ملفات سوداء

انه الملف الثاني اخوتي:
مخصّصات الأسرى .. ومعضلة التمييز


لطالما كانت قضيّة الأسرى من أولويّات الشعب الفلسطينيّ، فالأسرى همْ منْ ضحّوا بأحلى سني عمرهم من أجل القضيّة وتحرير الأرض من رجس الصهاينة.
وكأقلّ الواجب تجاه الأسرى، كان الشعب الفلسطينيّ قد خصّص ميزانيّةً لهم، لدعم صمودهم، والتذكير بقضيّتهم دوماً، ودعم أسرهم أيضاً. وكانت هذه الميزانيّة متمثّلة في وزارة شؤون الأسرى والمحرّرين.
إلا أنّ هذه الوزارة، وكغيرها من الوزارات في حقب الحكومات السابقة، لم تستلم من عبث العابثين وفساد المتنفّذين، حتّى أضحى صندوق دعم الأسرى مرتعاً للنهب والهدر والاستغلال والتمييز. وكم من مرّةٍ إبّان عهد الحكومات السابقة سُمِع عن اتٍ هنا وهناك بسبب الفساد الموجود في وزارة شؤون الأسرى، وإهمال حقوق أسرى من فصائل معيّنة دون أسرى من فصائل أخرى.
تمييزٌ في توزيع المخصّصات!
ولتقريب الصورة أكثر وبالأرقام، كشف وزير شؤون الأسرى والمحرّرين في الحكومة الفلسطينيّة المنتخبة الحاليّة؛ المهندس وصفي قبها؛ عن التمييز في مخصّصات الأسرى في عهد الحكومات السابقة.
فقد ذكر أنّه كان يتمّ في عهد الحكومة السابقة صرف مبلغ 800 شيقل لكلّ أسيرٍ من أسرى "فتح" ومنظمة التحرير، إضافةً إلى المخصّص أصلاً لكافة الأسرى من الوزارة. وكان هذا يتمّ منذ منتصف عام 2003م وحتى الأشهر الماضية قبل تسلّم الحكومة الجديدة مهامّها، ممّا يعني دفْع مبلغ 150 مليون شيقل امتيازاتٍ لأسرى منظمة التحرير دون أسرى حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي".
أمّا بالنسبة لمخصّصات الكانتينا، فقد قال الوزير: إنه كان يُدفَع مبلغٌ مقطوعٌ يتجاوز 30 ألف شيقل لكلّ سجنٍ كمصاريف خاصّة بأسرى تنظيم "فتح" من صندوق الوزارة دون سواهم، في الوقت الذي كان يُدفَع لكلّ أسيرٍ مبلغ 180 شيقلاً مصروفاً داخل السجن لجميع الأسرى، بما فيهم أسرى "فتح". وقد وصل المبلغ المدفوع خلال المدة الماضية لأسرى حركة "فتح" زيادةً عن الأسرى الآخرين حوالي 12 مليون شيقل.
حتّى المواد العينيّة!
أمّا على صعيد المواد العينية، فقد أضاف الوزير قبها قائلاً: "على سبيل المثال شراء الدخان لأسرى حركة (فتح). كانت السلطة تتنازل عن الرسوم الضريبية والجمركية المفروضة على جلب السجائر والخاصة بحركة (فتح) دون سواهم والتي تبلغ حوالي 87 % من قيمة الدخان، بمعنى أنّ السلطة كانت تساهم بقيمة 8.7 مليون شيقل في كلّ علبة سجائر تدخل لتنظيم (فتح) دون باقي الأسرى.. فإذا علِمنا أنّ ثمن الدخان الذي دخل إلى سجن النقب هو 100000 شيقل، فإنّ الحكومة تكون قد تحمّلت وشاركت خرينتها بـ87000 شيقل كرسومٍ ضريبية وجمارك. ومن هنا يمكن أنْ نتصور إجمالي المبالغ التي تحمّلتها الحكومة السابقة لصالح أسرى حركة (فتح) دون سواهم خلال السنوات الماضية".
وما خَفِيَ أعظم..
ما كَشَف عنه الوزير يُعَدّ خلاصة ما تمّ الكشف عنه من فسادٍ داخل وزارة شؤون الأسرى والمحرّرين في عهد الحكومات السابقة. ويمكن تصوّر سبب قيام بعض المتنفّذين في حركة "فتح" أو الحكومات السابقة بالتحريض ضدّ الوزارة الحاليّة، وضدّ الوزير شخصيّاً، حيث إنّ بعض المبالغ المذكورة سابقاً كان يستفيد منها أناسٌ معيّنون، واعتادوا على الاستئثار بالمال وأكْل حقوق الآخرين. وبلغ هذه التحريض ذروته ممَّا أدّى إلى حدوث فلتانٍ أمنيّ، بالأخص في بعض مناطق الضفّة الغربيّة؛ تمثّلت باعتداءاتٍ على مقرّات الوزارة، واقتحامها وإطلاق النار على المكاتب والموظّفين، وإغلاق بعضها، كما تعرّضت سيّارة الوزير قبها للحرق في مدينة جنين دون أن يلحق بالوزير أذى.
استغلال قضيّة الأسرى..
إلا أنّ الفساد الموجود في وزارة الأسرى والذي يهضم حقوق الكثيرين من الأسرى يبقى أقلّ درجةً من استغلالهم سياسيّاً لتمرير اتفاقات التنازل والقرارات الدوليّة الظالمة التي تنتقص من حقوق شعبٍ كامل، كما حصل مع رئيس السلطة "أبو مازن" عندما استخدم ما سُمِّيَ بـ"وثيقة الأسرى" كورقة ضغطٍ ضدّ فصائل المقاومة وهدّد بعرض هذه "الوثيقة" التي صدرت من سجنٍ واحدٍ فقط على الاستفتاء الشعبيّ في حال لم يتمّ الاتفاق بين الفصائل على شكل حكومة الوحدة الوطنيّة قبل نحو شهريْن.
كلّ هذا الفساد وهذا الاستغلال يزيد عن عذابات الأسرى، إلا أنّه في الوقت ذاته لا يفتّ في عضدهم أو صمودهم، متفائلين بفئة الخير والمقاومة التي تسعى لإحقاق حقوقهم وتسعى للإفراج عنهم مهما كلّف الأمر.

لقد بدأ بزوغ فجر الحساب والعقاب لمن ظنوا أنهم سيخلدون في عرش الفساد والظلم والبغي.

في انتظار السقوط الكبير لرموز الفساد والإفساد

يمهل ولا يهمــــل

بارك الله فيك يا لما على هذا الموضوع