العراق ييغير مجرى شط العرب
لم تستجب الحكومتان التركية والإيرانية طلب العراق بوقف انتهاكات
حصته من المياه
في مواجهة ما يتعرض له العراق من تجاوزات ايرانية عدوانية وخصوصا
في موضوع قطع المياه عن العراق, فقد طالب عدد من نواب البرلمان العراقي
بإحياء مشروع تغيير مجرى شط العرب في خطوة تهدف الى الحفاظ على حقوق
العراق في المياه, ومواجهة ما يتعرض له من تجاوزات ايرانية عدوانية.
كما أن التحويل سيكون في مصلحة جارين عربيين هما الكويت
والسعودية, ويمكن ان يتم التنفيذ بالتشاور والتنسيق معهما لخدمة الاطراف
الثلاثة. عضو لجنة المياه بالبرلمان جمال البطيخ أعلن انه تمت مفاتحة
وزارة الموارد المائية من أجل إعادة تفعيل هذا المشروع الذي كان من
المؤمل أن تنفذه عام 1989 شركات عالمية عملاقة, وقال البطيخ ان هذا
المشروع يعد من المشاريع الستراتيجية المهمة التي تحفظ حقوق العراق من
التجاوز عليها, لاسيما وأن إيران عمدت إلى قطع أو تحوير مجرى الروافد
والأنهر والجداول الواصلة الى العراق والتي تصب في نهر دجلة وشط العرب,
سواء في الشمال أم الوسط أم الجنوب, وتوجيهها نحو أراضيها بدلا من
العراق, أو إقامة سدود عليها, بهدف قطع المياه عن العراق وهو ما يتنافى
مع علاقات حسن الجوار والاتفاقيات الدولية. فقد أدت السياسات الإيرانية
هذه إلى انقطاع كامل للمياه الواردة من نهر قادرون الذي كان يصب في شط
العرب, مما حدى بوزارة البلديات والأشغال العامة العراقية إلى التحذير من
مخاطر ظهور تلوث ونسبة أملاح عالية في شط العرب, وتسبب ذلك في عدم صلاحية
مياه الشرب في المحافظة الجنوبية, وتلكؤ الملاحة النهرية. وزارة الموارد
المائية دعت الحكومة الى التدخل لدى كل من ايران وتركيا لاحتواء الآثار
السلبية لكارثة انخفاض مناسيب المياه الواردة من الدول المجاورة (إيران
وتركيا وسورية), كما ناشدت مجلس النواب تخصيص مبالغ إضافية لتلافي
الكارثة, وخصوصا محافظات البصرة والعمارة والسماوة وديالى وواسط.
إن ما أقدمت عليه ايران من قطع وتحويل الانهر والجداول يعد عملا
عدوانيا اجراميا, من خانة افعال العدوان, ولا يراعي المواثيق والاتفاقيات
الدولية المتعارف عليها فيما يخص الأنهار , فإن دل فأنما يدل على أننا
أمام عصابة دولية ممثلة في النظام الإيراني وليس في دولة تراعى حقوق
الجار والمواثيق الدولية, أو حتى الحقوق التاريخية المكتسبة للعراق وفق
القانون الدولي. إن ما يريده النظام الإيراني من هذه الخطوة القضاء على
مقومات الاقتصاد الزراعي العراقي, المتمثل فى التربة الخصبة التى ُينتج
منها أفضل المحاصيل من خضر وفاكهة, وبالفعل استطاع النظام الإيراني أن
يحقق أغراضه الدنيئة, فقد انخفضت معدلات الإنتاج الزراعي بأنواعها في
العراق بشكل واضح للغاية, وتوقفت زراعة أنواع كثيرة من المحاصيل, واصبح
يتم استيرادها من الخارج. إن تحويل نهر قارون يعني خسارة العراق الى مئات
الآلاف من الدوانم وخصوصاً في مدينة الفاو, وهي المدينة التي تشكل حلماً
للاطماع الايرانية, والأمس ليس بعيداً من ذاكرة العراقيين يوم احتلتها
ايران وسعت الى تغيير معالمها الطوبغرافية, واليوم يسعى الايرانيون الى
قتل الحياة فيها من خلال تحويلها الى صحراء قاحلة لا مزارع حناء ولا
نخيل, اضف الى ذلك محاربة الايرانيين لاهل الفاو برزقهم, وهو الصيد الذي
يشكل المصدر الاساس لعيشهم, إضافة إلى الزراعة, حيث تطارد زوارق البحرية
الإيرانية صيادي الفاو وتصادر ما اصطادوه فضلاً عن مصادرة وسائل الصيد
كالشباك والزوارق البسيطة.
وينبع دجلة والفرات من الجبال التركية. وفي ما يعبر الفرات سورية
قبل العراق, يمر دجلة بالعراق بعد عبوره الحدود التركية لكنه يتلقى مياه
روافد عدة تنبع في ايران. ويروي النهران العراق من الشمال الى الجنوب قبل
ان يشكلا شط العرب الذي يصب في مياه الخليج.
نعم إن إيران دولة إقليمية ذات ثقل تاريخي وجغرافي وسياسي كبير,
والعراق وايران يرتبطان بعلاقات الجيرة والدين والتاريخ والحضارة
والقواسم المشتركة ونعلم انها هي الجارة الكبرى لنا لذا ما نتمناه ان لا
تسعى الى الاضرار بمصالح شعبنا, وأن لا تهدم بيتنا بوسائل متعددة ومختلفة
من التدخل السياسي والعسكري وصولا الى قطع الماء والارزاق.
وكان العراق طلب من تركيا وايران الوفاء بوعودهما عبر ارسال كميات
من المياه لضمان الموسم الزراعي وتفادي "الشحة الشديدة" في البلاد التي
اجبرت الحكومة العراقية الى اصدار تعليمات الى الفلاحين في الوسط والجنوب
بعدم زراعة اراضيهم نتيجة لهذه الشحة الكبيرة ومخاوفها من عدم توفر كميات
كافية من المياه للشرب. وتواصل ايران تحويل مجاري المياه التي تعد من
الروافد الرئيسة لشط العرب الامر الذي تسبب في ارتفاع الملوحة في مياهه
وحرمان سكان منطقة الفاو من مياه الشرب.
ولم تستجب الحكومتان التركية والايرانية لطلب العراق بوقف
انتهاكات حصته من المياه, والتي تعد مخالفة للاعراف وحقوق الجوار
والقوانين الدولية, فيما تواصل تركيا ملء سدودها بالمياه على حساب
العراق. واوضحت وزارة الموارد المائية في العراق في بيان ان "العراق يشهد
شحة شديدة في المياه العام الحالي والاعوام السابقة نتيجة قلة سقوط
الامطار والثلوج وبالتالي تدني الموارد المائية لنهر دجلة وروافده
والفرات". وتابعت ان "معدل المياه في الفرات لا يتجاوز 35 في المئة من
المعدل العام". إن ما أقدمت عليه إيران من تحويل وقطع لمياه الروافد التي
تصب في دجلة وشط العرب هو عمل عدواني يسبب في معاناة العراق, ويعطيه الحق
في البحث عن حلول أخرى ولعل تحويل مجرى شط العرب فيه الكثير من الانقاذ
للعراق ويمكن أن يكون لمصلحة جيرانه العرب.
م
ن
ق
و
ل
|