رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني
مِنْ عُمْر بِالتَّلَفِ مَخْتُوم .
وَسُورَة عِلْم لَمْ تُسَدِّد فَأَصْبَحَتْ وَمَا يتماوى أَنَّهَا سُورَة اَلْجَهْل , وَأَمَّا حُجَجه اَلْخَمْس
فَهُوَ إِنْ شَاءَ اَللَّه , يَسْتَغْنِي فِي اَلْمَحْشَر بِالْأَوَّلِ مِنْهُنَّ , وَيَنْظُر فِي اَلْمُتَأَخِّرِينَ ,
مِنْ أَهْل اَلْعِلْم فَلَا رَيْب أَنَّهُ يَجِد فِيهِمْ مَنْ لَمْ يحجج , فَيَتَصَدَّق عَلَيْهِمْ بِالْأَرْبَعِ
وَكَأَنِّي بِهِ وعماعم , اَلْحَجِيج يَرْفَعُونَ اَلتَّلْبِيَة , بالعجيج وَهُوَ يُفَكِّر , فِي
تلبيات اَلْعَرَب وَأَنَّهَا جَاءَتْ عَلَى ثَلَاث أَنْوَاع , مَسْجُوع , لَا وَزْن لَهُ , وَمَنْهُوك
و مَشْطُور . فَالْمَسْجُوع كَقَوْلِهِمْ
لَبَّيْكَ رَبّنَا لَبَّيْكَ وَالْخَيْر كُلّه بِيَدَيْك
وَالْمَنْهُوك عَلَى نَوْعَيْنِ , أَحَدهمَا مِنْ اَلرِّجْز وَالْآخِر مِنْ المنسرح فَاَلَّذِي مِنْ اَلرِّجْز
كَقَوْلِهِمْ
لَبَّيْكَ إِنَّ اَلْحَمْد لَك وَالْمِلْك لَا شَرِيك لَك .
إِلَّا شَرِيك هُوَ لَك تَمْلِكهُ وَمَا مَلِك
أَبُو بَنَات بفدك
فَهَذِهِ مِنْ تلبيات اَلْجَاهِلِيَّة , وَفْدك يَوْمئِذٍ فِيهَا أَصْنَام , وكقولهم
لَبَّيْكَ يَا مُعْطِي اَلْأَمْر لَبَّيْكَ عَنْ بَنِي اَلنَّمِر
جِئْنَاك فِي اَلْعَام اَلزَّمْر نَأْمُل غَيْثًا يَنْهَمِر .
يَطْرُق بِالسَّيْلِ اَلْخَمْر
وَاَلَّذِي مِنْ المنسرح جِنْسَانِ أَحَدهمَا فِي آخِره سَاكِنَانِ , كَقَوْلِهِمْ
لَبَّيْكَ رَبّ همدان مِنْ شاحط وَمَنْ دَانَ
جِئْنَاك نَبْغِي اَلْإِحْسَان بِكُلّ حَرْف مذعان
نَطْوِي إِلَيْك اَلْغِيطَان نَأْمُل فَضْل اَلْغُفْرَان
وَالْآخِر لَا يَجْمَع فِيهِ سَاكِنَانِ كَقَوْلِهِمْ
لَبَّيْكَ عَنْ بِجِيلِهِ اَلْفَخْمَة الرجيلة
وَنِعْمَت اَلْقَبِيلَة جَاءَتْك بِالْوَسِيلَةِ
تُؤَمِّل اَلْفَضِيلَة
وَرُبَّمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى قَوَافٍ مُخْتَلِفَة , كَمَا رَوَوْا فِي تَلْبِيَة , بَكْر بْن وَائِل
لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا
جِئْنَاك للنصاحه لَمْ نَأْتِ للرقاحة
وَالْمَشْطُور جِنْسَانِ , أَحَدهمَا عِنْد اَلْخَلِيل مِنْ اَلرِّجْز كَمَا رُوِيَ فِي تَلْبِيَة تَمِيم
لَبَّيْكَ لَوْلَا أَنَّ بِكْرًا دونكا يَشْكُرك اَلنَّاس بِالْإِغْوَاءِ
وَمَا زَالَ مِنَّا عثج يَأْتُونَك
وَالْآخَر مِنْ اَلسَّرِيع وَهُوَ نَوْعَانِ
أَحَدهمَا يَلْتَقِي فِيهِ سَاكِنَانِ كَمَا يَرْوُونَ فِي تَلْبِيَة همدان
لَبَّيْكَ مَعَ كُلّ قُبَيْل لبوك همدان أَبْنَاء اَلْمُلُوك تَدْعُوك
قَدْ تَرَكُوا أَصْنَامهمْ وأنتابوك فَاسْمَعْ دُعَاء فِي جَمِيع اَلْمُلُوك
[ قَوْلهمْ , لبوك , أَيْ لَزِمُوا أَمْرك , وَمَنْ رَوَى , لبوك , فَهُوَ سناد , مَكْرُوه ]
و اَلْمَشْطُور اَلَّذِي يَجْتَمِع فِيهِ سَاكِنَانِ كَقَوْلِهِمْ
لَبَّيْكَ عَنْ سَعْد وَعَنْ بَنِيهَا وَعَنْ نِسَاء خَلْفهَا تَعْنِيهَا
سَارَتْ إِلَى اَلرَّحْمَة تجتنيها
وَالْمَوْزُون مِنْ اَلتَّلْبِيَة , يَجِب أَنْ يَكُون كُلّه مِنْ اَلرِّجْز عِنْد اَلْعَرَب , وَلَمْ تَأْتِ
اَلتَّلْبِيَة , بِالْقَصِيدِ , وَلَعَلَّهُمْ قَدْ لَبَّوْا بِهِ وَلَمْ تَنْقُلهُ اَلرُّوَاة
وَكَأَنِّي , بِهِ لَمْ أَعْتَزِم عَلَى اِسْتِلَام اَلرُّكْن وَقَدْ ذُكِرَ اَلْبَيْتَيْنِ اَللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا
اَلْمُفْجِع فِي " حَدّ اَلْإِعْرَاب " .
لَوْ كَانَ حَيَّا قَبْلهنَّ ظعائنا حَيًّا الحطيم وُجُوههنَّ وَزَمْزَم
لَكِنَّهُ عَمَّا يطيف بِرُكْنِهِ مِنْهُنَّ صَمَّاء اَلصَّدَى مستعجم
فَيُعْجِب مِنْ خُرُوجه مِنْ اَلْمُذَكَّر إِلَى اَلْمُؤَنَّث , وَإِذَا حَمَلَ هَذَا عَلَى إِقَامَة اَلصِّفَة
مَقَام اَلْمَوْصُوف لَمْ يَبْعُد .
|