عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-07, 02:51 PM   #2
 
الصورة الرمزية مس لاجئة

مس لاجئة
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 5461
تاريخ التسجيل : Sep 2006
عدد المشاركات : 5,496
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ مس لاجئة
رد: (فلسطيني)...قصة قصيرة لسميرة عزام


[align=center]ويقوى الحافز ، يقوى اكثر فاكثر كلما عزم على سفر لشأن او آخر الى اهله الضاربين هنا او هناك ، فيضطر الى الوقوف بباب السلطات اسبوعا ليحصل على ورقة مرور....
وحين مات ابوه الذي يعيش في بيت اخيه في عمان ابرق لهم يقول (اخّروه اسبوعا او فادفنوه ) وكان اتعس نكتة استمع اليه موظف البرقيات ضاحكا .

الفان؟ كثير

ويزوي المفاوض ما بين حاجبيه وقرع طرف سيجارته الثانية بالعلبة قبل ان يشعلها "لن تحصل على هوية باقل واظنك حاولت ، الم تحاول ؟؟"

بلى لقد حاول وتأرجحت دعواه ثلاث سنين بين اعذار المحامي الذي عاد ونفض يده من كل شيء الا من نصف مبلغ الاتعاب الذي تقاضاه مقدما....

" ولكن اتكون مضمونة ؟"

" لن تدفع قبل ان تمسك بها بيدك . ولن نتقاضى شيئا مقدما ". وتلين القسمات ، وترتسم ابتسامة ، وينسحب الرجل . ويتردد صوته طريئا في ارجاء الدكان وخافتا لزجا ...:فكر فكر ..وسأمر بك بعد ايام ..." ولم يفكر وحده ... بل حاول ان يدع زوجته تفكر ، وقالت مستهولة المبلغ " الفان يا رجل أهي هوية وزير وغيرنا نالها بثلاثمئة او بستمئة او بالمجان ؟" فرد دون ان يكون اساسا شديد الاعتقاد بما يقول ولكنضنا منه على الفرصة ان تموت في جولتها الاولى " الفان لأننا استكثرنا الثلاثمئة ذات مرة ...وقد نضطر ان ندفع العشرة الاف يوما ...أتريدين لابنك ان يعيش حياته في جحيم الدرجات الخمسين صيفا في بلد لا تعرف الشتاء؟ " فتقول وقد مس اضعف اوتارها "افعل ما تشاء ! الفان الفان لا بارك الله لهم فيها ...هذا اذا وجدتها..."

اجدها اذا افرغت نصف واجهتي ...وسأعلق فيها تلك الهوية فقد يعرف الناس لنا اسما...

من عادة الكذب ان يكون حاسما في صدقه ...ثلاثة اسابيع او اربعة وانتهى كل شيء ...بسرعة ومضاء ...ما قابل ذاك الذي يسمي نفسه استاذا اكثر من مرة واحدة ، ولقد سجل كل التفصيلات على ورقة ، الاسم واسم الزوجة والاولاد وامكنة الولادة والاعمار ، وقال بانه سيتدبر كل شيء ، الشهادات والوثائق ، لا يريد شيئا عدا الصور ، والالفين طبعا ... وهي ليست خالصة له ، المصاريف كثيرة والطراف اكثر ..."

اجل الاطراف اكثر ... خمس صور في الصحيفة لخمس مزورين ، عصابة مستوفية شروطها ، زعيمها استاذ وانفارها لا يقلون استاذية . ولديهم _كما تقول الصحيفة _ عدة شغل كاملة ، وقد اعترف احدهم بانهم زوروا العشرات من البطاقات ... ولم يكن الاحمق الوحيد ، فوجود الحمقى ضرورة لتجد العدالة ما تشغل به نفسها ...آه خذلتني يا جدي أبا صالح، تراك ما احببت ان تعيش مرتين ، مرة ترعى بستان زيتون في الرامة ، ومرة ترفع انصاب كرمة على جلول جبل لبناني ؟."

مزق مزق الصحيفة وافقأ باصبعك عين هذا الاستاذ من وراء نظارته السوداء ، وما يجديك تمزيق الصحيفة؟انت بذلك لا تمسح حقيقة الكذبة ، ولا تلغي انك دفعت الفين ثمن كرتونة ، وانك تعاونت مع مزورين ، وقد ...

كيف لم يفطن ذلك ...؟ وشعر بالنار تأكله بالنار ...الا يمكن ان يكن هؤلاء قد كشفوا عن المتعاملين ؟ ما اغباه ... او ما يزال يشك في ان هذه هي النتيجة التي لا نتيجة بعدها ؟ كيف اذن يتاح للسلطة ان تجمع البطاقات المزورة؟

مخدوع او متواطئ؟


حين يدفع الفين تلتهمان نصف واجهته يكون مخدوعا ، والى ان تسجل الحقيقة في محاضر التحقيق يكون قد انهك حتى العظم ، وتكون سيرة حمقه دخانا لسجائر الجيران.

مزقها مزقها فد بدأت تأكل لحمك. لماذا عدت ووضعتها في جيبك الداخلي ؟ هي ليست _بألفيها_ أثمن من هذه الصحيفة التي دفعت فيها (ربعا) . مزقها فواجهتك الفارغة ستمتلئ يوما وستظل حقيقتك مفرغة حتى تملأها بغير الزور ، بغير خديعة المزورين.

مزقها . او تريدمزيدا من الاثبات ؟ تتاجر الصحف احيانا بالاكاذيب ولكنها لا تزين كذبها بخمس صور لاشخاص عرفت منهم اثنين وستشرف بمعرفة الباقين حين تواجه بهم .

اتجبن عن تمزيقها حتى وانت تحملها بين ابهامين وسبابتين؟
مزقها مزقها فهي لا تسوى اكثر من ثمن الورق الذي طبعت عليه. ولكن لا.دعها في جيبك الداخلي ، دعها فتمزيقك اياها لا يخفي شيئا ، او يلغي شيئا.

ويجلس ثم يقوم ، ثم يجلس ثم يقوم ، ويلف في الحانوت كثور اعمى يواجه الشارع فقد يخنق اضطرابه بين مظاهر الحياة المطمئنة الى رتابتها ، المستكينة الى حظوظها ، الحالمة بلا شيء ، محطة البنزين تفرغ وقودها في بطن سيارات لامعة وبائع الفاطهة يجلو غبار البستان عن تفاحاته ويجهد في أن يجعلها حمراء ، واللحام يأكل بسكينه اطراف الذبيحة المعلقة ، والحلاق يعبث برأس مستسلم ، رأس لا يتفصد منه القلق كرأسه.

ويرتد على الباب ملتفا الى الصحيفة الممزقة فينحني عليها ويجمعها ويكورها ثم يلقي بها . ويدير وجهه للشارع ثانية فيرى تلك السلة الازلية تتدلى اليه بحبل من الطابق الثاني الرابض فوق دكانه وقد راحت تتراقص في نزق تحت الشرفة ، وصوت الجارة يندلق من فوق تريد شيئا .. هي ابدا تريد شيئا ... ولا تتذكر اشياءها الا على دفعات ... ولكنه لا يسمعها الساعة ، ولتصح مثلما تشاء فلن يبيع احدا...


ولكن الصوت لا ييأس ، والسلة لا تيأس . وتمد المرأة صوتها الارعن جسرا عبر الشارع تبلغ به صبي الكراج المواجه وتقول له بلهجتها الممطوطة الخلية " وينك يا ولد قل " للفلسطيني" ان يضع لي في السلة زجاجة كولا ...."

واحس " الفلسطيني" في وقفته المرتعشة خلف الطاولة بالصوت الممطوط ينفذ من سترته الى جيبه الداخلي فيحيل البطاقة الى مزق، مزق صغيرة تخشخش في جيبه ، في غير عنفوان !

[/align]


توقيع : مس لاجئة





مس لاجئة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس