عرض مشاركة واحدة
قديم 27-06-03, 09:41 AM   #1
 
الصورة الرمزية نور العاشقين

نور العاشقين
جيل الرواد

رقم العضوية : 806
تاريخ التسجيل : Mar 2003
عدد المشاركات : 11,207
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ نور العاشقين
(ياأبيض ياأسود!!)


[c]

كلما واجهتنا أزمة ثقافية وفكرية كلما ركض المسالمون منا يتحزمون بدعوة واسعة غامضة الحدود اسمها

(الحوار) ظناً منهم أن الحوار هو العتبة الأولى لطريق تحلل العنف وتربية النفس على التعايش السلمي، ولكننا

ولا مرة تأملنا جمهور الحوار ثمار وحصيلة بيوت ومدارس وشوارع ومنتديات غاب عنها معنى الحوار ولم

تتأهل بعد لمعرفة قوانين الحوار المسؤول، حدوده وحقوقه، هذه المعضلة هي التي أنجبت لنا، جمهوراً لا

يعرف إلا نوعاً من الحوار اسمه (الحوار الوحشي) لا يقبل الا بنقيضين (ياأبيض، ياأسود) يتمترس خلف

موسوعة من الشتائم الضليعة في اللغة التي تستحق دراسة نفسية لعكس ذهنية الحوار السعودي، ومفردات

التهميش ومدرعات التكفير والتشهير وقبل أن يبدأ الحوار معك يعتلي سلما يطل منه عليك بلغة وعظية

إرشادية تعليمية يتعهد فيها بأن يعيدك الى جادة الصواب ويخرجك من ضلالك إلى النور، ثم يقرأ عليك آيات

قرآنية مشيرا أنها نزلت فيك وفي أمثالك ويدعو الله أن يشرح صدرك للإسلام على اعتبار أنك خرجت منه ،

وهو من سيعيدك إليه وبعد أن ينتهي يقول لك (الله يهديك) ولكن بنبرة (الله يأخذك)! إن مطالبتنا بالحوار مع

أصحاب الحوار الوحشي هي دعوة متعالية على الواقع ومتأنقة وسط شوارع مدججة بجمهور لم يؤهل بعد

للحوار ويعاني من أزمة تعبير فادحة ويشعر على الدوام أنه طرف مضطهد ساهمت برامج التعليم الخانقة لدينا

والتربية التي تعتمد قاعدة (يفنى الفرد وتبقى القبيلة) في تضخيم هذه العقدة، عندما يكبر هذا الجمهور ويجرب

أن يدخل الحوار نظريا فاننا لا نفهم مع أي طرف نتحاور وماهي معايير الحوار خاصة أن بعضهم يدخل ساحة

الحوار أو ما يفعله هو التشهير بك والتعدي على خصوصياتك، وهمز صفاتك الشخصية ولمز محيطك

الاجتماعي، والتحريض عليك فهل يمكن بعد نسف قاعدة الحوار هذه بقنابل b52 أن تتبين من ظل حيا على

الطرف الآخر، كيف يفهم أصحاب الحوار الوحشي أنه خارج قاعدة الحوار في الأصل، ومن أين تبدأ معه

الحوار إذا كان لا يفهم بأن الحياة ليست غابة من الزئير بفوز فيها الطرف الأكثر قوة، بل إنها مجموعة من

التنظيمات والقوانين التي وضعت لمصلحة الجميع وأن التعدد والتنوع هو القاعدة البشرية التي جبل عليها

البشر، وأن الاختلاف هو فضاء الحياة الطبيعي، ويحق لكل فرد ان يحتفظ بحقه في الاختلاف، واحترام هذه

الخصوصية، وأنك مهما اختلفت مع الآخر فليس من حقك التعريض بشخصه أو التشهير به وتحريض الناس

والمؤسسات القضائية عليه وكأنه مجرم فار ومختبئ في بيتك والأهم من هذا أن الحوار ليس بين لونين

(ياأبيض ياأسود!!)
[/c]


توقيع : نور العاشقين
زهــــــرة الشرق .. قبلتي القديمة والهوى الدائم
وليست بقعة بركت على صدر المدى الجاثم

زهرة الشرق
zahrah.com

نور العاشقين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس