عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-09, 05:23 PM   #39
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: الدكتور مصطفى الفقى وهؤلاء


كورت فالدهايم»

بقلم مصطفى الفقى ٥/ ٧/ ٢٠٠٧
بعدما بدأت العمل في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، سفيراً لمصر لدي النمسا، ومندوباً مقيماً لدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وغيرها من المنظمات العاملة في فيينا، ساقتني طبيعة عملي إلي لقاءات متعددة في مناسبات اجتماعية مختلفة مع د. كورت فالدهايم، رئيس جمهورية النمسا الأسبق، وأمين عام الأمم المتحدة لدورتين متتاليتين.
وتوثقت عري الصداقة بيننا، التي كان يغذيها حبه لمصر وشعوره العميق بالظلم من جانب إسرائيل واللوبي الصهيوني الدولي، الذي شن علي الرجل حملة قاسية استهدفت الإطاحة به من موقعه كرئيس لبلاده، بدعوي وجود ارتباطات له بألمانيا النازية وخدمته في جيشها، وهي تهمة عامة برعت إسرائيل في إلصاقها بكل من تريد معاقبته وإقصاءه عن موقعه، بينما السبب الحقيقي في معاملة الدولة العبرية للرئيس النمساوي العملاق، هي أنه كان أمين عام الأمم المتحدة، الذي دخلت اللغة العربية في عهده وبمباركة منه، كإحدي اللغات الرسمية العاملة في المنظمة الدولية الأولي.
كما أن «فالدهايم» أيضاً هو أمين عام الأمم المتحدة، الذي استقبل الزعيم الفلسطيني الراحل «ياسر عرفات»، متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في منتصف سبعينيات القرن العشرين.
وقد حكي لي الرجل كثيراً - بكبرياء مجروح ونفس حزينة - طبيعة الهجوم القاسي الذي تعرض له، إلي حد اعتباره شخصاً غير مرغوب فيه لدي الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي حرمه حق المشاركة في العيد الخمسيني للأمم المتحدة، رغم أنه كان أميناً عاماً لها، لأكثر من عقد كامل من الزمان. وقد وصلت درجة العلاقة بيننا إلي أنني كنت أقوم بتوصيله بسيارتي إلي منزله بجوار مقهي «موزارت» الشهير وسط العاصمة، كلما كانت لدينا مناسبة مشتركة في أمسيات «فيينا»، التي خدعتنا فيها «أسمهان»، عندما شدت برائعتها «ليالي الأنس في فيينا»! وكثيراً ما أسعدني ذلك الرجل بحضور جميع المناسبات في منزلي، الذي هو بيت الدولة المصرية في العاصمة النمساوية، الذي يقع علي هضبة عالية في قصر تاريخي، وفقني الله في الحصول عليه لبلادي، في مقابل الأبنية المصرية المتهالكة في العاصمة النمساوية قبل ذلك، ثم كانت المفاجأة الحقيقية عندما شرفني بطلبه أن أكتب مقدمة الطبعة العربية لكتابه «الرد»، الذي رحبت «دار الشروق» في القاهرة بطبعه ونشره في أنحاء العالم.
وقد تعرضت في مقدمة طويلة للكتاب إلي تاريخ الرجل الناصع ومعاناته الطويلة، وكيف أنه استشهد في كتابه بعدد من اليهود الألمان المعاصرين له، والذين قرروا بوضوح وبصراحة أن «فالدهايم» بريء من تهمة خدمة «النازية»، ومع ذلك ظلت حملة إسرائيل مستمرة عليه، وقد آلمني كثيراً أن بعض العواصم العربية لم ترحب بزيارته لها، مجاملة لإسرائيل وابتعاداً عن المشكلات المحتملة من وجود «كورت فالدهايم» علي أرضها.
رحل الرجل منذ أسابيع قليلة، ومع حزني علي رحيله وحيداً معزولاً تجددت عندي مشاعر التقدير والاحترام لأوروبي عظيم، واجه العواصف العاتية والرياح الكاسحة في شجاعة وثبات، ولا أزال أذكر حديثه عندما كنا نحتفل بعيد ميلاده الثمانين قرب نهاية التسعينيات من القرن الماضي،
وكيف كانت كلماته قوية ومباشرة في خدمة سلام البشرية ورفاهية الإنسان، وقد كان يكرر علي مسامعي أنه مدين للدبلوماسي المصري الراحل «إسماعيل فهمي» - وزير الخارجية الذي ترك موقعه، بسبب قرار الرئيس الراحل «السادات» زيارة «القدس»، وهو أيضاً والد الدبلوماسي الرصين «نبيل فهمي»، سفير مصر في «واشنطن» - وقد كان «فالدهايم» يذكر دائماً أنه لولا «إسماعيل فهمي»، واتصالاته الواسعة في أروقة الأمم المتحدة، وتأثيره القوي علي وفود الدول المختلفة، ما تمكن ذلك الدبلوماسي النمساوي المخضرم من الوصول إلي الوظيفة الدولية الأولي في عالمنا المعاصر.
ولقد ارتبطت في ذهني دائماً تلك المعاناة الحزينة لـ«فالدهايم» بمعاناة أخري، ولكنها تمتزج بروح الكبرياء لدي د. «بطرس بطرس غالي»، الذي كان أميناً عاماً للأمم المتحدة، وترك موقعه، بسبب غضب «واشنطن» منه بعد سماحه بإعلان تقرير مذبحة «قانا»، فضلاً عن غياب الكيمياء البشرية بين المصري الشامخ و«مادلين أولبرايت»، وزيرة الخارجية الأمريكية. وقد آمنت دائماً بأن «فالدهايم» و«بطرس غالي» وأمثالهما قد دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، بينما خرج الكثيرون من أضيق نوافذه.




**************

الى هنا انتهت مقالات الدكتور مصطفى الفقى
التى كتبها بجريدة مصر اليوم القاهرية حتى تاريخة
ولكم تحياتى
احمد المصرى


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس