العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة الثقافية }{}< > شخصيات وحكايات

شخصيات وحكايات حكايات عربية - قصص واقعية - قصص قصيرة - روايات - أعلام عبر التاريخ - شخصيات إسلامية - قراءات من التاريخ - اقتباسات كتب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 22-04-09, 01:59 PM   #1
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


(١)
عن قرب.. حكايات مع الشيخ الشعراوى )1 ـ ٤)

يرويها محمد بدر



سألنى فضيلة الشيخ الشعراوى ونحن جلوس فى شقته بحى الحسين بالقاهرة: عن أى العُصاة تتحدث؟
وأجبته: عن بعض أصدقائى يا مولانا..أبقى على صداقتهم.. أم أقاطعهم.. أم ماذا أفعل؟
عاد الشيخ الشعراوى ليسألنى: هل تحبهم؟ فأجبت على الفور: نعم يا مولانا أحبهم.
أردف الشيخ قائلا: وهم يحبون المعصية.. أليس كذلك.. و إلا ما فعلوها، فأجبته مرة أخرى: نعم هذا صحيح، فتابع الشيخ قائلا: يا بنى لا يدع المرء ما يحب من أجل ما لا يحب.. ثم تابع الشيخ الشعراوى حديثه ليسألنى مرة أخرى: أى شعور ينتابك إذا رأيت أحدا وقد كُسرت ذراعه أو ساقه؟
أجبت مسرعا: يصعب علىّ وأتعاطف معه بدون شك، فلاحقنى الشيخ مردفا: وهل تنهض لمساعدته أجبته: نعم بطبيعة الحال يا مولانا.. استراح الشيخ فى جلسته ساندًا ظهره على المقعد، وقال بصوت خفيض: إذا كان هذا هو حالك مع مَنْ كُسرت ذراعه أو ساقه فما بالك بالذى كُسر أو شرخ دينه وأكمل الشيخ الشعراوى: إذا كان التعاطف على قدر المصاب فقدر المصيبة فى الدين أعظم وعلى أى حال فقد جربناها يا بنى كثيرا.. أحببناهم وأحببنا لهم الطاعة والحمد لله لم يخيب الله رجاءنا.. ثم عقب وكأنه يلقننى حكمته وأول دروسه: اكره المعصية يا بنى ولا تكره العاصى، فربما قضى الله أن يصبح فى يوم من الأيام وليا.. وحكى لى الشيخ قصة قاطع طريق صار وليا وعَلَماً من أعلام العارفين اسمه الفضيل.
ثم مد الشيخ بصره وكأنه يفتش عن المستقبل أو يستشرفه عند حافة الأفق وربما وراءها وقال بصوت خفيض مؤكدا حكمته التى ألقاها: كل داع إلى الله لا يجب أن يكره العصاة "لأن شغله مع هؤلاء".
(٢)
كان ذلك جزءا من اللقاء الأول مع فضيلة الشيخ الشعراوى، وما زالت تفاصيله حية فى وجدانى ولا تزال صورة ذلك المشهد الجليل محفورة فى قلبى..فاللحظات الجليلة عالية القيمة والمعنى فى حياة الإنسان تحفر سكناها فى أعماق الوجدان والقلب لا تستطيع ظلال الزمن أن تحجبها أو تواريها. حيث كانت عقارب الساعة تواصل حركتها الرتيبة المنتظمة وتتقدم نحو العاشرة من صباح يوم الأحد الخامس من أبريل للعام الواحد والثمانين بعد تسعمائة وألف بينما كنت أعبر ميدان سيدنا الحسين،
حيث الموعد الذى حدده لى فضيلة الشيخ سامى محمد متولى الشعراوى زمانًا فى تمام العاشرة كما أسلفنا ومكانًا عند المدخل رقم (٣) أمام الباب الأخضر، حيث يقيم الشيخ الجليل فى شقته فى الدور الثانى. لم تكن رؤية الشيخ الشعراوى فقط رغبة نقلتها إلى الشيخ سامى عقب لقاء طال بنا وامتد حواره لساعات، بل الحقيقة أنها كانت أمنية غالية رجوته أن يحققها لى حين التقيته فى مكتبه بمنطقة الجيزة الأزهرية، حيث كان يعمل آنذاك مديرا عاما للتعليم الثانوى..
فوعدنى وأوفى. وصلت قبل الموعد ببضع دقائق، وما هى إلا لحظات قليلة حتى لمحت الشيخ الشعراوى يدلف بسيارته ناحية المدخل، حيث كان يجلس فى المقعد الخلفى يرتدى زيه ولباسه التقليدى، جلبابا أبيض تعلوه عباءة من نفس اللون وطاقية كأنها تاج من زهرة الفل الأبيض تغطى رأسه.. والذى صار علامة مميزة وطرازًا فى الملبس أحبَّه وقلده كل المحبين للشيخ الشعراوى فى حياته وبعد انتقاله (عرفت فيما بعد أن هذا الزى خاص للشيخ رسم "باترونه" بدقة وعناية فائقة وقضى زمنا غير قليل فى تعليمه للحاج أحمد العشرى الخياط الخاص بالشيخ والمقيم بمدينة طنطا، والذى ظل حتى الآن متخصصا ومعلما لهذا الزى.
(٣)
وإذا كان الشىء بالشىء يُذكر فلعلى أذكر موقفا طريفا للشيخ الشعراوى والأسطى عبدالعظيم خنفس خياط دقادوس، الذى أعطاه الشيخ (٦) قطع قماش لتفصيلها جلابيب للشيخ.. وبعد الانتهاء من عملية التفصيل حضر الأسطى عبدالعظيم وألبس الشيخ أحدها من باب الاطمئنان وكانت المفاجأة:
الجلباب تنتهى أطرافه عند منتصف المسافة بين ركبة الشيخ وقدمه، وتكرر نفس المشهد فى باقى الجلابيب فإذا كلها فيها نفس العيب "قصيرة بشكل واضح وملحوظ"، فصاح الشيخ منفعلا:
- إيه ده يا عبدالعظيم..؟
رد الرجل بسرعة بديهة وقد تيقظت حواسه متجاوزا صدمة المفاجأة:
- إيه فيه إيه يا مولانا..؟
أردف الشيخ:
- فيه إيه..إيه..إنت مش شايف الهدوم كلها قصيّرة إزاى؟!
تابع الأسطى عبدالعظيم وكأن بديهيته لم تخذله ولم تفتر سرعتها:
- إهدا يا مولانا بس، وصمت لحظة وتابع.. اقعد..اقعد يا مولانا.
جلس الشيخ على كرسيه، وسار الرجل يصلح هندامه ويجذب الجلباب إلى أسفل حتى غطى قدم الشيخ وصاح مبتسمًا:
- إيه رأيك يا مولانا.. والتفت إلى الحاضرين متابعًا مش بالذمة كده عظمة.
فلاحقه الشيخ:
- عظمة إيه يا بنى.. وبعدين لما أقف يبقى الوضع إيه..؟!
وكانت بديهية الأسطى عبدالعظيم قد تجاوز إيقاعها سرعة الجدل ممزوجة بكثير من خفة الدم والظرف المصرى المعتاد فصاح قائلا:
- ومين قالك تقوم تقف.. الهدوم ديه بتاعة القعاد.
ضحك الشيخ من أعماقه سرورا وإعجابا بملكات الأسطى عبدالعظيم المتعددة من فهلوة.. وظرف وخفة دم، حيث كان باديًا أن ذلك كله ممزوج بالكثير من الحب والعشم فيما عرف عن الشيخ الشعراوى فى قريته عن سماحته وطيبة قلبه.. ورد الشيخ بأن ضاعف مكافأة الأسطى عبدالعظيم وقال له: خذ هذه الجلابيب وأعطها لمن يحتاجها وتقدر على ضبطها على مقاسه.
(٤)
ترجَّل الشيخ من سيارته وصعد السلم ولم تمض لحظات قليلة حتى حضر الشيخ سامى.. وجدنى فى انتظاره وصحبنى لمقابلة الشيخ.
صعدنا درجات السلم الشيخ سامى وأنا.. طرق الشيخ سامى جرس الباب وانتظر لبضع لحظات ثم فتح الباب بمفتاح كان معه فوجدت الشيخ جالسا على "كنبة" فى مواجهة الباب مباشرة وقد غيّر ملابسه.. جلباب منزلى وكان عارى الرأس.
كان باب الشقة يفتح مباشرة على صالة تبدو كما لو كانت مكونة فى الأصل من غرفتين- أزيل الجدار بينهما- بدا الجزء الأول صالوناً عليه كسوة من القماش والآخر أو امتداده عبارة عن جلسة عربية من "الشلت" على هيئة مربع ناقص ضلع.
دعانى الشيخ للجلوس بجواره بينما كان الشيخ سامى وكأنه يذكره قائلا: يا مولانا هذا "فلان" اسمع حكايته يا مولانا.. ثم دلف سامى إلى داخل الشقة ليعد إفطارا خفيفا للشيخ، ويبدو أن تلك كانت إحدى عادات سامى مع شيخه فى تلك الأيام (كانت أولى ملاحظاتى والتى بدت واضحة جلية مع الأيام أن سامى يتعامل مع الشيخ الشعراوى باعتباره شيخه وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ).
(٥)
كنت قد فقدت نفسى.. تاهت منى وضاعت وكأنها راحلة الأعرابى التى ضلت منه وتاهت وهى تحمل أثمن ما يملك وتركته يعانى قفر البيداء وفقرها وظلت رحلة التيه ممتدة من أواخر عام(٧٥) حتى التقيته ذات مساء فى منتصف مارس من عام (٨١) عند الملتزم فى بيت الله الحرام فى مكة المكرمة.
قوللى يا بنى: إيه اللى حصل..؟ قالها الشيخ وكان يجلس جلسته المعتادة وقد تربع وتشابكت يداه فى حجره وأصغى إلىَّ بكل حواسه وبلا مبالغة.
حكيت للشيخ حكايتى منذ أن أتممت حفظ القرآن وأنا فى الحادية عشرة من عمرى فى كُتاب الشيخ محمد صالح فى قريتى "أكوة الحصة" وبكل تفاصيلها، وعلى رأسها تفاصيل ما جرى لى فى رحلة التيه السالف ذكرها كما هى، فقد كنت أراه ولا أزال ومن ثم كان تعاملى معه على طول عشرتنا وحتى انتقاله إلى رحاب ربه باعتباره طبيبى وفى يقينى أيضا ولا يزال أن الشيخ الشعراوى هو أحد العارفين بالله أصحاب المقام الرفيع والمنزلة العالية، فالمعرفة بالله تقتضى القرب منه.. والقرب كان الشيخ الشعراوى رضوان الله عليه يقول فيه وعنه دائما "أن تعبد الله من جنس ما فرض فوق ما فرض" وأظنه يقينا كان يفعل. والعلاقة بين العارف والعالم أو التمايز والتمييز بينهما قضية جدلية شغلت الناس حتى من قبل بعثة النبى محمد- صلى الله عليه وسلم- وسوف تظل مثار جدل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. الشاهد فى حدود ما أفهم أن العلاقة بينهما تشبه إلى حد التطابق العلاقة بين الطبيب والصيدلى.
العارف بالله طبيب.. والعالم صيدلى.. والله أعلم.
قطع الحديث رنين الهاتف بجواره وفهمت من الحوار أن على الطرف الآخر واحدًا من أصحاب الشيخ بدا أنهم كانوا يبيتون ليلتهم معا، مجموعة من أصدقاء الشيخ فى شقة جاردن سيتى "وهى شقة فى (٢) ميدان الفسقية منحتها له الدولة يوم أن عُيِّن وزيرا للأوقاف، وجدير بالذكر أن الشيخ قد أصر على إعادتها مرة أخرى للدولة على الرغم من كل الضغوط الناعمة التى مارسها يعض المسؤولين كى لا يعيدها- ربما حتى لا تكون سابقة تلزم الآخرين بالحذو حذوه- وأصر الشيخ وأعاد شقة جاردن سيتى مرة أخرى للدولة فقد كان يرى أن الاحتفاظ بها ليس من حقه". وضع مولانا السماعة على الهاتف وسألنى سؤالا بدا مفاجئا لى.. مفاجأة تدعو إلى الدهشة والإعجاب..
قوللى يا بنى: أتذكر ما قلته وأنت أمام الملتزم؟
وأجبته.. فعقب قائلا:
والله يا بنى وعرفت تسأل.
خرجت من اللقاء الأول مع فضيلة الشيخ الشعراوى ومازالت أحداثه وأحاديثه مشهدا ينبض بالحياة فى أعماقى وكلما استرجعته وما تلاه من أحداث ولقاءات وأحاديث خاصة وعامة منذ ذلك التاريخ وحتى انتقال الشيخ رضوان الله عليه إلى رحاب ربه.. كنت أفعل.. وأسترجع بحثا عن إجابة لسؤال كان ولا يزال يشغلنى:
لماذا أحدث هذا الرجل "وهو فرد على أى حال" كل هذا التأثير والذى فاق فى مداه وعمقه كل معاصريه من مؤسسات وراءها أجهزة دول.. وتنظيمات امتدت كتلا بشرية فى كثير من دول العالم الإسلامى..وغير الإسلامى.
لماذا فاق تأثيره فى جموع المسلمين وعليهم وفى شتى بقاع العالم الإسلامى بل العالم كله كل هذه المؤسسات والتنظيمات..؟!
ومازلت أذكر ذلك الجندى الباكستانى فى مدينة "دبى"- حيث كنت أحد المرافقين للشيخ- وكنا نتناوب على خدمة الشيخ الذى كان يعانى مرضا ألزمه الفراش طوال الرحلة.. والذى بدا مشهده على شاشات التليفزيون عندما طلب الشيخ محمد بن راشد نقله إلى المستشفى على الفور.. وبالفعل نقل الشيخ إلى المستشفى الأمريكى بدبى.. ما زلت أذكر مشهد ذلك الجندى الباكستانى والذى كان يعمل فى شرطة "دبى" عندما تقدم منى وأنا خارج من حجرة الشيخ وقال لى بلكنة عربية أقرب إلى الخليجية:
أريد أن أرى الشيخ الشعراوى.
اعتذرت له مع كل رجائى منه أن يقبل العذر لمرض الشيخ. فلمحت فيضًا من الدموع تتساقط من عينى الجندى بغزارة.. ظل واقفا وظللت.. وقد أخذنى المشهد ومرت لحظات صمت ربما امتدت لدقائق وكلانا واقف أمام الآخر "مأخوذ أنا بمشهد فيض دموعه الذى بدا مفاجئاً".. ثم همس لى الجندى الباكستانى بصوت خفيض بعد أن هدأت دموعه:
أقسم بالله لن أزعجه.. فقط كل رجائى أن تراه عينى.
ولم أملك أن أرد طلبه فأخذته من يده مسرعًا ودخلت به على الشيخ وهو على فراش مرضه.
ولعله مشهد أضيف إلى مشاهد أخرى مماثلة تكتمل بها صورة هذا الإمام الجليل فى قلوب وعيون كل محبيه.. مشهد ذلك الجندى وهو يهم بالخروج من غرفة الشيخ دون أن ينطق بكلمة وملامح السعادة تملأ صفحة وجهه وتتصدرها بعد أن تحققت أمنيته الغالية التى همس بها إلىَّ:
فقط أريد أن أرى الشيخ الشعراوى


