عرض مشاركة واحدة
قديم 22-11-10, 04:34 AM   #12
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: سيف الدولة الحمداني.. لمحات تاريخية وثقافية


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسين الحمداني مشاهدة المشاركة
بالضرورة عن رأي المركز
من هو سيف الدولة الحمداني ... بقلم : علاء السيد مساهمات القراء


من منا يعرف شيئا عن الأمير سيف الدولة الحمداني الذي صارت حلب في عهده عاصمة لبلاد الشام ،و بمناسبة كون حلب هذا العام ، عاصمة للثقافة الإسلامية ، شعرت بأنه يتوجب علينا معرفة بعض الأمور عن تاريخها عندما كانت عاصمة لبلاد الشام .


وأعود إلى تساؤلي عن معلوماتنا عن سيف الدولة الحمداني ، وأجيب إن أغلبيتنا نجهل كل شيء عنه ، وربما نعرف أن بلاطه كان يؤوي الشاعران الكبيران المتنبي وأبو فراس الحمداني ، وقد يعرف عنه المختصين ولكن عموم الناس يجهلون تاريخه تماما .

رغبتي في معرفة تاريخه هذا ، هي التي دفعتني إلى كتابة هذا البحث المتواضع عنه ، مستعينا بكتب ابن العديم مؤرخ حلب ، وبمواقع شبكة الانترنت فيما جاء فيها عنه .



و ربما دفعني الى ذلك معرفتي التي جاءت مصادفة انه عربي قح تغلبي ( منسوب إلى قبيلة تغلب التي استوطنت حلب وما حولها ) ، والتي عرفت مصادفة أيضا أنها القبيلة التي وقعت بين أفرادها الوقائع التاريخية ، التي رواها المسلسل السوري ( الزير سالم ) ، والتي جرت جميعها قرب حلب ، وعلى ارض حلبية .

و لم ينوه ذلك المسلسل إلى هذه الواقعة التاريخية الجغرافية المهمة ، واعتقدنا نحن المشاهدون أنها وقعت في عصر الجاهلية في جزيرة العرب .

و تبين لي أن جساس ، قاتل كليب ،كان مقيما قرب جبل الحص جنوب حلب ، ومدينة ديار بكر الواقعة في تركيا حالياً ، هي موطن قبيلة بكر التغلبية ، وهذه المعلومات مذكورة في كتب ابن العديم .



على كل حال لنعد إلى سيف الدولة ولنبدأ في سرد الظروف التاريخية التي مهدت لظهوره :



في فترة انحلال عرى الروابط بين الأمصار الإسلامية ، وضعف الخلفاء العباسيين ، وقيام الثورات الداخلية ، وشيوع الفتن، وكثرة الاضطرابات في قصور الخلفاء ، الذين أصبحوا كالدمى تحركها أيدي الوزراء والقواد.. وأصبحت الخلافة العباسية غير مستقرة ، وأعمار الخلفاء في كفة القدر..



وغدت إهانة الخلفاء وسمل أعينهم وسجنهم وقتلهم وعزلهم ، أموراً عادية.. وكثيراً ما كان يموت الخليفة ، فيتعذر تعيين خليفة جديد مكانه.. وازدادت الحالة سوءاً ، إثر انتشار الفوضى في دولة الخلافة الممزقة، بعد أن باتت أقاليمها نهباً للأطماع الخارجية والداخلية، يتخاطفها القواد الأقوياء.. في تلك الفترة برزت أسرة حمدان.



وكان سلطان الخليفة العباسي معطلاً أو شبه معطل ، منذ أن قوي النفوذ التركي في دار الخلافة، ونتيجة لذلك نشأت وظيفة جديدة ، لم يعرفها الخلفاء العباسيون من قبل ،و هي وظيفة ((أمير الأمراء)) الذي كان يجمع في يديه كل أنواع السلطات من سياسية وعسكرية ، وأحيانا يتمادى في الأمر ، فيصدر سكة النقد باسمه ، ويخطب له على المنابر في أيام الجمعة عند الصلاة.



كان الحمدانيون الفئة العربية ذات النفوذ في بغداد، لذا كان الخلفاء يستريحون إليهم ويثقون بهم، لأن عنصر الدم العربي يجمعهم.

وكان الخليفة يعتمد عليهم ويستعين بهم في خوض المعارك ، ومطاردة المخالفين ، والقضاء على الفتن والاضطرابات..

فلقد عرضت عليهم ولايات كثيرة ذات خصوصيات وامتيازات معينة، مثل نهاوند وقم وكاشان وأرمينية وأذربيجان وخراسان ومصر، فلم يرضوا بديار ربيعة والموصل بديلاً.

و الواقع إنهم اختاروا الموصل لأكثر من سبب، فهي جماع عصبتهم ، وهي غنية بخيراتها ، حتى أن ميرة بغداد كانت منها.

هذا فضلاً عن أن المنطقة كلها من العرب المتعصبين للحمدانيين ، من أمثال ديار ربيعة وديار بكر وديار مضر.



ويعود نسب الحمدانيين إلى قبيلة تغلب، التي كانت منجبة للأبطال الفرسان، أمثال كليب الذي كان يحمي مواقع السحاب ، وأخيه البطل الزير سالم أبو ليلى المهلهل، وكلثوم بن مالك أفرس العرب.

( وهم أبطال المسلسل السوري المعروف -الزير سالم -)

و ينتسب الحمدانيون إلى جدهم حمدان بن حمدون التغلبي، حيث له ثمانية أبناء، أشهرهم: أبو الهيجاء عبد الله ، والد سيف الدولة،و أبو العلاء سعيد ، والد أبي فراس الحمداني ، والحسين بن حمدان .

كان حمدان بن حمدون ، الجد الأكبر للحمدانيين، يتربع على عرش السيادة والكرم، وقلعته منيعة ببلدة ماردين .

وطمح حمدان بالزعامة ، فخرج على الدولة العباسية، واستولي على الموصل بالتعاون مع هارون الشاري ، الخارجي.

فخرج الخليفة المعتضد بنفسه لمواجهته ، واسترد الموصل سنة 281 هـ/ 894 م ، واحتل قلعة ماردين ، واستولى على خيراتها وهدمها ، ويفر حمدان، ثم يؤسر ويسجن .

ويبقى هارون الشاري سكيناً في خاصرة الدولة، ولم يجد الخليفة بداً من الاعتماد على (ابن حمدان الحسين وهو اخو أبو الهيجاء والد سيف الدولة ، للقضاء عليه..

وينتصر الحسين على هارون الشاري ، فيطلق الخليفة سراح أبيه حمدون مكافأة له، ويحقق مطالبه الأخرى كإزالة الأتاوة عن بني تغلب ، وتثبيت خمسمائة فارس منهم ، يضمون إليه ، ويستعمله الخليفة يداً ضاربة للقضاء على القرامطة وبني تميم والطولونيين.



أما ابن حمدان الثاني ، وهو أبو الهيجاء ، والد ناصر الدولة وسيف الدولة ، الذي يعتبر مؤسس الدولة الحمدانية ، فكان فارساً شجاعاً ، وأحد السيوف البواتر، وعاش حياته كلها محارباً ثائراً .. يخوض الحروب ويرهب القواد ، ويساهم في عزل الخلفاء ، وبسبب جرأته سمي أبا الهيجاء.



ولي أبو الهيجاء حلب وديار بكر ، ثم ولي خراسان .. وكان يقيم في بغداد ويحكم الأقاليم التي يلي أمرها عن طريق أبنائه أو أنصاره..

ولقد ثار على الخليفة غير مرة، وعزل ودخل السجن غير مرة أيضاً.. وقتل في النهاية لمحاولته قتل الخليفة المقتدر .



و حين دخل البريديون بغداد سنة 330هـ/941 م ، اضطر الخليفة العباسي المتقي ، أن يلتمس لنفسه مكاناً للنجاة، فلم يجد خيراً من الموصل حيث الأمير الحمداني القوي ، الحسن ابن أبو الهيجاء والشقيق الأكبر لعلي ( الذي سمي فيما بعد سيف الدولة ) ، القادر على حمايته وإعادة عرشه إليه، فيمم وجهه شطرها ، وبرفقته أمير الأمراء أبو بكر محمد بن رائق، ولما كان الأمير الحمداني طموحاً، نزاعاً إلى توطيد ملكه، نهازاً للفرص، فقد أرسل إلى ابن رائق من قتله.



ولم يشأ الأمير الحمداني الحسن أن يضيع وقتاً ، فاصطحب الخليفة ، وسار على رأس جيش كبير معقوداً لواءه على أخيه الأصغر علي، وما كاد الركب يصل بغداد ، حتى نجا البريديون بأنفسهم، وفروا أمام الجيش الحمداني.

وعاد الخليفة إلى قصره آمنا مطمئناً، فأنعم على الحسن بن حمدان بلقب (ناصر الدولة)، وعلى أخيه علي بلقب (سيف الدولة).



و في بغداد تولى ( ناصر الدولة ) منصب أمرة الأمراء، وسكن القصور وضرب دنانير جديدة، وبدأ نجمه يصعد نتيجة لانتصاره مع أخيه سيف الدولة على البريديين في عدة مواقع.

وزوج الخليفة المتقي ابنه (أبا منصور) من ابنة (ناصر الدولة ) ، وبذلك ارتفع مقام الأسرة الحمدانية إلى مقام سام سمح لهم بمصاهرة الخلفاء.



ولد الأمير علي بن عبد الله (سيف الدولة ) في (ميافارقين) بديار ربيعة سنة 303 هـ/ 915 م ، وبينما أصبح الحسن (ناصر الدولة) أول عربي يتولى إمرة الأمراء في بغداد، يمضي ( سيف الدولة ) قدماً، فيلاحق البريديين ويلتحم بهم ويهزمهم هزيمة نكراء ويأسر عدداً كبيراً من قوادهم وجنودهم يقابلها الناس بالرضا والدعاء في المساجد والطرقات...

وفي الخامسة والعشرين من عمره، انطلق على رأس جيش كبير مقتحماً بلاد الروم (البيزنطيين).

و توغل إلى (حصن زياد) المنيع، في قلب بلاد الأعداء يفتحه ويقيم عليه ليالي عديدة ، فخرج إليه ملك الروم (الدمستق) في مائتي ألف مقاتل، وهو عدد لا قبل للأمير الصغير بملاقاته ، فعمل فكره ، ولجأ إلى المراوغة والتقهقر المنتظم .

واتجه من نصيبين نحو بلاد الروم زاحفاً، كاسحاً، فوصل إلى (قاليقلا) ثم المدينة الجميلة (هفجيج).

و وطأت أقدامه مواطئ لم يصل إليها أحد من المسلمين قبله ، فهدده ملك الروم بالويل والثبور..

فلا يبالي به بل ويستخف، ويرد عليه بجواب سريع وعنيف..

ولا يكاد ملك الروم يقرأ الرد ، حتى يستبد به الغيظ ويستنكر أن يخاطبه العربي الشاب هكذا!

ويردف قائلاً: يكاتبني هذه المكاتبة كأنه قد نزل على (قلونيه)؟!! …

استفظاعاً لما حصل..

ويبلغ القول مسامع الأمير القائد الجريء ، فلا يضيع من وقته يوماً واحداً ، بل يمضي متوغلاً إلى قلونيه البعيدة الحصينة المتأبية..

ويستعظم بعض قواده الأمر ، ويكادون يثنونه من هذه المخاطرة، ولكن الأمير الجريء العنيد يجيبهم قائلاً: لست أقلع عن قصد هذه المدينة فإما الظفر وإما الشهادة.. وينطلق إلى هناك يفتحها ، ويكتب إلى ملك الروم مستهزئا به وبمنعة بلاده ..



و في سنة 333 هجري /944 م كان الإخشيد هو صاحب الشام ومصر ، وإنما لقب بالإخشيد لأن ملك فرغانه يتسمى بذلك، وكان أبوه من أهل فرغانه .

و قد رحل الإخشيد من بلاد الشام إلى مصر ، وولى حلب لأبي الفتح الكلالي ، فحسده أخوته الكلاليون، واستدعوا سيف الدولة علياً ، ليولوه على حلب.

فقدم إليها سيف الدولة بالاتفاق مع أخيه ناصر الدولة، ثم سار منها إلى حمص، فلقيه بها عسكر الإخشيد ، ولم يكن الإخشيد على رأسهم ، بل كان مولاه كافور، واقتتلوا ، فانهزم كافور وعسكر الإخشيد ، وملك سيف الدولة مدينة حمص ، وسار إلى دمشق.



مما دفع الإخشيد ملك مصر والشام ، الى أن يركب من مصر متجهاً إلى الشام ، على رأس جيش كبير..

فلما وصل الإخشيد إلى دمشق ، رجع سيف الدولة إلى حلب. .. ففتحها سنة 333 هـ/944م وكون مملكته.. ولم يكد سيف الدولة يستقر في حلب، حتى بلغه عزم الإخشيد على السير إلى حلب، فالتقيا في قنسرين ، فانهزم سيف الدولة، واستولى الإخشيد على حلب، فبالغ في إيذاء الحلبيين لميلهم إلى سيف الدولة.



و في ربيع الأول من سنة 334 /945 م تقرر الصلح بين الأميرين، على أن تكون حلب وحمص وإنطاكية لسيف الدولة، ودمشق للإخشيد.

وينتهي النزاع بمصاهرة سياسية ، حمدانية إخشيدية، يتزوج فيها سيف الدولة من (فاطمة) ابنة أخ الإخشيد ، وتنثر الدراهم والدنانير في معسكرات الطرفين المتحاربين.





******************************


توقيع : حسين الحمداني


زهرة الشرق

zahrah.com

حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس