عرض مشاركة واحدة
قديم 14-06-09, 02:44 AM   #49
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


- 191 -
مَا يَأْبَه لِقَوْل اَلْآكِل : ‎ " أَنَّهُ لَسَاحَ " وَلَا إِذَا قَصَب :
" أَنَّهُ بِالدَّكَّةِ شاح " . وَاَللَّه اَلْمُسْتَنْصِر عَلَى الإلاقي , لَمْ تُوزَن اَلرَّاكِدَة
بالأواقي [ والإلاقي مَنْسُوب إِلَى الإلاق وَهُوَ اَلْبَرْق اَلْكَاذِب ]
وَكَيْفَ أَغْتَبِط إِذَا تخرص عَلَيَّ , وَعَزَيْت اَلْمَعْرِفَة إِلَيَّ ? وَلَسْت آمِنًا فِي اَلْعَاقِبَة ,
فَضِيحَة غَيْر مصاقبة , وَمَثَلِي , إِنْ جذلت بِذَلِكَ , مِثْل مَنْ اِتَّهَمَ بِمَال , فَاعْتَقَدَ أَنَّ
مَا ذَاعَ مِنْ اَلْخَبَر يَأْتِيه بِجَمَال , فَسَّرَهُ قَوْل اَلْجَهَلَة : أَنَّهُ لِحِلْف اَلْيَسَار . فَطَلَبَ
مِنْهُ بَعْض اَلسَّلَاطِين أَنْ يَحْمِل إِلَيْهِ جُمْلَة وَافِرَة , فَصَادَتْ كَذُوبَة زافرة , وَضَرَبَهُ
كَيْ يُقِرّ , وَقَتَلَ فِي اَلْعُقُوبَة وَلَمْ يُعْطِ اَلْبَرّ .
وَقَدْ شَهِدَ اَللَّه أَنِّي أجذل بِمَنْ عَابَنِي لِأَنَّهُ صَدَقَ فِيمَا رَابَنِي , وَأَهْتَمّ لِثَنَاء
مكذوب , يَتْرُكنِي كَالطَّرِيدَةِ العذوب , وَلَوْ نَطَحَتْ
- 291 -
بِقَرْنِيّ اَلْجَرَادَة , لَامْتَنَعَتْ مِنْ كُلّ إِرَادَة , فَأَمَّا روق اَلْوَعْل , فأعوزه عِنْدِي
نُطِيح , لِأَنِّي بروق اَلظَّبْي أُطِيح . فَغَفَرَ اَللَّه لِمَنْ ظَنَّ حِسّنَا بِالْمُسِيءِ , وَجَعْله
حُجَّة فِي النسيء , وَلَوْلَا كَرَاهَتِي حُضُورًا بَيْن اَلنَّاس , وَإِيثَارِي أَنْ أَمُوت مَيْتَة
كَلْب فِي كَنَّاس , فَاجْتَمَعَ مَعِي أُولَئِكَ الخائلون , لَصَحَّ أَنَّهُمْ عَنْ عَنْ اَلرُّشْد مَائِلُونَ
, وَأَنَارَ لَهُمْ اَلْحَقّ اَلطَّامِس , وَقَبَضَ عَلَى القتاد اَللَّامِس .
وَأَمَّا وُرُوده حَلَب , حَرَسَهَا اَللَّه , فَلَوْ كَانَتْ تَعْقِل لَفَرِحَتْ بِهِ فَرَح الشطاء
المنهبلة , لَيْسَتْ بالآبلة وَلَا المؤتبلة , شحط سَلِيلهَا اَلْوَاحِد , وَمَا هُوَ
لِحَقِّهَا جَاحِد . وَقَدَّمَ بَعْد أَعْوَام , فَنَقَعَتْ بِهِ فَرْط أوام , وَكَانَتْ مَعَهُ كَالْخَنْسَاءِ
ذَات البرغز رَتَعَتْ بِهِ فِي اَلْأَصِيل , وَلَيْسَ هُوَ لحشف بوصيل , فَلَمَّا رَأَتْ اَلْمَكَان
آمَنَّا ,
- 391 -
وَلَمْ تَخْشَ لِلسَّرَاحِ اَلْجَمْع كَامِنًا , اِنْبَسَطَتْ فِي اَلْمُرَاد اَلْوَاسِع وَخَلَّفَتْهُ , يُحَاوِل
أَنْفَا تَكْلِفَته , لِتَجُرّ لِذَلِكَ اَلْوَلَد مَا فِي الأخلاف , وَلَا تَلَافِي بَعِيد التلاف ,
فَعَادَتْ اَلْمِسْكِينَة فَلَمْ تَصُبّهُ , فَقَالَتْ لِلصَّمَدِ : لَا تَنْصِبهُ إِنْ كَانَ وَقْع فِي مَخَالِب
اَلدِّيب , وَمِنِّي بِبَعْض اَلتَّعْذِيب , فَأَنْتَ اَلْقَادِر عَلَى تَعْوِيض اَلْأَطْفَال , وَالْعَالَم
بِعَقِبِي الطيرة والفال , فَبَيْنَمَا هِيَ تُرَدِّد بَيْن اَلْعِلَّة وَالْوَلَه بِغَمّ لَهَا اَلْفَقِيد
مِنْ جقف اِتَّخَذَ فِيهِ مَرْبِضًا , وَلَمْ يَرَ مِنْ اَلرُّمَاة منبضا , هكع لِمَا شَبِعَ . فَمَا
ساءة اَلْقَدْر وَلَا سَبْع . فَغَمَرَ فُؤَادهَا اِبْتِهَاج , مِنْ بَعْد مَا وَضَّحَ لَهَا اَلْمِنْهَاج .
وَلَوْ رَجَعَ " القارظ " إِلَى " عَنْزه " , مَا بَانَ فِيهَا اَلطَّرَب لِلرَّجْعَةِ , وَمَا قَدْر
مِنْ زَوَال الفجعة , إِلَّا دُون مَا أَنَا مُضْمِر مجن , مِنْ اَلسُّمْرَة بِدُنُوّ اَلدِّيَار .
وَإِلْقَائِهِ عَصَا التسيار , فَالْحَمْد لِلَّهِ اَلَّذِي أَعَادَ البارق إِلَى اَلْغَمَام الوسمي ,
وَأَتَى المومض بحلى السمي
- 491 -
وَإِنَّ حَلَب اَلْمَنْصُورَة لِتَخْتَلّ إِلَى مَنْ يَعْرِف قَلِيلًا مِنْ عِلْم , فِي أَيَّام اَلْمُحَارَبَة
وَالسِّلْم , فَمَا بَاله شَيَّدَ اَللَّه اَلْآدَاب بِأَنْ يَزِيدهُ فِي اَلْمُدَّة فَإِنَّمَا هُوَ لِغُرَابِهَا
كَالْعِدَّةِ .
وَإِنِّي لِأَعْجَب مِنْ تمالؤ جَمَاعَة , عَلَى أَمْر لَيْسَ بِالْحُسْنِ وَلَا اَلطَّاعَة , وَلَا ثَبَتَ لَهُ
يَقِين , فيشوفه اَلصُّنْع أَوْ يَقِين قَدْ كِدْت أَلْحَق بِرَهْط اَلْعَدَم , مِنْ غَيْر اَلْأَسَف وَلَا
اَلنَّدَم , وَلَكِنَّمَا أَرْهَب قُدُومِي عَلَى اَلْجِدَار , وَلَمْ أُصْلِح نَخْلِي بإبار . وَقِيلَ لِبَعْض
اَلْحُكَمَاء : ‎ إِنَّ فُلَانًا تَلَطَّفَ حَتَّى قَتْل نَفْسه , وَلَمْ يُطِقْ فِي اَلدَّار اَلْخَالِيَة عفسه ,
وَكَرِهَ أَنْ يُمَارِس بَدَائِع اَلشُّرُور , وَأَحَبّ اَلنَّقْلَة إِلَى مَنَازِل اَلشُّرُور , فَقَالَ
اَلْحَكِيم قَوْلًا مَعْنَاهُ : ‎ أَخْطَأَ ذَلِكَ اَلشَّابّ اَلْمُقْتَبَل , لَهُ وَلِأُمِّهِ يَحِقّ اَلْهُبْل هَلَّا
صَبَرَ عَلَى صُرُوف اَلزَّمَان , حَتَّى يمنو لَهُ اَلْقَدْر مان ? فَإِنَّهُ لَا يَشْعُر عَلَّام يُقَدِّم ,
وَلِكُلّ بَيْت هَدْم ! وَلَوْلَا حِكْمَة اَللَّه جَلَتْ قُدْرَته , وَأَنَّهُ حَجَزَ اَلرَّجُل عَنْ اَلْمَوْت ,
بِالْخَوْفِ مِنْ العلز وَالْفَوْت , لَرَغِبَ كُلّ مَنْ اِحْتَدَمَ غَضَبه , وَكُلّ عَنْ ضَرِيبَة مقضبه ,
أَنْ تَنْزِع لَهُ مِنْ اَلْمَوْت
- 591 -
كُؤُوس , وَاَللَّه اَلْعَالِم بِمَا يؤوس .
وَأَمَّا أَبُو اَلْقَطْرَان اَلْأَسَدِيّ , وَأَيّ اَلْبَشَر مِنْ اَلْخُطُوب مفدي , فَصَاحِب غَزَل وَتُبْطِل ,
وَتُوَقِّر عَلَى الخرد . وَتُعَطِّل , وَمَا أَشُكّ أَنَّ اَلشَّيْخ , أَقَرَّ اَللَّه عَيْن اَلْأَدَب
بِالزِّيَادَةِ فِي عُمْره أَشَدّ شَوْقًا إِلَى أَحْمَد بْن يَحْيَى مَعَ صَمَمه , وَأَبِي اَلْحَسَن الأثرم
مَعَ ثرمه , مِنْ المرار بْن سَعِيد عِنْد رَجَاء اَلْعُمْدَة وَخَوْف اَلْوَعِيد , وَهُوَ ذَلِكَ
المتهيم إِلَى " وَحْشِيَّة " , وَإِنَّ فَقْد لِبَيْنِهَا الحشية , وَأُذَكِّر ثَغْرًا كالإغريض ,
وَخَدًّا يَعْدِل بِلَوْن الأحريض وَإِنَّمَا وَدَّ اَلْغَانِيَة خَلَّاب وَخَدَّاع , وَلِلْكَمَدِ فِي هَوَاهُ
اِبْتِدَاع . وَلَوْ هَلَكَتْ تِلْكَ اَلْمَرْأَة والمرار يَعِيش , لِعَدّ أَنَّهُ بِتَلَفِهَا نَعِيش , وَلَا
سِيَّمَا بَعْد اَلسِّنّ اَلْعَالِيَة , وَقُوَّة اَلنَّفْس اَلْآلِيَّة . وَلَعَلَّ أَبَا اَلْقَطْرَان لَوْ مُتِّعَ
بِهَذِهِ اَلْمَذْكُورَة مَا يَكُون قِدْره مِائَة حِقْبَة , عَلَى غَيْر اَلْجَزَع وَالرَّقَبَة , لَجَازَ أَنْ
يغرض مِنْ اَلْوِصَال , إِذَا عَلِمَ أَنَّ حَبْله فِي اِتِّصَال . وَلَوْ نَزَلَ بِهَا شَيْء تَتَغَيَّر بِهِ
عَنْ اَلْعَهْد , لِتُمَنِّنِي أَنْ تَقْذِف إِلَى غَيْر اَلْمَهْد , لِأَنَّ اِبْن آدَم بَخِيل مَلُول , تُسِرِّي
بِهِ إِلَى اَلْمَنِيَّة أُمَوَّن ذَلُول . وَلَوْ أَصَابَهَا اَلْعَوَر , بَعْد أَنْ سَكَنَ عَيْنهَا اَلْحَوَر ,
لِظَنّ أَنَّ ذَلِكَ نَبَأ لَا يَغْفِر وَلَا يَكْفُر , فَكَيْفَ يَعْتِب عَلَى اَلْفَاهِمِينَ , وَيَنْتَقِم مِنْ
اَلْقَوْم اَلسَّاهِينَ ? وَاَللَّه سُبْحَانه , قَدْ رَفَعَ ذَلِكَ عَنْ سَاهٍ مَا عَلِمَ , وَنَائِم إِذَا
أَحَسَّ بِالْمُؤْلِمِ أَلَمَّ .
- 619 -
وَمِنْ أَيْنَ لِذَلِكَ اَلشَّخْص اَلْأَسَدِيّ , وَمَا وَهَبَهُ اَللَّه لِلشَّيْخِ مِنْ وَفَاء لَوْ عَلِمَ بِهِ
اَلسَّمَوْأَل لَاعْتَرَفَ أَنَّهُ مِنْ اَلْغَادِرِينَ أَوْ اَلْحَارِث اِبْن ظَالِم لَشَهِدَ أَنَّهُ مِنْ السادرين
? ! [ وَمِنْ قَوْلهمْ فِعْل كَذَا وَكَذَا سادرا , أَيْ لَا يَهْتَمّ لِشَيْء ] ‎ وَإِنَّمَا عَاشِر أَبُو
اَلْقَطْرَان أعبدا فِي اَلْإِبِل وَآدَمِيًّا , وَنَظَرَ إِلَى عُقْبه دَامِيًا مِمَّا يَطَأ عَلَى هَرَّاس
وَمَنّ لَهُ فِي المكلأة بالفراس ? [ وَهُوَ اَلتَّمْر اَلْأَسْوَد وَمِنْ أَبْيَات اَلْمَعَانِي : ‎
إِذَا أَكَلُوا اَلْفَارِس رَأَيْت شاما عَلَى اَلْأَنْيَاب مِنْهُمْ وَالْغُيُوب
فَمَا تَنْفَكّ تَسْمَع قطفات كَصَوْت اَلرَّعْد فِي اَلْعَام اَلْخَصِيب ]
وَلَعَلَّهُ لَوْ صَادَفَ غَايَته تَزِيد عَلَى وَحْشِيَّة بِشِقّ الأبلمة , بِالْإِغْوَاءِ غَيْر اَلْمُؤْلِمَة ,
وَإِنَّمَا دَيْدَن ذَلِكَ اَلرَّجُل وَنُظَرَائِهِ صِفَة نَاقَة أَوْ رُبْع وَمَا شَجَّرَهُ المغترس بِالنَّبْعِ
إِذَا جَنَى الكمأة يجح وَخَالٍ أَنَّهُ قَدْ نَجَحَ ! وَلَوْ حَضَرَ أخونة حَضَرَهَا اَلشَّيْخ لَعَادَ
كَمَا قَالَ اَلْقَائِل :
فَلَوْ كُنْت عُذْرِي اَلْعَلَاقَة لَمْ تَبَّتْ
بُطَيْنًا , وَأَنْسَاك اَلْهَوَى كَثْرَة اَلْأَكْل
وَهُوَ قَدَر اَللَّه لَهُ مَا أَحَبَّ , قَدْ جَالَسَ مُلُوك مِصْر اَلَّتِي قَالَ فِيهَا فِرْعَوْن : ‎ " ‎ أَلَيْسَ
لِي مَلِك مِصْر وَهَذِهِ اَلْأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ? ‎ " ‎ وَقَدْ أَقَامَ بِالْعِرَاقِ
, رُمْنَا طَوِيلًا وَأَدَامَ عَلَى اَلْأَدَب تَعْوِيلًا , وَبِالْعِرَاقِ مَمْلَكَة فَارِس , وَهُمْ أَهْل
اَلشَّرَف وَالظَّرْف , يُوَفِّي صَرْفهمْ , فِي اَلْأَطْعِمَة , عَلَى كُلّ صَرْف , وَلَا رَيْب أَنَّهُ قَدْ
جَالَسَ بَقَايَاهُمْ و اِخْتَبَرَ فِي اَلْمُعَاشَرَة , سجاياهم , وعاطوه الأكؤس آلَات
اَلتَّصَاوِير , عَلَى عَاد , المرازبة , والأساوير , كَمَا قَالَ الحكمي .
تَدُور عَلَيْنَا اَلْكَأْس فِي عسجدية حَبَتْهَا بِأَنْوَاع اَلتَّصَاوِير فَارِس
قرارتها كِسْرَى , وَفِي جَنْبَاتهَا مَهَا تَدْرِيهَا بِالْقِسِيّ اَلْفَوَارِس
وَأَبُو اَلْقَطْرَان كَانَ يَسْتَقِي اَلنُّطْفَة , بخبلبة , وَيَجْعَلهَا فِي اَلْغَمْر , أَوْ اَلْعُلْبَة
, وَإِذَا طَعَّمَ فَمَنَّ لَهُ بالهيدة , وَإِنَّ أَخْصَب شَرْع فِي النهيدة , وَمَا أَشُكّ أَنَّهُ ,
أَمْتَعَ اَللَّه اَلْآدَاب بِبَقَائِهِ , وَلَوْ رِزْق مُحَاوَرَة أَبِي اَلْأَسْوَد , عَلَى عَرَجه , وَبُخْله
المتناذ , وجرجه لَكَانَتْ مَقْته لَهُ أَبْلَغ مِنْ مقة " مَهْدِيّ " , " ‎ ليلاه " وَلَا
أَقُول " ‎ رؤبة " , " ‎ أبيلاه " ‎ وَلَوْ أَدْرَكَ مُحَاضَرَة أَبِي اَلْخِطَاب لَكَانَ بدوش عَيْنَيْهِ


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس