الموضوع: عالج نفسك اولا
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-07-02, 03:54 AM   #1

abdulkader
عضوية متميزة

رقم العضوية : 29
تاريخ التسجيل : Jun 2002
عدد المشاركات : 216
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ abdulkader
عالج نفسك اولا


عالج نفسَك أولاً
قبل العلاج
للنجاحِ دروبٌ متعددة، وتفاصيلُ متنوعة، وعلى الإنسان أن يسلُكَ درباً ما يحتاجُ فيها إلى أن يكونَ جاهزاً وحاملاً لكل الملكات والمواصفات التي تجعلهُ مستحقاً للسير بأمان على درب النجاح اللامتناهي.

وقبل المضي في طريق النجاح علينا أن نبدأ أولاً بعلاجِ نفوسِنا، فنبحثَ عن الفشل وأسبابِهِ وأعراضِهٍٍِ في هذه الطريق ونحاول القضاء عليه.

وهذا العلاج يكونُ بأيدينا، فلا الطبيبُ ولا الدَّواءُ يفيدون في هذه الحالة، لأننا إذا تمكّّنَّا من التَّغلُّبِ على الشعورِ بالنقْصِ في أنْفُسِنا ووضعنا الهدَفَ أمامنا، وعمِلْنا من أجلِهِ وسعينا لبلوغهِ، فحتماً سيكونُ النَّجاحُ حليفَنا.

لقد أظهرت الأبحاثُ العلميةُ التي أُجريتْ على كثيرٍ من التلاميذِ، أن أكثرَ من تسعين بالمائة منهم ضُعَفاءُ النُّفوسِ، خائري العزيمةِ، يتيهونَ بمستقبلِهِم، ويشُكُّونَ بمَقدِرَتِهِم على بلوغِ ما يطلبون...

هذا الشُّعورُ بالنَّقْصِ لهُ أثرُهُ في صِحَّةِ المرءِ ومَقْدِرَتِهِ على المقاومةِ عندما يُداهِمُهُ مرضٌ أو يتولاَّهُ شرٌ... ولهذا كانَ همُّنا أن نزيلَهُ ونقضيَ عليهِ حتى إذا ما نجحْنا في محاولَتِنا هذه كان طريقُ النَّجاحِ والسعادةِ ممهَّداً أمامَ الفائزين المؤمنين..

يمكنُ أنْ نرُدَّ النَّقصَ للمدَنيَّةِ الحاضرةِ، والحياة الجديدةِ التي نحياها... فالمرءُ اليومَ يقِفُ على قدَمَيهِ أمامَ دنيا صاخِبةٍ ثائرة... لا مكانَ فيها للضَّعيفِ العاجز.. فمَنْ أخْفَقَ أو توقَّفَ في مُنْتَصَفِ الطريق داسَهُ السَّائرونَ خلْفَهُ دونَ أنْ يُحاوِلَ أحدُهُم مساعدَتَهُ أو سؤالَهُ عن شأنِهِ.. لذا فعلى المرءِ أنْ يعتمِدَ على نفْسِهِ وأنْ يقِفَ على قدميهِ.. وأن يبحثَ عن عملٍ لهُ.. أن يخْلُقَ لنَفسِهِ عملاً.. وأن يحاوِلَ تقْوِيَتَهُ وتغذِيَتَهُ حتى يستطيعَ العيشَ من خلاله..

إن بعضَ هذه المحاولات ينجحُ.. وبعضَها الآخر يفشل.. وإن بعض هؤلاءِ الرُّوَّادِ المجاهدين يبلغون القِمةَ.. وهم دوماً قليلونَ جدَّاً.. وبعضُهُم يحصلون على الثروةِ والبعضُ الآخر يصيبونَ كفافَهُم.. والأكثريةُ تظلُّ في مكانِها تعيشُ على أعصابِها في زاويةٍ من زوايا الحياة.. حياةُ هذه الأكثريةِ قاسيةٌ متجَّهِمة.. ويومها متعِبٌ شاقٌّ.. وموارِدُها قليلةٌ ضعيفة.. ومُتطلِّباتُ الحياةِ لديها أكثرُ مما تُطيق... هذه الأكثريةُ يغلِبُ عليها الشُّعورُ بالخيبةِ والعجْزِ والإرهاقْ...

نعم، بعضُ هؤلاءِ يحاولُ تغطيةَ هذا النَّقْصِ في نفسِهِ بالأحلام والآمالِ.. بل إنَّ بعضَهُم يلجأُ إلى الخُمورِ والمُخدَّرات محاولاً نسيانَ نفْسِهِ.. وعندما نسألُ أحَدَ هؤلاءِ عن سببِ شُرْبِهِ للخمر يجيبُنا قائلاً: لأنها أقصرُ الطُّرُقِ للهرَبِ منْ حالةِ الفَقْرِ واليأسِ الذي أعاني منهُ.. فقد يتوهَّمُ هذا الإنسان أنهُ بواسِطةِ الخمرِ سوفَ يتخلَّصَ من العناء ِوالإرهاقِ واليأسِ القاتل لِفَشَلِهِ في حياتِهِ، وعدمِ وصولِهِ لغاياتِهِ.. أو عدَمِ بلوغِهِ ما بَلَغَهُ سواهُ من نجاحٍ أو استقرار..

وهناكَ آخرون من أمثالِ مَنْ ذكَرْنا يحاولونَ سبيلاً آخرَ.. يفعلونَ ما فعَلَهُ ذلِكَ الشَّخْص الذي عجِزَ عن الوصول إلى العنَبْ.. فوصَفَهُ بالحموضةِ.. فهؤلاءِ مثلاً.. يبخِّسونَ من قيمةِ كلِّ شيء لمْ يتمكَّنوا من عمَلِهِ.. أو يُقلِّلُونَ من شأنِ كلِّ إنسانٍ سبَقَهُم ونَجَحَ دونَهُم... إنهم يُحاولونَ تَبْريرَ فشَلِهِمْ بالتَّقْليلِ من نجاحِ الآخرين..

إن هؤلاءِ الذين ينتقِدونَ سواهُم أبداً دونَ أن يأتوا بمِثلِ ما أتى بهِ غيرُهم.. أو يحاوِلوا البلوغَ مَبْلَغَهُم.. ينبغي على الساعي إلى النَّجاحِ أنْ لا يحمِلَ أقوالَهُم ونَقْدَهُم على محْمَلِ الجَّدِ.. وأن لا يُلْقِ بالاً لما يقولون..

إذاً .. عليكَ أيها الساعي إلى النجاحِ أن لا تهتمَ لما يقولون أو يفعلون.. دَعْكَ منهم من المتواكِلين.. واحزِمْ أمْرَك على أنْ تُحسِّنَ عمَلَكَ بصَرْفِ النَّظرِ عن قيمةِ هذا العمل.. لأنَّكَ إذا نجحتَ في العملِ الصَّغير.. نَجَحْتَ في الكبير.. وخيرٌ لك أيُّها الساعي إلى النَّجاحِ أن تكونَ نجَّاراً بارعاً من أنْ تكونَ مُحامياً فاشلاً..

المواجهة الحقيقية
إذاً فَلْيَكُنْ من واجِبِنا مواجهةُ الحقيقةِ.. فقبْلَ أنْ تُفكِّرَ بمُداواةِ نفْسِكَ.. وإصلاحِ الفاسدِ في جِسْمِك.. اطرُدْ فكرةً النَّقْصِ التي تُساوِرُكَ.. وامضِ في عملِك بنشاطٍ وحرارةٍ.. لتَضْمَنَ النَّجاحَ والفلاح.. ولكِن على شرطٍ واحدٍ.. هو أنْ يكونَ هذا العملُ مما يُرْضي الله جلَّ شأنُهُ أولاً.. ومما يُرْضيكَ ويَسُرُّكَ ويلذُّ لك.. وثانياً فإنْ كان الأمرُ بالعكس.. فإنكَ لن تكونَ من النَّاجحين أبداً..

إن النَّجاحَ مقرَّرٌ ثابتٌ في عملٍ يَسُرُّكَ ويُرضيك.. وهذا يَصْدُقُ في الأعمالِ الحُرَّةِ كما يَصْدُقُ في الوظائفِ.. وإنْ كانَ في الأعمالِ الحرَّةِ أوسعَ مدىً.. وأبْعدَ أطْرافاً وأوسعَ آمالاً وأغْراضاً.. فإذا طرَدْتَ مخاوِفَ النَّقْصِ من نفسِكَ –وهذا مرَضٌ داخلِيٌّ قد لا يفْطَنُ لهُ الطَّبيبُ الذي يُعالِجُهُ- نقول إذا طرَدْتَ مخاوِف النَّقْصِ من نفسِك.. تفتَّحَتِ الدُّنيا أمامَكَ، وأصبحَ بمقدورنا السيرُ معاً في طريق النَّجاحِ والسعادة.. ودعنا نقولُ كلمةً عن السعادة.. فهي لا تقومُ بالمالِ قطعاً.. ونحن نعتقد أن أصحابَ الملايين أكثرُ النَّاسِ متاعب ومشاكل.. السعادةُ في نظرِنا هي القناعة.. والقناعةُ بما يُقدِّمُهُ لك نشاطُكَ في عمَلِك.. وصدّقَ رسولُ الله حينما قال: "القناعةُ كنزٌ لا يَفنى".. فالقناعةُ صفةٌ كريمةٌ تُعْرِبُ عن عزَّةِ النَّفْسِ وشرَفِ الوجدان.. وكرَمِ الأخلاق..

لقد قيلَ لمَّا مات جالينوس إنَّهُ وُجِدَ في جيْبِهِ رقعةٌ مكتوبٌ عليها: "ما أكَلْتَهُ مُقْتَصِداً فلِجِسْمِكَ، وما تصدَّقتَ به فلِروحِكَ، وما خلَّفْتَهُ فلِغيْرِك، والمُحْسِنُ حيٌّ وإنْ نُقِلَ إلى دارِ الآخرة، والمُسيءُ ميْتٌ وإنْ بقيَ في دارِ الدُّنيا.. والقناعةُ تَستُرُ الخِلَّة.. والتَّدْبيرُ يُكثِّرُ القليل، وليسَ لابنِ آدمَ أنْفعُ من التوَّكّلِ على اللهِ سُبْحانِهُ وتعالى".. لذا أيها الساعي إلى النجاحِ فإن للقناعةِ أهميَّةً كبرى، وأثَرَاً بالغاً في حياةِ الإنسانِ وتحقيقِ رضائهِ النَّفسيِّ والجِسْمي، فهي تُحرِّرُهُ من عبوديَّةِ المادَّةِ، واسترقاقِ الحِرْصِ والطمعِ وعنائهِما المُرْهِق.. وهوانِهما المُذِلّ، وتنفخُ فيه العزَّةِ والكرامةِ والإباءِ والعفَّةِ، والترفع عن الدنايا، واستدرار عطف اللئام.

والقناعةُ بعد هذا تَمُدُّ صاحبَها بيقظةٍ روحيةٍ، وبصيرةٍ نافذةٍ، وتُحَفِّزُهُ على التأهُّبِ للآخرةِ، بالأعمالِ الصالحةِ وتوفيرِ بواعثِ السعادةِ فيها.

ومن طريفِ ما يمكن أن يُساقَ حول القناعة، أن الخليل بن أحمد الفراهيدي كان يقاسي الضُرَّ بين أهلِ البصرة، وأصحابُه يقتسمون الفوائدَ بعلمه في النواحي، وقالوا بأن سليمان بن علي العباسي وجَّهَ إليه رسولاً من الأهواز طالباً تأديبَ ولدِهِ على يديه، فأخرج الخليلُ إلى رسول سليمان خبزاً يابساً، وقال: كُلْ.. فما عندي غيرُهُ، وما دمتُ أجِدُهُ فلا حاجةَ لي إلى سليمان! فقال الرسول: فما أُبلِّغُهُ؟ فقال:

أبْلِغْ ســُــليمانَ أني عنهُ في سِعَةٍ

وفي غنىً غيرَ أني لســـتُ ذا مالِ
والفقرُ في النَّّفسِ لا في المـالِ فاعْرِفْهُ

ومثلُ ذاك الغِنى في النفسِ لا المـالِ
فالرِّزقُ عن قَدْرٍ لا العجــزُ يُنْقِصُهُ

ولا يـــــَزيدُكَ فيهِ حَولُ مُحتالِ
إذاً فإن القناعةَ هي ببيتِكَ وعنايتِكَ بأولادِكَ واهتمامِكَ بمستقبلِهِمْ، وأَنْ تَخْلُقَ في بيتكَ جواً يجعلُهُ ربيعاً دائماً، ويجعلُ الحياةَ فيهِ محبَّبةً عَذْبةً، حتى إذا انتهيتَ من عملِكَ كان كلَّ همِّكَ بيتُك، حيثُ تَقضي سهرتَكَ مع أولادِكَ وزوجِكَ.. على مائدةِ الطعامِ المزيَّنةِِ ببعضِ الزهورِ، والطعامِ الجيدِ المتواضعِ.. أو أن تحاولَ مساعدةَ أولادِكِ في درُوسِهِمْ، وأنْ تَجْعَلَ نفسَكَ صديقاً لهم تَشْعُرُ معهم وتُحِسُّ بإحساسهم...

فوقايةُ النفسِ والأهلِ التي تحدَّثَ عنها الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى: " أيها الذين آمنوا قُوا أنفسَكُم وأهليكم ناراً وَقُودُها الناسُ والحِجَارةُ، عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يَعصونَ الله ما أمرَهَمْ ويفعلونَ ما يؤمرون".. هذه الوقاية للنفس وللأهل ليستْ في تعليمِهِمُ الصلاةَ والصيامَ فقط، بل هي في تربيتِهِمْ ورعايتِهِمْ في كلِّ أمورِهِمْ.

هذا الجوُّ العائليُّ العذبُ المتواضعُ يجعلُ حياتَكَ سعيدةً، بل ويُمَكِّنُكَ من مواجهةِ متاعبِ الحياةِ بقوةِ الحديدِ وصلابةِ الفولاذ..

لذا.. جنِّبْ نفسَكَ هذا المرضَ الداخليَّ النفسانيَّ..- مرضَ الخوفِ من الإخفاقِ والفشلْ- وستضمن لنفسِكَ السعادةَ وطولَ العمُر..



منقول


توقيع : abdulkader


احلى الكلام

000لان الحب هو الحب000

ولان الحياة هي الوطن000

ولان الوطن هو الوطن000

فانني استعذب الحب موتا والموت حبا في عيون بلادي000

abdulkader غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس