عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-02, 10:48 PM   #2

الأطلال-جيت
يا هلا نورت المنتدى

رقم العضوية : 553
تاريخ التسجيل : Dec 2002
عدد المشاركات : 10
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ الأطلال-جيت

[c]الخفاش [/c]



ملحمة وطنية أمها الحقيقة و أبناؤها أبطال حملوا لهيب الحق فاحترقوا و أحرقوا معهم همجية المستعمرين … أحداثها صور متقاطعة متدافعة من ملحمة تحرير (( وادي الفرات )) من أيدي المحتلين الفرنسيين و هي حكاية مسكينة ، نسيها التاريخ فحفظتها ذاكرة الناس التي لا تنسى الأبطال … أبداً …… أبدا.


المؤلف




كانوا ينادونه (( أبو الليل )) و كان كثيراً ما يبرم شاربيه الكبيرين و هو يستمع إلى شكاواهم التي لم تنته بعد !!؟
لم أكن أراه أكثر من طفل بملامح رجل … !!
ثلاثون ربيعاً ودعته أول البارحة غير أن مديتها الغادرة لم تستطع أن تحفر على وجهه الوضيء أخدوداً واحداً من أخاديدها الكريهة.
عشرات العائلات المستورة تنتظر أن ينقر أبوابها الهشة ذات المزاليج الخشبية الكبيرة ليلاً … ليحمل إليها الميرة و السكر في أطراف المدينة و لم يكن أحد يعرف من أين يجيء بكل هذه الميرة و السكر … !!؟
تستقبلك ابتسامته من بعيد بضواحك ألبسها الغجر غطاءا ذهباً لافتاً للانتباه و تكاد تذهلك علاقته الروحية بعصاه (( حسنة )) ذات الرأس الكبير المكور و الجسد الأملس الفارع فقد كان يصر على حملها على كتفيه و إسناد يديه على طرفيها بطريقة تبرز عضلاته المفتولة و صدره البارز.
كلما رأيته خيل إلى أنه بطلٌ أسطوريّ عائدٌ من أعماق التاريخ !!!
لم يكن يتكلم كثيراً حتى أن أقرب جيرانه إليه مازال يراهن أنه أخرس و لم تكن تسمع منه إلا حفيف (( شر واله )) الأسود الكالح و أصوات صغار الحصى و هي تئن تحت وطأة حذائه الثقيل المشابه لأحذية العسكر…
عينان حادتان كعيني صقر جريح لم تستطيعا بعد إخفاء أثار حزن موغلة في العمق.
يخيل إليك أنه أحد النساك و هو يستقبل شعاع الفجر الوليد على ضفاف الفرات الذي ابتلع زوجه و أبنائه الثلاثة في غير موعد.
كان ينظر إلى مياه الفرات بعتب … فإذا دبت الحركة في الشارع الحجري المحاذي للنهر ضم (( حسنة )) إلى صدره ثم أردفها على منكبيه العريضين و انطلق صاعدا الدرج الحجري الضيق باتجاه (( العلوة )) الصامتة
إذا مر أراقبه بإعجاب لا أعرف له سبباً … !! غير أني لم أستطع يوما النظر في عينيه أكثر من رفة جفن و رغم الغموض الذي يلف نظراتهما النافذة كانتا تشعراني بارتياح غريب.
ربما كنت اقرأ في بريقهما نوراً يطرد أشباح الخوف عن ليلنا المستديم.
ها هو يتجه إلي المقهى الشعبي في حي (( دير العتيق )) قبالة سوق (( الحدّادة )) في هدوء.
النادل يهرع بسرعة حاملاً كوبا من الشاي الثقيل مرحباً بضيفه الدائم بلهجته الشعبية الممطوطة.
- آهلين بالرجال … !!
- أهلا (( أبو جاسم )) … ما الأخبار ؟
يتلفت النادل بحذر فيطلق أبو الليل عينيه في اتجاه أخر مصغياً للنادل باهتمام.
-يكاد (( القومندان )) يصاب بالجنون … لقد أمر بمضاعفة الحراسة على الجسر العتيق و الجسر المعلّق … و سيشرف بنفسه على عمليات الحراسة.
-ستكون اللعبة أحلى.
يتبادل الاثنان ابتسامة ذات معنى ينصرف بعدها النادل مسرعاً غير أنه ما يلبث أن يلتفت باتجاه أبو الليل.
-نسيت أن أخبرك.
-ماذا ؟!!
-هذا الصباح طلب الكولونيل تعزيز قواته من (( قشلة حلب )).
-من بلغك ؟
-أبو النار.


توقيع : الأطلال-جيت

كُلُ الذي أدريهِ أنَّ تَجَرّعي ____ كأسَ المَذَلةِ ليسَ في إمكاني


الاطلال - جيت

لأي مساعدة في مجال الكمبيوتر لا تتردد و راسلني
Talal_malek@msn.com

الأطلال-جيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس