العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة العامة }{}< > واحة الزهـرة

واحة الزهـرة زهرة الشرق - غرائب من العالم - حوارات ساخنة - نقاشات هادفة - معلومات مفيدة - حكم - آراء - مواضيع عامة - أخبار وأحداث يومية من العـالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 26-07-09, 10:34 PM   #1
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
المرأة المسلمة في المخيلة الغربية


2006/10/17
المرأة المسلمة في المخيلة الغربية
مقال نشر في القدس العربي بتاريخ 17-10-2006

بين الحين والحين يعود الغرب الي موضوعه المفضل من خلال تصريحات لسياسيين او عن طريق ابحاث تمولها المؤسسات الغربية وما تعليقات وزير خارجية بريطانيا السابق جاك سترو عن النقاب الا قطرة في بحر كبير عمره مئات السنين. سترو لم يأت بجديد بل كان يعبر عن اللاوعي الغربي ونظرته الي المرأة المسلمة وحجابها فقد سبقه الكثير من الرحالة الغربيين نساء ورجالا وتحدثوا عن الحجاب ومن ثم جاء دور الاكاديميين من علماء اجتماع وانثروبولوجيا ليسلطوا الضوء علي المرأة المسلمة وتجربتها في مجتمعات مختلفة وثقافات متباينة ربما لا يربطها بعضها ببعض سوي الاسلام.
ظهرت المرأة المسلمة في المخيلة الغربية منذ القدم وبالتحديد منذ الاتصال الذي حصل لحظة ظهور الاسلام كثرت التعليقات والملاحظات وكانت في مجملها وحتي مرحلة متأخرة سلبية، واذا استعرضنا صورة المرأة في ادبيات الرحالة فسنجد صورة سوداوية قبيحة رسمها الكثير عن المرأة المسلمة. خذ مثلا نيبور الذي كتب عن رحلته عام 1792. اقر هذه الرحالة ان الحجاب أهم قطعة ثياب ترتديها المرأة المسلمة واقر أن تغطية الوجه تبدو منتشرة في البلاد العربية التي زارها حينها. فتحدث عن الفلاحات المصريات وقال انهن قد يفاجأن ويظهر بينهن رجل وهن عاريات ولكنهن سرعان ما يغطين وجوههن رغم بقاء اجزاء اخري من الجسد عارية. ويزعم نيبور ان المصريين الفلاحين لا يعطون بناتهم قمصانا الا اذا بلغ عمرهن ثمانية اعوام كذلك يزعم انه رأي بنات مصريات يحدقن به وهن عاريات، تصوروا هذا المشهد الكوميدي وكيف قرر نيبور ان البنات اعمارهن ثمانية اعوام رغم ان البعض في البلاد العربية لا يزال لا يعرف تاريخ ولادته حتي هذه اللحظة فما بالكم بالقرن الثامن عشر، يرسم لنا نيبور صورة نساء عاريات ولكنهن مغطيات وجوههن.
نيبور يكشف عريه هو الذي يوصلنا الي خبايا نفسه. الرحالة الذي يهجر وطنه ليبحث عن الجسد ويرسمه بحبره ولا تكتمل الصورة الا اذا تطرقنا لكتابات رحالة آخر هو ايضا يبدو معلقا بين خفايا ذاته الداخلية وبين ما يجده في ترحاله خاصة المرأة المسلمة. يقول ويليام ويلسون عندما زار مصر و الارض المقدسة ـ فلسطين ـ عن نساء المنطقة انهن اكثر الاشياء قباحة يربطن منديلا حول الرأس ويرتدين قميصا خشنا حول اجسادهن بالاضافة الي منديل آخر يخبئن تحته وجوههن وكأنه ستارة لها فتحات في منطقة الفم تكون ملوثة عادة بلعاب لونه بني. ويزعم انه راقبهن وهن يغسلن ثيابهن في النيل وكأنهن يعانين من عقدة نقص عندما يرين نساء الغرب البيض لذلك هن يستحين من اظهار وجوههن. كتب ويلسون هذا الكلام في عام 1823 (صفحة 77).
المرأة المسلمة تظهر في مثل هذه الادبيات كشيء وبالفعل تستعمل كلمة object للدلالة علي هذه المرأة ولكن الولع برؤية وجه المرأة الشيء تظل مسيطرة رغم عدم قدرة هؤلاء الرحالة علي اختراق الستارة المزعومة يذهب هؤلاء الي بلاد كمصر وفلسطين بحثا عن حضارة وتاريخ عرفوه فقط من خلال حفريات الاركيولوجيا والتي ركزت مخيلتهم علي المباني والاثار القديمة واذا بهم يتطلعون لاستمرارية لا يجدونها وقت الرحلة. يحاول البعض ان يبحث عن الوجه الفرعوني والمومياء ولكنه ينصدم عندما يجد وجوه النساء مغطاة بخرق يعتبرونها قذرة. صدمة الغربي هذا تعبر عن نفسها بالالفاظ البشعة والسلبية التي تصف الاحياء من اهل مصر وتبقي التعابير الجميلة البراقة تستعمل فقط للدلالة علي حضارة المباني والاثار. يقبل الغربي ببريق الفراعنة وحضارتهم لكنه يحتقر المصري المعاصر وخاصة المرأة الفلاحة في الصعيد وعلي ضفاف النيل.
واذا اخذنا عينة من ادبيات الرحالات الغربيات فسنجد تعابير اكثر سلبية فلا تضامن نسائي ولا تعاطف انثوي هنا. خذ مثلا مسز بيرتون في زيارتها الي سورية وفلسطين عام 1875 حيث كتبت اقبح الوصف لنساء المنطقة. تعترف مسز بيرتون ان النساء يلهون ويلعبن ويأكلن المكسرات بروح فكاهية ولكنها تصف عجائز المنطقة وتقول انهن يجلسن القرفصاء تغطي خمس شعيرات رؤوسهن (استطاعت المسز ان تعد شعيرات نساء سورية وفلسطين طبعا) وتركز ان هذه الشعيرات مطلية بلون برتقالي وما اقبح هذا المنظر حسب رأيها. واذا نطقت هذه المجموعة النسائية فالصورة تصبح اكثر قبحا اذ ان النساء يتكلمن بصوت خشن تشمئز منه الاذن. وتجزم المسز انه يجب علي النسوة ان يحمدن ربهم علي الحجاب الذي يحجب هذا القبح (1875 ـ صفحة 145).
اذا كان هذا وصف الرحالة فكيف هو الحال مع تطور العلوم الانسانية والاجتماعية وخاصة تلك المتعلقة بدراسة المرأة المسلمة يا تري؟ هنا انقسم المحللون ومعظمهم اكاديميات متأثرات بالحركة النسوية في النصف الثاني من القرن العشرين. في موضوع الحجاب قرر بعضهن انه مؤسسة اقصائية لا تعطي المرأة حق التصرف بجسدها بينما رأت مجموعة اخري ان الحجاب محرر للمرأة من استهلاكية الغربي الذي يجعل من الجسد محطة للدعاية والاثارة. ورغم العمل القيم الذي قامت به مجموعة كبيرة من عالمات في الاجتماع والانثروبولوجيا الا ان خطابهن بقي مهمشا في الاطار العام للخطاب الغربي عن المرأة المسلمة. تظل الصور الاولي قابعة في المخيلة الغربية ومؤصلة بأدبيات قديمة وحديثة.
خطاب سترو اذا ليس الا وقفة هامشية في المسيرة الطويلة التي ادت الي النظرة السلبية لموضوع الحجاب بشكل عام والنقاب بشكل خاص.
نقول ان الحجاب بشكل عام لا يقف حجر عثرة في طريق الاندماج والانصهار في المجتمع المستقبل للمرأة المسلمة ولكن اعتراف سترو انه طلب من بعض المنقبات نزع نقابهن لا يمكن ان يقبل لأسباب متعددة. ماذا يريد سترو ان يقرأ في وجه امرأة تأتيه بمشاكلها في بلاكبورن؟ طبعا سترو نشأ في بيئة لا تعرف الا قراءة الجسد وكأن الكلام لا يكفي. هل يا تري يشك سترو في صدق محدثته وكلامها المسموع لذلك يريد ان يقرأ اللغة الجسدية وخاصة ما تبثه عضلات الوجه والعين؟
ان يطلب رجل في موقع سلطة كسترو من امرأة ان تنزع اي قطعة من ملابسها يعرف في القانون البريطاني انه تحرش جنسي مهما كانت نوايا الرجل حسنة. كذلك تصوروا موقفا آخر، لو طلبت من فتيات في صف الدراسة ان يغطين صدورهن المندلقة علي مقاعد الدراسة لان في ذلك بعض الاثارة لشباب الصف وتشتيت لأذهان الذكور في محاضراتي لاتهمت بأنني اتدخل في خصوصيات طلابي الاناث كذلك لو طلبت من تلميذة من تلميذاتي ان تنزع المسمار الذي يتوسط لسانها او الحلقة التي تربط اذنها بحاجبها لاتهمت انني ارفض نمطا معينا من الحلي وارفض ان تعبر هذه التمليذة عن خصوصيتها وذوقها الرفيع مهما كانت السلاسل هذه مصدرا لازعاجي وحتي قرفي من المسامير المحاطة بهالة من الالتهابات الناتجة عن التصاق المعدن بمناطق حساسة من الجسد والوجه.
اعترف ان مسامير اللسان تشتت ذهني وتجعلني اقل تركيزا علي ما تقوله تلميذتي ولكنني مجبرة علي ان اتقبلها كما هي واتجاوز حساسيتي من المسامير. وبالفعل مع مرور الزمن يصبح المرء اكثر تعودا وليس قبولا لمثل هذا النوع من الثقوب والمعادن. لماذا لا يتعود سترو مثلا علي الاكتفاء بالكلمة ويعتبرها صادقة ليست بحاجة لفضلات الوجه لاثباتها او لماذا لا يتعود سترو مثلا علي قراءة لغة العيون فهي دوما صادقة ومعبرة عن خبايا النفس.
مشكلة سترو وغيره ليس مع النقاب او الحجاب. المشكلة اكبر من ذلك بكثير، الهوية هي اليوم علي المنصة للبحث والنقاش. النقاب او الحجاب هو اليوم ساحة واحدة فقط من ساحات معركة الهويات وصراعها ليس فقط في بريطانيا بل في مناطق اخري من الغرب وحتي في العالم الاسلامي.
يجب ان يقرأ سترو الحجاب ليس من منظور التعددية او من منظور الاندماج اذ ان عدم الاندماج ليس سببه الحجاب وانما ما هو اكبر منه بكثير. التقوقع الذي حصل في بعض اطراف الجالية المسلمة في الغرب هو نتيجة عوامل داخلية خاصة بهذه المجتمعات وليس سببه خرق المسلات المنسدلات علي رؤوسهن. لعدم الاندماج ثنائية المسـؤول عنها طرفان: اولا المجتمع الحاضن للأقليات وثانيا الاقليات ذاتها.
لا يزال المجتمع الحاضن يحاول ان يخترق الحجاب وخاصة النقاب بالذات فمهما استهلكت المرأة المسلمة من منتجات غربية تخبئها تحت الجلباب الا انها ستظل الشغل الشاغل لطيف كبير من السياسيين والاعلاميين والمحللين الغربيين. لقد حصل بالفعل تصدير المنتجات الغربية للمسلمة والتي تستهلكها كما تستهلكها المرأة الغربية لكن الاختراق الاقتصادي لا يعوض عن الاختراق الحضاري المرجو هذا الاخير يعتبره الغرب مرتبطا بتغيير النمط السلوكي بدءاً بالزي وتبعاته.
سيظل الوجه المحور الرئيسي للنقاش وسيظل الكثير من النساء متمسكات به رغم كل الضغوط لانه المعركة ربما الاخيرة التي ستفجر الكثير من الامور. قبل ان يسقط سترو النقاب عليه اولا ان يطلع علي مجلدات كبيرة من النقاش الفقهي والتي دارت عبر العصور بين المسلمين انفسهم حول الموضوع ذاته ليري ان التعددية الحقيقية ليست حكرا علي الغرب او ثقافة الـMulticulturalism التي تتغني بها بريطانيا لا لشيء الا لتتعالي علي جارتها الفرنسية. لم تخترع بريطانيا وحدها فقه التعددية بل هناك حضارات اخري اجتهدت قبلها بكثير. ولكن يبدو ان ادبيات الرحالة السابقة لا تزال تهيمن علي النظرة الغربية المعاصرة والتي جاء خطاب سترو لينفس عنها ولو بعض الشيء


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-07-09, 03:10 AM   #2
 
الصورة الرمزية عاشقة فلسطينية

عاشقة فلسطينية
عضوية متميزة

رقم العضوية : 12138
تاريخ التسجيل : Jan 2009
عدد المشاركات : 267
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ عاشقة فلسطينية
رد: المرأة المسلمة في المخيلة الغربية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسلموووووووووووووووووووو


عاشقة فلسطينية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-07-09, 11:22 PM   #3
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المرأة المسلمة في المخيلة الغربية


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شرفتمونا وانرتم المشاركه


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-11, 08:13 PM   #4
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المرأة المسلمة في المخيلة الغربية


المرأة المسلمة في المخيلة الغربية
مقال نشر في القدس العربي بتاريخ 17-10-2006

بين الحين والحين يعود الغرب الي موضوعه المفضل من خلال تصريحات لسياسيين او عن طريق ابحاث تمولها المؤسسات الغربية وما تعليقات وزير خارجية بريطانيا السابق جاك سترو عن النقاب الا قطرة في بحر كبير عمره مئات السنين. سترو لم يأت بجديد بل كان يعبر عن اللاوعي الغربي ونظرته الي المرأة المسلمة وحجابها فقد سبقه الكثير من الرحالة الغربيين نساء ورجالا وتحدثوا عن الحجاب ومن ثم جاء دور الاكاديميين من علماء اجتماع وانثروبولوجيا ليسلطوا الضوء علي المرأة المسلمة وتجربتها في مجتمعات مختلفة وثقافات متباينة ربما لا يربطها بعضها ببعض سوي الاسلام.
ظهرت المرأة المسلمة في المخيلة الغربية منذ القدم وبالتحديد منذ الاتصال الذي حصل لحظة ظهور الاسلام كثرت التعليقات والملاحظات وكانت في مجملها وحتي مرحلة متأخرة سلبية، واذا استعرضنا صورة المرأة في ادبيات الرحالة فسنجد صورة سوداوية قبيحة رسمها الكثير عن المرأة المسلمة. خذ مثلا نيبور الذي كتب عن رحلته عام 1792. اقر هذه الرحالة ان الحجاب أهم قطعة ثياب ترتديها المرأة المسلمة واقر أن تغطية الوجه تبدو منتشرة في البلاد العربية التي زارها حينها. فتحدث عن الفلاحات المصريات وقال انهن قد يفاجأن ويظهر بينهن رجل وهن عاريات ولكنهن سرعان ما يغطين وجوههن رغم بقاء اجزاء اخري من الجسد عارية. ويزعم نيبور ان المصريين الفلاحين لا يعطون بناتهم قمصانا الا اذا بلغ عمرهن ثمانية اعوام كذلك يزعم انه رأي بنات مصريات يحدقن به وهن عاريات، تصوروا هذا المشهد الكوميدي وكيف قرر نيبور ان البنات اعمارهن ثمانية اعوام رغم ان البعض في البلاد العربية لا يزال لا يعرف تاريخ ولادته حتي هذه اللحظة فما بالكم بالقرن الثامن عشر، يرسم لنا نيبور صورة نساء عاريات ولكنهن مغطيات وجوههن.
نيبور يكشف عريه هو الذي يوصلنا الي خبايا نفسه. الرحالة الذي يهجر وطنه ليبحث عن الجسد ويرسمه بحبره ولا تكتمل الصورة الا اذا تطرقنا لكتابات رحالة آخر هو ايضا يبدو معلقا بين خفايا ذاته الداخلية وبين ما يجده في ترحاله خاصة المرأة المسلمة. يقول ويليام ويلسون عندما زار مصر و الارض المقدسة ـ فلسطين ـ عن نساء المنطقة انهن اكثر الاشياء قباحة يربطن منديلا حول الرأس ويرتدين قميصا خشنا حول اجسادهن بالاضافة الي منديل آخر يخبئن تحته وجوههن وكأنه ستارة لها فتحات في منطقة الفم تكون ملوثة عادة بلعاب لونه بني. ويزعم انه راقبهن وهن يغسلن ثيابهن في النيل وكأنهن يعانين من عقدة نقص عندما يرين نساء الغرب البيض لذلك هن يستحين من اظهار وجوههن. كتب ويلسون هذا الكلام في عام 1823 (صفحة 77).
المرأة المسلمة تظهر في مثل هذه الادبيات كشيء وبالفعل تستعمل كلمة object للدلالة علي هذه المرأة ولكن الولع برؤية وجه المرأة الشيء تظل مسيطرة رغم عدم قدرة هؤلاء الرحالة علي اختراق الستارة المزعومة يذهب هؤلاء الي بلاد كمصر وفلسطين بحثا عن حضارة وتاريخ عرفوه فقط من خلال حفريات الاركيولوجيا والتي ركزت مخيلتهم علي المباني والاثار القديمة واذا بهم يتطلعون لاستمرارية لا يجدونها وقت الرحلة. يحاول البعض ان يبحث عن الوجه الفرعوني والمومياء ولكنه ينصدم عندما يجد وجوه النساء مغطاة بخرق يعتبرونها قذرة. صدمة الغربي هذا تعبر عن نفسها بالالفاظ البشعة والسلبية التي تصف الاحياء من اهل مصر وتبقي التعابير الجميلة البراقة تستعمل فقط للدلالة علي حضارة المباني والاثار. يقبل الغربي ببريق الفراعنة وحضارتهم لكنه يحتقر المصري المعاصر وخاصة المرأة الفلاحة في الصعيد وعلي ضفاف النيل.
واذا اخذنا عينة من ادبيات الرحالات الغربيات فسنجد تعابير اكثر سلبية فلا تضامن نسائي ولا تعاطف انثوي هنا. خذ مثلا مسز بيرتون في زيارتها الي سورية وفلسطين عام 1875 حيث كتبت اقبح الوصف لنساء المنطقة. تعترف مسز بيرتون ان النساء يلهون ويلعبن ويأكلن المكسرات بروح فكاهية ولكنها تصف عجائز المنطقة وتقول انهن يجلسن القرفصاء تغطي خمس شعيرات رؤوسهن (استطاعت المسز ان تعد شعيرات نساء سورية وفلسطين طبعا) وتركز ان هذه الشعيرات مطلية بلون برتقالي وما اقبح هذا المنظر حسب رأيها. واذا نطقت هذه المجموعة النسائية فالصورة تصبح اكثر قبحا اذ ان النساء يتكلمن بصوت خشن تشمئز منه الاذن. وتجزم المسز انه يجب علي النسوة ان يحمدن ربهم علي الحجاب الذي يحجب هذا القبح (1875 ـ صفحة 145).
اذا كان هذا وصف الرحالة فكيف هو الحال مع تطور العلوم الانسانية والاجتماعية وخاصة تلك المتعلقة بدراسة المرأة المسلمة يا تري؟ هنا انقسم المحللون ومعظمهم اكاديميات متأثرات بالحركة النسوية في النصف الثاني من القرن العشرين. في موضوع الحجاب قرر بعضهن انه مؤسسة اقصائية لا تعطي المرأة حق التصرف بجسدها بينما رأت مجموعة اخري ان الحجاب محرر للمرأة من استهلاكية الغربي الذي يجعل من الجسد محطة للدعاية والاثارة. ورغم العمل القيم الذي قامت به مجموعة كبيرة من عالمات في الاجتماع والانثروبولوجيا الا ان خطابهن بقي مهمشا في الاطار العام للخطاب الغربي عن المرأة المسلمة. تظل الصور الاولي قابعة في المخيلة الغربية ومؤصلة بأدبيات قديمة وحديثة.
خطاب سترو اذا ليس الا وقفة هامشية في المسيرة الطويلة التي ادت الي النظرة السلبية لموضوع الحجاب بشكل عام والنقاب بشكل خاص.
نقول ان الحجاب بشكل عام لا يقف حجر عثرة في طريق الاندماج والانصهار في المجتمع المستقبل للمرأة المسلمة ولكن اعتراف سترو انه طلب من بعض المنقبات نزع نقابهن لا يمكن ان يقبل لأسباب متعددة. ماذا يريد سترو ان يقرأ في وجه امرأة تأتيه بمشاكلها في بلاكبورن؟ طبعا سترو نشأ في بيئة لا تعرف الا قراءة الجسد وكأن الكلام لا يكفي. هل يا تري يشك سترو في صدق محدثته وكلامها المسموع لذلك يريد ان يقرأ اللغة الجسدية وخاصة ما تبثه عضلات الوجه والعين؟
ان يطلب رجل في موقع سلطة كسترو من امرأة ان تنزع اي قطعة من ملابسها يعرف في القانون البريطاني انه تحرش جنسي مهما كانت نوايا الرجل حسنة. كذلك تصوروا موقفا آخر، لو طلبت من فتيات في صف الدراسة ان يغطين صدورهن المندلقة علي مقاعد الدراسة لان في ذلك بعض الاثارة لشباب الصف وتشتيت لأذهان الذكور في محاضراتي لاتهمت بأنني اتدخل في خصوصيات طلابي الاناث كذلك لو طلبت من تلميذة من تلميذاتي ان تنزع المسمار الذي يتوسط لسانها او الحلقة التي تربط اذنها بحاجبها لاتهمت انني ارفض نمطا معينا من الحلي وارفض ان تعبر هذه التمليذة عن خصوصيتها وذوقها الرفيع مهما كانت السلاسل هذه مصدرا لازعاجي وحتي قرفي من المسامير المحاطة بهالة من الالتهابات الناتجة عن التصاق المعدن بمناطق حساسة من الجسد والوجه.
اعترف ان مسامير اللسان تشتت ذهني وتجعلني اقل تركيزا علي ما تقوله تلميذتي ولكنني مجبرة علي ان اتقبلها كما هي واتجاوز حساسيتي من المسامير. وبالفعل مع مرور الزمن يصبح المرء اكثر تعودا وليس قبولا لمثل هذا النوع من الثقوب والمعادن. لماذا لا يتعود سترو مثلا علي الاكتفاء بالكلمة ويعتبرها صادقة ليست بحاجة لفضلات الوجه لاثباتها او لماذا لا يتعود سترو مثلا علي قراءة لغة العيون فهي دوما صادقة ومعبرة عن خبايا النفس.
مشكلة سترو وغيره ليس مع النقاب او الحجاب. المشكلة اكبر من ذلك بكثير، الهوية هي اليوم علي المنصة للبحث والنقاش. النقاب او الحجاب هو اليوم ساحة واحدة فقط من ساحات معركة الهويات وصراعها ليس فقط في بريطانيا بل في مناطق اخري من الغرب وحتي في العالم الاسلامي.
يجب ان يقرأ سترو الحجاب ليس من منظور التعددية او من منظور الاندماج اذ ان عدم الاندماج ليس سببه الحجاب وانما ما هو اكبر منه بكثير. التقوقع الذي حصل في بعض اطراف الجالية المسلمة في الغرب هو نتيجة عوامل داخلية خاصة بهذه المجتمعات وليس سببه خرق المسلات المنسدلات علي رؤوسهن. لعدم الاندماج ثنائية المسـؤول عنها طرفان: اولا المجتمع الحاضن للأقليات وثانيا الاقليات ذاتها.
لا يزال المجتمع الحاضن يحاول ان يخترق الحجاب وخاصة النقاب بالذات فمهما استهلكت المرأة المسلمة من منتجات غربية تخبئها تحت الجلباب الا انها ستظل الشغل الشاغل لطيف كبير من السياسيين والاعلاميين والمحللين الغربيين. لقد حصل بالفعل تصدير المنتجات الغربية للمسلمة والتي تستهلكها كما تستهلكها المرأة الغربية لكن الاختراق الاقتصادي لا يعوض عن الاختراق الحضاري المرجو هذا الاخير يعتبره الغرب مرتبطا بتغيير النمط السلوكي بدءاً بالزي وتبعاته.
سيظل الوجه المحور الرئيسي للنقاش وسيظل الكثير من النساء متمسكات به رغم كل الضغوط لانه المعركة ربما الاخيرة التي ستفجر الكثير من الامور. قبل ان يسقط سترو النقاب عليه اولا ان يطلع علي مجلدات كبيرة من النقاش الفقهي والتي دارت عبر العصور بين المسلمين انفسهم حول الموضوع ذاته ليري ان التعددية الحقيقية ليست حكرا علي الغرب او ثقافة الـMulticulturalism التي تتغني بها بريطانيا لا لشيء الا لتتعالي علي جارتها الفرنسية. لم تخترع بريطانيا وحدها فقه التعددية بل هناك حضارات اخري اجتهدت قبلها بكثير. ولكن يبدو ان ادبيات الرحالة السابقة لا تزال تهيمن علي النظرة الغربية المعاصرة والتي جاء خطاب سترو لينفس عنها ولو بعض الشيء


توقيع : حسين الحمداني


زهرة الشرق

zahrah.com

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-10-13, 02:33 PM   #5
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المرأة المسلمة في المخيلة الغربية


بدءاً بالزي وتبعاته.
سيظل الوجه المحور الرئيسي للنقاش وسيظل الكثير من النساء متمسكات به رغم كل الضغوط لانه المعركة ربما الاخيرة التي ستفجر الكثير من الامور. قبل ان يسقط سترو النقاب عليه اولا ان يطلع علي مجلدات كبيرة من النقاش الفقهي والتي دارت عبر العصور بين المسلمين انفسهم حول الموضوع ذاته ليري ان


توقيع : حسين الحمداني


زهرة الشرق

zahrah.com

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المخيلة , المرأة , المسألة , العربية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
للمرأة سبعين اسم ... خشى وشوفى معنى اسمك okkamal حواء وآدم 27 21-12-09 04:54 PM
المـــرأة عــنــد الـــروائيين مقهـــورة هيام1 أوراق ثقافية 2 24-05-09 02:15 PM
للمراة سبعين لقب..اكتشفي لقبك؟؟! nana_moon حواء وآدم 15 06-07-08 06:32 PM
المرأة المسلمة والأعاصير الغربية ! الحق الدامغ المواضيع المكررة والمخالفة 1 16-10-02 04:46 AM
هناك سبعين نوع من الحريم :) Q8 Devil واحة الزهـرة 5 29-07-02 03:52 AM


الساعة الآن 09:21 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)