الموضوع: ما بعد القصير
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-13, 02:26 AM   #1
 
الصورة الرمزية رماح

رماح
العضوية الفضية

رقم العضوية : 7426
تاريخ التسجيل : May 2007
عدد المشاركات : 802
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ رماح
مبتسم ما بعد القصير


ما بعد القصير

--------------------------------------------------------------------------------

ماذا بعد القصير؟
هذا هو السؤال الذي يطرح اليوم من قبل عديد وسائل الإعلام الموالية لمحور الفاشلين.. فبعد حصار المدينة من قبل الجيش العربي السوري ومقاتلي المقاومة الإسلامية، انطلقت نوبات النواح و العويل، وصرخات البكاء على المصير، و بيانات الإستنكار والتنديد بتدخل حزب الله “الشيعي” في سوريا لذبح العرب و المسلمين “السنة”.. و بعد أن لم تجدي نفعا فتاوى التحريض التي أصدرها القرضاوي من قطر لإغاثة ثوار “الحرية” المحاصرين في المدينة و ريفها.. وبعد أن فشلت حملات التحريض و التضليل الإعلامي التي خاضتها “الجزيرة” و “العربية”، سقطت مدينة القصير الإستراتيجية، وتلاها تباعا سقوط كل قرى ريف المنطقة كأحجار الدومينو، فتلقى مشروع المتآمرين ضربة قاسية لن ينهض منها بسهولة لإستعادة ما ضاع منه على الأرض.
فجأة تبدل المشهد، فاستفاقت شرائح واسعة من الشعب العربي من دوختها، و استعادت وعيها، عندما شاهدت بأم عينها ترسانة الأسلحة التي صادرها الجيش العربي السوري في أنفاق المدينة وريفها، و منها أسلحة إسرائيلية الصنع بكتابات عبرية بارزة.. وتابعت باستغراب عبر الفضائيات، فلول الإرهابيين وهم يعالجون في مستشفيات إسرائيل، فأدركت المقلب الذي كان يعد لها من قبل الدوائر الأمريكية و الصهيونية و التكفيرية الوهابية..
المجتمع الأوروبي بدوره، عندما اكتشف أن مئات من الأوروبيين يقاتلون إلى جانب الإرهابيين في سورية، بدأ يتسائل عبر صحافته، إن كانت حكوماته لا تضلله، وتدعم القاعدة في قتالها ضد الجيش العربي السوري.
سقطت القصير، ومات من مات، واعتقل من اعتقل، وهرب من هرب من مقاتلي النصرة والجيش الحر.. وانفرط عقد معارضة قطر و اسطنبول، فدب الرعب والخوف والقلق في إسرائيل و مشيخات العهر في الخليج.. وأصبح الكل يتحسس عنقه و يتسائل عن المصير…
سقطت القصير وريفها بالكامل.. وفي الوقت الذي وصفت فيه إسرائيل هذا السقوط بالإنتصار التكتيكي الكبير، وقالت تقارير غربية أنه انتصار استراتيجي غيَر موازين القوى على الأرض لصالح النظام السوري، واعتبره محللون بمثابة ضربة موجعة قسمت ظهر “المعارضة” المسلحة.. خرجت علينا بعض أدوات المشروع المنضوية تحت لواء حزب الفاشلين، ليتقمصوا دور المنظرين والمحللين الإستراتيجيين، ويحولوا انتصار محور المقاومة في سورية إلى هزيمة، تماما كما فعلوا عقب حرب تموز 2006. ولم يفتهم تكثيف حملات التصعيد والتحوير و التضليل عبر العزف على الوثر الطائفي و المذهبي.
السلطان رجب أردوغان، الذي كان يتهم الأسد بقتل شعبه و يطالبه بالرحيل.. فوجأ بالحريق يشتعل في أكثر من 50 مدينة ببلاده، فاتهم شعبه بالإرهاب، و قال في معارضة بلاده ما لم يقله مالك في الخمر، حيث اعتبر ما يجري في سلطنته مؤامرة خارجية تستهدف حكمه الرشيد و نجاحاته الباهرة في السياسة والإقتصاد.. و لم يفهم أن أوباما قد تخلى عنه، و قرر استبداله بعد أن ظلل الإدارة الأمريكية و ورطها في الشأن السوري واعدا إياها بسقوط الأسد خلال أسابيع، و لم يفهم ما قالته الإدارة الأمريكية عن أن تركيا بلد ديمقراطي من الدرجة الثانية، و لم يتقبل انتقادات أوروبا وتنديداتها بديمقراطيته الشكلية التي كشف حقيقتها حجم العنف الوحشي الممارس من قبل قواته ضد المتظاهرين السلميين في ميدان “تقسيم” الذي تحول إلى ميدان لـ”التحرير”.
وقد كان لافتا تناول صحيفة ‘الواشنطن بوست’، السبت، للموضوع التركي، حيث كالت سيل من الإتهامات لطيب رجب أردوغان، أبرزها: “أن الديمقراطية هي أكثر من صناديق الإنتخابات، وأن رئيس الحكومة التركية يتصرف كديكتاتور إستبدادي”، هذه صفعة قوية تؤشر إلى أن واشنطن لم تعد بحاجة لأردوغان و دوره في المنطقة، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها هي من حرك الشارع ضد ‘أردوغان’ بسبب كذبه على أوباما و فشله إدارة مشروع التغيير بالمنطقة. وهذا هو لب المسألة، وسنشرح بعد قليل سبب هذا الإنقلاب الأمريكي المفاجأ الذي سيقلب كل المعادلات في الشرق الأوسط.
المخابرات الأمريكية التي فجرت الشارع في تركية، لعبت على مجموعة عوامل سياسية واقتصادية و نفسية لرئيس الوزراء، حيث روجت في الأوساط التركية أن رجب أردوغان صاحب نفسية مريضة، وشخصية مغرورة، وعقلية مضطربة و غير متوازنة، ويتصرف بتهور، خصوصا بعد أن حوَل بلاده من صفر مشاكل إلى صفر علاقات مع الجوار، و أخون القضاء و الجيش و كل مؤسسات الدولة، و أسلم التعليم، و ضيق على حرية المواطنين و انتهك خصوصياتهم الحميمية، و حوَل تركيا إلى أكبر معتقل في العالم للإعلاميين بشهادة منظمات دولية، وخصخص شركات الشعب التركي وفوتها لأصدقائه المقربين، وباع ساحة “تقسيم” التاريخية في إسطنبول إلى أمير مشيخة قطر ليقيم عليها مراكز تجارية عصرية مقابل رشا ضخمة من تحت الطاولة، وبنى جسرا على البوسفور وأطلق عليه إسم السلطان ‘سليمان’ الذي ذبح العلويين في القرن السادس عشر، الأمر الذي يؤكد حقده الدفين على طائفة كبيرة من أبناء شعبه تعد بالملايين.
وعندما اكتشف متأخرا على عادة الأغبياء، أن بقاء الأسد في السلطة معناه رحيله هو عنها، ترك بلاده تحترق، ودماء شعبه تسيل، وقرر السفر في عجالة إلى المغرب والجزائر وتونس، لحشد المزيد من الإرهابيين قصد الإلتحاق بـ”الجهاد” في سورية نصرة للمظلومين من الثوار االمناهضين للديكتاتور بشار العلوي (كما يصفه الديكتاتور رجب أردوغان).. و وزع في سبيل ذلك مئات ملايين الدولارات كاستثمارات ومساعدات على الحكومات الإخونجية والمخابرات في هذه البلدان الشمال إفريقية التي تعتبر خزانا للإرهاب لا ينضب. غير أن رفض الملك محمد السادس استقباله كما أوضحنا في مقالتنا السابق، يعتبر مؤشرا قويا على أن أردوغان أصبح ورقة محروقة دوليا، وأنه سيدفع قريبا ثمن تمرده على سيده الأمريكي.
أمريكا أعطت لحلف الفاشلين الوقت الكامل لتنفيذ التغيير، وكانت تراقب و تتنتظر، و تصريحاتها كانت تبدو متضاربة حد التناقض، وأوباما وفريق عملي لم يكن يظهر أنه يتجه ليرسو على ميناء محدد، لدرجة أن فرنسا وبريطانيا وإسرائيل والسعودية وتركية وقطر استاؤوا من غموض الموقف الأمريكي وعاب على الرئيس عدم حماسته لحسم الوضع في سورية..
وعلى سبيل المثال، كلنا تابعنا خلال الفترة السابقة كيف كرَت السٌبحة، و انخرطت كل أدوات المشروع الأمريكي الصهيوني التكفيري في المنطقة، كبيرها و صغيرها، في العزف على نغمة الإرهاب، محملة حزب الله كل مآسي الشعب السوري و المنطقة، حيث اتَهموه بأنه الذراع العسكري للدولة “الصَفوية” في استحضار للحرب الطَاحنة التي دارت بين إسماعيل الصَفوي (1501-1524م) والعثمانيين. وبأنه يقتل سنَة الأمة في استحضار لتاريخ الفتنة الكبرى.

والسبب، يكمن في أن حزب الله الذي يدرك سر أوراق اللعبة الدولية و الإقليمية، و ما يخطط له لتدمير المقاومة وخراب الأمة، قرر فجأة الإنخارط في الحرب الكونية الدائرة في سورية لإفشال المؤامرة التي تحاك ضد محور المقاومة بالكامل. وهو بهذا القرار أسقط حدود (سايس و بيكو) القديمة، ولم تعد لبنان و سوريا و العراق و ايران دول قابلة للتقسيم وفق مخطط الصهيوني “برنارد لويس”، الذي جمع له ‘حسين أوباما’ فريقا من الخبراء بالبيت الأبيض لدراسته ووضع تقرير تنفيذي بشأنه، فخرجوا بتوصية قاطعة حاسمة تقول: أن أمريكا لا تستطيع خوض حربين في نفس الوقت في سورية، حرب ضد بشار الأسد وجيشه القوي من جهة، وحرب ضد القاعدة و منظماتها المختلفة من جهة أخرى. وبالتالي، فالحل الأمثل يكمن في أن يذبح المسلمون بعضهم بعضا من خلال إشعال نار الفتنة المذهبية بين السنة و الشيعة، لإن الفتنة هي الوحيدة الكفيلة باستنزاف العربان وإضعافهم..
وبعد ذلك، تتدخَل أمريكا لفرض سلامها دون أن تغامر بتنزيل خرائط ‘برنارد لويس’ الجديدة، التي تراعي البعد الإجتماعي لمكونات المنطقة على حساب البعد السياسي الحالي. وبالتالي، اقتنع أوباما أن فكرة إعادة رسم خرائط المنطقة وتقسيم المقسم إلى دويلات وإمارات ومشيخات طائفية ومذهبية تكون الدولة اليهودية هي القطب الذي تدور في فلكه هذه الكيانات الهجينة المتصارعة في إطار “الشرق الأوسط الصهيوني الجديد” مشروع خطير سيفجر المنطقة بالكامل وسيرتد على مصالح الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط والعالم، وسيزيد من خطر الإرهاب، وخصوصا الكيماوي.
هذه النتائج ظلت سرية ولم يطلع عليها ‘أوباما’ حلف الفاشلين، وتركهم في جهلهم و غيهم يعمهون، فقامت قيامتهم على حزب الله بعد أن أيقنوا أن انخراطه في الحرب ضد إرهابهم سيفشل مشروعهم، فنعتوه بحزب الشيطان الذي يحارب السنة في سورية، واعتبوه دراع إيران العسكري في المنطقة، وهددوه بالويل والثبور وعظائم الأمور، فيما الحزب لم يعري لنباحهم و سعارهم أدنى اهتمام.

وبين النبرة المذهبية (السنية – الشيعية) والنبرة العنصرية (الصفوية – العثمانية)، ضاع المواطن العربي المسحور (إلا من رحم الله)، فلم يستطع أن يفهم إن كان الأمر يتعلق في حقيته بصراع بين إيران “الإمامة” و تركية “الخلافة”، في استحضار لتاريخ الفتنة الكبرى بين الإمام علي (ر) و معاوية بن أبي سفيان (ر) قبل أزيد من 14 قرنا، أم أن الأمر يتعلق بصراع على من يحكم المنطقة: السعودية “الوهابية” أم إيران “الصفوية” أم تركية “العثمانية”، في استحضار لحروب السلاجقة العثمانين الذين قاموا بذبح العلويين في حلب وحماة و إدلب، ونجحوا بتعاون مع الاستعمار الفرنسي بسلخ لواء الإسكندرون وجبال طؤروس وكليكيا عن سوريا وضمها لتركية، وقتل خلال هذه العملية آلاف الشهداء السوريين دفاعا عن وطنهم. أما آل سعود الذين يسعون لزعامة العالم السني، بعد أن استبدلوا سنة محمد بن عبد الله (صلعم) بسنة محمد بن عبد الوهاب (له من الله ما يستحقه) بمساعدة البرطانيين، فلا تاريخ لهم في المنطقة غير شواهد الخيانة والتآمر على الأمة و العمالة للبريطاني و الأمريكي و الصهيوني، كما أصبح معروفا اليوم للجميع، بسبب أصولهم اليهودية، والعرق دساس كما يقول الرسول الأعظم (ص).

قد يكون الحاضر امتدادا للماضي، وقد يكون ما يحدث اليوم في المنطقة هو إحياء لنعرات دينية و مذهبية قديمة، لكن التاريخ لا يعيد نفسه وإن تشابهت بعض الأحداث أحيانا، لأن حقيقة الصراع اليوم بالمنطقة لا علاقة له بالدين بالمطلق، بقدر ما يتعلق الأمر بمصالح سياسية تتخذ من لبوس الديني والعامل المذهبي و الطائفي حصان طروادة لحشد الأنصار وتقديمهم وقودا لنار الفتن المشتعلة (كما نقلت جريدة ‘نيويورك تايمز’ عن بندر بن سلطان في عهد بوش الإبن سنة 2005 بالنسبة للوضع في العراق). اليوم ذات الإستراتيجية يكررها ‘بندر بوش’ لكن خدمة لمشروع أكبر يشمل الشرق الأوسط برمته وليس سورية فحسب، وله علاقة بمصالح جيوسياسية تتصارع بشأنها قوى إقليمية و دولية عالمية في إطار محاور جيواستراتيجية كبرى.. وهذه لعبة أكبر من حجمه وعقله.
وفي خضم نار الفتنة المتنقلة التي نجح مؤقتا في زرعها الوكيل السعودي بالمنطقة، وفهمها حزب الله في حينها، حيث حذر ‘القاعدة’ من خطورتها، ونصحها بأن لا تنخرط فيها لأن الهدف هو جمع الإرهابيين من كل أصقاع الأرض ليتم ذبحهم في سورية.. لكن أغبياء القاعدة و المنظمات المنخرطة تحت لوائها لم تفهم المقلب.

الجامعة العبرية برئاسة قطر، أصرت بدورها في الإنخراط في اللعبة لتفجير المنظمة من الداخل، فقررت شطب إسم سورية العروبة من قائمة أعضائها، بدعوى انتهاك الأسد لحقوق الإنسان في بلده.. وحين اعترض وزير الخارجية اللبناني “عدنان منصور” على تسليم مقعد الشام لممثل المعارضة المصنعة في قطر، تعرض لإنتقادات جوقة الحريري في لبنان، فاتهموه بأنه وزير للخارجية الإيرانية.
.


التعديل الأخير تم بواسطة zahrah ; 06-12-21 الساعة 05:24 PM
رماح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس