من أنا؟.... (احدى غرائب نزار قباني)

من أنا؟

سأوفر عليكم الوقت , وعذاب طرح الأسئلة ,وأقول لكم : انني شاعر قرر بينه وبين نفسه في الأربعينيات ان يشغل اللغة من اول نقطة حبر حتى آخر نقطة حبر...ويشمل الوطن الممتد من البحر الى البحر....ومن القهر الى القهر....خريطة الاشياء لم تكن تعجبني ...فلخبطتها,ووجه أبي جهل لم يكن يعجبني ...فلخبطته, وإسكافيو الشعر العربي لم يكونوا يعجبوني فتعاركت معهم , وارحت قدمي من أحذيتهم الثقيلة .....أردت أن اكتب شعراً يحمل توقيعي وحدي ....لاتوقيع عشرة الآف شاعر آخر يكتبون بالعربية والفرنسية والانجليزية والتركية والاسبانية والصينية....حلمت بأن اكتب قصيدة لحسابي الخاص...دون ان اسحب أي قرش من ميراث العائلة....وأموالها الطائلة الموجودة في ((كتاب الأغاني))و((العقد الفريد)) وبنك((الخليل بن أحمد الفراهيدي)).

من أنا؟

أنا شاعر لا يزال يفتش عن الحرف التاسع والعشرين في الابجدية العربية ....أحاول التنقيب عن الماء في النصوص التي نشف فيها الماء من كثرة الشاربين....أحاول ان اخترع شجراً ....وقمراً...وبساتين فاكهة ....ونخيل
الحرف التاسع والعشرون هو الكنز المسحور الذي مات ألوف الشعراء قبل ان يكتشفوه....وسيموت ألوف من الشعراء على امل اكتشافه....قد يكون الحرف التاسع والعشرون موجوداً او غير موجود, وقد يكون حقيقة وقد يكون كذبة...وقد يكون كحجر الفلاسفة تشكيلا ذهنياً بحتاً....ولكن رغم كل شيء لايستطيع الشاعر الحقيقي إلا ان يفترض وجوده ويستمر في رحلة البحث عنه
حروف الابجدية الثمانية والعشرون هي آثار مكتشفة, ومعروضة في كل المكتبات والمتاحف ودور المخطوطات , لذلك فهي ممتلكات ثابتة وعصافير في متناول اليد...أما الشاعر فان عينه مصوبة دائما إلى العصافير التي لم يلتقطها بعد...لا إلى العصافير التي التقطها فإذا كان الناس العاديون يفضلون عصفورا على الشجرة فإن الشعراء لايعترفون بهذا المنطق ويفضلون عصافير المجهول على كل ما يباع في سوق الطيور...الشاعر هو بائع خواتم الدهشة....بائع الذهول والانبهار....لا بائع الثياب القديمة والجرائد القديمة والعاديات ....... لذلك يتهم الشعراء دائما بالعدوانية على التاريخ .... والتنكر لشجرة العائلة .... وتبديد أموالها .... وتخريب لغتها... وتشويه قينها ومثالياتها ..... والخروج عن النهج القويم .

من أنا؟

إنني شاعر تصادمي ...شاعر إذا لم يجد من يتخانق معه يتخانق مع ورقة الكتابة ... ومع الفعل والفاعل والمفعول به , ومع اخوات كان وتاء التأنيث ونون النسوة
حتى حبيبتي اذا حاولت ان تكتم انفاسي بشعرها الطويل ... خرجت بمظاهرة ضد اللون الاسود ... انني لا استطيع ان اكون مريحاً ... لا مع المراة ولا مع الوطن
لكنني استطيع ان اكتب لابد ان اكون مستنفراً إلى اقصى حالات الاستنفار
وان اكون متحفزاً ومتوتر الاعصاب كفهد افريقي ... لايمكنني أن اصير حمامة زاجلة .... او نباتا داخلياً للزينة .... او سمكة في ((اكواريوم))
أفضل الف مرة ان اكون سمكة قرش في البحر الأحمر ... على أن اكون سمكة سردين تأكل بالزيت والليمون
هل يعني هذا ان العدوانية من طبيعة الشعر ؟
بالأساس لا ....ولكن الشاعر العربي يجد نفسه منذ ولادته حتى موته ...نافش الريش ... عصبي الصوت .... كديكٍ موضوع في الاقامة الجبرية... يتخذ ليلاً ونهاراً وضع الدفاع عن نفسه .... وعن دجاجاته ....إذن كيف يمكن للشاعر العربي ان يتصالح مع واقعه ؟
كيف يمكن ان يختم فمه بالشمع الأحمر .؟
كيف يمكن ان يشعر بالطمأنينة ... وتجار الطيور من حوله يزايدون على ريشه وجناحيه.... وعذوبة صوته .... وقوة حنجرته؟

من أنا ؟

انا شاعر مزروع كالرمح في الزمن العربي .... أنا أدميه وهو يدميني
يحاول تغيير صوتي ... أنا أحاول ان افضحه .... يحاول استئصال حنجرتي ... أنا أحاول تحديه .... وهو يحاول رشوتي
أنا رجل يصحو وينام ويكتب على ضفاف الجرح العربي المتقيح منذ سقوط الدولة العباسية حتى اليوم..... في هذا الاطار غير المريح وهذا الطقس غير المعتدل ..... وهذه البحار التي لا سواحل لها ..... أمارس السفر والكتباة
هناك بعض المسافرين من الكتاب والشعراء العرب قطعوا رحلتهم وعادوا , وأما أنا فيبدو أن دوار البحر هو قدري ... والتصادم مع الديناصورات هو جزء من تاريخي .... عن شعري هو محاولة لكسر جاذبية الأرض العربية .... إن السباحة ضد جاذبية الأرض عملية منهكة ... والخروج من منطقة نفوذ القبيلة وأفكارها وعاداتها وقناعاتها , مهمة صعبة , ولكن من قراءة تاريخ الفكر العربي والعالمي , يتبين أن الأدب الكبير كان دائماً مقترناً بالشهادة .

نزار قباني


كم احببتك ولازلت احبك وساظل احبك مادمت احب الجمال
لان شعرك يا استاذي دوما يكون رمز الجمال
مهما قرأت ومهما عشقت ستظل انت اول من علمني كيف احب
تظل انت من علمني كيف اتغزل بكلماتك امام كل انثى
انت من جعلت الانثى انثى .... وانت من جعلت الرجل عاشقا
تحية مني لك ولاشعارك الخالدة .... قيصر سامراء

ألف شكر لك أخوي القيصر على روعة الاختيارات


الله يعطيك العافية أخوي




اختك

نزار قباني يختلف عليه الجميع

شاعر متمكن ومبدع


قرات له منذو زمن عن الثوره عن فلسطين وابدع

احب النوع هذا من شعره


شكر قيصر

اشكركاخي**قيصرسامراء**



علىحسنالاختيار

اشكرك اخي ** قيصر سامراء **



على حسن الاختيار