عرض مشاركة واحدة
قديم 20-12-09, 05:46 PM   #1

حور الجنة
عضوية جديدة

رقم العضوية : 13082
تاريخ التسجيل : Sep 2009
عدد المشاركات : 45
عدد النقاط : 101

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حور الجنة
الغش في الامتحانات


فلا شك أن الغش ظاهرة خطيرة و سلوك مشين.

و الغش له صور متعددة ، و أشكالا متنوعة ، ابتداء من غش الحاكم لرعيته ، و مرورا بغش الأب لأهل بيته ، و انتهاء بغش الخادم في عمله .

و حديثي سوف يكون فقط عن الغش في الامتحانات ، و الذي أصبح يشكو كثير من المدرسين و التربويين من انتشاره و فشوه .

و هذا حق، فان ظاهرة الغش بدأت تأخذ في الانتشار، ليس على مستوى المراحل الابتدائية فحسب ، بل تجاوزتها إلى الثانوية و الجامعة .

فكم من طالب قدم بحثا ليس له فيه إلا أن اسمه على غلافه .

و كم من طالب قدم مشروعا و لا يعرف عما فيه شيئا .

و بل و قد تعجب من انتكاس الفطر عند بعض الطلاب ، فيرمي من لم يغش بأنه مقعد و متخلف و جامد الخ .. تلك الألقاب .

و لربما تمادى أحدهم فاتهم الطالب الذي لا يساعده على الغش بأنه لا يعرف معنى الأخوة و لا التعاون .

هذه الظاهرة التي أنتجها الفصام النكد الذي يعيشه كثير منا في مجالات شتى .

نعم لما عاش كثير من طلابنا فصاما نكدا بين العلم و العمل ، ترى كثيرا منهم يحاول أن يغش في الامتحانات ، و هو قد قرأ حديث الرسول صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا ) ،

بل ربما أنه يقرأه على ورقة الأسئلة ، و لكن ذلك لا يحرك فيه ساكنا .

لأنه قد استقر في ذهنه أنه لا علاقة بين العلم الذي يتعلمه و بين العمل الذي يجب أن يأتي به بعد هذا العلم .

و لا أبالغ إن قلت : إن ظاهرة الغش قد تسربت حتى عند بعض المدرسين و المراقبين .

أسباب الغش :

هذه بعض الأسباب التي تنتج هذا الخلق المشين :

1- ضعف الإيمان :

فان القلوب إذا ملئت بالإيمان بالله لا يمكن أن تقدم على الغش و هي تعلم أن ذلك يسخط الله .

لا يمكن للقلوب التي امتلأت بحب الله أن تقدم على عمل و هي تعلم أنه يغضب الله .

2- ضعف التربية :

خاصة من قبل الوالدين أو غيرهما من المدرسين أو المرشدين .

فلا نرى أبا يجلس مع ابنه لينصحه و يذكره بحرمة الغش ، و يبين له أثاره و عواقبه ، بل تعجب من بعض الإباء إذا قلت له ذلك أجابك مباشرة : لماذا ، هل ابني غشاش ؟

بل ربما لو وقع الابن في يد المراقب ، لجاء ذلك الأب يدافع عنه بالباطل .

3- تزين الشيطان :

فالشيطان يزين لكثير من الطلاب أن الأسئلة سوف تكون صعبة ، و لا سبيل إلى حلها و النجاح في الامتحانات إلا بالبرشام و الغش .

فيصرف الأوقات الطويلة في كتابة البراشيم ، و اختراع الحيل و الطرق للغش ؛ ما لو بذل عشر هذا الوقت في المذاكرة بتركيز لكان من الناجحين الأوائل .

4- الكسل و ضعف الشخصية :

فترى كثير من الطلاب يرى زملائه من بداية العام و هم يجدون و يذاكرون و يهيئون أنفسهم للامتحان الأخير ، و هو لا هم له إلا اللعب و المرح .

فإذا ما جاءت الامتحانات النهائية تراه يطلب المساعدة ، و يطلب النجاح و لو كان على ظهور الآخرين و لو كان ذلك بالغش .

إن الغش هو حيلة الكسول ، و هو طريق الفاشلين .

وهو دليل على ضعف الشخصية حيث أن الذي يغش لا يجد الثقة في نفسه بأنه قادر على تجاوز الامتحانات بنفسه و جهده و استذكار دروسه لوحده ، و من ثم الإجابة معتمدا على مذاكرته .

5- الخوف من الرسوب :

فإن الخوف من الفشل و الخوف من الرسوب يسبب قلقا مستمرا لكثير من الطلاب مما يجعلهم يلجئون إلى الغش كسبيل للنجاة .

آثار الغش :

أن الغش كما قلنا له أشكال متعددة ، و يدخل في مجالات شتى ، و لكن من أخطر أنواع الغش هو الغش في الأمور التعليمة ، و ذ لك لعظيم أثره و شره ،

و من ذلك :

1- أنه سبب لتأخر الأمة ، و عدم تقدمها و عدم رقيها ، و ذلك لا ن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم و بالشباب المتعلم ، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش ،

فقل لي بريك : ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون ؟

ما هو الهم الذي يحمله الواحد منهم ؟

ما هو الدور الذي سيقوم به في بناء الأمة ؟

لا شيء ، بل غاية همه ؛ وظيفة بتلك الشهادة المزورة يأكل منها قوته و رزقه .

لا هم له في تقديم شيء ينفع الأمة ، أو حتى يفكر في ذلك .

و هكذا تبقى الأمة لا تتقدم بسبب أولئك الغششة بينها .

و نظرة تأمل للواقع : نرى ذلك واضحا جليا ، فعدد الطلاب المتخرجين في كل عام بالآلاف و لكن قل بربك من منهم يخترع لنا ، أو يكتشف ، أو يقدم مشروعا نافعا للأمة ، قلة قليلة لا تكاد تذكر .

2- أن الغاش غدا سيتولى منصبا ، أو يكون معلما و بالتالي سوف يمارس غشه للأمة ، بل ربما علّم طلابه الغش .

3- أن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات –إضافة إلى جريمة الغش – منها السرقة ، و الخداع ، و الكذب ، و أعظمها الاستهانة بالله ، و ترك الإخلاص ، و ترك التوكل على الله ..

4- أن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزورة ، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراما ، و أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به .

علاج الغش

لاشك أن خطبة واحدة ، بل خطب لن تقاوم هذا المنكر العظيم .

لذا كان لا بد من تعاون الجميع في مقاومة هذه الظاهرة ، كل بحسب استطاعته و جهده .

فالأب في بيته ينصح أبنائه و يرشدهم و يحذرهم بين الحين و الآخر .

و المعلم و المرشد في المدرسة و الجامعة كل يقوم بالوعظ ، و الإرشاد .

بل لابد من تشكيل اللجان التي تدرس هذه الظاهرة و أسبابها و كيفية العلاج لها .

و لكن سوف اذكّر ببعض الأمور التي أرجو من الله أن تكون سببا في الحد من هذه الظاهرة .

أخي الكريم :

تذكر قول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( من غش فليس منا ) رواه البخاري

لاحظ أن الرسول قال : ( من غش ) ليشمل كل صور الغش ، كبيره و حقيره ،

في المواد الشرعية أو الأجنبية ، فكل ذلك داخل في الحديث .

فهل ترضي أن يتبرأ منك النبي صلى الله عليه و سلم .

أي خير ترتجي إذا تخلى عنك الرسول صلى الله عليه و سلم و أعلن البراءة منك .

تذكر أنك بمجرد أن تفكر في الغش فقد تخليت عن أهم صفة يجب أن تتحلى بها في هذا العلم .

ألا و هي الإخلاص لله ؛ و ذلك لأنك بتفكيرك في الغش؛ يكون همك هو الدرجات و الشهادة فقط ، و هل تدري أي خطر في هذا ؟

إن هذه العلوم التي تدرسها ؛ أن كانت من علوم الدنيا فقد ضيعت على نفسك أعظم الأجر .

و إن كان فيها بعض العلوم شرعية ( كالفقه و التوحيد ..) وهي مما يجب ابتغائها لوجه لله ، و لو طلبها العبد لغير الله فيخشى عليه أن يكون من أصحاب هذا الحديث :

( من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا لغرض نمن الدنيا زائل ، لم يرح رائحة الجنة ) .

يا لله ؛ لم يرح رائحة الجنة !

و أعظم من ذلك كله ، أنك جعلت الله أهون الناظرين إليك .

نعم جعلت الله الذي ( يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور ) أهون من المراقب .

كم من طالب لو وقف المراقب بجواره لأصبح قلبه يرتجف ، و أوصاله تضطرب ، و العرق يتحدر من جبينه .

و لكن إذا ابتعد المراقب جاءت النظرات ، و جاءت المحاولات للغش و الخداع .

أو ليس حاله يقول :

يا رب أنت عندي أهون من هذا المراقب .

يا رب أنا أخشي المراقب أعظم و أكثر منك .

تذكر

أن الشهادة التي تحصل عليها و التي سوف تتوظف بها هي شهادة مزورة ، و بالتالي فسوف يكون الراتب الذي تأخذه حراما .

سوف يكون مالك من حرام ، و سوف تغذي أبناءك بالحرام ، و زوجتك بالحرام .

و هنا نقطة لا بد من التنبيه عليها :

ألا و هي أن بعض الطلاب يقول : أنا لا أغش ، و لكن أغشش غيري ، وهذا أهون .

فأقول : لا والله ليس بأهون بل هو أخطر .

فإنك إذا غششت ثم تبت فانك سوف تصحح شهادتك ، لكنك إذا غشّشت غيرك ، ثم تبت أنت من ذلك ، فأني لك أن من غششته سوف يتوب ، أنى لك أن تصحح شهادته ، أنى لك أن توقف أكله للحرام .

و نقطة أخرى : أن بعض الطلاب يرى غيره يغش و لا يحرك ساكنا ، بل ربما قال : هذا ليس من شأني ، فأنا و الحمد لله لا أغش .

و هذا في الحقيقة شيطان أخرس ، لأنه رأى منكرا و لم يغيّره .

و الواجب عليه أن ينصح ذلك الطالب ، فإن لم يستطع فيجب أن يبلغ المراقب ، و أن لا تأخذه في الله لومة لائم ، و لا يخش إلا الله .

و نقطة أخرى : إن بعض المدرسين قد يحابي بعض الطلاب في بعض الدرجات و يظن أن ذلك من صلاحيته، و ربما قاس ذلك على أن من حقه أن يعطي من ماله ما يشاء .

و هذا خطأ عظيم فالمدرس ليس من حقه أن يعطي بعض الطلاب درجات لا يستحقها ، بل الواجب العدل ، لأنه مستأمن على هذه الدرجات ، و التي لا يملك منها شيئا ، و إنما هو مطبق للنظام .

يقول فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين : ( فإن المعلم الذي يقدر درجات أجوبة الطلبة و يقدر درجات سلوكهم هو حاكم بينهم لان أجوبتهم بين يديه بمنزلة حجج الخصوم بين يدي القاضي .

فإذا أعطى طالبا درجات أكثر مما يستحق ، فمعناه أنه حكم له بالفضل على غيره مع قصوره ، وهذا جور في الحكم .

و إذا كان لا يرضى أن يقدم على ولده من هو دونه ، فكيف يرضى لنفسه أن يقدم على أولاد الناس من هو دونهم
)

فيا أخي الكريم :

عليك أن تراقب الله قبل كل شيء ، و أن تعلم أن روحك التي بين جنبيك بيد الله ، أنفاسك التي تتردد في صدرك هي بيد الله ، فاتق الله و لا تجعل الله ينظر إليك و أنت تعصيه .

تذكر أن الأمانة سوف تنصب على جنب الصراط ، و لن يجوز عليه إلا من كان أمينا ، و الغش ينافي الأمانة كل المنافاة .

أسأل الله أن يسهل على أبناءنا ، و أن يحميهم من الغش و الخيانة ، و أن يأخذ بنواصيهم لما يحب و يرضى .



حور الجنة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس