استاذ بعرور في بدايه الدراسه!

[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]كان هذا الحلم الوردي الجميل يراودني وهو أن أحقق حلما وأملا أعمل وأجتهد من أجله وأكون حاجة في يوم من الأيام أنفع نفسي وأنفع بلدي: آخد الماجستير والدكتوراه ولكن...........

قبل أن أدخل ويصدمني الأستاذ الفاضل "ويذلنا" عاما كاملا من الأشغال الشاقة والتعنت والذل والتحكم في النفس، وهو عام تمهيدي الماجستير، كان الحلم ورديا وجميلا....

أتذكر أول يوم ذهبت فيه إلى الكلية لأحضر أول محاضرة بالنسبة لي وثالث محاضرة بالنسبة لزملائي كانت تغمرني مشاعر الفرحة وأنا أشاهد لافتات على المكاتب تحمل أسماء الأساتذة كنت أتخيل اسمي على إحدى هذه اللافتات وجاء ميعاد المحاضرة ودخلنا مكتب الدكتور "بعرور"، وجلسنا ولم يرحب بنا وبدا على وجهه الوجوم الشديد، وتكلم وقال: هيا بنا نأخذ الغياب ونادى كل الأسماء ولم ينادِ اسمي، فقلت له: وأنا يا دكتور، فقال: لماذا لم تحضر من أول محاضرة؟ فقلت له: أنا أعمل في إحدى شركات القطاع الخاص الذي لا يرحمنا؛ ظنا مني أنه سيقدر ذلك، فقال لي: ابقى خلي الشركة تنفعك، لو لم تحضر كل المحاضرات بلا استثناء فلن تدخل الامتحانات، فلما قاطعته: يا ريت يا دكتور يكون الميعاد يوم الإثنين كما حددته الكلية، فرفع صوته غاضبا مني، واضطجع للخلف وقال بعنجهية: أنا لا أحضر إلى الكلية إلا في هذا اليوم، ولو لم يعجبك ابقى خلي الكلية تنفعك، فكظمت غيظي وسكتُّ كما سكت كل زملائي فأنا كنت لا أعلم النظام، واستطرد بعدها في الكلام قائلا: أنتم جايين هنا ليه، ابقوا قابلوني إن نفعتوا!! أنتم فاكرين الحكاية بالساهل؟!، لازم تدوقوا الذل وتشوفوا النجوم في عز الظهر!! وكأنه استكثر علينا أن نكون من الباحثين، وأن نصبح يوما ما نحمل شهادة الدكتوراه ونحن نعلم أن الموضوع ليس سهلا لكن لم نكن نعرف أنه وصل لهذه الدرجة من السلوكيات غير الآدمية، وقد حدث ما قال، وورانا النجوم في عز الظهر...

ومرَّت الأيام، وفي يوم طلب منا عدة أبحاث فقلت له: يا دكتور خفف عنا كفى بحث واحد علينا، فنهرني وقال لنا: أنا لا أجبر أحدا على الأبحاث اللي عايز ينجح يعمل كل الأبحاث.. أنتم جايين تلعبوا ولا إيه؟، وأخذنا هذه الكلمات ولم ننطق، وبالنظر إلى الموضوعات المطروحة ومقارنتها بالمشروع الذي يعمل هو فيه وجدناها لا تخدم إلا هذا المشروع وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وأنهى أحد الموضوعات التي يحدثنا عنها في يوم من الأيام، وقال: إن الموضوع القادم هو كذا، ففررت في الكتاب فلم أجده، فقلت له: يا أستاذنا -كنوع من النفاق- هذا الموضوع ليس في الكتاب.. فأجاب: هذا الموضوع في كتابي الذي نشرته في دار نشر كذا، فقلنا جميعا له: خفف عنا يا أستاذنا، فقال: لا لابد لمن يتعلم أن يدفع كل غالٍ وثمين كي يتعلم، فقلت: الظروف غير مواتية، فقال: اترك التعلم ولما تقدر عليه ابقى تعالى واتعلم، فلم نتحدث وفوَّضت أمري إلى الله وساعتها عرفت من أين تؤكل الكتف لا بد أن ننافق لكي نستطيع التعامل معه، واشتريت معظم كتبه، وقلت له هي أحسن ما في هذا الموضوع -وهي عكس ذلك- فردَّ علي وقال: أعلم ذلك، ولهذا أردت منكم أن تستفيدوا منها.

وعندما نأتي للاستفادة والتعلم تظنون أنه بكل هذه الصرامة يفيدنا ويعلمنا ولكن هيهات، فكل إناء ينضح بما فيه، ولم نتعلم منه شيئا غير النفاق، يقول: الموضوع بعنوان كذا، في كتاب كذا، ولا يشرح شيئا، هذه هي كل المحاضرة، ثم يشرع في الحديث عن نفسه فيقول: أنا كنت في إحدى الدول العربية، وقابلني الناس بحفاوة بالغة، وأقاموا لي احتفالات، وكنت أفعل كذا، وقابلت فلان ابن فلان وكنت في شبابي أفعل كذا وكذا وأنا السبب في هذه النهضة في هذا المجال، ويتحدث طول المحاضرة -التي حرص على أن نحضرها- عن حاجات ليس لها علاقة بالمنهج، وبناء على مبدأ النفاق الذي تعلمناه نقول له: حضرتك ممكن تعمل قصة كفاحك دي رواية وهتكون مثال لكل مجتهد، ونحن نعلم أن نصفها إن لم تكن كلها كذب وافتراء ونصب علينا.....

وفي يوم من الأيام ذهبنا إلى الكلية فوجدناه قد غيَّر الميعاد قبلها بيوم، ولم يعرف أحد منا لنذهب فنجده قد أنهى المحاضرة ولم يحضر منا أحد إلا المعيد الموجود في الكلية ليل نهار، ونسأله، فيقول: أنا علقت ورقة أمس بتغيير الميعاد، فنقول له: نحن لا نأتي إلى الكلية إلا في هذا اليوم، فيقول: لا بد لكم لكي تتعلموا أن تأتوا كل يوم إلى الكلية وتتفرغوا للتعلم، يبقى المفروض نشمّ على ظهر إيدينا عشان نعرف الميعاد أو نبقى منجمين ونضرب الودع عشان نعرف نرضي الدكتور "بعرور"، والمفروض نسيب عملنا ونأكل الرمل والزلط عشان نقدر نرضيه.

وبعد ما يحصل كل هذا ونذاكر ونتعب وندخل الامتحان نجد النتيجة: لم ينجح أحد أو نجح اتنين ولاّ تلاتة من 20 واحد وممكن يكونوا لهم معرفة ولا حاجة يعني تبعه أو تبع حد هو يعرفه.. ده لو كان في حد يعرفه أصلا!

م ن ق و ل[/grade]