جريدة المصرى اليوم
13/4/2009


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-04-09, 02:02 PM   #2
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


[align=center]

«قول للشيخ شعراوى يتعدل»


كان أمراً للرئيس أنور السادات والذى بدا أنه أكثر من غاضب ـ الرئيس وأمره ـ للسيد ممدوح سالم فى صيغة تلك العبارة التى حملها رئيس وزراء مصر متنقلا بين صفوف الحاضرين لينقل أمر الرئيس همسا فى أذن الشيخ الشعراوى: «الريس بيقولك اتعدل».. وجاء رد الشيخ أكثر غضبًا.. وأكثر عمقًا.. وربما أبعد دلاله: «أنا إللى أتعدل برضه».
«كان كم العرايا ـ من وجهة نظر الشيخ ـ حولى صادما لى.. ولم أقدر على أن أفتح عينى فأدرت ظهرى للفرح كله» كان تلك مقولة الشيخ عند سرده لما جرى فى تلك الليلة.
كان حضور الواقعة وشهودها والتى جرت فى حفل زفاف «فرح» إحدى كريمات الرئيس السادات والذى كان الشيخ الشعراوى أحد المدعوين إليه بصفته وزيرًا للأوقاف.. وجد كل هؤلاء الحضور أنفسهم أمام مشهد غير مسبوق فى تاريخ المناسبات التى يحضرها حاكم مصر ملكا كان أو رئيسًا، وزير يعطى ظهره ا لمناسبة تخص الرئيس وفى حضوره،
بل وأمام كل الحضور والذين بدأ تركيزهم ينصرف عن مشاهدة الحفل وفقراته فضولاً وربما تشوقاً لمشهد ال والذى بدا صامتا إلى أن نقلته عبارة الرئيس وأمره من دائرة الصمت إلى ساحة البوح ظنا منه أن أمره سوف ينهى حالة ال وأن الشيخ الشعراوى سوف يعود مرة أخرى إلى أجواء حفل الزفاف حتى وإن بدت عودته متثاقلة أو حتى على مضض، فإذا برد فعل الشيخ وقد بدا خارج حدود توقعات الحضور وأيضا خارج حدود تصورهم.. فلم تكن مواجهة بين رئيس يعطى أمراً لأحد وزراء حكومته بل إمام وداعية وصاحب رسالة وجد نفسه فى مواجهة موقف كان كثيرا من المشاهد فيه تخالف ما يعتقد، ومن ثم ما يدعو إليه حتى وإن كانت فى مناسبة تخص الرئيس وفى حضوره.
فهب الشيخ واقفًا يلملم عباءته وغادر الحفل دون أن يستأذن من أحد..لا رئيس الوزراء ولا حتى رئيس الجمهورية وحتى دون أن ينظر خلفه.
(٢)
وأظن أن المواجهة والتى تكررت أكثر من مرة بين سلطة الحاكم «وهو يراها مطلقة».. وضمير الإمام ويقينه والذى يؤمن الشيخ أن كل سلطات الدنيا مهما علا شأنها دونه.
وكانت فى هذه المرة.. يقين الشيخ وضميره فى مواجهة سلطة حرم الرئيس السيدة جيهان السادات والتى بدت سلطاتها فى تلك الأيام تكاد تلامس بأطراف أناملها سلطات الرئيس.. حيث وجهت السيدة جيهان الدعوة إلى وزير الأوقاف الشيخ الشعراوى لإلقاء محاضرة لجمع من النساء يتبعنها فى إحدى تنظيماتها النسائية.. وعندما دخل الشيخ إلى القاعة التى سيلقى فيها محاضرته بدت على وجهه ملامح الغضب،
ولعله كان محقا فإذا كان لكل مناسبة ملبسها وزيها الذى يليق بها فمن باب أولى أن يكون للشأن الإسلامى حتى ولو كان محاضرة أو حواراً ملبساً وزياً وحتى سلوكاً يليق بجلال الموضوع وقيمته، وهذا ما لم يلمسه الشيخ عندما وقف على المنصة التى سيلقى منها محاضرته فلم يجلس بل ظل واقفاً للحظة ثم أردف.. «إنتو جايبينى أقول لدول» واستدار خارجاً.
وبينما كان الشيخ الشعراوى يخطو أولى خطواته نحو باب الخروج تصادف دخول السيدة جيهان والتى بادرته قائلة: «على فين يا فضيلة الشيخ.. إنت موش هاتقول المحاضرة».
فرد الشيخ ومازالت علامات الغضب تكسو ملامحه: «إبقى قولى لهم إنتى» وغادر القاعة.
(٣)
بعد انتهاء الشيخ من سرد ما جرى فى الواقعتين ـ ونادرًا ما كان يحكى
قلت: «مولانا نفسى أسألك سؤال بس الحقيقة أنا متردد لأنى أعرف إن هذا السؤال ظل يلاحق فضيلتك».
ابتسم الشيخ قائلا: «إسأل زى ما إنت عايز».
قلت: «لماذا قبلت الوزارة؟».
أجابنى الشيخ قائلاً: «من كثرة ما سئلت كنت أرد على كل من سألنى:إذا كانت الوزارة خيرا فقد دخلنا فيه.. وإذا كانت شراً فقد خرجنا منه والحقيقة أن هناك شيئًا أخر رجح قبولى للوزارة».
واستطرد الشيخ قائلا: « أنا لم أقترب من دوائر السلطة.. ولم أسع إليها.. بل ولم تكن فى حساباتى، ومن ثم كنت أظن أنهم لا يعرفونى إلا بصفتى كواحد من الدعاة إلى الله ربما راق لهم منهجى فى الدعوة ومن ثم أيضا عندما اتصلوا بى وأنا أعمل فى السعودية ظننت أن الدعوة الإسلامية هى العامل المرجح فى اختيارى، وبات فى ظنى أننا ربما أمام فرصة لتطبيق وتحقيق الشريعة الإسلامية.
وصمت الشيخ برهة وتابع حديثه: ولكن بعد شهور قليلة من قبولى الوزارة لم يكن لى هم إلا أن أتركها، وكنت فى كل مناسبة إن لم يكن فى كل يوم أقول لممدوح سالم بعد أن رفض فكرة تقديم استقالتى: إعتقونى لوجه الله.. حتى اتفقنا وبعد إصرار منى على أن أترك الوزارة عند أول تعديل وزارى.. وقد كان والحمد لله، ثم أردف ضاحكاً: لم أخرج إلى المعاش بل خرجت إلى الحياة.
وفى هذا السياق تجدر الإشارة بل والتأكيد أيضاً من باب الأمانة، أن فضيلة الشيخ الشعراوى لم يذكر «سواء بفتح الياء أو ضمها» السيد ممدوح سالم إلا وبادر الشيخ بالثناء عليه والحديث عن عفته وطهارته ونظافة يده.. فقد كانت له فى قلب الشيخ منزلة كبيرة لم يتردد لحظة فى الإفصاح عنها وفى كل مناسبة.
(٤)
لم يكن خافيا على كل من كان قريباً من فضيلة الشيخ الشعراوى فى تلك الأيام أن هناك خلافا عميقاً بينه وبين الرئيس السادات وإن حرص كل منهما على أن يظل الخلاف فى طى الكتمان.
كان بادياً أن الطرق بينهما تتباعد بل لعلها كانت قد بدت متقاطعة.
الرئيس صاحب السلطة والقرار السياسى بدا يمضى فى شوط ظن أنه سوف يذهب به إلى سلام يريحه من تحمل تبعة وعناء صراع تصور أنه فوق طاقة احتماله، ومن ثم فإن رصيده من الإرادة الإنسانية قبل السياسية غير كاف (بحكم تكوينه الشخصى)، وساعد أيضاً على الإقلال من هذا الرصيد رغبة جارفة فى الاستمتاع بمغريات السلطة وحياة القصور.
والشيخ الشعراوى بموجب نداء الأمانة، التى كان يحملها من خلال حديثه الأسبوعى عن خواطره حول القرآن الكريم، حيث كانت تذهب به دعوته إلى الله فى عكس الاتجاه الذى يسير فيه الرئيس والذى يريده أيضا.
فقد كان الشيخ دائماً حريصاً فى أحاديثه على الشرح وبإسهاب عن صفات بنى إسرائيل، من نقض للعهود، مرورًا بكل صفات الغدر فى طبائعهم منبها ومحذرا.. وبطبيعة الحال كان الشيخ الشعراوى يتعرض من خلال خواطره بالنقد الحاد لاتفاقية السلام الموقعة بين السادات وإسرائيل بقوله وهو يفسر الآية الكريمة.
«يا أيها الذين أمنوا ادخلوا فى السلم كافة».. إلى آخر الآية (٢٠٨) من سورة البقرة
قال الشيخ: إن إسرائيل لم ولن تقيم معنا سلاماً.. بل هى عمدت ومن خلال اتفاقية السلام إلى عزل مصر حتى تتفرغ لباقى الأمة.
وبدت رسائل مناحم بيجن إلى الرئيس السادات تطالبه بإيقاف حديث الشيخ الشعراوى الأسبوعى، وهو مطلب سياسى باعتبار أحاديث الشيخ خطراً على عملية السلام.
وربما زاد من بعد المسافة أيضا بين الرجلين (الرئيس والشيخ) حديث كان الشيخ الشعراوى قال فيه إن الموت سوف يدرك كل البشر حتى الحكام فى بروجهم المشيدة.. وزاد الشيخ فربما يستدير حارس الحاكم - وتحرك الشيخ بجسده يمينا مضيفا - «وهكذا يوجه بندقيته ليقتل الحاكم بدلا من أن يحرسه».
وبدأت رسائل الرئيس السادات إلى الشيخ عاتبة حيناً وغاضبة فى أغلب الأحيان.. «هل الشيخ الشعراوى يعلم الشعب المصرى كيف يغتال حاكمه».
و لعلها كانت نبوءة أولى للشيخ الشعراوى
الجزء الثانى[/align]


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-04-09, 02:52 PM   #3
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,154
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


[align=center]الرئيس همسا فى أذن الشيخ الشعراوى:
«الريس بيقولك اتعدل»
.. وجاء رد الشيخ أكثر غضبًا.. وأكثر عمقًا.. وربما أبعد دلاله:
«أنا إللى أتعدل برضه
.
رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته
وجزاه الله عن المسلمين والمسلمات كل خير
.
[/align]
.


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-04-09, 03:18 PM   #4
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


اللهم امين
رحم الله الشيخ


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-04-09, 03:23 PM   #5
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


كان الشيخ -رحمه الله - عالما فى التفسير واللغة
وكثيرا ماكان يستشهد بابيات شعرية وكان على درايه
كبيره بالمذاهب والعقائد ....


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-09, 03:27 PM   #6
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


السلام عليكم ورحمة الله وبركاتi
رحمه الله الشيخ الجليل من رجال النابر والعم والفقة والتفسير والفتوى لقد تابعت تفسير القرآنللشيخ وأنا في الاردن للاعوان 1998 لغاية 2000 وحصلت علىمجموعة قيمه من الكتب للشيخ رحمه الله وكان فعلا رجل ابن بلد رحمه الله وبسيط وهو من المشايخ المعروفين فيجميع انحاء الوطن العربي ونتأسف لماذا لاتعاد على التلفزيون والاذاعة المصريه سلسلة تفسير الشيخ التي كان يتبعها على المنابر والجوامع رحمه الله
اطلعنا على الجزء الاول وسنعود للموضوع في الجزء الثاني أن شاء الله
شكرا للموضوع


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-09, 03:40 PM   #7
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


الاخ حسين
شاكر لك مرورك
اما بخصوص طلبك بالجزء الثانى
فان شاء الله عندما ينشر فى الجريدة سوف الحقه هنا


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-09, 08:08 PM   #8
 
الصورة الرمزية سلام العبيدى

سلام العبيدى
مشرف حدائق بابل

رقم العضوية : 5500
تاريخ التسجيل : Oct 2006
عدد المشاركات : 4,600
عدد النقاط : 51

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ سلام العبيدى
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


رحم الله الشيخ

جزاك الله كل خير

تحيتي

سلام العبيدي


توقيع : سلام العبيدى
زهرة الشرق
zahrah.com

سلام العبيدى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-04-09, 03:07 AM   #9
 
الصورة الرمزية زيـــاد

زيـــاد
أمل الزهرة

رقم العضوية : 1664
تاريخ التسجيل : Apr 2004
عدد المشاركات : 4,838
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ زيـــاد
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


رحمه الله و احسن مثواه

و جزاه بما علم الامة كل الخير

تقبل مني اجمل التحية اخي أحمد المصري


توقيع : زيـــاد
الدهر يومان ذا أمن وذا خطـر
والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف
وتستقر بأقصى قاعـه الـدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لهـا
وليس يكسف إلا الشمس والقمر

زيـــاد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-04-09, 12:08 PM   #10
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


سلام

زياد

شاكر لكما المرور


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-09, 01:03 PM   #11
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,722
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
مشاركة رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقصتة مع السادات رحمهما الله لها مغزى من القوة هو كلمة الحق لايهابها المؤمنون ولا يهابون الا الله
قوى الله قلوبنا على الايمان
وشكراللموضوع
سلامي


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-09, 11:46 PM   #12
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


شكرا لمرورك للمرة الثانية


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-05-09, 11:39 AM   #13
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


[align=center]الجزء الثالث

عن قرب.. حكايات مع الشيخ الشعراوى (٣ ـ ٤) نبوءات الثورة والسجن والموت

محمد بدر ١٢/ ٥/ ٢٠٠٩
(١)

قلت له: عد بنظام الحكم إلى ما قبل يوليو (٥٢)، وأضاف الشيخ شارحًا ما قاله للرئيس ذات يوم: أنت اتخذت قرار الحرب فى أكتوبر، وهذا كاف ليخلدك فى التاريخ وأعدت الأحزاب إلى ساحة العمل السياسى، وهذا يحسب لك أيضا.. لا تكن رئيسًا لأى حزب واجعل الحزب الذى يحصل على الأغلبية فى الانتخابات يأتى ليحكم.. فقط قم بدور المراقب للحكم من خلال منصبك كرئيس.

كنا جلوسًا كعادتنا فى تلك الأيام فى مكتب الحاج أحمد أبوشقرة فى مطعمه الشهير بشارع قصر العينى، حيث كان الشيخ يلتقى بمحبيه ومريديه عند صلاة المغرب ويمتد بنا اللقاء حتى منتصف الليل.

واستطرد الشيخ، وكان يتحدث عن بعض ما دار بينه وبين الرئيس السادات فترة تولى الشيخ وزارة الأوقاف: مر على هذا الحديث زمن – لم يحدده الشيخ – وإذا بالرئيس عقب أحد الاجتماعات فى القناطر الخيرية، وبينما كنت أهم بالانصراف سمعت صوت السادات ينادى علىَّ فالتفت.. فأشار إلىَّ أن أقترب منه.. واقتربت فهمس فى أذنى قائلا: «يا شيخ شعراوى لن أترك الحكم حتى أمحو كل أثر فى مصر لثورة يوليو».

وأكمل الشيخ، مشيرا إلى خصوم السادات فى مايو (٧١): استهتروا به فوضعهم فى السجن.. قلتها لوجيه أباظة فى بداية حكم السادات عندما سألته: أخباركم إيه مع الرئيس الجديد؟

فأجابنى السيد وجيه: تحب أقوم أجيبه لك متكتف.

فقلت له: إنتو مادمتم استهتروا بيه والله ليحطكم فى السجن كلكم.

لم تمض أيام قليلة حتى حضر السيد وجيه أباظة، وكان من محبى الشيخ وبدا من اللقاء أن علاقة ود حميم تربطهما، أشار إليه السيد وجيه أباظة قائلا: أنا لم أقبّل يد أحد بعد والدى إلا الشيخ الشعراوى وعم سيد جلال (كان أحد الحضور) وذكر لهم بالعرفان إصرارهما على زيارته فى السجن.. داعبه الشيخ مبتسما: مش أنا قلت لك يا سى وجيه.. فاكر.

ابتسم السيد وجيه أباظة: فاكر يا مولانا.. وأعاد ما رواه الشيخ.

(٢)

وعندما هبت عواصف سبتمبر (٨١) منذرة بخريف يحيط به كثير من المخاطر حيث كانت العلاقة بين الرئيس السادات والشعب المصرى قد وصلت إلى طريق مسدود، بدا كل المحيطين بالشيخ من أبنائه وأحبابه تنتابهم حالة من القلق عليه، خاصة بعد أن رفض الشيخ الشعراوى أن يكون أداة لامتصاص غضب الناس على الرئيس السادات.. رفض عرضًا من الرئيس أن يأتى شيخًا للأزهر واحتج قائلا بلهجة بدت إلى التهكم أقرب منها إلى التحجج قائلاً: «وشيخ الأزهر اللى موجود هتعملوا فيه إيه؟!» قالوا: «يعفيه الرئيس بحجة مرضه»، ورفض الشيخ وأصر على رفضه.

طلب منه كل المحيطين به من أبنائه وأحبابه أن يتناوبوا المبيت معه، ورفض بإصرار وردد تعبيرا لم يزل محفورا فى ذاكرتى:

«اطمئنوا لن يحوج الله بعضى إلى بعضى»

فقط كان كل الذى على لسانه فى تلك الأيام، والذى كان دائما يردده: «يا لطيف.. يا لطيف»، بل لعله كان فى بعض الأحيان يطلب من الجالسين حوله: قولوا «يا لطيف». وكانت ظاهرة إلى حد الملاحظة.

سافر الشيخ بعد ذلك إلى مدينة الإسكندرية، وقد أصدر الرئيس فى ضمن ما أصدر من قرارات بدت عصبية ومرتبكة قرارا بإيقاف أحاديث الشيخ الأسبوعية.

- طالت فترة إيقاف الأحاديث وانهالت العروض وتوالت من كثير من دول الخليج تضع كل إمكانياتها وأجهزتها رهن موافقة الشيخ لاستئناف أحاديثه وخواطره من أراضيها وعبر أجهزتها الاعلامية، كان أبرزها عرضين سعوديين أحدهما حكومى والآخر من الشيخ صالح كامل، وهو وكل أسرته من أصدقاء المقربين بل المحبين.

وذات مساء كنا نعبر ميدان التحرير - الشيخ أنا أقود سيارتى - قاصدين مدخل شارع قصر النيل، وأحاط بالسيارة جمع غفير وكان لافتًا أن غالبيتهم من الشباب حديثى السن - «صبيان» إن صح التعبير- ولم يكن لهم سوى مطلب واحد «متى تعود حلقات التفسير؟» غادرناهم فقلت: من أجل هؤلاء الشباب وهم هدفك أتمنى أن تقبل ما هو معروض على فضيلتك.. حسم الشيخ الأمر قائلا: لن أسجل خواطرى إلا فى مصر وعبر إعلامها.

