عرض مشاركة واحدة
قديم 17-07-03, 11:51 AM   #1
 
الصورة الرمزية ابويافا

ابويافا
سفيـر الشـرق

رقم العضوية : 47
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 1,031
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ ابويافا
المفكر التونسي العفيف الأخضر الذي أثار الزوبعة : (الأسلاف يحكموننا من وراء قبورهم )


في شهر أبريل الماضي كتب العفيف الأخضر مقالا نشره موقع ايلاف علي الانترنت قال فيه: 'الأغنية* النشيد* الشهيرة التي لقنتنا وصية سلفية: 'وأبي قال لنا اقتلوا أعداءنا' والتي طالما ألهبت حماسي أيام حرب السويس والجزائر، كم أتمني اليوم، لو كان لي صوت مغنيتها الخلاب، معارضتها بأغنية بديلة: 'وابن خلدون قال لنا قلدوا أعداءنا' لكن جرحنا النرجسي يأبي علينا ذلك'.
هكذا أصبح العفيف الأخضر الآن.. من ماركسي متطرف ترجم الي قراء العربية 'ملاحظات البيان الشيوعي' وكلاسيكيات والتراث الماركسي، ثم مستشارا للرئيس الجزائري بين بيللا إبان الثورة الجزائرية، مشرفا علي مدرسة كوادر المقاومة الفلسطينية كاد ان يغير التاريخ عندما رتب مقابلة بين الثائر الكوبي تشي جيفارا و'جهاد' كان جيفارا يفكر بعدها في الذهاب إلي فلسطين لمساعدة الثورة العربية ضد الاحتلال الاستيطاني الصهيوني.. هكذا أصبح الآن يحرض الفلسطينيين علي قبول خارطة الطريق والاعتراف بالممكن والمتاح.
تاريخ طويل لخص فيه 'العفيف' تحولات المثقف العربي من 'عضوي' ثائر يناهض السلطة الديكتاتورية والاحتلال الاجنبي الي منظر لقبول الواقع كما هو * فقط* لأنه الواقع وبين 'من' و'إلي' أحداث وترحالات ومواقف.
يعيش العفيف الأخضر في باريس الآن يكتب بعنف* الصفة الوحيدة التي مازال متمسكا بها من زمن الثورة* عن حتمية تغيير التعليم الديني في المنطقة العربية وقبول الاخر كشرط للتحديث وهو المشروع النهائي الذي يري ان علي كل مثقف عربي الاهتمام به في هذه اللحظة.
قلت له.. يطيب للمختلفين مع اليسار العربي ان يدللوا علي تناقضاته وهزائمه وتحولاته بمواقف العفيف الاخضر.. ماتعليقك؟
هناك امكانية للرد السجالي علي هؤلاء 'الأشقياء'.. اليسار في مصر والعالم العربي ليس طريقة صوفية تحتاج الي شيخ يقودها اذن لاعلاقة لنا بالعفيف الاخضر وكما قال تبارك وتعالي 'من كفر فعليه كفره'.
وهناك رد عقلاني لايبدو أن اليسار وخصومه ناضجون لسماعه: وهو يبدأ من طرح سؤال ماهو معيار الحقيقة؟
ماهو المعيار الذي تقاس به حقيقة برنامج حزب ما؟ هل هي دخول أحد فيه أوخروجه منه؟ أم مدي تطابق هذا الحزب اليساري في واقعه الحالي وممارساته مع المتطلبات الموضوعية للواقع الذي ينبغي تغييره أو علي الأقل التأثير فيه إذن لايفيد اليسار في مصر وغير مصر 'تحولاتي' إذا كان تفكيره عقلانيا أي موضوعيا وواقعيا وإذا كان مشروعه المجتمعي متطابقا مع حاجات مجتمعه العميقة هذا تعليقي إذا أردته.
لكنهم علي حق فتحولاتك وتغير موقفك من النقيض الي النقيض يحتاج الي تفسير؟
لنتكلم بما قل ودل عن 'تغيراتي' الخطاب المضمر لهذا الخطاب هو أن التغيير شر مستطير، والخير كل الخير* هو الثبات.. ثبات الرواسٌي علي 'المبادئ' بلغة اليسار، وعلي 'العقيدة' بلغة اليمين الديني.. المرحومة والدتي كانت تتطير إذا سمعت أن أحدا في القرية غيٌّر عادة متوارثة، كانت تقول 'الله لايغير لنا عوائد، هذا والله آخر الزمان وقرب ظهور المسيح الدجال والمثل الشعبي العربي القديم يقول: 'اعمل كما يعمل جارك او غير باب دارك'. ذلك لأن الثبات لا التطور أو التغيير هو النواة الصلبة في البنية الذهنية التقليدية بعض القبائل الأفريقية البدائية لايوجد في لغتها لفظ يدل علي المستقبل لايوجد عندها إلا فعلان الحاضر والماضي.. رفض التغيير المادي والنفسي والفكري والسلوكي إنكار لمستجدات الزمان والمكان، قبائل بدائية أخري تقتل من يدخلون تغييرا حديثا مستوردا من المجتمعات الغربية اعتقادا منهم أن ذلك علامة شؤم ..'المبادئ' و'العقيدة' كالأسطورة مقولات عابرة للتاريخ أي تحلق بجناحين سحريين فوق متطلبات الزمان والمكان والثبات هو دفاع الفكر الأسطوري عن نفسه لأن إدخاله في التاريخ يعني موته.. الدولة والأمة والطبقة والأيديولوجيا والدين لها بداية إذن لها نهاية إذا كان فكرك أيديولوجيا أو دينيا فليس امامك سوي ان تطلب من الواقع بأن يتطابق مع فكرك تماما مثلما يفعل الفكر السحري الذي يطلب من الواقع نتائج مخالفة لقوانينه أما إذا كان فكرك عقلانيا يقرأ حسابا للأرقام والوقائع وللمعطيات والمستجدات 'العنيدة' فسيتغير بوتيرة تغير وقائع الحياة وجديد التاريخ، كانت روزا لوكسمبورج تقول 'لنستمع إلي الأحداث' ويبدو أن اليسار الذي تتحدث عنه أو بعض اليسار شعاره اليوم 'لتتغير الدنيا ولا نتغير' شأن القبائل البدائية* ثانية* بل وكلما تسارعت التغيرات أي تسارع التاريخ كما في حقبتنا ازدادوا إصرارا علي الثبات بدافع لا شعوري هو العناد العصٌابي الذي يعشعش في بنيتهم النفسية.
تستلهم مقولات روزا لوكسمبورج.. هل تعتبر نفسك ماركسيا مازلت؟
سأجيبك بما أجاب به ماركس علي 'مراهقي' عصره قال 'كل ما اعرفه انني نفسي لست ماركسيا'!!
لكن الماركسية ظلت أحد أهم روافد المقاومة في العالم العربي؟
نحن ضحايا عبادة الاسلاف الذين مازالوا يحكموننا من وراء قبورهم ليست الماركسية هو ماكتبه ماركس في المقدمة الاولي لرأس المال 'كتبت هذا الكتاب للذين يفكرون بانفسهم'.
منذ حوالي ربع قرن وانا اقوم باستطلاع رأي بسؤال من التقيتهم من ماركسيي العالم العربي عم اذا كانوا يتذكرون هذه الجملة في كتاب ماركس وكان جوابهم جميعا بالنفي لأنهم لم يشعروا ابدا أنهم معنيون بها.. هم الذين شبوا أوشابوا علي التفكير بجثث اسلافهم
هل هذا يبرر دعوتك الصريحة للسلام مع اسرائيل خصوصا اذا كانت اسرائيل نفسها لاتلتزم بهذا السلام.. انظر الي برامج احزابها؟
أهم تحولاتي كما تقول هي الدعوة الي السلام 'اللعين' مع 'الملعونة' إسرائيل طيب يا أخي لنحاول أن نفكر بعقلانية بتعريف الحد الأدني.. إسرائيل حقيقة إما أن نغيرها وإما أن نتعايش معها، إما أن نحاربها أو نسعي للسلام معها.. الإمكانية الثالثة مرفوعة لأنها غير ممكنة كما يقول المناطقة.
أنت وغيرك تدعون للسلام فقط وكحل وحيد؟
لست أنا ولاغيري* الذي يدعو الي السلام بل أصحاب القضية أنفسهم أي الفسطينيين الذين قرروا منذ عام 1973 قبول مبدأ الدولتين أي فلسطين الإنتدابية وطن لشعبين اتفاقيات أوسلو كانت محطة أساسية علي هذا الطريق وأخيرا وصلوا إلي خارطة الطريق التي قد تقود إلي السلام إذا تدخل العالم 'مجلس الامن' وفرض حلا يحترم المطالب المشروعة (والمتفقة مع الشرعية) للشعب الفلسطيني.. دولة قابلة للحياة اقتصاديا وإذا لم يتدخل فقد تعود خارطة الطريق إلي لامكان فتبقي إسرائيل محتلة للضفة والقطاع والفلسطينيون يكابدون ويلات هذا الاحتلال 'يا أخي' لماذا يريد اليسار أو اليمين أو الوسط أن يفرض وصايته علي الفسلطينيين فلا يرضي بما يرضونه لأنفسهم.. كان الجيش والشعب العراقي يسلمون للجيش الأمريكي المجاهدين 'المتطوعين' الذين جاءوهم من كل حدب وصوب من العالم العربي بدافع التضامن القومي والديني.. معني موقف العراقيين جيشا وشعبا من المتطوعين يطرح سؤالا بسيطا: لماذا تدسون أنوفكم في قضايانا.. أهل مكة أدري بشعابها ولم يعودوا في حاجة إلي أوصياء أنا أجفضٌِل أن استمع إلي لغتهم واليسار يفضل سماع موسيقاه الخاصة!
قبول خارطة الطريق بكل نواقصها هو في نظري دليل تفتح فلسطيني.. أخيرا أخذوا الدرس من مواقف الرفض والعناد العصابيين في 1939 عرضت لجنة 'بيل' علي ممثل الشعب الفلسطيني آنذاك الحاج أمين الحسيني 80 % من فلسطين فرفضها بكل إباء وفي 1947 عرضت عليه الامم المتحدة 45 % من فلسطين فرفضها وفي 2000 عرض كلينتون علي عرفات 97 % من الضفة الغربية وغزة فرفضها وبعد عامين عبر عن ندمه وطالب بعرضها عليه من جديد لكنهم عرضوا عليه خريطة الطريق بدلا منها أي حوالي 42 % من الضفة وغزة فقبل وهاهي حماس تقبل أيضا بطريقة غير مباشرة بإعلان الهدنة.. فهل يفكر اليسار في إصدار مرسوم إمبراطوري يأمرهم باستئناف الانتفاضة التي هزمت؟
هناك حل تقدمه المقاومة الإسلامية التي تصفها بالإرهابية تماما مثلما تصفها أمريكا!
وصفت العمليات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين أو أي مدنيين آخرين بالإرهاب بما هو عدوان علي الأبرياء خدمة لغايات سياسية كان رد 'الدولية الاسلاموية' عليٌ 'لاوجود لمدنيين في إسرائيل فكل سكانها جنود احتياط لا أمان لهم'.
ألا تصبح المقاومة الدينية التي تقودها حماس حلا موضوعيا في مواجهة دولة دينية بالاساس؟
هذا السؤال ليس له اي علاقة بالتفكير الواقعي الرد علي اسرائيل الدينية لابد من حماس الدينية هي الاخري اذا رددنا علي الدين بالدين فمتي سننتهي من الدينية اذا؟
إذا كنت إرهابيا في السابق عندما كنت تعمل في صفوف المقاومة؟
'مقاومتي' السابقة لم تستهدف المدنيين وشجبت في 1969 خطف الجبهة الشعبية للطائرات بماهو ارهاب.. وهذا مكتوب ومعروف بما فيه الكفاية لأنه كان محور نقاش حاد مع الجبهة الشعبية وتحديدا مع غسان كنفاني علي صفحات مجلة دراسات عربية اللبنانية.
تتحدث الآن عن الممكن والمتاح والمجدي (وهذا يضاف الي تحولات مواقفك) هل أصبحت المقاومة غير مجدية وغير متاحة وغير ممكنة في مقابل سياسة التفاوض؟
في السياسة فكرا وممارسة معيار الممكن والمجدي والواقعي حاسم، بإمكان الشاعر أن يستسلم لخياله وفانتزياته الأكثر جموحا، لكن ذلك ممنوع بل محرم علي السياسي. 'دوفيلبان' شاعر ودبلوماسي في آن كشاعر لايعترف بالواقعية فلا يسمح إلا لمخيلته، لحميميته، للاشعوره ينبوع إلهامه، أما كدبلوماسي فهو واقعي حتي العظم أي يبحث في كل موقف دبلوماسي عن حل وسط بين ما يستطيعه وما يرغب فيه. هذه الواقعية مازالت تنقص الفكر والممارسة السياسية العربية: بل يبدو لي أن العرب عكسوا المحاولة فهم واقعيون حتي الابتذال في معظم أشعارهم وحالمون حتي الكوابيس في معظم سياساتهم.
إذا فالمثقف أصبح يقتصر دوره الآن* من وجهة نظرك* علي نقد الأفكار الغيبية والرجعية بدلا من العمل علي تغيير السلطة، أو التنظير للمقاومة؟
السؤال يخلط بين المثقف كمنتج للثقافة وذائد عن القيم الانسانية والحزب السياسي بما هو منتج لمشروع جمعي بديل للقائم أو فقط يطمح لإصلاح ماهو قائم مثلما هو حال جميع الأحزاب تقريبا في حقبتنا. شعار ماركس 'نقد الدين هو الشرط الأول لكل نقد' لم يعد ينطبق علي أوروبا اليوم بعد أن فصلت بما فيه الكفاية الدين عن الدولة وعن الإبداع والبحث العلمي. أما في المجتمعات الإسلامية فمازال صحيحا ومفيدا. فالإسلام الذي تمارسه المؤسسات الدينية اليوم اقصائي للمرأة وغير المسلم من حقوق المواطنة باعتبار المرأة المسلمة 'ناقصة عقل ودين' والمرأة غير المسلمة بلا عقل ولا دين* ولايحق للمواطن غير المسلم أو المسلم من طائفة غير الطائفة السائدة أن يرشح نفسه الي المناصب الكبري كرئاسة الحكومة أو الوزارات السيادية أو حتي عمادة الكلية.. أليس هذا وضعا عبثيا مضرا للمسلمين وغير المسلمين وتغييره ضروري وممكن في آن؟ كيف؟


_____
يتبع


توقيع : ابويافا
.

ابويافا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس