عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-09, 03:51 PM   #18
 
الصورة الرمزية okkamal

okkamal
المشرف العام

رقم العضوية : 2734
تاريخ التسجيل : Apr 2005
عدد المشاركات : 14,840
عدد النقاط : 203

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ okkamal
رد: الشاعر عبد الرحمن الابنودى


«كانت فاطنة قنديل أمي تفخر بأنها حققت ـ بي ـ أكبر معجزة في الدنيا وهي أنها أبقتني علي قيد الحياة، في قتال مرير وحرب ضروس ضد الطبيعية وقوانين الوجود وبخبرتها الطيبة النادرة ووعيها بتجارب السابقين.. هذه الأم التي تخوض النار ـ حقيقة لا مجازا ـ من أجل إنقاذ طفل لديها عشرة أفضل منه.. إنها الحياة».
ويقدم لنا هذا الابن الذي كله وفاء هذه الأم في مشهد من مشاهد مر بها ضد المرض.. ضد الموت وكأن كلماته قصيدة من نثر:
«كانت تصعد بعد أن يتشرب الغروب استمراره المعتق، لتلمع نجوم السماء تحت عيون الرب، فتضيء جسدها الذي يتصاعد منه الدعاء، تكشف رأسها، تناجي وتدعو وتتوسل وتعاتب، لكي يستجيب الرب».
ويقول أيضا: «إن ما ناجت به فاطنة قنديل الرب فيض من الأدعية وأطنان من الطقوس، مارستها بجنون، خاطبت الرب في الصباح والمساء. خلعت ملابسها وتطهرت وخرجت إليه في قلب الليل وعند استقبال الفجر، تتوصل إليه أن أحيا وأن أعيش. وقد استجابت لها السماء وعشت كما ترون».
هذه الأم المصرية الصميمة تجسد في سلوكها هذا وفاء إيزيس وعنادها وإصرارها ورعايتها ابنها حورس وقفت بجانبه حتي انتصر علي عمه ست «وأنا أقول ـ اجتهادا ـ إن ست هو الشيطان..» الذي قتل أباه أوزيريس.. وأقول أخيرا.. إن فاطنة قنديل هي أيزيس الأبنودية.
وأكتفي بهذا لتصوير بطولتها.. أمّاً.. أما بطولتها كزوجة.. عندما زوجها أبوها ـ الحاج قنديل وهي في الحادية عشرة من عمرها.. وأنا هنا أترك فاطنة قنديل تحكي مأساتها فلقد سجل لنا أبنها ـ مشكورا ـ هذه المأساة بصوتها ـ قبل رحيلها.
وقبل رحيل أمي بقليل دعوتها إلي منزلي بالقاهرة، واستجابت.. وسألتها أن تقص القصة من أولها إلي آخرها».
ويقول عبدالرحمن «قصت وقصت وكأنها تعود للماضي فعلا، كأنها تعبر السبعين عاما في خطوة» ولعل هذه المأساة أن تكون أروع ما قدمه الشاعر عبدالرحمن الأبنودي في (أيامي الحلوة)».
تصف لنا هذه «المرأة الطفلة» ولقد أصبحت في الثالثة عشرة.. كيف فكرت في الهرب والفرار في ليلة الدخلة.. بعد دخلة زوجها.. تقول إرجاء أن تقرأ القاف جيما.. متي يمكنك الاستمتاع بموسيقي لهجة هذه الأم الأبنودية.
بعدما حصل اللي حصل يا ولدي نام الراجل وأنا أتكورت زي دودة الطعم لما جاني نوم والدنيا بتلف بنا.. ماعارفة أنا مين ولا فين. حسيت إني وسط حلقة جزارين، إن كانوا رجاله ولا نسوان كلهم جزارين. الفزع راكبني. خايفة ومنفوضة كإن فيا «مراريا».
جاني هاتف قاللي قومي يا فاطنة.. قمت.
قاللي اتشعبطي الحيطة.. اتشعبطت.
قاللي نطي بره.. نطيت.
قاللي ارمحي....


okkamal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس