رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني
مَا أرجي بِالْعَيْشِ بَعْد ندامي , كُلّهمْ قَدْ سَقَوْا بِكَأْس حَلَّاق
فَيُقَال إِنَّك لِتَعْرِف صَاحِبك بِأَمْر لَا مَعْرِفَة عِنْدنَا بِهِ مَا اَلنَّحْوِيُّونَ ? وَمَا
اَلِاسْتِشْهَاد ? وَمَا هَذَا اَلْهَذَيَان ? نَحْنُ خَزَنَة اَلنَّار , فَبَيْن غَرَضك تَجِب إِلَيْهِ
فَيَقُول : أُرِيدَ اَلْمَعْرُوف بِمُهَلْهَل التغلبي أَخِي كُلَيْب وَائِل اَلَّذِي كَانَ يَضْرِب بِهِ
اَلْمَثَل
فَيُقَال : هَا هُوَ ذَا يَسْمَع حِوَارك فَقُلْ مَا تَشَاء
فَيَقُول : يَا عُدَيّ بْن رَبِيعَة , أُعَزِّز عَلَيَّ بِوُلُوجِك هَذَا اَلْمُؤَجِّل !
لَوْ لَمْ آسَف عَلَيْك إِلَّا لِأَجْل قَصِيدَتك اَلَّتِي أَوَّلهَا
أليلتنا بِذِي حَسْم أنيري إِذَا أَنْتَ انقضيت فَلَا تُحَوِّرِي لَكَانَتْ جَدِيرَة أَنْ تُطِيل
اَلْأَسَف عَلَيْك , وَقَدْ كُنْت إِذَا أَنْشَدْت أَبْيَاتك فِي اِبْنَتك اَلْمُزَوِّجَة فِي " جَنْب "
تَغْرَوْرِق مِنْ اَلْحُزْن عَيْنَايَ فَأَخْبَرَنِي لِمَ سُمِّيَتْ مُهَلْهَلًا ? فَقَدْ قِيلَ : إِنَّك سَمَّيْت بِذَلِكَ
لِأَنَّك أَوَّل مَنْ هلهل اَلشِّعْر [ أَيْ رَقَّقَهُ ]
فَيَقُول إِنَّ اَلْكَذِب لِكَثِير , وَإِنَّمَا كَانَ لِي أَخ يُقَال لَهُ اِمْرُؤ القيس فَأَغَار عَلَيْنَا
زُهَيْر بْن جناب الكلبي , فَتَبِعَهُ أَخِي فِي زَرَافَة مِنْ قَوْمه فَقَالَ فِي ذَلِكَ :
لِمَا توقل فِي الكراع هجينهم هلهلت أَثَارَ مَالِكًا أَوْ صنبلا
وَكَأَنَّهُ بَاز عِلَّته كَبَرَّة يَهْدِي بِشَكَّتِهِ اَلرَّعِيل اَلْأَوَّل
[ هلهلت : أَيْ قَارَبَتْ , وَيُقَال تَوَقَّفَتْ يَعْنِي بِالْهَجِينِ زُهَيْر بْن جناب , فَسُمِّيَ
مُهَلْهَلًا ] فَلَمَّا هَلَكَ شُبِّهَتْ بِهِ فَقِيلَ لِي : مُهَلْهَل فَيَقُول اَلْآن شَفَيْت صَدْرِي بِحَقّ
اَلْيَقِين
فَأَخْبَرَنِي عَنْ هَذَا اَلْبَيْت اَلَّذِي يَرْوِي لَك :
أرعدوا سَاعَة اَلْهِيَاج وَأَبْرَقْنَا كَمَا تُوعَد اَلْفُحُول اَلْفُحُول
فَإِنَّ اَلْأَصْمَعِيّ كَانَ يُنْكِرهُ وَيَقُول أَنَّهُ مَوْلِد وَكَانَ أَبُو زَيْد يَسْتَشْهِد بِهِ وَيُثْبِتهُ
فَيَقُول طَالَ اَلْأَبَد عَلَى لُبَد ! لَقَدْ نَسِيَتْ مَا قُلْت فِي اَلدَّار اَلْفَانِيَة فَمَا اَلَّذِي
أَنْكَرَ مِنْهُ ?
فَيَقُول : زَعَمَ اَلْأَصْمَعِيّ أَنَّهُ لَا يُقَال أَرْعَدَ وَأَبْرَقَ فِي اَلْوَعِيد وَلَا فِي اَلْحِسَاب
فَيَقُول : إِنَّ ذَلِكَ لِخَطَأ مِنْ اَلْقَوْل , وَأَنَّ هَذَا اَلْبَيْت لَمْ يَقُلْهُ إِلَّا رَجُل مِنْ جذم ,
اَلْفَصَاحَة إِمَّا أَنَّا وَإِمَّا سِوَايَ فَخُذْ بِهِ وَأُعْرِض عَنْ قَوْل اَلسُّفَهَاء
وَيَسْأَل عَنْ اَلْمُرَقَّش اَلْأَكْبَر فَإِذَا هُوَ بِهِ فِي أُطَبِّق اَلْعَذَاب
فَيَقُول : خَفَّفَ اَللَّه عَنْك أَيُّهَا اَلشَّابّ اَلْمُغْتَصِب , وَفِلْم أَزَل فِي اَلدَّار اَلْعَاجِلَة
حَزِينًا لِمَا أَصَابَك بِهِ اَلرَّجُل الغفلي , أَحَد بَنِي فِيلَيْهِ اِبْن قاسط , فَعَلَيْهِ بهله
اَللَّه !
وَأَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْل اَلْإِسْلَام كَانُوا يستزرون بِقَصِيدَتِك الميمة اَلَّتِي اؤلها :
هَلْ بِالدِّيَارِ أَنْ تُجِيب صَمَم لَوْ كَانَ حَيًّا نَاطِقًا كَلِم
وَأَنَّهَا عِنْدِي لِمَنْ اَلْمُفْرَدَات وَكَانَ يَعَضّ اَلْأُدَبَاء يَرَى أَنَّهَا اَلْمِيمِيَّة اَلَّتِي قَالَهَا
اَلْمُرَقَّش اَلْأَصْفَر ناقصتان عَنْ اَلْقَصَائِد المفضليات وَلَقَدْ وَهَمَ صَاحِب هَذِهِ اَلْمَقَالَة
وَبَعْض اَلنَّاس يَرْوِي هَذَا اَلشِّعْر لَك
تَخَيَّرَتْ مَنْ نِعْمَانِ عَوَّدَ أراكة
لِهِنْد وَلَكِنْ مَنْ يبغله هِنْدًا ? .
خَلِيلِيّ جَوْرًا , وَبَارَكَ اَللَّه فِيكُمَا
وَأَنَّ لَمْ تَكُنْ هِنْد لِأَرْضِكُمَا قَصْدًا
وَقَوْلًا لَهَا لَيْسَ اَلضَّلَال أَجَارَنَا
وَلَكِنَّنَا جُرْنَا لِنَلْقَاكُمْ عَمْدًا
وَلَمْ أَجِدهَا فِي دِيوَانك فَهَلْ مَا حُكِيَ صَحِيح عَنْك ?
فَيَقُول لَقَدْ قَلَّتْ أَشْيَاء كَثِيرَة , مِنْهَا مَا نَقَلَ إِلَيْكُمْ مَا لَمْ يَنْقُل , وَقَدْ يَجُوز
أَنْ أَكُون قَلَّتْ هَذِهِ اَلْأَبْيَات وَلَكِنَّ سَرِقَتهَا لِطُول اَلْأَبَد , وَلَعَلَّك تُنْكِر أَنَّهَا فِي
هِنْد وَأَنَّ صَاحِبَتَيْ أَسْمَاء , فَلَا تُنَفِّر مِنْ ذَلِكَ , فَقَدْ يَنْتَقِل المشبب مِنْ اَلِاسْم
إِلَى اَلِاسْم , وَيَكُون فِي بَعْض عُمْره مُسْتَهْتِرًا بِشَخْص مِنْ اَلنَّاس , ثُمَّ يَنْصَرِف إِلَى
اَلشَّخْص آخَر , أَلَّا تَسْمَع إِلَى قَوْلِي
سَفَه تُذَكِّرهُ خويلة , بَعْدَمَا حَالَتْ ذَرَا نجران دُون لِقَائِهَا وَيَنْعَطِف إِلَى اَلْمُرَقَّش
اَلْأَصْغَر فَيَسْأَلهُ عَنْ شَأْنه مَعَ بِنْت اَلْمُنْذِر , وَبِنْت عِجْلَانِ فَيَجِدهُ غَيْر خَبِير , قَدْ
نَسِيَ لِتَرَادُف اَلْأَحْقَاب فيوقل أَلَّا تَذْكُر مَا صَنَعَ بِك جناب اَلَّذِي تَقُول فِيهِ
فَآلَى جناب حَلْقَة فَأَطَعْته فَنَفْسك وَلَ اَللَّوْم إِنْ كُنْت لَائِمًا
فَيَقُول وَمَا صَنَعَ جناب ? لَقَدْ لَقِيت الأقورين , وَسَقَيْت اَلْأَمْرَيْنِ , وَكَيْفَ لِي
بِعَذَاب اَلدَّار اَلْعَاجِلَة !
|