عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-09, 03:51 PM   #19
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: الشاعر عبد الرحمن الابنودى


وكأن ورايا عشر غيلان بيرمحوا ورايا، الخوف اللي في الدنيا ساب الدنيا وسكن في قلبي أرمح وأرمح.. بيني وبين بيتنا تلات بلاد.. أرمح وأنا بدمي، والخلاخيل في رجلي تقول: «ش ش» تزود خوفي خوف.. لحد ما وصلت بيتنا.. كان دمي اتصفي وركبي مش شايلاني، وهدوم الدخلة اتصبغت دم.
لما وصلت بيتنا ركبني الخوف تاني.. أقوللهم إيه؟ واعيد لهم ايه؟ وإذا رجعوني تاني السلخانة؟ وتستأنف فاطنة قنديل حكاية مأساتها.. وهي تجيد الحكي إلي حد بعيد فإنها بفطرتها النقية السليمة أراها فنانة أصيلة.. تقول «لفيت حوالين البيت واتشعبطت السور ومن فوقه نزلت من علي نخلة.
طب أعمل إيه وأروح فيه؟ طبعا الدنيا ليل.. وأمي وأبوي نايمين.. أروح فين؟ أروح فين؟ البيت كله مكشوف ـ لقيت قدامي ـ وأنا حريص علي أن أنطق القاف جيما.. حتي أكوت قريباً من لهجة فاطنة.. وكم أود أن أسمع التسجيل.. ولعلي يوما أسمعه ـ بنية الفروج.. بشويش فتحت الباب، وزرقت ورديته وراي الباب ورحت في ميت نومة.. صبحت الصبح علي أمي بتفتح باب العشة تطلع الفروجات وتلم البيض.. مديت إيدها لقيتها حتلمسني. قلت لها: أمّه أوعي تخافي. أنا فاطنة. الولية دبت علي صدرها، وقعدت تلطم علي خدودها لما خروا دم. وتدور وتلف حوالين نفسها وتقول:
يا عاري.. يا مراري. هربتي يا فاطنة؟ وأقول إيه لابوكي، ويقولوا علينا إيه الناس؟ وباقي الكلام لم سمعته لأني كنت غمضت وسحبتني الغيبوبة وسحبت روحي..
شهرين لم حاسة بالدنيا اللي حواليا.. اللي تطيب، واللي تبخر، والتي تدعي.. ده داخل وده طالع.. وأنا مش هنا.. لا عدت فاطنة ولا باطنة.
وجوزي وناسه لموا بعض وجونا يعرفوا الموضوع. وراحوا ما جوش. وأنا عمت في بحر الموت اللي ما منه رجوع.
يقول عبدالرحمن الأبنودي:
«هكذا رقدت فاطنة قنديل وحار من حولها ودار، وأسلم أمره فيها لله.
فقط «ست أبوها» التي ظلت تحوم حول الجسد كعصفورة اختطفوا صغيرها، تحرس قلب وحيدتها، تصب السوائل في الفم فتسيل علي جنباته.
ونعود إلي تسجيل فاطنة قنديل:
«يظهر يا وليدي ـ ما أرق التصغير هنا ـ .. كان عمري طويل. مكتوب لي أعيش لحد ما أخلفكم واحد ورا واحد».
وتعيش فاطنة لتقوم بنفس دور امها «ست أبوها» وتعمل المستحيل لإنقاذ ابنها عبدالرحمن من موت أكيد.
وتصف فاطنة عودتها إلي الحياة في هذه اللغة الشعبية الجميلة.. البليغة:
«شويه شويه بربشت، فتحت عينيا أشوف لك الواحدة أربعة. ما عارفه يميني من شمالي. لكن الحريم من حوالين السرير فرحوا، واعتبروا فتح عيني هدية من عند الله، أكرم بها الأبوين الصالحين..» الحاج قنديل و«ست أبوها».. بعدها بأيام جلست.
بعدها بأيام جلس الوالد قبالي وقال: «يا فاطنة، الحمد لله، ربنا خد بيدك وقمتي. الحمد لله كمان أن ناسك ما غضبوش منك ولسه شاريينك «هذه الكلمة تجسد فعلا هذا الزواج الشرعي.. وهي كلمة شراء» أظن مادام ربنا رد لك عافيتك نقوم نروح لهم.. «ألم يفكر الحاج قنديل هذا ـ هذا الرجل الصالح ـ لماذا لجأت إليه ابنته الوحيدة فاطنة؟»
وتستأنف فاطنة حكايتها وحوارها مع أبيها:
غاب النور من عيني واتمنيت الموت. قلت له: يابا أنت بتكرهني قد كده؟ قاللي: يا بنتي كلام الناس يقولوا: هّملت بيت جوزها ليلة دخلتها. لابد ما في الأمر إنّ.. وانتي عارفة إن أنا وأمك مالناش في الدنيا إلا شرفنا..
قلت له «واستمرار الحوار بين الحاج قنديل وابنته يشير بوضوح في هذا الجو الريفي التقليدي إلي ما يتمتع به هذا الرجل الطيب من سماحة.. ولكن الخوف من كلام الناس.. والخوف من العمدة.. ربما.. وراء تردده أمام ابنته».
قلت له: لو ودتني يابا هارجع.
لو ودتني أرجع..
المرة التالتة حارمي نفسي في بير.. أنا لا متجوزة ولا عاوزة جواز
«هذه الكلمات الواضحة الصريحة الشجاعة تعبير عن تمرد ورفض لطاعة الوالدين.. وعن ثورة أيضا» قاللي: و ماله. أو ديكي وأقوللهم وأترجاهم يدوكي لي.. واذا حصل أجيبك.
- يابا تترجاهم كيف؟ أنا بنتك.. أنت مش هم.
قاللي: دلوك إنتي مش قول الناس، دلوك أنني منهم هم وأنا إديتك لهم
وبعد هذا الحوار تستأنف فاطنة قنديل حكايتها: «قبل ما أخف وأملك جتتي زين، شالني علي دراعينه زي السمكة الميتة وشق بيا البلد قدام الناس عشان يداوي عملتي اللي عملتها لما نطيت حيط الدار بدمي ليلة دخلتي...
آخر البلد ركبنا ركوبة كانت مستنيانا ومشينا التلات بلاد لحد بيت جوزي يظهر ده كله كان علي ميعاد، لأنه كان هو والرجالة كلهم قاعدين قدام الباب مستنيين..


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس