الموضوع: كشف الامير
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-12, 03:03 AM   #3
 
الصورة الرمزية رماح

رماح
العضوية الفضية

رقم العضوية : 7426
تاريخ التسجيل : May 2007
عدد المشاركات : 802
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ رماح
رد: كشف الامير


العقل العربي في غمرة انشغاله بانطلاق مغامرته الأخيرة لم يفهم ولم يسأل عن سبب غياب اسرائيل فجأة كعدو عن نشاطات الجامعة العربية التي تحولت الى محكمة لمحاكمة أعداء اسرائيل جميعا .. والشعوب لم تتساءل علام كانت الجامعة العربية تتثاءب لأسابيع بعد كل مجزرة اسرائيلية ثم صارت هذه الجامعة في الربيع العربي كأنها شربت اكسير الحياة أو حبوب الفياغرا فهي مستثارة ومتهيجة ومنتصبة كل بضعة ساعات .. بل نشطت العجوز المحنطة بشبق للجماع الثوري كنشاط الشباب أكثر من اندفاع "الاتحاد الأوروبي" نحو السرير .. وكما تقول أغنية وديع الصافي (أكلت الجامعة في سهرة واحدة 3 صحون ورقصت 3 ساعات)..ولم تتعب ولم تسعل ولم تلهث ..!!


والعقل العربي الذي بدأ مغامرته الخطيرة فجأة بدأ يحوّل حسن نصرالله من محارب يعلق النياشين على صدره الى قاتل دون أي دليل على تورطه في أحداث سورية بل بناء على فبركات عجزت عن اثبات ادعاء واحد .. وصلوات العرب والمسلمين تحولت لصب جام غضب السماء على الرئيس السوري .. وبعد أن كان طلب العون من الغرب خيانة تحول الى عمل مبارك تجاهر به الدول والحكومات والمعارضات والجماهير أيضا .. وصار فرض عين على كل ثائر وثائرة .. بل وتباهي به الثورات وتلتقط الصور التذكارية مع الصهيوي برنار هنري ليفي .. فيما نسي الشرق نتنياهو وأولمرت وعمير بيريتس وجورج بوش وتوني بلير الذين يحتسون قهوتهم المخلوطة بدمائنا بهدوء واسترخاء في مستوطناتهم ومقاهيهم ومزارعهم .. حتى شارون يستريح في سريره في مشفى هاداسا راضيا مرتاح الضمير .. فالعقل العربي الذي انطلقت مغامرته يقوم ثورجيوه في اعلام الخليج وملثموه والسدنة المخلصون بكنس شوارع الذاكرة من كل دماء صبرا وشاتيلا وقانا والعراق ولبنان ودير ياسين وغزة .. وهؤلاء السدنة المخلصون يمسحون الحيطان بمقاطع مناديل "اليوتيوب" المزور والمفبرك من آثار الدماء التي انبجست أثناء تنفيذ المجازر في كفر قاسم وبحر البقر .. وتنزل عن جدران الذاكرة صور دلال المغربي وعلي عفانة ومحمد الدرة ليحل محلها قطع زينب الحصني وحمزة الخطيب وصور الفارين من الجندية والقانون الذين صاروا شهداء الثورة العربية .. وتلقى كتب غسان كنفاني والصادق النيهوم وقصائد محمود درويش وابداعات ادوارد سعيد في المجارير الثورية وتنتصب على رفوف مكتبات الذاكرة بيانات غبية لفدوى سليمان ومي سكاف ورنا قباني وعدنان العرعور وبسمة قضماني !! .. وتقوم جرافات الثورات العربية بكنس جثامين آلاف الشهداء العرب في معاركنا مع الغرب واسرائيل ورميهم في مقابر الذاكرة الجماعية لأن العقل العربي يريد فرش الذاكرة بأثاث جديد من الجثامين .. وهي جثامين المدنيين العرب الذين سقطوا في صراعات داخلية من أجل الحرية وقوانين الطوارئ ومن أجل عيون معاوية وعلي وعيون الجمل وأعمدة سقيفة بني ساعدة .. العرب منشغلون باطلاق مركبة فضائية عليها عقولهم في "مغامرة العقل الأخيرة" نحو المجهول ...والنهاية البائسة..نحو الثقب الأسود
انهيار مايسمى "الثورة" السورية قد تكون بداية تشكل وعي جمعي جديد وبداية نهاية مغامرة العقل الثورجي !!
على غير توقع من أحد فان سورية التي انطلقت منها مغامرة العقل الأولى منذ آلاف السنين ..قد تكون فيها نهاية مغامرات العقول الثورجية وانطلاقة مغامرة عقلية حقيقية مضيئة .. وهذا هو السبب:
صحيح أن الأزمة السورية قد طالت على غير ماتوقعه الكثيرون لكن أيضا فقد طال انتظار الواقفين على شاطئ الثورات العربية لاستقبال السفينة السورية التي كان خاطفوها (بعربهم وعجمهم) وثورجيوها قد بعثوا اشارات الوصول منذ الشهر السادس من العام الماضي وفيها طلبوا تحضير الأعلام والزينات والمعادلات الجديدة .. لكن السفينة السورية لم تصل الى مرافئ الربيع العربي ولم تنزل المرساة ولم تطو الأشرعة بعد ..لأن اليابسة التي يقصدها "الثورجية" لم تظهر في الأفق ولم يصل القراصنة الى " جزيرة الكنز" .. وبالطبع لم توصلهم "الجزيرة" القطرية الى الكنز الثوري ..فالخارطة التي بحوزتهم مزورة والبوصلة التي تقودهم يشير مؤشرها نحو القطب الجنوبي حيث جماهير البطريق تنتظرهم .. ..


اثر كل مرحلة من مراحل مايسمى بالثورة السورية يتوقف الجميع عن متابعة الحدث السوري لاستيعاب دروس كل مرحلة وتحليلها واجراء حساب الربح والخسارة وقراءة الطالع وتغيير الخطط ..واليوم وبعد قرابة العام على اطلاق هذا الربيع هناك نتيجة لابد من الاعتراف بها شئنا أم أبينا، ألا وهي ان النظام في سورية لم يسقط ..وتمكن بجدارة من تجاوز أصعب المراحل على الاطلاق متحديا تكتلا دوليا عملاقا جلده بكل ما معه من سياط مليئة بالمسامير التي نهشت جسده وسمعته وأمن شعبه .. وبالطبع لن تنقذ الثورة لفتات "نعومي كامبل" الخيرية ولا حفلات الجندلي وسميح شقير ولاحفلات "رقصني ياجدع" في مجلس الشعب المصري السلفي .. هذه الاستعراضية الرمزية بالحفلات تعني أن الثورة السورية صارت تمشي على عكازات وأنها تتسول العون كما المشردون لاجئوا القوارب في شوارع الغرب .. وآخر الحفلات الخيرية هي ما أقيم في تونس باجتماع أصدقاء سورية "المخلصين" ..في دكان مسترزق تونس المسكين .. المنصف المرزوقي..الذي لم يستحق مني يوما الا الشفقة..واليوم تنتقل شفقتي عليه الى شفقتي على عظمة شعب تونس الذي أنجب بيرم والشابي والذي تعاطف مع صرخة بائع الخضار محمد البوعزيزي .. ليحكمه بائع خضار مسترزق .. حوّل تونس كلها الى عربة خضار .. تبيع في قطر
ان من يقول ان المعادلة الناشئة هي: أن الثورة لم تنتصر وكذلك فان الدولة لم تتمكن من اخماد التمرد خلال عشرة أشهر الماضية.. يقول الحقيقة ..ولكن ليست كل الحقيقة .. لأن الحقيقة هي أن الدولة السورية تعاملت حتى الآن "بديبلوماسية" مع تمرد مسلح "باللاديبلوماسية" ومشحون بالوعود .. لأنها كانت تعرف أن فكرة الثورات العربية بنيت على تحرير عقل الجمهور العربي من ضوابط المنطق وربطه بالغرائز والانفعال واطلاقه في مغامرة لانهاية لها ..بحثا عن الحرية في الظلام الدامس حيث لايشم الورد بل رائحة الدم لتتحول الجماهير الى أسماك قرش مستثارة بالدم.. وكان استعجال البعض بالحسم بمثابة وصفة لاستعجال اطلاق العواطف والغرائز وانفلاتها بين جميع الأطراف .. ولذلك ضبطت الدولة نفسها الى أبعد الحدود، وكانت ترى العنف الذي يراد اطلاقه حتى أنها لم تظهر الا رأس الجبل الجليدي من مئات الصور التي تستفز جمهورها لمنعه من الانفعال والانتقام .. فيما قرر قادة التمرد معاملة الأزمة عسكريا والتحول بسرعة فائقة عن شعار السلمية المقدس الذي كان الثورجيون يلوكونه على كل القنوات الاعلامية والبيانات .. اذ أعلن "محمد رحال" فجأة ودون سابق انذار ودون مبررات كافية بعد أسابيع فقط من الأحداث السورية الانتقال لمرحلة تسليح الثورة ..وكان الهدف من ذلك تجريد الدولة السورية من حبال الضبط التي تمسك بواسطتها بلجام العواطف ..
والآن انقلبت الصورة .. فالثيران الهائجة التي اعتقدت أنها انفلتت من حبال المنطق وجدت أن السلطة في سوريا ظلت ممسكة بالحبال حتى أوصلت التمرد الى ممرات اجبارية قبل أن تطلقه في صحراء التيه ..نعم ان الثورة أدخلت في صحراء التيه .. وأتحدى أي ثورجي أن يتنبأ في المآل الذي آلت أو ستؤول اليه الثورة .. والقفز من مؤتمر الى آخر ومن عاصمة الى أخرى ومن مجلس الى آخر ومن حضن قطري الى سعودي الى ناتوي الى تونسي ومصري يدل على التيه .. واليأس الذي سكب في اجتماع تونس كان خير دليل ..ولم يخفف من جرعته حضور هيلاري كلينتون نظيرة رضوان زيادة !!! وبدأنا جميعا نسمع أصوات تشقق صادرة عن أبراج المجلس الوطني .. بل ونسمع تكات الساعة التي تؤقت لانفجار الديناميت في المجلس .. وخاصة بعد فضيحة بسمة قضماني وهي تلثغ بالفرنسية أشعارا بحب اسرائيل والتي رد عليها نتنياهو بقوله (تقبشي عضامي عضمة عضمة .. وتقضمي سورية قضمة قضمة) ..

أستطيع أن أتخيل حجم النقمة والغضب الذي تتسبب فيه سورية لدول الغرب ولبعض قصور الشرق .. الغضب الغربي لاحدود له بدليل هذه الحمّى وارتفاع حرارة الضمائر الأوروبية .. وهناك أيضا غضب لامتناه في قصور العرب فلم يستطع وزير خارجية السعودية سعود الفيصل أن يمر عليه دون اطلاق تهديدات "طوعا أو كرها" كما لو كان أحد أعضاء لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعروفين بالمطوعين والمشهورين بقسوتهم ولارحمتهم ولامنطقيتهم بل وشعوذتهم .. ومعرفتي بالسياسة السعودية تقول ان ماصدر عن الوزير السعودي غريب جدا .. فالسعودية في أقصى حالات العداء لأعدائها لم تستعمل هذه الالفاظ الخشنة طوال تسعين عاما بما فيها تصريحات الملك فيصل بشأن الصلاة في المسجد الأقصى والذي دفع حياته ثمنا لها .. فلغة النفاق الحريرية كانت دوما هي لغة الخطاب الرسمي السعودي طالما أنها تنال ماتريد وخاصة عندما تكون مطمئنة الى انتصارها .. وخلع الوزير السعودي لثياب النفاق ووقوفه عاريا في تونس يدل على أن السعودية قد خرجت الى الهجوم كالعقرب الذي تسكب الماء الساخن في وكره .. وكالذئب الذي ترمي باللهيب في وجاره ..واللهيب وصل الى أوجار الذئاب ..ذئاب محمد بن عبد الوهاب ..فتماسك سوريا بدأ يكشف للناس الأسرار التي لم تعلن ..وبدا الناس يبحثون عن عقولهم وبدأ في ات تونس على مؤتمر أصدقاء سورية ...السعوديون في سباق مع العقل العربي قبل أن يعود ويرتد عن مغامرته الثورية !!
فالبعض يقرأ غضب الوزير السعودي وانسحابه من مؤتمر تونس بأنه غضب من شركائه وتباطؤهم .. وأن صراع الشركاء انتقل من الكواليس الى حارات بابا عمرو حيث يقال في بعض المجالس الخاصة ان الصحفيين الغربيين القتيلين انما قتلا بشحنة ناسفة بتعليمات عليا من السعودية للضغط على زعماء الغرب وانتقاما من تردد الغرب ازاء سوريا .. وصور المكان الذي تم اظهاره تشير الى ضعف احتمال سقوط قذيفة أو صاروخ بل تشير الاستنتاجات الأولية الى انفجار داخلي .. والأكثر من ذلك أن الأقمار الصناعية الروسية كانت ترصد اتصالاتهم وتزود السوريين باماكنهم لاعتقالهم وليس لقتلهم .. كما أن هناك صحفيين جريحين يماطل الثورجيون في تسليمهما بتعليمات سعودية للثأر من الموقف المتردد الغربي وللضغط على الغرب وفرنسا التي ربما صار لها أسرى حرب بعد أن أشيع في الكواليس أن السعوديين سربوا خريطة المواقع والانفاق والممرات السرية التي كان الفرنسيون يتسللون منها الى حمص بعد أن رفض الفرنسيون التورط بدعم عمل عسكري على غرار ليبيا خوفا من عواقبه ومن استفزاز الروس .. وكانت تلك رسالة السعودية لفرنسا بعد ان يئست السعودية من تحرك فرنسا.. وهي: ان فرنسا لم ترفع مستوى الضغط كما يجب .. فليسقط ساركوزي قبل الأسد!! ساركوزي الذي هرول الى مؤتمر صحفي لرفع الضغط ويثرثر بأنه سيسقط الأسد ..
عمليا لم تنجح ذئاب محمد بن عبد الوهاب وعقارب الغرب في نهش جسد الشعب الذي بدأ مغامرة العقل الأولى نحو الله لان هذا العقل قد حدد مصدر العواء وعرف موقع أوجار الذئاب .. وبدأ في القاء الماء المغلي على أوكار العقارب في حمص وادلب والأرياف .. وهذا العقل سيوقف هذه المغامرة الربيعية المجنونة .. فالشعب الذي أطلق مغامرات العقل البشري الأولى لن يصعب عليه القاء المراسي حول العقول الهائجة والهائمة على وجهها وربط العقول التي تستعد لخوض الحجيم بالأوتاد .. ولن يصعب على هذا الشعب اطلاق المغامرات العقلية العظيمة المضيئة في الشرق العربي .. كمغامرات حسن نصرالله وبشار الأسد عام 2006... فمسؤوليته تاريخية في عقلنة هذا الربيع وايقاظه من أحلام السفر وأحلام اليقظة ..وايقاف مغامرات الرحيل في الظلام .. من الظلام الى الظلام


رماح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس