عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-09, 04:45 PM   #19
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: الدكتور مصطفى الفقى وهؤلاء


[align=center]ياسرعرفات»


بقلم د.مصطفى الفقى ١٥/ ٥/ ٢٠٠٨
كان مصري الهوي بحكم ارتباط عائلته بالقاهرة ودراسته في جامعتها قبل أن يعمل مهندساً في «الكويت»، حتي أطلق أول رصاصة لحركة «فتح» التي أسسها مع رفاقه عام ١٩٦٥، ولقد كانت المرة الأولي التي اقتربت فيها من ذلك الزعيم الفلسطيني - الأكثر شهرة وأهمية منذ النكبة عام ١٩٤٨ حتي الآن - في المبني القديم لنقابة الصحفيين المصريين، وفي الاحتفال بذكري الأربعين لرحيل القائد العربي الزعيم «جمال عبدالناصر».
يومها استمعت إلي «ياسر عرفات» يتحدث عن الخسارة الفادحة لرحيل ذلك البطل العظيم، ورأيته يراجع المترجم الذي كان ينقل حديثه إلي الإنجليزية بشكل فوري، فإذا بـ«عرفات» يصحح له عبارة «إن فقدان عبدالناصر خسارة قومية» ليجعلها «إن فقدان عبدالناصر خسارة مصرية» ولم يعجبني ذلك وشعرت بشيء من الضيق، لأن تضحيات مصر بقيادة «عبدالناصر» من أجل القضية الفلسطينية كانت دوراً مصرياً وواجباً قومياً في ذات الوقت،
بل إن «عبدالناصر» ذاته فقد حياته بعد مؤتمر في «القاهرة» للمصالحة الأردنية - الفلسطينية بعد أحداث «جرش» في سبتمبر (أيلول الأسود) عام ١٩٧٠، ولقد هاجم راديو فلسطين «عبدالناصر»، في شهوره الأخيرة وكانت هناك حالة من المزايدة الفلسطينية علي الزعامة التاريخية له، ولقد اقتربت من السيد «ياسر عرفات» بعد ذلك كثيراً بحكم موقع عملي في المؤسسة الرئاسية الأولي وزيارات «عرفات» المتكررة لـ«القاهرة»،
خصوصاً بعد انتهاء سنوات القطيعة العربية لمصر التي بدأت عند توقيع «اتفاقية السلام» مع إسرائيل في ٢٦ مارس (آذار) ١٩٧٩، ونحن لا ننسي أن «عرفات» كان موجوداً في «مجلس الشعب» يجلس في الصف الأول عندما أعلن الرئيس الراحل «أنور السادات» مبادرته التاريخية، مؤكداً استعداده للذهاب إلي آخر مكان في العالم من أجل التسوية السلمية،
مُشيراً بذلك إلي استعداده لزيارة إسرائيل والتحدث أمام «الكنيست»، ولكنها كانت دائماً مشكلة «عرفات» التاريخية تلك الازدواجية الواضحة في مواقفه المختلفة فقد كان الرجل شديد المرونة في أعماقه ولكنه واضح التشدد في ظاهره. ولا شك أنه قد قدم للقضية الفلسطينية خدمات جليلة وكان هو القائد الفلسطيني الذي حظي بأكبر إجماع شعبي في تاريخ القضية منذ بدايتها، إنه الزعيم الذي تحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة،
واقتحم معظم الأبواب المغلقة واستطاع أن يجعل الصين والهند ومعظم الدول الأوروبية والأفريقية واللاتينية تقف إلي جانبه، وهو أيضاً الزعيم الفلسطيني الذي كان يستقبله الرئيس الأمريكي «كلينتون» - بعد اتفاق «أوسلو» - علي البساط الأحمر في البيت الأبيض الأمريكي. لذلك كانت المعادلة الصعبة دائماً في حياة ذلك القائد الفلسطيني الاستثنائي أنه كان يريد أن يكون مثل «أنور السادات» أمام المجتمع الدولي، وأن يكون مثل «جيفارا» اللاتيني أو «هوشي منه» الفيتنامي أمام شعبه!
وتلك معادلة صعبة قد تتحقق لفترة قصيرة ولكنها لا تستمر كل الوقت، إذ يمكن أن يكون قائد حركة التحرير الوطني هو النموذجين معاً ولكن في مرحلتين مختلفتين، بينما يبدو مستحيلاً أن تنجح اللعبة بحيث يصبح القائد الواحد النقيضين معاً في ذات الوقت، وتلك كانت دائماً مأساة «عرفات».
إنه «عرفات» الذي استمد من الشخصية المصرية جزءاً كبيراً من الذكاء الاجتماعي والقدرة علي تجميل المواقف، إنه ذلك القائد الذي كان مغرماً بالزي العسكري ويتحدث عن نفسه أمام العسكريين أنفسهم باعتباره جنرالاً!، ولست أنسي لقائي في إحدي الأمسيات مع «تيري لارسن» مبعوث الأمم المتحدة في المنطقة وكيف كان يقلد «عرفات» بإنجليزيته الركيكة، وبشكل فيه حبكة واضحة وقدرة فائقة علي سبر أغوار ذلك القائد الفلسطيني الكبير.
وأتذكر الآن أنه عندما كان السيد «ياسر عرفات» يمر بمطار «القاهرة» أوفدتني المؤسسة السيادية التي كنت أعمل بها لكي أكون في استقباله وتوديعه خلال الساعة التي سوف يقضيها في المطار، وقد لاحظت للوهلة الأولي بعد أن استقبلني بحفاوة وقبلني بعنف كعادته أنه غير مستريح في أعماقه لأنه كان ينتظر وزيراً أو دكتور «أسامة الباز» مستشار الرئيس، فقد كانت المظاهر تعنيه كثيراً ولا شك أن من أكبر سقطاته السياسية اتخاذه موقفاً منحازاً لـ«العراق» في غزوه «الكويت»، حتي دفع الفلسطينيون ثمناً غالياً لذلك فيما بعد، وظلت لعنة ذلك الموقف تطاردهم لسنوات.
إنه السيد «ياسر عرفات» الزعيم الفلسطيني الذي قضي إلي رحاب ربه مسموماً في نهاية غامضة، ولطالما تطلعت إليه في زياراته للعاصمة النمساوية وأنا ألتقيه مع السفراء العرب حيث كان يخصني بحفاوة خاصة نتيجة طبيعة عملي السابق، وقد كنت أظن دائماً أنه زعيم بـ«سبعة أرواح»، فقد خرج من بيروت تحت الحصار واستهدفته إسرائيل عشرات المرات وسقطت به الطائرة في صحراء «ليبيا» ولكن الله أراد له تلك النهاية التي مر فيها جثمانه بالعاصمة المصرية التي أحبها منذ طفولته وارتبط بها في شبابه واعتمد عليها في قيادته.


«يوسف القرضاوي»



بقلم د. مصطفي الفقي ٨/ ٥/ ٢٠٠٨
لعله من اللافت للنظر أن معظم الرموز الدينية الإسلامية الكبيرة من أمثال الشيوخ «الشعراوي» و«الغزالي» و«سيد سابق» و«القرضاوي» قد ذاع صيتها وانتشر اسمها وهم خارج الوظائف الرسمية، ولا يشغلون مناصب بارزة في المؤسسة الدينية الوطنية،
والشيخ «القرضاوي» ـ وهو رئيس «الهيئة العالمية لعلماء المسلمين» ـ الذي يعيش في قطر في العقود الأخيرة يمثل علامة بارزة في ميدان الدعوة الإسلامية علي المستوي الدولي، ولقد لمست شخصياً حفاوة الدولة القطرية بالشيخ الأزهري المصري وتقديرهم لمكانته واحترامهم لشخصيته في عهد الأميرين الأب والابن.
ولقد اقتربت من الشيخ الجليل ـ الذي كان واحداً من أقطاب جماعة «الإخوان المسلمين» منذ سنوات طويلة ـ حيث كانت مناسبة الاقتراب هي أنني تلقيت دعوة كريمة من رئيس نادي «الجسرة» في «قطر» لافتتاح موسمه الثقافي عام ١٩٨٩ وقد حظيت أثناء تلك الزيارة بلقاء مطول مع أمير قطر الحالي الذي كان ولياً للعهد
وقد تم اللقاء في حضور وزير الإعلام القطري آنذاك والسفير المصري في «الدوحة» ثم استقبلت في مساء ذات اليوم بمقر إقامتي بالفندق فضيلة الشيخ «يوسف القرضاوي» الذي سعدت بلقائه لعدة ساعات سمعت فيها منه ما أثلج صدري عن سماحة الإسلام وبساطة الشيخ وابتعاده عن التزمت وتفهمه الكامل لروح العصر،
حتي إنني عرفت من فضيلته أن كريماته كن يدرسن في الغرب حينذاك طلباً لدرجات علمية عليا في مجالات البحث العلمي المتقدم وهن يعشن حياة الغرب مع الالتزام بالتقاليد الإسلامية وتعاليم الدين الحنيف، وقد شكا لي الشيخ يومها من أسلوب تعامل الأمن المصري معه واستهداف وزير الداخلية الراحل اللواء «زكي بدر» شخص الشيخ،
ومعاملته بأسلوب غير مريح في زياراته لوطنه الأم مصر ووعدت فضيلته يومها بأن أنقل وجهة نظره إلي ولاة الأمور في مصر وقد فعلت، ولاحظت أن الرجل يحظي لدي المسؤولين في القاهرة بدرجة من التوقير لا تقل عن تلك التي ينالها في وطنه الثاني «قطر». وقد أهداني الشيخ في تلك الأمسية مؤلفاته، وظللنا نمطره ـ أنا وزوجتي ـ بعشرات الأسئلة في المسائل الفقهية والدعوية لاستجلاء الحقائق والاستنارة برأي ذلك الشيخ المرموق،
وكان ذلك في وقت لم تحتدم فيه المواجهة بين الإسلام وخصومه. كما ناقشنا دور «إيران» التي كانت خارجة لتوها من حرب طويلة مع «عراق» «صدام حسين» واتفقنا يومها علي أن «إيران» يجب أن تكون إضافة إيجابية وليست خصماً سلبياً للعالمين العربي والإسلامي.
ثم ظللت لسنوات طويلة أتابع مسيرة الشيخ من خلال قناة «الجزيرة» وغيرها وأتعقب خطواته الرصينة، ومنها زيارته الشهيرة للمملكة المتحدة والموقف الواعي لعمدة لندن السابق تجاه شيخنا الوقور، إلي أن تلقيت دعوة مع بدايات عام ٢٠٠٨ لحضور حفل زفاف ابنة إحدي العائلات الصديقة
وفوجئت أن والد العريس هو الشيخ «القرضاوي» فسعيت إلي المناسبة وهدفي أن أري الشيخ الذي اشتقت للحوار معه ووجدته في يوم عرس ابنه كما هو دائماً واضح الفكر معتدل الرؤية لا يعرف التزمت إطلاقاً ويحمل من الإسلام سماحته وبساطته، حتي إنه حضر الجانب الترفيهي من الاحتفال بعرس ابنه بعد أن انصرف أقرانه الضيوف من الائمة والعلماء،
كما تابع الشيخ فقرات الحفل الراقي واستمع إلي الموسيقي الهادئة بغير صخب أو ضجيج.
وقد لفت نظري عند استقباله لي حدة ذاكرته في هذه المرحلة من العمر لأنه تذكر لقاءنا في «الدوحة» كاملاً وأشار إلي بعض ما جاء فيه، وبدا لي في تلك الأمسية شاباً يزحف نحو الثمانين ورأيت فيه البقية الباقية من تلك الكوكبة النادرة من كبار علماء المسلمين في عصرنا،
ولقد لاحظت دائماً اعتزازه بأزهريته وارتباطه بالعلماء الكبار الذين درس علي أيديهم أو زاملهم في مشوار حياته الثرية بالعلم والمعرفة، بالتقي والورع، بالاعتزاز بالنفس وسمو المكانة وسوف أظل متأثراً بسماحة الشيخ واتساع أفقه.
ولقد قرأت في الصحف مؤخراً أنه قد استقبل وفداً من الحاخامات اليهود الذين يرفضون الفكر الصهيوني ولا يقبلون سياسات إسرائيل بل يعلقون علي صدورهم شارات تقول «نحن يهود ولكننا لسنا صهاينة»،
وقد دافع الشيخ عن تصرفه المتحضر مؤكداً أن خلافنا لم ولن يكون مع اليهودية كديانة ولا مع اليهود كأتباع لها، وفي ظني أن نموذج هذا الشيخ يحتاج إلي تعزيز وتدعيم دائمين، فهو يري من دينه الحنيف وجهه الصحيح ولا ينصاع لفكر متطرف أو عقل متجمد أو فكر متزمت ولا يعرف الغلو أو التعصب في العلاقة بين أصحاب الديانات بل بين الفرق الإسلامية ذاتها داخل الدين الواحد.
.. إنه الشيخ «يوسف القرضاوي» ابن «الدلتا المصرية» الذي تشع أنوار علمه من فوق ضفاف الخليج ليرفع كلمة الله الصحيحة في كل زمان وينشر أنواره المضيئة في كل مكان.


«[/align]


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس