رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني
مِمَّا أَقْضِي وَمَحَار اَلْفَتَى لِلضَّبْعِ وَالشَّيْبَة , وَالْمَقْتَل
إِنْ يَمَسّ نَشْوَان بِمَصْرُوفَة مِنْهَا بنيء وَعَلَى مرجل
لَا تَقِهِ اَلْمَوْت وُقِيَّاته خَطّ لَهُ ذَلِكَ فِي المحبل
وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَهِّدهُ فِي الصهباء اَلصَّافِيَة أَنَّ نداماه اَلْأَكْرَمِينَ أَصْبَحُوا فِي
اَلْأَجْدَاث اَلْعَافِيَة كَمْ جَلَسَ مَعَ فِتْيَان أَتَى عَلَيْهِمْ اَلزَّمَن كُلّ اَلْإِتْيَان فَكَانَ كَمَا
قَالَ الجعدي
تَذَكَّرَتْ و اَلذِّكْرَى تُهَيِّج لِي اَلْهَوَى
وَمِنْ حَاجَة اَلْمَحْزُون أَنْ يَتَذَكَّرَا
نداماي عِنْد اَلْمُنْذِر بْن مُحْرِق
فَأَصْبَحَ مِنْهُمْ ظَاهِر اَلْأَرْض مُقْفِرًا
وَهُوَ يُعْرَف اَلْأَبْيَات اَلَّتِي أَوَّلهَا : -
خَلِيلِي هَبَّا طَالَ مَا قَدْ رَقَدْتُمَا أَجِدكُمَا لَا تَقْضِيَانِ كراكما ?
وَهَلْ يَعْجِز أَنْ يَكُون كَمَا قَالَ اَلْآخَر : -
أَمَّا اَلطِّلَاء فَإِنِّي لَسْت بِالْإِغْوَاءِ حَتَّى أُلْقِي بَعْد اَلْمَوْت جَبَّارًا
كَأَنَّهُ كَانَ نَدِيمه عَلَى اَلطِّلَاء و فَلَمَّا رَمَاهُ اَلتَّلَف مِنْ غَيْر بَلَاء حَرُمَ عَلَيْهِ شُرْبهَا
, حَتَّى تَسْكُنهُ اَلرَّاكِدَة , تَرَّبَهَا .
وَسَرَّتْنِي فيئة اَلدَّنَانِير , إِلَيْهِ , فَتِلْكَ أَعْوَان تَشْتَبِه مِنْهَا اَلْأَلْوَان , وَلَهَا
عَلَى اَلنَّاس حُقُوق , تَبِرّ إِنْ خِيفَ عُقُوق .
قَالَ عَمْرو بْن العاص لِمُعَاوِيَة , رَأَيْت فِي اَلنَّوْم أَنَّ اَلْقِيَامَة قَدْ قَامَتْ وَجِيءَ بِك
وَقَدْ أَلْجَمَك اَلْعَرَق , فَقَالَ مُعَاوِيَة هَلْ رَأَيْت ثُمَّ مِنْ دَنَانِير مِصْر شَيْئًا ? .
وَهَذِهِ لَا رَيْب مِنْ دَنَانِير مِصْر لِمَ تَجِيء مِنْ عِنْد اَلسُّوق , وَلَكِنْ مِنْ عِنْد اَلْمُلُوك ,
وَلَمْ تَكُنْ مَهْر هلوك , فَالْحَمْد لِلَّهِ اَلَّذِي سَلَّمَهَا إِلَى هَذَا اَلْوَقْت , وَلَمْ تَكُنْ كَذَهَب
مَخْزُون صَارَ إِلَى اَلْخَمَّارَة , مَعَ اَلْمَوْزُون كَمَا قَالَ ,
خَمَّارَة مِنْ بَنَات اَلْمَجُوس تَرَى اِلْزَقْ فِي بَيْتهَا شائلا
وَزْنًا لَهَا ذَهَبًا جَامِدًا فَكَانَتْ لَنَا ذَهَبًا , سَائِلًا
وَلَا الغز عَنْهَا هَذَا اَلْبَيْت
دَنَانِيرنَا مِنْ قَرْن ثَوْر , وَلَمْ تَكُنْ مِنْ اَلذَّهَب , اَلْمَضْرُوب بَيْن اَلصَّفَائِح , لَوْ
رَآهَا اَلْمُرَقَّش لَعَلَّمَ أَنَّهَا أَحْسَن مِنْ وُجُوه حبائبه لَمًّا غَدًا , الظاعن بربائبه ,
فَقَالَ
اَلنَّشْر مِسْك وَالْوُجُوه دَنَانِير وَأَطْرَاف اَلْأَكُفّ عنم
وَإِنَّهَا لِأَحْسَن مِنْ اَلْوُجُوه اَلَّتِي ذَكَّرَهَا الجعدي وَزَعَمَ أَنَّ حُسْنهَا بدي فَقَالَ
فِي فَتَوّ شَمّ العرانين أَمْثَال اَلدَّنَانِير شفن بِالْمِثْقَالِ
أُخِذَتْ مِنْ جَوَائِز كِرَام صَيْد تَارَة بِالْخِدْمَةِ وَتَارَة بِالْقَصِيدِ وَلَمْ تَكُنْ فِي العيدية
مرهنات , وَلَا عِنْد اَلْغَرَض مُوهِنَات , كَمَا قَالَ رداد الكلابي .
يَطْوِي اِبْن سَلْمَى بِهَا عَنْ رَاكِب بَعْرًا عيدية فِيهَا اَلدَّنَانِير وَهِيَ عِنْد
اَلْبَلَه وَالْكِيس , أَجْوَد مِنْ اَلْخَاتَم اَلَّذِي ذَكَّرَهُ اِبْن قَيْس فَقَالَ
إِنْ خَتَمَتْ جَازَ طِين خَاتَمهَا كَمَا تَجُوز العبدية اَلْعِتْق أَرَادَ بالعبدية دَنَانِير
نَسَبهَا إِلَى عَبْد اَلْمَلِك بْن مَرْوَان , وَيُقَال إِنَّهُ أَوَّل مَنْ ضُرِبَ اَلدَّنَانِير فِي
اَلْإِسْلَام .
وَجَلَّتْ عَنْ نَقْد الصير فِي , وَهِيَ الرواجح لَدَى اَلْمِيزَان اَلْوَفِيّ , وَحَاشٍ لِلَّهِ أَنْ
تَكُون كَمَا قَالَ اَلْفَرَزْدَق :
تُنْفَى يَدَاهَا اَلْحَصَى فِي كُلّ هاجرة نَفْي اَلدَّنَانِير تَنْقَاد الصياريف [ هَذَا اَلْبَيْت
يَنْشُد عَلَى وَجْهَيْنِ : اَلدَّنَانِير والدراهيم ] .
وَلَا هِيَ مِنْ دَنَانِير أيلة , بَاعَ بِهَا اَلْبَائِع نَخِيله , وَإِنَّمَا ذَكَرُوا دَنَانِير أيلة
لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حَيِّز اَلرُّوم , فَتَأْتِيهَا اَلدَّنَانِير مِنْ اَلشَّام قَالَ وَمَا هبرزي مِنْ
دَنَانِير أيلة , بِأَيْدِي اَلْوُشَاة مُشْرِقًا يتأكل [ اَلْوُشَاة : اَلنَّقَّاشُونَ اَلَّذِينَ
يُشَوِّنهُ ]
وَلَوْ رَآهَا اَلضَّبِّيّ مُحْرِز لَشَهِدَ أَنَّهَا حِين تَبْرُز أَجْل مَنْ تِلْكَ اَلْقَسَمَات وَإِنْ
كَانَتْ فِي أَوْجه ذِي سِمَات قَالَ :
كَأَنَّ دنانيرا عَلَى قَسَمَاتهمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ شَفَّ اَلْوُجُوه لِقَاء وَمَعَاذ اَللَّه أَنْ نَقْرِن
بحوذان , وَادٍ , سُقْته رَوَائِح وغواد , حَتَّى إِذَا اَلْقَيْظ وَهَج تَمَزُّق مَا لَبِسَ وَأَنْهَج
قَالَ اَلشَّاعِر : -
وَرَبّ وَادٍ سَقَاهُ كَوْكَب أَمْر فِيهِ الأوابد , والأدم اليعافير
هَبَطْنَهُ غَادِيًا وَالشَّمْس شارقه كَأَنَّ حوذانه فِيهِ اَلدَّنَانِير
وَلَوْ أَخَذَ مَثَلهَا اَلنَّادِم عَلَى بَيْع كَمِّيَّته لَأَسْكَنَتْ اَلْبَهْجَة فِي خَلَده وَبَيْته وَلَمْ
يَأْسَف أَنَّ عِوَض حِمَارًا مِنْ فَرَس , وَلِوَجْد عَلَى اَلشَّكْوَى ذَا خُرْس وَلَمْ يَقِلّ
نَدِمَتْ عَلَى بَيْع اَلْكُمَيْت , وَإِنَّمَا حَيَاة اَلْفَتَى هُمْ لَهُ وخسار
وَلِمَا أَتَانِي بِالدَّنَانِيرِ سائمي أصاخت وَهَشَّتْ لِلْبَيَّاعِ نَوَّار
وَقَالَتْ أَتَمّ اَلْبَيْع وَاشْتَرِ غَيْره فَحَوْلك فِي اَلْمَشْتَى بَنُونَ صِغَار
فَأَنْفَقَتْ فِيهِمْ مَا أَخَذَتْ و لَمْ يَزَلْ لَدَيَّ شَرَاب رَاهِن وقتار
إِلَى أَنْ تَدَاعَى اَلْجُنْد بِالْغَزْوِ وَانْجَلَتْ غُيُوم شِتَاء سَحْبهنَّ غزار
وأعوزني مَهْر يَكُون مَكَانه كَأَنَّ لَيْسَ بَيْن اَلْعَالَمِينَ مهار
وَسَارّ عَلَى اَلْخَيْل المغذة صُحْبَتِي وَسِرْت وَتَحْتِيّ لِلشَّقَاءِ حِمَار
وَلِلَّهِ اَلْمِنَّة كَمَا نَجَّاهَا بِالْقَدْرِ , مِنْ بكور لَيْسَ مَنْ بِكُرْه بِالْمَشْكُورِ يَحْمِل مَعَهُ
دَنَانِير وَلَا يَصْحَب مِنْ اَلْقَوْم صنانير [ أَيّ بُخَلَاء ] فَيُقِيم بِهِمْ فِي الدسكرة
أَيَّامًا أَيْقَاظًا فِي اَلسُّكَّر أَوْ نِيَامًا , فَتَفْنَيْ اَلذَّهَب أَقْدَاح , كَأَنَّهَا جزور اَلْمُيَسَّر
, [ وَفِي القداح قَالَ الجعدي :
وَدَّ سَكْرَة صَوْت أَبْوَابهَا كَصَوْت المواح فِي الحوأب
سَبَقَتْ إِلَيْهَا صِيَاح اَلدُّيُوك وَصَوْت نَوَاقِيس لَمْ تَضْرِب
وَقَالَ آخَر
وَقَبْضَة مِنْ دَنَانِير غَدَوْت بِهَا للدسكري وَحَوْلِي فَتِيَّة سَمَحَ
وَلَمْ يَزَلْ ثُمَّ يَسْقِينَا وَيَأْخُذهَا حَتَّى اِسْتَقَلَّ بِمَا فِي اَلصُّرَّة اَلْقَدَح ]
وَلَوْ كَانَ اَلشَّيْخ أُدْرِك مِنْ تَقَدُّم مِنْ اَلْمُلُوك لَكَانَ كُلّ وَاحِد مِنْهَا كَاَلَّذِي قَالَ فِيهِ
اَلْقَائِل
|