عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-21, 10:09 PM   #2
 
الصورة الرمزية هيام1

هيام1
مشرفة أقسام المرأة

رقم العضوية : 7290
تاريخ التسجيل : Apr 2007
عدد المشاركات : 15,155
عدد النقاط : 197

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ هيام1
رد: ملخص كتاب نظرية الفستق





الجزء الثاني

20- لا تستشهد بالأكثرية أو الأقدمية

معظم الناس لا يسعون في نقاشاتهم الى إثبات الحقيقة بل إلى إثبات فكرتهم عن الحقيقة التي يرغبون فيها، وحين يصبح همنا الانتصار للأفكار التي تناسبنا نبدأ بمغالطة أنفسنا والاستشهاد بأدلة خاطئة أو مخالفة للمنطق والواقع.

ومن أكثر الوسائل التي يعتمدون عليها لإثبات آرائهم الاستشهاد بالأكثرية أو رأي الأغلبية، وهذه المغالطة (الاستشهاد بالأغلبية) نسمعها كثيراً بين الناس بحيث يقول أحدهم للآخر "من غير المعقول أن يكون الجميع على خطأ وأنت فقط على صواب"، ولكن الحقيقة هي أن الأكثرية يمكن أن تكون على خطأ وضلال وأن العامل العددي ليس شرطا لإثبات الصحة والواقع.

فقبل 500 عام مثلاً كان الناس يعتقدون أن الأرض مسطحة كالطبق، وقبل 150 عاماً كانوا يعتقدون أنّها محور الكون، وقبل 15 عاماً كنا نعتقد أنها الوحيدة التي تملك حياة. ولكن اليوم اتضح أن "ملايين البشر" كانوا على خطأ وأن الأرض مازالت كما هي منذ أربعة بلايين عام (كوكب كروي صغير على هامش مجرة متواضعة تدعى درب التبانة).
وهذا بالمناسبة يقودنا الى خطأ ثان في الاستدلال وهو الاستشهاد بالموروث ومرويات التاريخ وما تناقلته الأجيال منذ القدم دون تمحيص أو تحليل أو تأمل. فالعراقة والقدم ليسا شرطاً أو دليلاً بحد ذاته، وفي الغالب لا يمكن لمن ولد ونشأ داخل الموروث إدراك مكامن الخطأ فيه، ولكن يمكن لمن ولد ونشأ خارجه تمييزه بسهولة وإدراك مدى خطئه وسذاجته.

21- لا تطلب دليلاً على ما تدّعيه أنت

.من يدعي شيئاً يتحمل هو (وليس السامع) عبء إثباته وتقديم الدليل على صحته حسب القاعدة الشرعية والقانونية: "البينة على المدعي وليس على من أنكر".

.حين تناقش أحداً لا تسمح له بإخراجك إلى مسائل فرعية يجيد الحديث عنها.

.من المغالطات الشائعة بين الناس (حين يرغبون في إثبات أفكارهم ومواقفهم) الاستشهاد برأي الأكثرية، والأقدمية، وطلب دليل ينفي ادّعاءاتهم، وتقديم حجج على مواضيع لم تطرح أصلاً.

22- الأسبق والأقرب يُشوّهان قدرتك على التفكير

رغم ذكائنا وتعقيد عقولنا، يمكن لقدرتنا على الحكم والتفكير أن تتشوه لأبسط الأسباب. فالأفكار والآراء والمعلومات التي نتلقاها سرعان ما تحتل فراغاً في عقولنا وشخصياتنا بحيث يصعب حذفها أو تعديلها.
والخطورة في موضوع الأسبقية أننا حين ننشأ أطفالاً تسبق إلى عقولنا آراء ومعتقدات يصبح لها الأولوية في تشكيل آرائنا وأفكارنا ومواقفنا التالية، بل وتصبح الأساس والمقياس لكل ما نقبله ونرفضه لاحقاً في سن الرشد.

وبالإضافة لأسبقية التأثير نتبنى غالباً آراء الأقرب (فالأقرب) ضمن دائرة المعارف والأصدقاء والثقافة المحلية.

وحين نجمع (الرأي الأسبق مع الأقرب) نفهم كيف تسيطر الأفكار الخرافية وغير العقلانية على عقل الإنسان لمجرد أنه عرفها في سن صغيرة أو سمعها من أقرباء يثق بهم ويعيش في كنفهم منذ ولادته.

وحين يصل أحدنا إلى سن الرشد تكون الأفكار السائدة في مجتمعه قد أحكمت سيطرتها على شخصيته وطريقة تفكيره لدرجة يضع الخرافي منها في سياق ذهني مختلف لا ينفع معها أي نقاش منطقي أو استدلال عقلاني أو تعليم جامعي (ونادراً ما ينعتق أحدهم من هذا المعتقل ويشكل قناعاته الشخصية والخاصة).

لهذا السبب قد تشوه بعض المجتمعات عقول أطفالها بمعنى الكلمة (بحكم الأسبقية والقرب) وتنزع منهم بمرور العمر نعمة التفكير النقدي والتحليل المجرد.

وحتى حين ينعتق القليل من عبودية الكثير (وتنبع من داخله قناعات جديدة) يصعب عليه مخالفة الأغلبية والاعتراف علناً بأي تفسير منطقي أو عقلاني يعارض ما توافقت عليه المجموعة فهو في النهاية إنسان ذكي ومتعلم ويدرك جيدا نتائج الخروج على المجتمع أو مخالفة اعتقاد توارثته الأجيال.

23- ليس لأنك تحبه

.نحن في الغالب نتبنى آراء الأشخاص الذين نحبهم ونتفق معهم، ونرفض آراء الذين نكرههم ونختلف معهم. نتجاوز الحكم على الرأي والفكرة ونستدعي أحكاما مسبقة تجاه قائلها.

.مشكلة العقل البشري أنه يصنف الناس ضمن قوالب وثوابت يرفض كسرها حتى حين يتبين عكسها.

.يجب أن تسأل نفسك دائماً، ماذا لو كانت آراء من نحبهم ونثق بهم هي الخاطئة، ومن لا نحبهم هي الصادقة؟ ماذا لو كانت آراء الذين نثق بعلمهم وفهمهم (خاطئة هذه المرة)؟
والذين نشكك بآرائهم دائماً (صحيحة هذه المرة)؟

.يُفترض أن تستمع جيدا لمن (لا) تحبهم (ولا) تتفق معهم، فبهذه الطريقة فقط تفتح نافذتك على كل الجهات، وتتعرف على مختلف الآراء والتوجهات.

.إن كنت لا تستمع إلا لمن تحب، ولا تقرأ إلا لمن يتفق معك، فلا جديد ستضيفه إلى رصيدك المعرفي. استمرارك بمراكمة الآراء التي تحبها ينتهي بك لمفاهيم ضيقة تزداد رسوخاً بمرور الأيام، وخوف المجتمع من تعددية الآراء ينتهي بثقافة موحدة ونظرة ضيقة وجيل يملك غرور الجهلاء.

24- قناعاتك الشخصية ليست أفكار مقدّسة

النتيجة التي تتوصل إليها بنفسك تبدو مقنعة أكثر من التي يتوصل إليها غيرك، والرأي الذي يتبلور في جمجمتك يزيح تلقائياً كافة الآراء التي تتشكل خارجها. فهناك ترابط وثيق بين ما نتوصل إليه، وبين ما نقتنع بصحته ونؤمن بصوابه.

وهذا ناجم من وجودك في موقف مزدوج يجعلك بمثابة الخصم والحكم، وبالتالي يختل لديك ميزان الحكم والنقد السليم. وللخروج من هذه الورطة يجب أن تملك قدراً كبيراً من التواضع الفكري والنقد الذاتي وأهمية الاستماع للآراء المخالفة، كما يجب أن تنظر لقناعاتك الشخصية كاجتهادات يمكن تعديلها واحتمالات يمكن تغييرها دون خجل أو تردد أو دفاع متشنج.

تذكر دائماً أن في جمجمتك دماغ واحد لا يختلف عن أدمغة الآخرين سوى بهامش بسيط (صعوداً أو هبوطاً في سلم الذكاء)، والحل الأمثل لتوسيع مداركك ومضاعفة ذكائك، هو استشارة الآخرين ومشاركتهم عقولهم ورؤية الحياة من وجهة نظرهم.

25- تعرف إيه عن المنطق؟

الإنسان بطبيعته كائن مفكر ولكنه يفكر أحياناً بطريقة مشوهة أو خاطئة، والمشكلة الأكبر أنه لا يعرف ذلك ويعتقد أن من يختلف معه هو من يفكر بطريقة خاطئة. وبناء عليه يفترض أن يتفق الجميع أولاً على جملة من قواعد ومبادئ الحكم على الأشياء ونقدها بطريقة (لا يختلف عليها اثنان) من خلال ما أصبح يعرف بالمنطق.

فالناس يفكرون بطرق مختلفة قد تبتعد أو تقترب من المنطق ذاته، والمنطق "طريقة في التفكير تنظر للوقائع والنتائج وتتجاهل التحيز وتأثير الثقافة والميول".

وتدريس المنطق أكثر اهمية من تدريس مناهج مقولبة، يعتقد أصحابها أنها معرفة متكاملة. ونحن بدورنا يجب أن نُدرّس المنطق لأبنائنا في المدارس كمنهج نزيه ومحايد في التفكير والنقد والتحليل إن أردنا منهم التفكير بطريقة صحيحة ونقد الأشياء بطريقة مجردة والحكم عليها بطريقة محايدة.

26- توقّف عن طرح الأسئلة وابدأ بطرح التساؤلات
السؤال: هو استفسار علني سريع لمعرفة الجواب، أما التساؤل فبحث ذاتي صامت قد يستغرق العمر كله.

السؤال" حين نعجز عن الإجابة فنطلبها من الآخرين، أمّا "التساؤل" فآلية بحث ذاتيه تتضمن لماذا؟ وكيف؟ ومن؟ ومتى؟

"الأسئلة" تطرح علناً ولا يستهجنها الناس حولك (طالما اتفقت مع سياقهم الاجتماعي والثقافي)، أما "التساؤلات" فتطرحها سراً مع نفسك حين تعارض سياقها الثقافي والاجتماعي.

لذلك ما يهمك من كل هذا الكلام أن تتوقف عن طرح المزيد من الأسئلة وتبدأ بطرح المزيد من التساؤلات.

أن تتوقف عن سؤال الآخرين رأيهم في كذا وكذا، وتبدأ بسؤال نفسك عن كذا وكذا، وكيف، ولماذا، ومتى؟

لا تكذب على نفسك أو تتجاهل أسئلتك أو تدفن رأسك في الرمال. اطرح أسئلة شائكة يصعب طرحها علناً وكن صريحاً في إجابتك عنها، فكل جواب (تعثر عليه بنفسك) سيكبر معه عقلك، ويرتاح بفضله فؤادك، ويخاف بسببه أساتذتك.

السؤال بحد ذاته ليس عيباً ولكن اعتمادك الدائم عليه، وتبنيك الدائم لأجوبة الآخرين، يعني أنك أجّرت عقلك، وقيّدت رأيك، وتجاهلت صوت المنطق في رأسك (وهذا هو العيب فعلاً).

27- تأثير الأربعة

جميعنا يعتقد أنه مستقل بأفكاره، حر بقراراته، منفصل باستنتاجاته. ولكن الحقيقة هي أننا مقلدون أكثر منا مفكرين، ومسايرون أكثر منا مستقلين، وخاضعون لحكم العرف والمجتمع، ومُغيبون معظم الوقت عن نداء العقل والمنطق.

وأصبح ذلك مؤكداً بفضل تجارب نفسية كثيرة أثبتت أن الإنسان مخلوق اجتماعي مساير ومُقلد، أكثر منه مستقل ومنفصل يملك إرادة حرة. واتضح في النهاية أن 99% من الناس يصعب عليهم (عدم التقليد) ومسايرة الغير حين يقوم أربعة أشخاص فقط بأي عمل (حتى قيل إن أربعة هو الرقم السحري للمسايرة.


توقيع : هيام1
قطرة الماء تثقب الحجر ، لا بالعنف ولكن بدوام التنقيط.


زهرة الشرق

هيام1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس