عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-09, 04:57 PM   #23
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: الدكتور مصطفى الفقى وهؤلاء


[align=center]يوسف شاهين»

بقلم د. مصطفي الفقي ٢٨/ ٢/ ٢٠٠٨
تربطني بهذا المخرج العالمي صداقة قوية تعود إلي منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، عندما استقبلته معبراً عن اعتراضه تجاه قانون خاص بالفنانين، كان يقود الدعوة إليه حينذاك المثقف الراحل «سعد الدين وهبة»، ويومها رأيت في «يوسف شاهين» نموذجاً فريداً من البشر فصراحته لا مثيل لها وقدرته علي تعرية المواقف غير مسبوقة، كما أن ذكاءه الحاد وروحه الساخرة تضفيان علي ثقافته الواسعة بُعداً آخر يجعله إنساناً بسيطاً يقف في صفوف الفقراء والكادحين، إلي جانب انتماء يساري طويل يعطيه رؤية خاصة للناس والأشياء،
ومنذ ذلك الوقت تزايدت صلتي بهذا الفنان العظيم قرباً وقوة، رغم اختلافنا المهني ودوائر علاقاتنا المتباينة، ولاأزال أذكر خطبة الرئيس الفرنسي الراحل «فرانسوا ميتران» في حفل العشاء الذي أقامه تكريماً للرئيس «حسني مبارك» والوفد المرافق له أثناء «زيارة الدولة» التي قام بها رئيس مصر للعاصمة الفرنسية في آخر الثمانينيات، لقد قال «ميتران» يومها وبالنص (إن العلاقات المصرية الفرنسية لا تبدأ «بنابليون» والحملة أو «شامبليون» و«حجر رشيد» كما أنها لا تنتهي بالفنانة «داليدا» أو المبدع «يوسف شاهين»)،
وكان «چو» ـ وهذا هو الاسم الذي أفضل أنا وغيري من أصدقائه أن ننادي به «يوسف شاهين» ـ جالساً علي إحدي موائد الحفل في تواضع جم ولا مبالاة واضحة وكأنما ليس اسمه هو ذلك الذي يردده رئيس الجمهورية الفرنسية في حفل رسمي، وليس هذا غريباً علي «يوسف شاهين»، فلقد تعود علي عبارات الثناء وجوائز التكريم فهو الذي منحه مهرجان «كان» في منتصف التسعينيات من القرن الماضي جائزة «السعفة الذهبية» تقديراً له علي مجمل أعماله واحتراماً لعطاء نصف قرن كامل من التميز والإبداع وخدمة قضايا الإنسان في كل مكان،
ولقد حكت لي سيدة فاضلة أنها كانت تجلس في قاعة مهرجان «كان» في إحدي سنواته ووقف مخرج أمريكي كبير يتحدث عن شخصية فنية ضخمة ومخرج عالمي مرموق دون أن يسميه تحديداً، وكان يجلس بجوار تلك السيدة «يوسف شاهين» الذي تبدأ جذوره من جبل «لبنان» وتثمر أزهاره علي ضفاف النيل، فقال لجارته بتواضع تلقائي: مَنْ هذا الذي يتحدثون عنه بهذا الإطراء الشديد؟!
وفوجئ الجميع بأن المقصود بكل هذه الكلمات الرائعة ليس إلا «يوسف شاهين» ذاته بقيمته الفنية ومكانته الدولية والدور السياسي الذي لعبته أعماله التي تواصلت وتفاعلت مع جميع المناسبات السياسية والفكرية وقدمت نماذج رائعة للتسامح والتواصل والعطاء،
ومن النوادر التي لا أنساها أننا كنا نجلس في نهاية الثمانينيات ذات مساء بمنزل الفنان الصديق الموسيقار «محمد نوح»، وفي حضور المخرج الكبير «يوسف شاهين» وعدد من الأصدقاء كان من بينهم صديق عزيز رحل عن عالمنا وقد كان خزينة متنقلة من المعلومات حول البشر والوقائع والأحداث وإذا به يسأل المخرج «يوسف شاهين» في براءة: هل تعتبر فيلم «العزيمة» هو نقطة التحول تجاه الواقعية في تاريخ السينما المصرية؟
فلم يجب عليه «يوسف شاهين» لأن السؤال لم يعجبه وتظاهر بمشكلته التقليدية في ثقل السمع، فأعاد صديقي بروحه الصافية السؤال مرة ثانية بعد دقائق قليلة قائلاً: ألست تري يا أستاذ «يوسف» أن المخرج «كمال سليم» كان عبقرياً في إخراجه فيلم «العزيمة»،
وهنا استدار إليه الأستاذ «يوسف شاهين» وقال بعبارة ساخرة ـ وقد كانت أول مرة يلتقي فيها بصديقي الراحل ـ: من هذا الحمار؟! فقلت له لا يا أستاذ «يوسف» إنه صديقي، فقال لي في سخرية أشد: يبدو أنك تصادق «حمير» أحياناً واستغرقنا جميعاً في ضحك شديد،
إذ لا يجوز أن نسأل «يوسف شاهين» المخرج العظيم عن مخرج آخر مهما كانت قيمته، ولاأزال أذكر لـ «يوسف شاهين» مواقف طيبة معي سواء كنت في مصر أو خارجها فلم يترك مناسبة يقيمها إلا ودعاني إليها، وفي حفلات افتتاح كل أفلامه كنت ضيفه الأثير وعندما أقام «الأهرام» احتفالاً بعيد ميلاده الثمانين كنت في مقدمة مدعويه،
وعندما دعت مجلة «نصف الدنيا» المصرية إلي حوار بين فنان ومثقف شرفني «يوسف شاهين» باختياري محاوراً له في حديث طويل أجريناه في مكتبي الذي سعي إلي فيه وقد نشرته تلك المجلة علي ست صفحات كاملة، وعندما تواترت الأنباء في الأسابيع الأخيرة عن الظروف الصحية الصعبة التي مر بها وجدتني أدعو له بالشفاء ودوام العطاء،
لأن «يوسف شاهين» قيمة كبيرة في حياتنا الفنية وعلامة مضيئة في مشوار السينما المصرية، وإذا كنا نحتفل بمئويتها، فإن أفلاماً مثل «باب الحديد» و«الناصر صلاح الدين» و«حدوتة مصرية» و«المهاجر» و«المصير» وغيرها سوف تبقي في ضمير الإنسان إشارات ضوء تبدد ظلمات التعصب وتفك قيود القهر وتفتح الأبواب أمام إنسان جديد في عصر مختلف.
الفريق سعد الشاذلي

بقلم د.مصطفى الفقي ٢١/ ٢/ ٢٠٠٨
تعرض هذا الرجل لحملة عاتية في أعقاب انتصار أكتوبرالعظيم واتهمه البعض بالتقاعس أمام ثغرة «الدفرسوار» وألقوا بالمسؤولية عليه باعتباره رئيس أركان تلك الحرب الظافرة، وليس من حقي أن أخوض في تفاصيل ما جري، لأن الأمر يحتاج إلي خلفية عسكرية لا أحوزها وإن كان تاريخ الرجل يوحي بمكانته المرموقة
وقيمته الكبيرة فقد كان قائد قوات المظلات الدولية في الحرب الأهلية أثناء الصراع الذي دار في «الكونغو» في أوائل الستينيات من القرن الماضي، ثم كان هو الملحق العسكري اللامع في «لندن» بعد ذلك وهو «الفريق» الذي اختاره الرئيس الراحل «السادات» - صاحب القرارين، قرار الحرب وقرار السلام - لكي يكون رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة وشريكاً للمشير الراحل «أحمد إسماعيل»،
في إدارة المسار العسكري لتلك الحرب برغم ما كان بين الرجلين، المشير والفريق،من علاقة غير ودية وحساسيات قديمة ولكنها عبقرية «السادات»، في أن يجمع المتناقضات ليضمن ولاء القوات المسلحة ويحصل علي الحد الأقصي من خبرات كلا القائدين، والذي يعنيني في حياة الفريق «سعد الشاذلي» هو ما عرفته عنه بعد ذلك من خلال عملي معه وهو سفير لمصر في لندن وقد كان طبيعياً أن يتم إبعاده عن الساحة، بعد أن وضعته مجلتا «الحوادث» العربية
و«الباري ماتش» الفرنسية علي غلافهما باعتباره رئيس أركان الحرب العربية المنتصرة، وعندما تسلم الفريق «الشاذلي» عمله في السفارة استقبلناه بقلق شديد ومخاوف مبررة، فالرجل معروف بصرامته العسكرية وقد لا تكون إدارته لبعثة دبلوماسية كبيرةعلي النحو المطلوب، ولكننا فوجئنا بعسكري مصري مشرف يتحدث بلغة إنجليزية طليقة تفوق في جودتها عشرات السفراء المدنيين، فضلاً عن أفكار غير تقليدية في العمل وقدرة واضحة علي الوصول إلي الهدف،
ولعلي أتذكر الآن أنه كان من أوائل من فطنوا إلي قيمة وزيرة التعليم البريطاني «مارجريت تاتشر»، ومستقبلها السياسي المنتظر فدعاها هي وزوجها إلي عشاء في بيت مصر بالسفارة في حي «ماي فير» وهو أيضاً الذي دعا في مرة أخري أسقف «كانتبري» علي العشاء في السفارة المصرية ودعا معه كبار الشيوخ من بعثة «الأزهر الشريف»، في المركز الإسلامي بلندن وهو تفكير ينم عن سعة الأفق والفهم المبكر لقضية الوحدة الوطنية،
كما أنه فاجأنا جميعاً ذات يوم بأن أعلن أن السفارة المصرية سوف تستضيف احتفال كل البعثات الأفريقية في «لندن» بيوم أفريقيا وهوالخامس والعشرون من شهر مايو ونجح في ذلك بشكل واضح وحقق لمصر الأفريقية مكانة متميزة في العاصمة البريطانية
حيث حضر إلي السفارة رئيس الوزراء البريطاني «كالاهان» ووزير الخارجية وجميع القيادات المرموقة في العاصمة البريطانية وفي مقدمتهم مندوب صاحبة الجلالة وقيادات «الكومنولث» كلها ولقد كان يوماً رائعاً شعرت فيه بأن للرجل رؤية تستحق الإكبار وهو أيضاً الذي وافق في بداية السبعينيات علي المشاركة في مواجهة تليفزيونية مع السفير الإسرائيلي في لندن - من مكانين مختلفين - وأشهد أن «الشاذلي» اكتسح الإسرائيلي وأصبح حديث المدينة وبعثاتها الدبلوماسية لعدة أيام بعد ذلك،
وهو أيضاً العسكري المصري الصلب، الذي ألقي محاضرة شهيرة في مجلس العموم البريطاني حول إعادة فتح «قناة السويس» عام ١٩٧٥ وترك أثراً كبيراً لدي مشاهديه ومستمعيه علي السواء، وهو أيضاً الفريق «سعد الدين الشاذلي» الذي ناداني ذات يوم في عطلة الأسبوع وطلب مني الإبراق للقاهرة - بحكم مسؤوليتي عن قسم الشفرة بالبعثة - مستأذناً في السماح له باللجوء إلي القضاء ضد وكالة «رويترز».
للأنباء والتي وقعت في خطأ كبير عندما نقلت عنها الـ«بي بي سي» أمراً يمس السيدة الفاضلة قرينته «زينات هانم متولي» شقيقة الفريق «سعد الدين متولي» كبير الياوران في عهد الرئيس الراحل «عبدالناصر» وبرغم أن الوكالة حاولت الاعتذار فإنها عندما علمت بلجوء السفير إلي القضاء قررت دفع مبلغ مالي كبير علي سبيل التعويض وقد استخدمه ذلك السفير العظيم حينذاك في دعم نفقات الطلاب العرب غير القادرين وتوجيه الباقي منه إلي الجمعيات الخيرية داخل مصر،
ذلك هو «سعد الدين الشاذلي» كما رأيته فارساً نبيلاً نظيف اليد شديد الدقة والتنظيم لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ويعطيها ذات الاهتمام، وعندما تدهورت علاقته بشكل علني مع الرئيس «السادات»، الذي نقله من العاصمة البريطانية إلي العاصمة البرتغالية، حيث أمضي فيها فترة قصيرة ثم استقال بعد زيارة الرئيس الراحل للقدس ودخل في جبهة الرفض وأصبح عنصراً إعلامياً من العيار الثقيل ضد سياسات الرئيس الراحل،
وحين قضت المحكمة العسكرية المصرية بسجنه لإفشائه معلومات عسكرية في معرض دفاعه عن نفسه حول موضوع الثغرة فإنه عاش آخر سنوات المنفي في «الجزائر» وحين استأذنت السيدة الفاضلة قرينته في العودة إلي مصر لزيارة بناتها أمرني الرئيس «مبارك»، بنقل توجيهاته بأن تلقي من الرعاية والاحترام ما يليق بزوجة قائد عسكري كبير، ثم رجعت إلي زوجها في منفاه حتي عادا معاً إلي مصر حيث قضي فترة قصيرة في محبسه العسكري لأنه رفض أن يكتب اعتذاراً للقوات المسلحة عما فعله من خطأ وفقاً للقانون العسكري،
يبقي أن أقول إن الرجل رفيع الثقافة شديد الاعتزاز بالنفس ويعتبر هو الذي أسس سلاح المظلات في القوات المسلحة المصرية، وهو في النهاية- بما له وما عليه - ابن مرموق للعسكرية المصرية التي قدمت للوطن القادة العظام والمسؤولين الكبار بل أسهمت في تحرير الوطن والمواطن علي مر العصور.
[/align]


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس