عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-09, 05:05 PM   #27
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: الدكتور مصطفى الفقى وهؤلاء


[align=center]أحمد بهاء الدين»

بقلم د.مصطفى الفقي ٣/ ١/ ٢٠٠٨
كلما طافت بذاكرتي تلك اللقاءات التي جمعتني بالمفكر الراحل الكاتب الكبير «أحمد بهاء الدين» تداعي إلي ذهني مباشرة تعبير «ضمير الوطن»، فلقد كان الرجل تجسيداً لهذا المعني في أروع صوره، فهو ابن الوادي العريق الذي تنحدر أصوله من محافظة «أسيوط»، وهو الذي شق طريقه في حكمة واقتدار منذ أن تبنته الراحلة «فاطمة اليوسف»،
وهو يبدأ مشواره - شاباً صغير السن - في شارع الصحافة بعد أن أنهي دراسته في كلية «الحقوق»، ونال إجازة القانون، وكان يمكن أن يواصل طريقاً آخر ليكون أحد الكواكب اللامعة في عالم المحاماة، ولكنه غير طريقه ليصبح أحد النجوم الساطعة في عالم الصحافة،
ولقد ربطتني به صلة طويلة منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، عندما سجلت درجة الدكتوراه في جامعة «لندن» عن موضوع «الأقباط في السياسة المصرية - دراسة تطبيقية حول دور مكرم عبيد» حيث تحدث إليه الراحل «تحسين بشير»، المتحدث الرسمي المصري الأسبق، والدكتور «سمير رؤوف» المستشار السياحي الأسبق في «لندن»، وكلاهما كان يقف علي مسافة قريبة من الكاتب الراحل، ويبدو أنهما قد ذكرا شيئاً عن موضوع أطروحتي للدكتوراه،
وفي أول زيارة للأستاذ «أحمد بهاء الدين» إلي «لندن» وجدته يتصل بي في السفارة المصرية ويطلب لقائي، فذهبت إليه في فندق «تشرشل» الشهير وكان يجلس معه درة ظرفاء العصر الكاتب الساخر «محمود السعدني» - عافاه الله في محنته - وقد ابتدرني الأستاذ «بهاء الدين» بحديث طويل عن الوحدة الوطنية المصرية ودور «مكرم باشا عبيد» كأحد رموزها، ومنذ ذلك اللقاء توطدت علاقتي بالأستاذ وأصبحت شغوفاً بالجلوس إليه، والاستماع منه كلما سنحت الفرصة في «القاهرة» أو «لندن»، خصوصاً أن الكاتب الراحل كان معنياً بقضية الوحدة الوطنية المصرية لأسباب لا تبتعد عن هموم الشأن العام في الوطن،
وتقترب أيضاً من تركيبة أسرته الصغيرة واختياره شريكة حياته من إحدي العائلات القبطية العريقة، ولقد أتاحت لي الظروف أن أكون مشرفاً علي البحث السنوي لابنته النابهة الدبلوماسية المتميزة الأستاذة «ليلي بهاء الدين» - وهي قرينة سفيرنا المتألق في العاصمة البرتغالية حالياً- فازدادت أسباب اقترابي من الأستاذ ولم تفتني كلمة واحدة مما كتب، سواء كان ذلك في كتبه الرائعة أو مقالاته الرصينة التي عالج فيها شؤون الأمة وهموم الوطن.
أما البعد القومي في شخصيته فإنني أتمني أن يكون موضوعاً مستقلاً لأطروحة دكتوراه حديثة، فقد ارتبط «أحمد بهاء الدين» بفكرة العروبة وناضل من أجلها في أروقة «البعث» وصفوف «القوميين العرب» وساحات «العصر الناصري» وتحمل - رحمه الله - عبئاً كبيراً في مسار القضية الفلسطينية، ولن ينسي العرب ولا الإسرائيليون أنه صاحب المبادرة التاريخية لقيام الدولة الديمقراطية في إسرائيل،
التي تضم العربي واليهود في فلسطين علي قدم المساواة، وهو طرح ذكي قدمه الكاتب الراحل غداة هزيمة ١٩٦٧، ولقد أثار اقتراحه في ذلك الوقت جميع الدوائر الإقليمية والدولية وملأ الدنيا وشغل الناس، كما أحرج «الدولة العبرية» بشكل مازالت تتهرب منه حتي الآن، وما أكثر من تأثروا بالأستاذ الراحل، فلقد أطلق صديقي وزميل دراستي الدكتور «علي الدين هلال» اسمه علي ابنه البكر كما أن الأستاذ «أحمد بهاء الدين» كان رئيساً للجنة المناقشة في أطروحة الكاتب الصحفي الدكتور «عمرو عبدالسميع» في منتصف الثمانينيات،
كذلك ارتبط الكاتب الراحل بعلاقة صداقة متينة مع الأستاذ الكبير «محمد حسنين هيكل»، ولم تكن علاقتهما تنافسية أبداً ولكنها كانت تكاملية في جميع الأدوار، وعندما أبلغ المناضل الوطني الكبير «خالد محيي الدين» صديقه «أحمد بهاء الدين»- وكانا علي موعد لقاء في مناسبة اجتماعية مساء الثامن والعشرين من سبتمبر ١٩٧٠- بوفاة الزعيم «جمال عبدالناصر» كاد «أحمد بهاء الدين» أن يسقط مغشياً عليه لرحيل رمز الأمة في وقت الشدة،
وكلما رددت ابنته السيدة «ليلي» اسم ابنها الوحيد «بهاء» تذكرت الجد بحصافته الفكرية وتوهجه الذهني وحسه الوطني، ومنذ أيام كنت أجلس إلي ابنه الوحيد الدكتور «زياد بهاء الدين» رئيس مجلس أمناء الهيئة العامة للاستثمار، وأحسست من طريقة حديثه وتدفق أفكاره وتألق رؤيته ما جعلني أشعر أن «أحمد بهاء الدين» لم يمت ومازالت روحه تسعي بين من ورثوا عنه «الجينات» العقلية عائلياً أو فكرياً،
فما أكثر تلاميذه بين أروقة الوطن وساحات الأمة، وكلما تطلعت إلي وجه قرينته العظيمة السيدة «ديزي» وجدت أن الحزن الغامض يطل من عينيها علي رفيق الحياة الذي رحل، وكان صراعه مع المرض طويلاً وأليماً، ولكن مكانته وقيمته تتزايدان كلما افتقد الناس الفكر الشريف والكلمة النزيهة والعبارة الصادقة.
مولانا «محمد الميرغني»

بقلم مصطفى الفقى ٢٧/ ١٢/ ٢٠٠٧
هو الزعيم الروحي لطائفة «الختمية» في السودان وهو سليل الإمام «الميرغني الكبير»، الذي ارتبطت جماعته تاريخيا ثم حزبها السياسي بعد ذلك بعلاقات وثيقة مع «مصر»، تحت شعار «وحدة وادي النيل»، ولقد تواصلت بيني وبين مولانا صلات العمل بحكم وظيفتي في نهاية التسعينيات من القرن الماضي مساعدًا لوزير الخارجية للشؤون العربية والشرق الأوسط، حيث كان السيد «عمرو موسي» يحرص علي استقبال الرموز التاريخية للحياة السياسية في السودان ومسؤولي الحكومة في «الخرطوم» بمعدل يكاد يكون أسبوعيا، حرصًا منه علي الروابط الأزلية بين البلدين التوأم «مصر»، و«السودان» وكنت أحضر تلك اللقاءات بحكم عملي، فتوطدت علاقتي أكثر بمولانا «الميرغني»، والسيد «الصادق المهدي» وأعضاء الحكومة السودانية وزعماء الجنوب أيضًا.
وعندما ذهبت إلي «الخرطوم» في مايو عام ٢٠٠٠، علي رأس الوفد التحضيري لاجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين، وكان الوفد يضم الدبلوماسيين المعنيين بالشأن السوداني إلي جانب الخبراء من جميع الوزارات المصرية ذات الصلة، وكانت فترة ثرية بالاتصالات الناجحة حتي استقبلنا الرئيس «البشير» ومعظم قيادات السودان شماله وجنوبه، وحدث بعد عودتنا بأيام قليلة أن أبلغني مكتب وزير الخارجية أن مولانا «محمد الميرغني» ومعه شقيقه السيد «أحمد الميرغني» الذي كان رئيس مجلس رأس الدولة في السودان بعد الإطاحة بحكم «نميري» عام ١٩٨٥ سوف يحضران للقاء الوزير، وأنني مدعو لحضور اللقاء ومعي مدير إدارة السودان السفير «محمد رفيق خليل» وعدد من الدبلوماسيين المصريين المعنيين بالشأن السوداني من قطاع الشؤون العربية، الذي كنت أترأسه.
وجلست مع مولانا «الميرغني» وشقيقه المعروف بالهدوء ودماثة الخلق عدة دقائق في صالون الانتظار نتجاذب أطراف الحديث في ود بالغ ونتناول أقداح الشاي انتظارًا لانتهاء مقابلة الوزير مع آخر ضيف لديه حتي استقبلنا في مكتبه وجلس الزعيمان اللذان ينتميان إلي «بيت الميرغني» العريق مع وزير الخارجية المصري ومعهم عدد من أعضاء وزارة الخارجية بقيادتي نتابع الحوار حول شؤون السودان والعلاقة بين المعارضة والحكومة في «الخرطوم» وكيفية رأب الصدع ولم الشمل للوطن السوداني الواحد بجميع أصوله وأعراقه وفصائله.
ولاحظت أن مولانا «محمد الميرغني» يحمل مظروفًا كبيرًا يحتوي عدة أوراق يمسك به في يده أثناء اللقاء ثم طلب «مولانا» من وزير الخارجية أن يقتصر اللقاء عليه هو وأخيه مع الوزير، فخرجنا جميعًا لنترك الثلاثة في جلسة مغلقة وكدت أتحرك إلي مكتبي في الدور العاشر بمبني الوزارة ولكن ما هي إلا دقائق قليلة حتي أبلغت أن الوزير يريد مني الانضمام إلي ذلك اللقاء الثلاثي المغلق فدخلت وجلست فنظر إلي السيد «عمرو موسي» بابتسامة ذات مغزي وقالي لي (إن «مولانا» جاء ليشكو منك ومعه قصاصات من صحف «الخرطوم» الصادرة أثناء زيارتكم وهو يعتب عليك أنك قلت إن مصر مع السودان كله بجميع طوائفه دون تفرقة!) فقلت (نعم إنني ألقيت محاضرة كبيرة في «الخرطوم» وقلت فيها إن «السودان» شماله وجنوبه وشرقه وغربه بما فيه من «ختمية» و«أنصار» محسوبون جميعًا علي «مصر» بنفس الدرجة).
وهنا انفعل «مولانا» وقال (هذا عبث بالثوابت لأن «الختمية» هي الطائفة المرتبطة بمصر تاريخيا منذ أيام «سعد زغلول» و«مصطفي النحاس»)، فرددت عليه بقولي «إنني أعرف ثوابت العلاقة بين البلدين أكثر من غيري ولم يكن في حديثي أي إشارة سلبية للعلاقة بين الطائفة «الختمية» و«مصر» ولكنني كنت أتحدث عن «سودان» ديمقراطي موحد تنظر إليه «مصر» بندية واحترام)، وكان السيد «عمرو موسي» يتابع الحديث ويعطيني الفرصة كاملة لكي أرد علي اتهامات «مولانا» وقد أردف السيد «الميرغني» قائلاً إنني رفضت دعوة عشاء وجهها إلينا الحزب الاتحادي «حزب الختمية» أثناء الزيارة فقلت له (إنني أسف أن ذلك لم يحدث بل إنه علي الجانب الآخر وجه إلينا «حزب الأمة»، بتعليمات من السيد «الصادق المهدي»، دعوة علي العشاء فاعتذرنا عنها، لأن تعليمات وزير الخارجية المصري لنا هي أن يكون الوفد المسافر علي مسافة واحدة من كل القوي السياسية والاتجاهات الدينية والثقافية في «السودان»).
وكان السيد «أحمد الميرغني»، يجلس إلي جانب شقيقه الأكبر في هدوء ووقار معروف بهما أما أنا فقد كنت أنظر إلي المظروف الكبير وأنا أضحك في داخلي لأنني رأيت ذلك المظروف مع «مولانا» قبل دخوله إلي السيد الوزير ولم أكن أعلم أن فيه ما يمثل انتقادًا لي أو شكوي مني ولقد ذكرني ذلك بما جاء في الأدب العربي القديم «حامل حتفه بيده»، ولقد ظلت علاقتي بمولانا «الميرغني» محل شكوك قوية من جانبه رغم أنني تشرفت بزيارته بداره العامرة بشارع «الخرطوم»، في مصر الجديدة وتناولت العشاء معه علي شرف وفد الجنوب برئاسة الراحل «جون جارانج»، كما أن سكان ضاحية مصر الجديدة يعرفون اسم «الميرغني» منذ عشرات السنين، لأن أحد خطوط المترو الرئيسية يحمل اسمه حتي الآن.
وعندما تقرر تعييني في «مجلس الشعب المصري» في نهاية عام ٢٠٠٠، اتصل بي «مولانا» ضاحكًا، وقال لي (إنني أريدك أن تأتي للعشاء في منزلي تكريمًا لك بمناسبة تركك الخدمة في «السلك الدبلوماسي المصري»)، فقلت له (يا مولانا إنه ليس تكريمًا لي بقدر ما هو تعبير عن سعادتك بتركي وزارة الخارجية المصرية)، فرد علي قائلاً ( نعم ربما يكون ذلك صحيحًا)![/align]


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس