عرض مشاركة واحدة
قديم 17-07-03, 11:52 AM   #2
 
الصورة الرمزية ابويافا

ابويافا
سفيـر الشـرق

رقم العضوية : 47
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 1,031
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ ابويافا

اليوم توجد قوتان خارجية وداخلية قادرتان علي تغيير السلطة هما الغرب والإخوان المسلمين، ولا اعتراض لي علي أي منهما.. الغرب قد يفرض علينا الحداثة والإخوان المسلمين سيقودوننا الي حداثة راديكالية كما في إيران 75 % من الشعب، و86 % من الطلبة توقفوا عن الصلاة كما قال تقرير بلدية إيران علي لسان حجة الإسلام 'علي زمْ'.. والمساجد فارغة والإيرانيون تركوا الأسماء الإسلامية الشيعية وعادوا الي الأسماء الوثنية الإيرانية، وتعلق الشباب الإيراني بالحداثة الغربية. في إيران حكومة دينية من القرون الوسطي وشعب علماني متحمس للحداثة.
في تسع علي عشرة من الحالات في العالم العربي توجد حكومات يتهمها المتأسلمون بالعلمانية وشعوب متزمتة لنقص الشجاعة السياسية ونقص الشرعية.. هذه الحكومات تمارس *تملقا لشعوبها* الإسلامية بدون إسلامويين التجربة الإيرانية التي أتابعها عن كثب زودتني بفرضية أن تحقيق الإسلام هو شرط تجاوزه وهو ما يتفق مع فلسفة التاريخ عند هيجل وتلميذه ماركس: 'تحقيق مرحلة تاريخية شرط لتجاوزها' أما الإرادوية أي حرق المراحل فلا تقود إلي أي مكان صحيح أن المتأسلمين إذا حكموا بلدا أفسدوه واسالوا أنهارا من الدمع والدم كما في إيران والسودان وأفغانستان.. لكن لاتوجد ولادة تاريخية من دون ألم، وكل ثمن مقبول في سبيل تحرير المجتمعات العربية من تزمتها الديني السائد، لاشيء كمجيء المتأسلمين الي الحكم لشفاء جماهير المؤمنين من الحنين الي أساطير العصر الذهبي ومن إنتظار عودة المهدي المنتظر.. عندها تغدو العلمانية كما في إيران والسودان وحتي أفغانستان مطلبا شعبيا.
ودور المثقف وسط كل هذا؟
مهمتي كمثقف هي توضيح الأوهام، ولن أستطيع ذلك إذا وضعت علي عيني نظارة أيديولوجية لاتريني ما أرغب في رؤيته، أنا أحاول* أقول بوضوح أحاول* أن أمشي بخطي الواقع التاريخي في زمن بلا أوهام أو علي الأقل بأوهام دائما أقل فأقل.. مشكلة المثقف العربي أنه لايغادر وهما إلا ليقع في وهم أشد ضراوة. وهذا هو سر تمسكه بالشعارات السهلة 'مثل مناهضة السلطة وطرح برنامج لتغييرها' والحال أن معطيات الواقع تكذب هذا الشعار كلمة كلمة.
تركز الآن في كل كتاباتك علي مسألة تغيير التعليم الديني، وإعادة تأهيل الطلاب وهي نفس المطالب الأمريكية التي تفرضها الآن بالدبابات؟
السؤال يتطلب مرة أخري* التذكير بمعايير معرفة الحقيقة، كيف نميزبين الحقيقة والخطأ وبين ما هو منطقي وما هو أهواء أو هذيان.. لايوجد بين معايير الحقيقة العديدة معيار اسمه 'عدم التطابق مع الامريكان أو اليهود أو السود'، بل أن اعتماد مثل هذا المعيار يعد انتهاكا للمنطق وقوانين العقل. إذا قال لنا الامريكان* وهم يقولون ذلك فعلا. انزعوا فتيل قنبلة الانفجار السكاني التي تنسف كل امكانية للتنمية نقول نحن *حبا في مخالفتهم *، تناكحوا تناسلوا، واذا قالوا لنا اعترفوا للمرأة بحقوقها.. نقول نحن المرأة ناقصة عقل ودين، واذا قالوا غيروا تعليمكم الديني الذي انتج لنا * ولنا ايضا* بن لادن نقول لهم بالفم المليان كلا والف كلا ستضاعف ساعات التعليم الديني الذي تكرهونه نكاية فيكم.. هذا السلوك الذي يندرج في باب العناد العصٌابي لن يغير الامريكان، اما بالنسبة لنا فهو افضل وضعه للانتحار الجماعي.
فما هو معيار الحقيقة في المسألة موضوع السؤال.. المعيار هو تطابق الفكر مع الواقع. إذا قال لي الشيطان غيٌّر تعليمك الديني لأنه مصنع لانتاج فقهاء الإرهاب، فأول ما أقوم به هو البحث عن تطابق أو عدم تطابق ادعائه مع واقع التعليم الديني، بإمكاني بعد ذلك أن أتساءل عن نواياه الخفية من وراء ذلك وأحاول أن أبحث عن نقطة تتقاطع فيها مصلحته في اصلاح التعليم الديني مع مصلحتي.. خاصة في عالم اليوم حيث تتدامج الاقتصاديات القومية في اقتصاد عالمي واحد. وهو بالمناسبة مستجد تاريخي هائل* تقاطع المصالح بين جميع الأمم واقعا تعيشه. وهو ما أسماه 'ماركس وانجلز في البيان الشيوعي 'التبعية المتبادلة بين جميع الأمم'.
لننظر الآن ما إذا كان المطلب الأمريكي* الأوروبي بإصلاح التعليم الديني معقولا ومقبولا أم لا. جوابي بعد تردد طويل استمر سنوات عدة: نعم وكلما كان ذلك التغيير أعمق وأسرع كان ذلك أفضل باستثناء مناهج التعليم الديني. باستثناء مناهج التعليم الديني التونسي التي لا أثر فيها لعداء المرأة والحداثة بماهي تحكيم للعقل في النقل عدم انتهاك القيم الإنسانية وتحرير للابداع والبحث العلمي من الرقابة الدينية الخانقة، فإن باقي المناهج وبدرجات متفاوتة تستقي من مستنقع فته القرون الوسطي المعادي للمرأة والعقل والحياة، مثلا هذه العينة* وهي غيض من فيض* من المناهج الدينية السعودية: 'الأديان التي يتبعها الناس كثيرة (...) لكن الدين الحق واحد هو دين الاسلام أما الأديان الأخري فهي باطلة' من كتاب التوحيد لمحمد بن عبدالوهاب الدرس الثالث عشر ص 33، و'العالم كله من جن وإنس يجب عليه أن يدخل في الإسلام ويترك أديانه الباطلة وإلا فإن مصيره النار' نفس المصدر ص34 'الأديان الأخري مهلكة لصاحبها' نفس الصفحة هذا هو ما نطالب بتغييره، وهذا هو السبب وراء فتاوي الجماعات الاسلاموية المسلحة في مصر في الثمانينيات باستحلال اموال الأقباط وغيره. رفض الحداثة كما هي لأنها من انتاج 'أصحاب الديانات الباطلة والمهلكة نتيجة اخري كارثيه علي شعوب العالم العربي.
النظرة العدائية والاحتقارية للثقافات الأخري 'الباطلة والمهلكة' يستنبطها الطفل دون مقاومة داخلية لانها تصادف هوي عميقا في بنيته المجبولة علي الميكروبات والحاجة النرجسية لاحتقار الآخر للتفوق عليه ليس كفرد فحسب بل وأيضا كثقافة وكطائفة وكمنصب.
ليس الأمريكيون والأوروبيون وحدهم الذين يطالبوننا بتغيير تعليمنا الديني (إياه) بل أيضا المستنيرون منا وبعض ضحاياه كالشيعة الذين يعيشونه كعدوان دائم علي هويتهم الدينية 'أطفالهم يدرسون في فتاوي بن تيمية أن 'من شك في كفر الشيعة فقد كفر' ويدرسون في 'منهاج السنة' لشيخ الاسلام اياه 'ان علي ابن ابي طالب قاتل علي الولاية وقتل بسبب ذلك خلق عظيم ولم يحصل في ولايته لا قاتل الكفار ولا فتح لبلادهم ولا كان المسلمون في زيادة'، وقوله 'قاتل علي للولاية' تلميح شفاف لعدم إستحقاقها عملا بالقاعدة السنية 'طالب الولاية لايوٌلي' .
لكن هذا الكلام يبدو متطابقا تماما مع كلام الامريكيون!
المفاجأة السيئة لمن يؤاخذونني علي التطابق مع الأمريكيين والأوروبيين في المطالب بتغيير التعليم الديني هي أن مؤرخي الأفكار يؤكدون تطابق الامريكيين والأوروبيين معي.. في عام 1956 طالبت بغلق 'الجامعة الزيتونية' التي كانت تهدر وقت الدارسين في دراسة أحكام أو 'فقه العبيد' وتطرد كل طالب يوجد متلبسا بقراءة كتاب عن نظرية التطور' وفعلا أغلقها بورقيبة ذو الشجاعة السياسية النادرة، وكتبت قبل تسع سنوات من مطالب أمريكا وأوروبا بتحديث التعليم الديني متحدثا عن المصادر التي جاءت منها الاسلاموية في العالم الاسلامي (كما يصفها دكتور رفعت السعيد)، فالدين يفسر للناشئة بالدين لا بالتاريخ لصياغة مخيلة ماضوية مؤثثة بعبادة الاسلاف' كتبت هذا في 'قضايا فكرية' 5 اكتوبر 1993، وقبل أن يرفع العالم المتحضر مطلب تغيير التعليم الديني الاسلامي بخمس سنوات.. كتبت 'مسائل ثلاث لها الأولوية علي جميع الأولويات الأخري في البلدان العربية والاسلامية: تحديث الاقتصاد، تحديث شرط المرأة، وتحديث وترشيد التعليم وهو ما تحاربه الأصولية الاسلامية، بماهي تعبير عن الاتجاه المضاد للحداثة'.. الحياة 1/11/.1997
ومنذ ذلك التاريخ ظللت أستلهم التجربة التونسية الرائدة في تغيير مناهج التعليم الديني في 1990 تجفيفا لمنابع الإرهاب الديني الذي دشن مقدمه ببتر رجل سائحة بريطانية واغتيال ابراهيم الورتحي إمام جامع الكرم بضواحي تونس في 1987 المعروف بمناهضته ل'نهضة' راشد الغنوشي، وقتل 'مجاهدوها' في 1991 حرقا حارسين لمقر الحزب الحاكم، ولم أفرط فرصة واحدة للعودة الي التوعية بضرورة تحديث التعليم الديني لتجفيف ينابيع الإرهاب إلي 9/11/2001 حيث كتبت تعليقا في الحياة ايضا ركزت فيه علي أسباب الإرهاب ومنها التعليم الديني، وبعد بضعة أسابيع وجهت رسالة مفتوحة الي توني بلير طالبت فيها الدبلوماسية الغربية والاعلام العالمي والمجتمع المدني العالمي بمساعدتنا علي : 'تحديث التعليم الذي يخرج العاطلين والمتعصبين' في هذا التاريخ لم يرفع الغرب مطالب الاصلاح الديني.. إذا كان هذا المطلب 'جريمة' فأنا إذا المحرض عليها، وعلي كل حال فلم أجقلد أمريكا في المطالبة بها كما هو واضح من هذه الوقائع الجزئية.
إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تتدخل امريكا في السعودية التي تعتبر أهم حلفائها الآن؟
حسنا.. بشراكم فالسعودية تنتظر دورها بل إنها هي وباكستان الهدف الحقيقي لحرب العراق كما أكد الباحث التونسي في العلوم السياسية جيٌارمنٌان... 11 سبتمبر كشف للامريكيين أن كثيرا من تحالفاتهم الاسلامية كانت خربانة من الداخل لكن كيف تتصرف أمريكا ضد هذين الحليفين* العددين (باكستان والسعودية، بتغيير النظام العراقي الذي بدا للأمريكيين كوسيلة بسيطة وسريعة لإعادة ترتيب نظام تحالفاتهم كله' كتب هذا في صحيفة لوفيجارو في 4/6/..2003 هل قرأتموه؟
______________________________

عن مجلة أخبار الأدب المصرية .
http://www.akhbarelyom.org.eg


توقيع : ابويافا
.

ابويافا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس