا يهنئونه و يباركون له و كان منهم من يعطيه التعليمات للتعامل مع القاضي و النصح و ما إلى ذلك من ملاحظات من أهل الخبرة كما يقولون ...
توجه سامي بعد أن عاد الهدوء نسبياً بعد أن صلى بهم صلاة العشاء ليختلي بنفسه قليلاً ، حاول التركيز و التفكير عميقاً بكل ما حدث معه بكل ما رأى كان صامتاً ينظر حوله و يرى الجميع و هو يتحدث و يضحك و بعضهم حزين و الأخر غارق في تفكير عميق ... قام سامي و أخذ يسير مفكراً حتى قاطعه أحد السجناء يطلق عليه لقب الوحش و ذلك لضخامة جسده و شراسة وجهه و قال له ساخراً مرحبا يا .... سيد زعيم نظر إليه سامي متعجباً لنظراته الساخرة و متسائلاً في نفس الوقت مما يريده و قال له أهلا يا ... سيد وحش تفضل قل ما عندك .. قال له ليس عندي الكثير فإن لم تكن تعلم فأنا أقدم من هنا فلي في هذا المكان ثلاثة و عشرون عاماً و والله أني لأعلم من أنت و أعلم قصتك بالكامل فلست زعيماً للشر و لم تكن يوماً زعيماً له بل أنت زعيم الخير و كل الخير في هذا العالم فأنت أطهر و أطيب مما يمكن القول بل أبسط الموجودين ..نظر إليه سامي متعحباً مستغرباً و قال : و كيف تعلم ذلك ..؟؟ !!! قال له صدقني لقد علمت ذلك من أول نظرة رأيتك فيها أنت مســـكين حكم عليك الزمن و ظلم البشر لتكون في هذا المكان الموحش لكن صدقني يا سامي أن صفاء قلبك و إيمانك قد أعطاك الكثير من الصبر و القوة لتتحمل أكثر من طاقتك بكثير و تأكد يا ... أسمح لي أن أقول لك ولدي ؟ ، هز سامي برأسه موافقاً مبتسماً و قال له تفضل .. فقال يا ولدي لقد راقبتك أياماً و شهورا و أني والله من الذين تأثروا بإيمانك و شخصيتك القوية و قد عشت هنا سنين طوال لم يؤثر في أياً كان حتى رأيتك و صليت خلفك و حفظت القرآن معك يا والدي باركك الله أنت مبتلى و أن الله إذا أحب عبداً أبتلاه فأصبر و ما صبرك إلا بالله العلي العظيم ... و أريد منك أن تعلم أن المحاكمة التي طلبت لها غداً هي شكليه ...قاطعه سامي و ماذا تعني بشكليه ...؟؟ !! فقال له أي أنها معد مسبقاً و بحكم جاهز لكي تكون مبرراً لإحتجازك كل هذه المدة ..

فكر سامي قليلاً و قال هل هذا يعني أنني سأخرج بعد هذه المحاكمة و يطلق سراحي ....؟؟
رد عليه الوحش ساخراً و قال ليس بهذه السرعة يا ولدي فهنا الأنظمة ليس لها بالعدل صلة قرابة ... بل أنك سوف تُحكم و تعود إلى السجن لتنتظر وصول أوراقك مرةً أخرى من المحكمة إلى دائرة السجن لينظر فيها و من ثم يطلق سراحك ، و بالطبع وصول الأوراق لا يأخذ يوماً أو يومين بل أنه يصل في بعض الأحيان إلى أربعة أو خمسة شهور حتى لو كان حكمك هو شهراً واحداً ...
تعجب سامي مما يقوله الوحش و لكنه لم يشأ التعليق أو التفكير بالأمر بل دفعه فضولها و إستغرابه ليسأل الوحش عن سبب سجنه كل هذه الأعوام .. فقال له هلا جلسنا يا وحش أريد أن أتحدث معك قليلاً .. قال له الوحش أعلم بماذا تريد أن تحدثني ... قال سامي و كيف علمت ... ؟!! قال له لقد راقبتك و أنت مفكر و باحث في طبعك و لديك فضول جيد و ليس سيئاً كما البعض و لكن يا ولدي بإختصار شديد كان لي صديق و كنا كما الأخوة و في يوم من الأيام تشاجرنا و كان الشجار عنيفاً و صدقاً و بدون أي مبالغة لم أقصد أن أضربه على رأسه بل أنه كان خطأً غير مقصود ... قاطعه سامي و قال له لقد مات بسبب تلك الضربة ...؟؟ رد عليه و قال نعم يا ولدي و لكن صدقني أن ألمي ليس بسجني و لا حتى أن أعدموني و لكني أفتقد صديقي كثيراً و سقطت دموعه بحرقة لتأكد صدقه ... و لا يلا فظاعة دمعة العين من رجل بسنه يعيش الموت بين لحظة و أخرى ...
توقف سامي عن الحديث و وضع يده على كتف الوحش و قال له ممازحاً أتقول عني لست زعيماً و أني لأقسم أنك لست وحشاً و لم تكن يوماً بل أنت أنسان بكل المشاعر و الأحاسيس .... حماك الله يا عم و فرج همك و أزال غمك و أحتسب لك الأجر بالأخرة دار الخلود ...
أنهى سامي كلماته تلك و وقف قائلاً أسمح لي يا عم سأذهب الآن و سأراك مرة أخرى سلام ..
عاد سامي لمكانه متأملاً بما يرى من عالم و أناس لكل منهم قصةٌ هي الأغرب و أستذكر القول الذي يقول "من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته" ..
جلس سامي يستقرأ كلمات الله عز و جل بصوت ضعيف حتى قاطعه البرنس و الذي لم يعد أسمه البرنس بل أصبح عبد الحكيم فقال له ها يا زعيم مابلك منشغل البال فضرب سامي كفه بكف صديقه التائب و أجلسه بجواره و أخذا يتحدثان عن حالهم و يتمازحون ببعض الأمور ، قاطع سامي عبد الحكيم بمزاحه قائلاً لو سألتك سؤال و أردتك أن تجيبني عليه بشكل مباشر و دون تنميق أو تزييف هل ستفعل رد عليه عبدالحكيم بدون تردد والله لو كذبتك على كل خلق الله فعليك لن أفعل اسأل يا صديقي ...
قال له سامي سؤالي يا عبدالحكيم ما رأيك بالناس ...؟؟؟ ضحك عبدالحكيم بشدة عند سماعه السؤال و قال له يا رجل أوقعت قلبي حسبت سؤالك عن أمر أخر أكثر تعقيداً .... لكني وعدتك بالجواب و هو لك ... أسمعي يا صاحبي الناس أجناس منهم من عاش بلا أساس و منهم من كان عديم الأحساس و منهم من حكمه الوسواس الخناس و منهم من قال الله أكبر و العدل هو الأساس و خير الناس أوسطهم و لا حل و لا منحل بل كُن كما خلقت من الأساس ...
ضحك سامي كثيراً و صفق بقووووة و هو يقول الله الله الله يا عبد الحكبم لقد أصبحت حكيم ...
ضحك الأثنان معاً و قال له عبدالحكيم أحم أحم أحنا يوم نريد أن نقول نقول بقوة .. و غمز بعينه لسامي و قال له هيا نذهب للعشاء حتى تستطيع النوم مبكراً لكي تقوم الليل و تدعو الله عز و جل يهون عليكي ما ينتظرك غداً .
و أتى صباح يوم المحاكمة ... و بالطبع كان سامي مستيقظاً من صلاة الفجر و منتظراً وقت الذهاب للمحاكمة ..
عند الساعة السابعة صباحاً بدء السجناء يخرجون لوضعهم في السيارات المتوجه للمحكمة و كان أخرهم سامي .
عندما تحركت السيارات المخصصة لنقل السجناء كان بها بعض الفتحات الصغيرة التي يمكن أستراق النظر منها للعالم الخارجي و رؤية الناس و الطرقات و حركتهم و التمتع بنور الشمس يملاً الدنيا ... فتستنشق هواء الحرية و تشعر بروعة الحياة ... من خلال هذه الفتحات كان سامي يراقب الدنيا بحزن عميق و حسرة على ما آل إليه حاله ..
وصلت السيارة إلى مبني المحكمة و بدء السجناء بالنزول و من بينهم سامي الذي كان يتتمتم بالأدعية و الآيات القرآنية داعياً المولى عز و جل أن يخفف عنه ما ينتظره ....
وضع السجناء و هم مكبلين زوجياً كل أثنين مع بعضهم بغرفة ضيقة و كان يأخذونهم واحداً تلو الآخر للمحاكمة حتى حان دور سامي فتوجه إلى احد الغرف ليمثل أمام القاضي ... متوقعاً أن تكون المحاكمة كما يجب أن تكون ، لكنه صدم بالقاضي لا ينظر إليه حتى و خلال ثواني معدودة قال له لقد حكمناك بأربعة أشهر سجن و ستون جلدة على الظهر فهل أنت راضي بالحكم أم لا يا هذا عندها غمزه العسكري المرافق له و قال له وافق فأنت قد قضيت أضعاف الحكم و الحكم يحتسب من أول يوم تم توقيفك فيه .. و بدون تردد وافق الصغير نظراً لرغبته بالخلاص و عند سؤاله عن ذنبه رد عليه القاضي و قال إن ذنبك هو الخلوة الغير شرعية ... وقع سامي على الحكم مجبرٌ أخاك لا بطلُ .. و عاد إلى الغرفة منتظراً إعادتهم إلى السجن مرةً أخرى ...
أنتهت المحكمة و صعدوا إلى سيارة السجن عائدين إليه ...و عند وصولهم أستقبلهم الجميع متسائلاً عن أحكامهم و كان الحديث متشابهاً بين الجميع و لكن صغيرنا كان يفكر بما يحدث ... و بدء يقول حسبي الله و نعم الوكيل و أقترب منه الوحش و غمز له بعينه و قال هل صدقت أم لا ...؟ رد عليه سامي مبتسماً و قال أنك ذو خبرة و كما قلت أنها محاكمة شكلية ليس لها بالعدل صلة قرابة و لا حتى زمالة و ضحك الآثنين معاً و قال له الوحش و لكن بكل الأحوال فقد أقترب الفرج ذهب الكثير و ما بقي إلا القليل ... هز سامي برأسه حزيناً و أنصرف إلى غرفته ليجد عبدالحكيم نائماً و بدء يمازحه و يقول له قم قم كفاك نوم هي لقد عدت و أنا جائع و متعب و أريد أن أتحدث معك هيا ، أستيقظ عبدالحكيم و نظر لسامي و قال ها يا زعيم ... قل لي كم كان حكمك يا مجرم يا خطير .. رد عليه سامي و قال أحم أحم بالواقع لقد كان حكماً مخففاً فبدل أن يكون أربعون سنة حيث أنني أرتكبت جرماً خطيراً و جديداً في عالم الإجرام يسمى الخلوة الغير شرعية فقد حكموني أربعة اشهر و ستون جلدة فقال له عبدالحكيم كم أنت مجرم يا زعيم خلوة غير شرعية يا الله كم هو بشع هذا الجرم و مشين و ضحك كل منهما و قاما متوجهين إلى دورات المياه و هما يتمازحان ...
عند الغداء مر الوحش على غرفة سامي و هز إليه برأسه و قال له يا ولدي لك زيارة بالخارج ... نهض سامي سريعاً فرحاً فهو في أمس الحاجة لتلك الزيارة و كان متوقعاً أنها من الأهل لأنه من المؤكد أنهم علموا أنه تمت محاكمته اليوم و يريدون معرفة ما حدث ، توجه سامي مباشرة إلى البوابة و فتحت له أحد العسكر و أخذه إلى مكتب الضابط ليجد شخصاً لا يعرفه يجلس في مكتب الضابط .. مظهره جميل و أنيق و عندما أقترب قال السلام عليكم فرد عليه ذالك الشاب و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
كيف حالك يا سامي رد عليه بخير و الحمد لله و لكن من أنت فقال له أنا خطيب أختك أنا الدكتور نبيل يا سامي و أسف أن يكون التعارف بيننا في مثل هذه الظروف و هذا المكان و لكن مشيئة الله .. أرجوك طمئني عنك و عن أحوالك لقد علمنا انك قد ذهبت للمحاكمة اليوم و أن حكمك قد كان أقل من فترة توقيفك مما يعني أنه بمجرد وصول أوراقك سوف تخرج من هنا .. رد عليه سامي و قال له نعم يا دكتور إن شاء الله و كان سامي سعيداً جداً و هو يتحدث للدكتور نبيل الذي كان وجهه يمتلأ بالطيبة و الرقي ..

............. يتبع ...........

مع بالغ شكري و تقديري.........

[ALIGN=CENTER]قريباً جداً ... الجزء العشــــرون

في هذا الجزء سيعرف سامي السر الذي كانت تخفيه عيناي والدته

و سيكون أمامه مصير جديد جداً

تابعوا معنا ...

إلى لقاء قريب ...

مع خالص [/ALIGN]

هلا والله ......

مشكووور اخوي ..... و زين انك ما طولت لانه الفضول كان ذابحني ...

شكرا جزيلا لك اخي على تفاعلك السريع

و ننتظر الجزء العشرين والتطورات بفارغ الصبر

الفاضلة دوماً ...... سواري

بالغ التقدير و الإمتنان لحُسن المتابعة و روعة التواجد

دمتِ سيدتي ...

مع خالص

سنتظر

تحيتي

الأخت العزيزة .......شهد ع

تحية طيبة .....و بعد

كل الشكر لكِ على دوام المتابعة

و قريباً سيكون الجزء العشرون

مع خالص ...

السلام عليكم
بصراحة ساتغيب عن المنتدى لفترة

واتمنى ان اعود فاجد الذكريات اكتملت

بارك الله فيك

أختنا الغالية ....... حياة

تحية بعبق الورد ...... و بعد

أشكركِ كل الشكر على دوام التواصل و حُسن المتابعة

و سأعود بالجزء العشرون غداً أنتظريني ...

مع خالص ...

[ALIGN=CENTER]
كم سرني متابعتك للحكاية ..

احيك بقوة ..

ونحن بالإنتظار [/ALIGN]

:pcring:اشكرك كتير على القصة الجميلة بس انا تعبت وعايزة اعرف النهاية ماليش دعوة حرام عليك معذبنا معاك كده يعنى ارحمنا وقولنا النهاية علشان نرتاح ولا انت شكلك مش عايز تريحنا صح عايز تتعبنا وتدوخنا وراك بس ولا يهمك وراك وراك لحد النهاية وتسلم ايديك وتسلملى وسلامىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى لك