ذهبت إلى مدينة الإسكندرية فى اليوم التالى لحملة الاعتقالات الشهيرة للاطمئنان على الشيخ، ولم تمهلنى أشواقى إلى الشيخ بعض الوقت لتغيير بدلتى العسكرية.. وصلت إلى شقة الشيخ صباحا وكان بصحبته ابنه الأكبر الشيخ سامى.. اتصل بواحد من أحبابه.. الصديق محمد الكيك.. طالبا أن يحضر بسيارته لمرافقة الشيخ فى الذهاب إلى طنطا.

قدت السيارة وجلس بالمقعد الذى بجانبى الشيخ سامى وفى المقعد الخلفى جلس الشيخ الشعراوى وبجانبه محمد الكيك، وبطبيعة الحال كان وجود الشيخ فى السيارة ونحن نتحرك فى شوارع الإسكندرية قاصدين الطريق الزراعى لافتًا انتباه الناس فبدت حركتهم موافقة لحركة السيارة، إما بالإسراع بتحيته حال حركتها أو بالالتفاف حولها وحوله حال توقفها - تلك الشعبية الجارفة والجماهيرية الواسعة كانت سمة للشيخ الجليل وعصره لم يسبقه فيها سوى الزعيم الراحل.. والخالد جمال عبدالناصر.

ابتسم الشيخ، وبدا أنه قد اكتشف أننى أرتدى زيًا عسكريًا وقال مداعبًا:

دلوقتى كل اللى يشوفك هايفتكرك جاى تقبض علىّ.

قلت: لا عاش ولا كان اللى يمسّك يا مولانا.. قلتها وأنا مأخوذ بمساحة المشهد الكامل للارتباك والتخبط للرئيس السادات الذى لامس حدود العمى السياسى، والذى أدى به إلى وضع الشيخ وخواطره حول القرآن الكريم ضمن قائمة خصومه.. غمغمت.. وربما فكرت بصوت يبدو أنه كان مسموعا بما جال بخاطرى.. أجابنى الشيخ: وربما عبر أيضا عما جال بخاطره وكأنه فكر بصوت بدا مسموعا وواضحا ومطمئنا: إنت عايز البلد كلها تبقى فى ناحية.. وأنا لوحدى فى ناحية.. قل الحمد لله.

وصلنا إلى بيت الدكتور عبدالحى مشهور وكان رئيسًا لجامعة طنطا وامتد بنا الحديث، وعند المساء انتقلنا إلى منزل الدكتور محمود جامع وكان معروفا بعلاقته بالرئيس السادات.

وامتد الحديث عما تشهده مصر من أحداث من منزل الدكتور عبد الحى مشهور إلى منزل الدكتور محمود جامع.

فجأة وبلا مقدمات التفت الشيخ إلى الدكتور محمود جامع- والذى كان دائم التباهى بعلاقته بالرئيس السادات- قائلا وبالنص:

واد يا محمود.. ربنا يا واد بيعلم عباده النصاحة وبيقول لهم:

«وتوكل على الحى الذى لا يموت».

وأردف الشيخ: ماتتكلش على حد تانى «ليفطس منك الصبح».

وكانت النبوءة الثانية للشيخ الشعراوى عن الرئيس السادات، أكدتها أيام عدة.. ربما أقل من شهر
[/align]


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-05-09, 12:19 PM   #14
 
الصورة الرمزية حبىالزهرة

حبىالزهرة
المراقب العـام

رقم العضوية : 1295
تاريخ التسجيل : Oct 2003
عدد المشاركات : 29,780
عدد النقاط : 263

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حبىالزهرة
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال:{إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له} ونحسبه كذلك ممن ترك علم ينتفع به . حيث لازالت اشرطته تذاع بين الحين والاخر وهنيئا له من علم وافر تركه بعده رحمه الله واسكنه فسيح جناته . شكرا اخي احمد ودمت


توقيع : حبىالزهرة

الصدق في أقوالنا أقوى لنا
والكذب في أفعالنا أفعى لنا


زهرة الشرق .. أكبر تجمع عائلي

حبىالزهرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-05-09, 12:25 PM   #15
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: حكايات عن الشيخ متولى الشعراوى


اخى ابو نواف
شاكر لك مرورك الكريم
ونسأل الله ان يجعل مانشرناه فى ميزان حسناتنا


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
متولى , الصحى , الشعراوى , حكايات

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دليل الدورات العلمية الصيفية / السعودية / الإمارات / الكويت / قطر / مصر إنسان نفحات إيمانية 3 24-10-09 05:32 PM
قصة الشيخ الوقور وركاب القطار محمودالكبيسي شخصيات وحكايات 4 25-11-08 02:13 PM
أرقام وايميلات المشايخ..... فرح.. نفحات إيمانية 6 21-08-07 09:25 PM
الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وزير الدفاع أم متعـMـب الترفيه والرياضة والفروسية 4 01-07-03 03:03 PM
الإمام المجدد الشيخ / محمد بن عبد الوهـاب رحمه الله هاوي واحة الزهـرة 19 09-12-02 11:38 PM


الساعة الآن 03:06 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)