أزواج وزوجات في قفص الاتهام الجزء الثاني
[c]
القضية الثالثة : زوجتي تكذب ..
لاشك أن الكذب خلق سيء وعادة خبيثة ، والكذابون ممقوتون من الناس ، بعيدون عن الله والجنة ، قريبون من الشيطان و النار ..
وآفة الكذب أنه يمكن أن يصبح عادة ، فالكذب مرة ثم مرة يحيله إلى عادة من الصعوبة بمكان التخلص منها ، وإلى هذا يشير الحديث الشريف : ( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) .
والكذب يعود إلى فقدان الثقة في الشخص الكذاب حتى وإن كان ما يقوله صدقاً ، والزوجة التي تكذب على زوجها تدفعه لفقدان الثقة في أقوالها عامة ، والكذب هو تزييف الحقيقة أو إخفاء بعضها ، فإخفاء بعض الحقيقة كذب أيضاً وتزييف ، فالمرأة التي تذكر الشيء على غير حقيقته أو تخفي شيئاً مهماً قد يؤثر في فهم الموضوع فإنها بذلك تكذب .
ولكن هل جميع الكذب حرام ؟!
عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث : ( الرجل يقول القول يريد به الإصلاح ، والرجل يقول القول في الحرب ، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها ) .
والكذب في حديث الزوج زوجته والزوجة زوجها المشار إليه آنفاً إنما هو الكذب
الذي يقوي رابطة الحب بين الزوجين ويدفع عنهما مشكلات الحياة الزوجية
العارمة ، كأن يمتدح الزوج زوجته ويذكر من حسنها وجمالها ولطفها ورقتها
وعذوبتها .. وقد تكون على غير ذلك لكنه بهذه الكلمات يكسب قلبها ويليّن
خلقها ، ويزيد مساحة الود والتفاهم بينهما ، ونسمي ذلك مجاملة وهي مطلوبة ،
فكثيراً ما نحب أن نسمع كلمات المديح والثناء ممن نحبهم ، فنشعر عندها
بالرضى والثقة في النفس ، وهذا ما يحدث للزوجة بالفعل .
كذلك فإن الزوجة يمكن بل يجب أحياناً أن تمدح زوجها وتذكر من حسن خلقه وسعة
صدره وإخلاصه وحسن رعايته بيته وأولاده ، فهي بذلك تكسب قلبه أيضاً وتشعره
برضاها عن عيشتها معه ، فتملأ قلبه بالحب لها والتقدير والاحترام ويكون ذلك
درءاً لكثير من المشكلات .
· ولكن : ما هي دوافع الكذب عند الزوجة ؟! أو بمعنى آخر :
لماذا تلجأ الزوجة إلى الكذب ؟!
1- التنشئة الغير سوية للمرأة في بيت أبيها ، فقد تكون قد تعودت الكذب عن
طريق الأب أو الأم أو الأسرة كلها ، وهذا يدعونا إلى الرجوع إلى القول بحسن
الاختيار وعدم التسرع في ذلك .
2- تقليد ومشابهة سلوك الأم مع الأب ، فقد تكون الأم غير كاذبة ، ولكن مع
زوجها فقط تتخذ هذا الأسلوب للحصول على بعض المكاسب المادية – وقد لا يرجع
ذلك لبخل الزوج ولكن لشره الزوجة – وقد يرجع لبخله أيضاً أو عدم كفاية
مطالبها .
3- كذب الزوج نفسه ، كأن يعدها بأمور ثم يخلف وعده ، أو يقترض من زوجته
مبلغاً ثم لا يقم بتسديده ويستحله ، أو لا يدفع لها ما دفعته من مال لشراء
أشياء من المفترض أن يشتريها الزوج ، على أن تكون قد أخبرته من قبل بنيتها
في الشراء ووافق الزوج على ذلك .
4- الكذب خوفاً من رد فعل الزوج ، لأن العصبية الزائدة والتهور في معالجة
الأخطاء الصادرة عن الزوجة وعدم أخذ الأمر بهدوء أعصاب ، وعلاجه بما يستحق
دون ثورة أو انفعال ، كل هذه الأمور تدفع الزوجة إلى الكذب على زوجها في
أمور كثيرة خوفاً من سلوك الزوج .
· وقفة جانبية : نحن أحياناً ندفع زوجاتنا للكذب ..
إن الزوج الذي يقلل من قيمة كل شيء تشتريه الزوجة ويبخس ثمنه ، أو يوهمها
بأنها قد خُدعت في شرائه ، كثيراً ما يضطر هذا الزوج زوجته إلى الكذب عليه
وإخفاء الحقيقة حتى لا تسمع سخريته أو تتجنب تهكماته ، كذلك الزوج الذي
يتعمد سؤال زوجته بعض الأسئلة المحرجة بالنسبة لها ، فهو يدفعها دفعاً نحو
الكذب عليه وإخفاء الحقيقة ، والزوج الذكي هو الذي لا يضطر زوجته للكذب ،
وهو الذي يستطيع أن يتعرف على مدى صدق زوجته وعلى المواطن التي لا ينبغي
الاقتراب منها ، وهي تختلف من امرأة لأخرى حسب اهتمامات كل واحدة .
مع أن المرأة قد تكذب في مواطن كثيرة ولاتعتبر ما تفعله كذباً ، ولكن درءاً
للحسد وذراً للرماد في العيون ، مع أن كل من حولها يدركون تماماً حقيقته
ويعرفون أنه كذب ، خاصة فيما يخص الأولاد وأكلهم وشربهم .. إنها طبيعة في
كل النساء !!
· خطوات نحو العلاج ..
هذا الكذب يمكن أن يعالج في جو من الحب والتفاهم وتوافر الثقة بين الزوجين
، والمصارحة بين الزوج وزوجته وعدم أخذ الموضوع بحساسية شديدة بل عليه أن
يتغاضى عن الهفوات ، فالمرأة بطبعها ضعيفة وقد تتخذ من الكذب في بعض
الأحيان وسيلة دفاعية لدرء ما تخاف حدوثه من مشكلات في بيتها ومع زوجها ،
فعلى الزوج أن يفهّم زوجته برفق أن هذا الكذب لا يجوز وأنه قد يخلق جواً من
عدم الثقة بينهما ، وأنه من الأفضل أن تصارحه مهما كانت الظروف ، وهو قادر
إن شاء الله على تخطي العقبات ولن يثور عليها بل سيعالج ما يطرأ بحكمة وصبر
، وأنه لابد أن تصارحه بما تحتاج إليه ولا تتحايل على الأمور حتى تأخذ ما
تريد لأشياء قد تكون مرفوضة من قبل الزوج ، فعليه أن يتفاهم معها ، ويصلا
إلى حل وسط لما يختلفان بشأنه ، فالإقناع والحب هما أفضل وسائل العلاج ،
وكذلك القدوة الصالحة وضرب المثل الطيب في الصدق .
( الخلافات الزوجية حلول علمية )
======== [/c]
|