عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-09, 03:45 PM   #10
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: الشاعر عبد الرحمن الابنودى


أحمد عمر 02 مايو 2008 المكان مدينة قنا في صعيد مصر , الزمان نهاية عام 1959, الحدث لقاء تعارف يتم لاول مرة بين ثلاثة فتيان لم يتجاوز عمر أكبرهم العشرين , لكن الاحداث القادمة ستجعل لهم دوراً عظيماً في صياغة الوجدان المصري والعربي والتعبير عنه , طوال النصف الثاني من القرن العشرين . أمل دنقل , يحيى الطاهر عبدالله , وعبد الرحمن الأبنودي ؛ ثلاثة فتيان حالمون , وعشاق قمريون , سمر الوجوه , نحاف الجسد , طوال القامة كنخيل الصعيد الحزين . أرواحهم قلقة متوثبة , ووعيهم حاداً يقظاً , وإرادتهم صخرية لا تنثني , وأحلامهم كبيرة وشبه مستحيلة ,عبر عنها أمل دنقل في قصيدة الجنوبي : ” فالجنوبي يا سيدي / يشتهي أن يكون الذي لم يكنه / أن يلاقي أثنين /الحقيقة والأوجه الغائبة “. والثلاثة مهتمون بالآدب والشعر والثقافة ؛ الأبنودي منشغل بالموروث الشعبي . يحيى الطاهر عبدالله شغوف بكتابات العقاد والمازني . وأمل دنقل مهتم بالتراث الأدبي الجاهلي والإسلامي وقد عقدوا العزم بعد أن توثقت العلاقة بينهم على الهجرة شمالاً , و الانتقال بأحلامهم إلى القاهرة . فسافر إليها الأبنودي عام 1962 معلقاً على كتفه رباباته الحزينة , وسافر أمل دنقل في نفس العام إلي الإسكندرية ومنها إلى القاهرة , وفي عام 1964 لحق بهما يحيى الطاهر عبدالله . وفي القاهرة عاش الشبان الثلاثة على سجيتهم , لأنهم جاءوا من بيئة يتحل أهلها بالصفاء الروحي والإنسجام مع الله والطبيعة والبشر , ولكنهم وجدوا القاهرة مدينة قاسية تأكل أرواح قاطنيها , فعاشوا معاً تغريبة الجنوبي الحالم في مدينة بلا قلب – كما اسماها أحمد عبد المعطي حجازي - عُزل من كل شئ , سوى أحلامهم , وصلابة الصعيدي الذي لا يتزحزح قيد آنملة عما في رأسه . كانت القاهرة على الرغم من قسوتها و صعوبة الحياة فيها , ميداناً لمعركتهم الكبرى في سبيل تحقيق ذواتهم وإثبات وجودهم وتكريسه في المشهد الثقافي المصري . ورغم كل ما صادفوه فيها من معوقات , إلا أنهم عقدوا العزم على أن يوجهوا حتفاً بحتف, بلا نكوص أو تردد قد يجعلهم من الهالكين في أقرب منعطف . وبالفعل نجح كل واحد منهم على حدة في صنع أسطورته الخاصة , وحفروا لأنفسهم مكاناً بارزاً في وجدان الجماهير العربية. لكن الريح لم تأت لهم بما تشتهي سفنهم , فبعد طول معاناة ومكابدة , وحين حان أوان قطف ثمار الرحلة المضنية , يرحل بغتة يحيي الطاهر عبدالله , في التاسع من أبريل عام 1981, أثر حادث سيارة على طريق الواحات , وهو في الثالثة والأربعين . وفي نفس التوقيت يصاب أمل دنقل بالسرطان , ويعاني من أوجاعه لمدة ثلاث سنوات , ليرحل عن عالمنا في مايو 1983. ويمتد الآجل بثالث الثلاثة قي تلك الدوحة الجنوبية , عبد الرحمن الأبنودي , ليصبح ابن النيل الأسمر , شاعر الوطن والجذور , والحارس الأمين على التراث الشعبي المصري , ولتشهد قصيدة العامية على يديه مرحلة إنتقالية هامة تنجح من خلالها في فرض وجودها على الساحة الشعرية و الثقافية . ولد الأبنودي في ابريل 1938 , في مدينة أبنود بمحافظة قنا بصعيد مصر , حصل على ليسانس الآداب, قسم اللغة العربية من جامعة القاهرة . كتب العديد من الدواوين الشعرية , من أهمها , الأرض والعيال , الزحمة , جوابات حراجي القط , وجوه على الشط , الموت على الأسفلت . كما جمع سيرة بني هلال كاملة , على مدى خمسة وعشرين عاماً , من مصر والسودان وتونس . كتب ما يزيد عن 700أغنية , لكبار المطربين : عبد الحليم حافظ , محمد رشدي , فايزه أحمد , ورده , ماجده الرومي, ومحمد منير . بالإضافة إلى أغاني مسلسل ” النديم ” , وفيلم ” البرئ ” ., وحوار وأغاني فيلم ” شئ من الخوف ” , وحوار فيلم ” الطوق والأسورة ” . وحصل على العديد من الجوائز في الداخل والخارج , لعل أهمها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2000. وقد استطاع الأبنودي ببراعة فائقة أن يلتقط في شعره الخواص التعبيرية البسيطة للسان أهل بيئته البسطاء في صعيد مصر, وأن يجسد أحلامهم وأمانيهم , ورهافة وحدة مجتمعهم الصعيدي , الذي كان المجال الحيوي الملهم لمعظم قصائده . ولهذا عُد شاعر البسطاء ومْلحِ الأرض من المصريين , وهم عامة الشعب المصري , الذين يقوم على أكتافهم عبء التحرير والتعمير , والذين يمنحون الحياة معنى ومغزى , ولا يمكن أن تستقيم الحياة من دونهم , ولذلك نربط بينهم وبين ملح الطعام الذي لا غنى عنه . و الأبنودي ” حمال هموم ” كما نقول عندنا في صعيد مصرعن الرجال الذين يلقي الدهر على ظهورهم بأعباء قد تنوء بحملها الجبال , وهو إنسان لا ينكسر ولا يستسلم مطلقاً ؛ وعندما تهشمت أحلام الأمة عقب هزيمة يونيو 1967 , وتحول المستقبل الباسم بالنسبة لجيل الستينيات إلى مصيدة للرجال الحالمين , أصيب العديد من أبناء هذا الجيل باليأس , ورحل بعضهم عن مصر وهو مهزوم . الأبنودي كذلك شعر ببعض اليأس و الانكسار الداخلي , إلا أن هذا الصعيدي الصخري شديد الصلابة , لم تكسره الهزيمة , ولم تجعله كالعود الذي أدبر عنه الوتر ؛ بل انتفض شاعر الشعب وشاعر المحن والهزائم والانتصارات ليحرض الناس و ليبعث روح المقاومة في نفوس المصريين , فطاف ربوع مصر يدعو للتمسك بأمل الانتصار ويحثُ على طلب الثائر . ومثلما حاول ” الحلاج ” في مسرحية صلاح عبد الصبور أن يمنع مستمعيه من الانحناء المر أمام ” وهج الرغيف ” , حاول الأبنودي أن يجنب مستمعيه الانحناء المر أمام وهج هزيمة يونيو 1967؛ فكتب أغنية “موال النهار ” التي تغنى بها عبد الحليم حافظ , لأول مرة بمسرح ألبرت هول في لندن أمام آلاف البشر , يقول فيها : “عدى النهار.. والمغربية جايه / تتخفى ورا ضهر الشجر / وعشان نتوه في السكة / شالوا من ليالينا القمر / وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها / جاها نهار مقدرش يدفع مهرها / يا هل ترى الليل الحزين / أبو النجوم الدبلانين / أبو الغناوي المجروحين / يقدر ينسيها الصباح أبو شمس بترش الحنين ؟/ أبداً بلدنا للنهار / بتحب موال النهار ” . وبالفعل جاء جنود مصر البواسل بالنهار - لآن روح مصر والمصريين الذين قدسوا الشمس منذ آلاف السنين لا يمكن أن تستمرئ العيش في الظلمة - وتمكن الجيش المصري في اكتوبر 1973 من العبور من الهزيمة إلى النصر . وعندئذ يكتب الأبنودي للأبطال المنتصرين أغنية ” أبنك يقولك يا بطل هات لي انتصار , ابنك يقولك يا بطل هات لي النهار ” , و” صباح الخير يا سينا ” ليتغنى بهما رفيق دربه وحلمه الوطني عبد الحليم حافظ . الأبنودي اليوم عليلاً ؛ فالأمراض تعرف كيف تختار مكامنها ومساكنها , وقد استطاعت أن تتمكن من جسد الأبنودي, الذي يعاني من تضخم في الرئة , وإنسداد والتهابات في الشرايين , ومتاعب في العمود الفقري . وفي الشهور الأخيرة تدهورت صحته بشكل كبير , مما استدعى سفره إلى فرنسا للعلاج , التي لا يزال متوجداً بها إلي اليوم . وعلى الرغم من تاريخ الأبنودي الطويل مع الألم , الذي هذبه وطهر روحه , وجعله يكرر دوماً عبارة الفيلسوف الألماني نيتشة , التي يقول فيها : ” إن التأدب بالألم وحده خلق حتى الآن كل ترقيات الإنسان ” . إلا أنه – كما صرح أخيراً - لم يتألم في حياته كما يتألم الآن بسبب مرضه الأخير . الأبنودي اليوم عليلاً , وبعيداً عن الوطن الذي عشق أرضه وسمائه , وبعيداً عن محبيه من الفقراء والبسطاء , ” أبناء الله المحرومين ” و ” المعذبون في الأرض ” الذين يفتقدون دفء وجوده بينهم , لأنه كان دوماً درعاً لصدورهم , ولساناً لحالهم في انكسارتهم وانتصارتهم , هم في حاجة ماسة إليه اليوم , ليبصر الغافلين بهذا التردي الصاعق الذي نعيشه على جميع الأصعدة , وليكتب الأغاني لـ ” شهدائنا الجدد ” , في معارك طوابير الخبز . حتماً سيعود الأبنودي إلى مصر ؛ فهو لا يسطيع أن يعيش أو يموت في مكان آخر . سيعود ليظل كما كان سفيراً لأرواح البسطاء , وحاملاً ومعبراً عن أحلامهم . شفاك الله و أطال عمرك يا خال ؛ فأنت كما قالت عنك العمة ” آمنة ” : ” والله حبيبي .. وتتحب على قد ما سارقاك الغربة لكن ليك قلب مش زي ولاد الكلب اللي نسيونا زمان ” . * نشر بجريدة القاهرة

--------------------------------------------------------------------------------

الأبنودي في حوار خاص لـ " محيط "
سافرت للعلاج علي طائرة أميرعربي كبير
محيط - محمد المكاوي
تصويرـ صبرى عبد اللطيف



في هذا الحوار المثير يكشف لنا الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي كثيرا من الملابسات التي صاحبت رحلة سفره وعلاجه في الخارج ،وحكاية الـ 20 الف يورو التي دفعها في المستشفي الأمريكي بباريس تحت الحساب وعند خروجه اكتشف انه تعرض لعملية سطو كالتي تحدث في الموالد الشعبية،أما المفاجأة الحقيقية التي فجرها حواره معنا فهي انه لم يسافر على نفقة الدولة كما كنا نعتقد ،وانما علي طائرة أمير عربي عز عليه أن يري الشاعر الكبير مريضاً ولا أحد يحرك ساكنا.
وحذر الأبنودي في نهاية حواره من تفاقم غضب الشعب المصري وقال ضمن ماقاله : ربنا مايورينا غضبه ، ولو أحرق العربيات و البيوت والعمارات لن يخسر شيئاً لأنه لم يعد هناك مايملكه بعدما بيعت كل مقدراته.. وقضايا أخرى كثيرة في حواره الذي امتد معنا أكثر من الساعة ، قلت له :


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس