العودة   منتديات زهرة الشرق > >{}{ منتديات الزهرة العامة }{}< > واحة الزهـرة

واحة الزهـرة زهرة الشرق - غرائب من العالم - حوارات ساخنة - نقاشات هادفة - معلومات مفيدة - حكم - آراء - مواضيع عامة - أخبار وأحداث يومية من العـالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 25-01-11, 08:57 AM   #1
 
الصورة الرمزية sad_girl

sad_girl
فخر زهرة الشرق

رقم العضوية : 334
تاريخ التسجيل : Aug 2002
عدد المشاركات : 2,424
عدد النقاط : 177

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ sad_girl
بس دقيقة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


من المقالات القيمة والمفيدة


كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة إلى مدينة تبعد حوالي 330 كم،
وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكر
وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية: الناس ينتظرون،
أرجوكِ تنحّي جانباً. فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال،
وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة،
فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة،
وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع.
قلتُ لها: هذا يورو وأعطها البطاقة.
وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.

اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني، فتوقعت أنها تريد أن تشكرني،
إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق،
فقالت لي بصيغة الأمر: احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها.

كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لها مثيل.
بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة،
ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.

حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة
وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد: أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادة الآن!
لكن السيدة منعتني و جلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف،
فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه،
وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي، حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها،
فالتفتُ إليها.

عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.

- صبري على ماذا؟

- على قلة ذوقي
أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.

لا أظنك تعرفين وليس مهماً أن تعرفي.

حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.

- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.

- عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك اليورو، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك؟

- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟

- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.

- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟

- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه، ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.

أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها.
لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر،
وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي. مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة،
لكنني لن أسألها عن شيء،
أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.

أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود
وقالت : أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة،
جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار.
أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي،
إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة،
فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة، ولم أكن أدري أنه ممنوع.
أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك، حيث دفعت عني دون أن أطلب منك.
الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط، سأقول لك أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.

قاطعتُ المرأة مبتسماً : أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك،
لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟

": قالت بَسْ دقيقة".

- سأنتظر دقيقة.

- لا، لا، لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.

- ما فهمت شيئاً.

- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟

- ربما.

- سأشرح لك: "بس دقيقة"،
لا تنسَ هذه الكلمة. في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً،
عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية،
ستين ثانية. هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟
في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أمور كثيرة، ولكن بشرط.

- وما هو الشرط؟

- أن تتجرد عن نفسك، وتفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية دفعة واحدة،
وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز،
فمثلاً : إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك
فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً،
أو جزء منه، وعندها قد تغير قرارك تجاهه.
إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً
فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.


دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة،
في حين أنها قد تكون كارثية. دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك
وأكثر بعداً عن هواك. دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك،
وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة؟

- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو.

- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر. والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.

أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة،
لأنتبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة: هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي،
فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هي مشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب واحد يورو من أحد.

- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟

- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.

علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي وهي تمسك بيدي
قائلة: اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!

وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...

لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة.
كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة، حتى إنني شعرت بنوع من الحزن
عندما غادرتْ الحافلة عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.

قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها،
ثم التفتتْ إليّ قائلة: على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد
فأعطيتها جوالي لتتصل. المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعة تقريباً
استلمتُ رسالتين على الجوال، الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو،
والثانية منها تقول فيها: كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك.
إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك.
فرددتُ عليها برسالة قلت فيها: عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية
لكنني لم أتجرأ أن أقولها لك، أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ على الحكمة واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.

"بس دقيقة"

حكمة أعرضها للبيع،

فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير الكثير من الساعات دون فائدة؟


بقلم: محمد عبد الوهاب جسري


توقيع : sad_girl


زهرة الشرق

sad_girl غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-11, 01:50 PM   #2
 
الصورة الرمزية حبىالزهرة

حبىالزهرة
المراقب العـام

رقم العضوية : 1295
تاريخ التسجيل : Oct 2003
عدد المشاركات : 29,780
عدد النقاط : 263

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حبىالزهرة
رد: بس دقيقة


الكثير يستهين بالدقيقة ولكن متى ما علم

كم بأمكانه أن يفعل لحرص على ان يفعل

ففي الدقيقة الكثير كما استفدنا مما ذكرت

تحيتي لشخصك


توقيع : حبىالزهرة

الصدق في أقوالنا أقوى لنا
والكذب في أفعالنا أفعى لنا


زهرة الشرق .. أكبر تجمع عائلي

حبىالزهرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-11, 01:24 AM   #3
 
الصورة الرمزية Bedoor

Bedoor
العضوية البرونزية

رقم العضوية : 8970
تاريخ التسجيل : Sep 2007
عدد المشاركات : 537
عدد النقاط : 40

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ Bedoor
رد: بس دقيقة


بصراحة استمتعت بقراءة هالموضوع الهادف جدا عن الدقيقة وما تفعله بالزمن
القلبية وبالتوفيق


توقيع : Bedoor

Bedoor غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-11, 01:38 AM   #4
 
الصورة الرمزية أحلام الصغيرة

أحلام الصغيرة
محررة في زهرة الشرق

رقم العضوية : 8801
تاريخ التسجيل : Aug 2007
عدد المشاركات : 2,978
عدد النقاط : 57

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ أحلام الصغيرة
رد: بس دقيقة


بجد كتييير حلوة القصة

تعلمت الكثير

وعلمت عظمة الدقيقه

شكراً اختي


توقيع : أحلام الصغيرة

زهرة الشرق

أحلام الصغيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-11, 09:43 PM   #5
 
الصورة الرمزية Sosta

Sosta
مشرفة منتدى الصور

رقم العضوية : 13288
تاريخ التسجيل : Nov 2009
عدد المشاركات : 1,322
عدد النقاط : 204

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ Sosta
رد: بس دقيقة


بصراحة روعة
شكرا ياساد


Sosta غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-11, 12:48 AM   #6
 
الصورة الرمزية رماح

رماح
العضوية الفضية

رقم العضوية : 7426
تاريخ التسجيل : May 2007
عدد المشاركات : 802
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ رماح
رد: بس دقيقة


رماح
**************************


رماح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-11, 12:59 PM   #7
 
الصورة الرمزية الم وامل

الم وامل
عضوية متميزة

رقم العضوية : 12499
تاريخ التسجيل : Apr 2009
عدد المشاركات : 339
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ الم وامل
رد: بس دقيقة


فى دقيقة واحدة يمكن ان نفعل الكثير اذا عرفنا كيف نستثمرها ونحافظ عليها

حكمة قيمة


شكرا لك


الم وامل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
دقيقة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مشاريع استثمارية تستطيع إنجازها في دقيقة واحدة الم وامل نفحات إيمانية 6 07-10-09 11:20 AM
المشي 40 دقيقة .. يخفض ضغط الدم المرتفع امل2005 التغذية والصحة 7 21-12-08 10:45 AM
امسح ذنوب عمرك في دقيقة واحدة نجمة الشرق المواضيع المكررة والمخالفة 1 18-08-08 11:51 PM
كوني رشيقة في عشرين دقيقة Red_eYe الريجيم والحمية 3 26-07-08 08:39 AM
أفضل طريقة لاغتنام الدقيقة!!! زهرة الياسمين نفحات إيمانية 4 06-04-03 09:41 AM


الساعة الآن 06:26 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

زهرة الشرق   -   الحياة الزوجية   -   صور وغرائب   -   التغذية والصحة   -   ديكورات منزلية   -   العناية بالبشرة   -   أزياء نسائية   -   كمبيوتر   -   أطباق ومأكولات -   ريجيم ورشاقة -   أسرار الحياة الزوجية -   العناية بالبشرة

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات زهرة الشرق ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك

(ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)