عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-15, 11:01 AM   #14
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
مشاركة رد: كتب ليث الحمداني -هكذا كان العراق


حجة باطلة :

يرى العقاد أن الوثيقة العباسية لا قيمة لها من الوجهة التاريخية، لأن الذين وقعوها من الأشراف العارفين بالأنساب قد أكرهوا على توقيعها، ومن وقعها غيرهم من فقهاء القصر والحاشية لم يكن أحد منهم حجة في مسائل النسب والتاريخ، وقد أضعفوا دعواهم غاية الضعف بنسبة جد الفاطميين إلى ديصان الثنوي وهو من أبناء القرن الثالث للميلاد.

وادعاء الموقعين للوثيقة أن خلفاء الفاطميين أباحوا المحرمات واستحلوا الموبقات لم يثبت عليه دليل قط من وقائع التاريخ، بل ثبت من هذه الوقائع أن بعض هؤلاء الخلفاء اكتفى بزوجة واحدة ولم يبح لنفسه ما كان يباح في قصور الخلفاء من التسري واقتناء بالإماء، أما الحاكم بأمر فقد حرم المباح بدلا من إباحة الحرام.

أما نسبة الفاطميين مرة إلى اليهود ومرة إلى المجوس، فكان الغرض منها ليس إسقاط حق الفاطميين في الخلافة فقط وإنما نسبتهم إلى أبعد الملل عن الديانة الإسلامية في ذلك العصر، ثم يقال عنهم ما لا يقال في جميع المجوس واليهود من إباحة المحرمات والتهافت على الشهوات.

ذهب المعز :

ويحتج بعض المؤرخين أن المعز لدين الله لما دخل مصر، سأله ابن طباطبا عن نسبه فسل المعز سيفه وقال "هذا نسبي" ، ثم نثر عليهم الذهب وقال "وهذا حسبي".

وقد روي هذه القصة المؤرخ بن خلكان، وهي رواية غاية في الكذب، لأن ابن طباطبا قد توفي قبل مقدم المعز إلى مصر بأربع عشرة سنة، وابن خلكان صاحب القصة هو الذي ذكر تاريخ وفاته فلم يكذب القصة بل قال : لعله أمير أخر ... وليس من المعقول أن يقيم الفاطميون دعواهم على النسب ثم يعجزون عن ذكر هذا النسب حين يسألون عنه.

يقول العقاد " وغاية ما ننتهي إليه في مسألة النسب الفاطمي أن المطاعن لم تمسسه بدليل واحد يعول عليه, وأن مطاردة عبيد الله المهدي عند اتجاهه إلى المغرب دليل على أن العباسيين أنفسهم كانوا يخشون دعوته ".

الباطنية الفاطمية :

لم تحقق المطاعن في نسب الفاطميين النجاح الكبير، ولم تكسب من الأنصار إلا القليل، أما الأثر البالغ في تنفير الناس من الفاطميين إنما جاء من ربط الحركة الفاطمية بالحركة الباطنية وادعاء الخصوم أن الباطنيين جميعا إسماعيليون.

وساعد على لصوق التهمة بالفاطميين أن بعض المجاهرين بالإباحة والاجتراء على مناسك الدين الإسلامي كالقرامطة في البحرين، كانوا يعلنون التشيع للفاطميين، فوقر في الأذهان أن دعاة الإسماعيلية جميعا إباحيون، وأن الباطنية هي إخفاء المنكرات وإعلان التشيع للتغرير والتضليل.

ويربط بعض المؤرخين بين الفاطميين والقرامطة في البحرين وهم الذين قتلوا الحجاج، وجهروا بالمعاصي ..لكن ألم يخطر ببال أحد المؤرخين أن يسأل: لماذا لم يظهر في المغرب حيث تقوم الدولة الفاطمية أناس من دعاة الإباحية والعصيان كالذين ظهروا في البحرين واليمن وفارس؟.إن القرامطة ربطوا أنفسهم بالفاطميين لأنهم كانوا خوارج على الدولة العباسية، وكل خارج لابد له من سند يركن إليه في محاربة الدولة العباسية.

وبعد الجرائم التي ارتكبها القرامطة في مكة المكرمة وقتلهم للحجيج، ونقل الحجر الأسود إلى بلادهم، كتب الخليفة الفاطمي القائم وهو بالمغرب إلى داعية القرامطة ينكر عليه إراقة الدماء في مكان قدسه الإسلام " ثم تعديت بعد ذلك وقلعت الحجر.. وحملته إلى أرضك ورجوت أن نشكرك، فلعنك الله ثم لعنك، والسلام على من سلم المسلمون من لسانه ويده".

وعلى خلاف ما قيل عن إباحة المحرمات في المذهب الفاطمي ثبت من نصائح أئمة منهم أنهم كانوا يقصدون في الحلال المباح ويأمرون أتباعهم بالقصد فيه.. وعلى خلاف دعوى الربوبية كان المعز – وهو أعلمهم بالتنجيم- يقول : " أن من نظر في النجامة ليعلم عدد السنين والحساب ومواقيت الليل والنهار وليعتبر بقدرة الله فقد أحسن وأصاب، ومن تعاطي بذلك علم غيب الله والقضاء بما يكون فقد أساء وأخطأ."

وقد خولط عقل الحاكم بأمر الله, فلم يثبت من تصرفه أنه تلقي من آبائه وأسلافه الإباحة وادعاء الربوبية, وأنه وريث قوم من اليهود أو المجوس بل ظهر أنه يحرم الحلال ويطارد اليهود تارة ويغض عنهم تارة أخري علي كراهية ونفور.

يقول بن خلدون عن الحاكم بأمر الله : " أن هناك العديد من الأكاذيب التي تنسب إلى الحاكم، وأن ما يروي عنه من الكفر غير صحيح, ولو صدر من الحاكم لقتل لوقته."

ويؤكد العقاد أنه لا يستبعد أن يكون من الدعاة الفاطميين أناس قد استخرجوا لأنفسهم مذهبا ينكره علماء الدين من السنيين والشيعيين، ولا يستبعد أن يكون منهم أناسا خدموا القضية الفاطمية كلها خدمة لأنفسهم .." لكن الذي نستبعده أن يكون هناك تواطؤ لهدم الدين والدولة الإسلامية ".

أما القول بسب الخلفاء والصحابة، فقد جري على ألسنه طائفة من غلاة الفاطميين وغير الفاطميين، فاستنكره عقلاؤهم، ولا عذر من المسبة الباطلة على كل حال. ولكن الخلاف القبيح الذي أطلق الألسنة بلعن علي المنابر 60 أو 70 سنة هو الخلاف القبيح الذي أطلق الألسنة بعد بالجرأة علي أقدار الأئمة الآخرين رضوان الله عليهم أجمعين.

الحشاشون :

هذه طائفة نسب إليها الناس كل نقيصة وعجيبة، استولي الحسن بن الصباح على قلعة حصينة في أعالي الجبال بإيران، ومن هذه القلعة بدأ يرسل أتباعه لقتل المخالفين له، وأفرط الناس في التحدث عن أسرار الحسن، أنه عرف سر الحشيش وأنه كان يديره على أتباعه ثم يدخلهم إلى حديقة عمرت بمجالس الطرب ويتلاعب فيها الراقصات ثم يخرجهم منها وهم في غيبوبة ويوقع في وهمهم أنه نقلهم إلى جنه الفردوس وأنه قادر على إعادتهم إذا ماتوا في طاعته.

يقول العقاد : " ونحن نستبعد أن يكون للجنة المزعومة أصل في قلعة الحسن بن الصباح، فقد كان معروفا بالصرامة والشدة على نفسه وعلى أتباعه، وكان يتنسك ويتقشف رياضة أو رياء أمام أتباعه وتلاميذه ، ولم يكن من اليسر في تلك القلاع المنفردة أن يخفي أمر القيان ومجالس الراقصات والغناء زمنا طويلا دون أن يطلع عليه المقربون... ومن المحقق أن شيخ الجبل لم يطلع أحدا على سره وأن أحدا من المؤرخين لم يشهد تلك الجنة بنفسه ولم يسمع روايتها من شاهد بعينه، وقد نشأت تلك الروايات بين الصليبين ولم تنشأ بين المشارقة وقد كانوا في حاجة إلى تأويل شجاعة المسلمين وهم في عرفهم قوم هالكون لا يؤمنون بالدين الصحيح, فخطر لهم أنهم يستميتون في الجهاد لأنهم موعودون بالجنة التى تجري من تحتها الأنهار وترقص فيها الحور الحسان. "


توقيع : حسين الحمداني


زهرة الشرق

zahrah.com

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس