رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني
أَخْرَجَتْ اَلِاسْم إِلَى مِثَال قَلِيل , لِأَنَّ فِعْلًا لَا لِمَ يَجِيء فِي غَيْر اَلْمُضَاعَف وَقَدْ
حَكَى نَاقَة بِهَا خزعال [ أَيْ بِهَا ظلع ]
وَيَرَى رَجُلًا فِي اَلنَّار لَا يُمَيِّزهُ مَنْ غَيْره فَيَقُول مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا اَلشَّقِيّ ? فَيَقُول
أَنَا أَبُو كَبِير اَلْهَزْلِيّ . عَامِر بْن الحليس فَيَقُول , إِنَّك لِمَنْ أَعْلَام هذيل ,
وَلَكِنِّي لَمّ أوثر قَوْلك
أزهير هَلْ عَنَّ شَيْبَة مِنْ مُعَدَّل أَمْ لَا سَبِيل إِلَى اَلشَّبَاب اَلْأَوَّل , وَقُلْت فِي
اَلْأُخْرَى
أزهير هَلْ عَنَّ شَيْبَة مِنْ مَصْرِف أَمْ لَا خُلُود لِعَاجِز مُتَكَلِّف
وَقُلْت فِي اَلثَّالِثَة
أزهير هَلْ عَنَّ شَيْبَة مِنْ مَعَكُمْ
[ أَيّ مِنْ مَحْبِس ] فَهَذَا يَدُلّ عَلَى ضِيق عطنك بالقريض فَهَلَّا أبتدأت كُلّ قَصِيدَة بِفَنّ
? وَالْأَصْمَعِيّ لَمْ يَرْوِ لَك إِلَّا هَذِهِ اَلْقَصَائِد اَلثَّلَاث , وَقَدْ حَكَى أَنَّهُ يَرْوِي عَنْك
الرائية اَلَّتِي أَوَّلهَا
أزهير هَلْ عَنَّ شَيْبَة مِنْ مُقَصِّر
وَأَحْسَن بِقَوْلِك
وَلَقَدْ وَرَدَتْ اَلْمَاء لَمْ يَشْرَب بِهِ بَيْن اَلشِّتَاء إِلَى شُهُور اَلصَّيْف
إِلَّا عواسل كالمراط مُعِيدَة بِاللَّيْلِ مَوَارِد أيم متغضف
زقب يَظَلّ اَلذِّئْب يَتْبَع ظِلّه فِيهِ فَيَسْتَنّ استنان الأخلف
فَصَدَدْت عَنْهُ ظَامِئًا وَتَرَكْته يَهْتَزّ غَلَّفَهُ كَأَنْ لَمْ يَكْشِف
فَيَقُول أَبُو كَبِير اَلْهَزْلِيّ كَيْفَ لِي أَنْ أَقْضِم عَلَى جَمَرَات محرقات لِأَرُدّ عَذَابًا غدقات
وَإِنَّمَا كَانَ أَهْل سَقَر وَيْل وَعَوِيل لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا ذَلِكَ حويل فَاذْهَبْ لطيتك وَاحْذَرْ أَنْ
تَشْغَل عَنْ مَطِيَّتك .
فَيَقُول بِلُغَة اَللَّه أَقَاصِي اَلْأَمَل , كَيْفَ لَا أجذل , وَقَدْ ضَمِنَتْ لِي اَلرَّحْمَة
اَلدَّائِمَة ضَمِنَهَا مَنْ يُصَدِّق ضَمَانه وَيَعُمّ أَهْل اَلْخِيفَة أَمَانه ? .
فَيَقُول : مَا فَعَلَ صَخْر اَلْغَيّ ? فَيُقَال هَا هُوَ حَيْثُ تَرَاهُ فَيَقُول يَا صَخْر الغى مَا
فَعَلَتْ دهماؤك ? لَا أَرْضك لَهَا وَلَا سَمَاؤُك ! كَانَتْ فِي عَهْدك وَشَبَابهَا رُود , يَأْخُذ
مِنْ حبابها الزود , فَلِذَلِكَ قُلْت إِنِّي بِدَهْمَاء عِزّ مَا أَجِد يَعْتَادنِي مِنْ حبابها زؤد
وَأَيْنَ حَصَلَ تليدك ? شَغَلَك عَنْهُ تَخْلِيدك وَحَقّ لَك أَنْ تَنْسَاهُ كَمَا ذُهِلَ وَحْشَيْ دَمِي نَسَّاهُ
وَإِذَا هُوَ بَرْجَل يَتَضَوَّر فَيَقُول , مِنْ هَذَا ? فَيُقَال , اَلْأَخْطَل التغلبي , فَيَقُول لَهُ
مَا زَالَتْ صِفَتك لِلْخَمْرِ , حَتَّى غادرتك أَكْلًا لِلْجَمْرِ , كَمْ طَرِبَتْ اَلسَّادَات عَلَى قَوْلك
أَنَاخُوا فَجَّرُوا شاصيات كَأَنَّهَا رِجَال مِنْ اَلسُّودَان لَمْ يَتَسَرَّبُوا
فَقُلْت أصبحوني , لَا أَبَا لِأَبِيكُمْ وَمَا وَضَعُوا إِلَّا لِيَفْعَلُوا
فَصَبُّوا عَقَارًا فِي اَلْإِنَاء كَأَنَّهَا إِذَا لَمَحُوهَا جَذْوَة تَتَآكَل
وَجَاءُوا ببيسانية هِيَ , بَعْدَمَا يُعْلَ بِهَا اَلسَّاقِي أَلَذّ وَأَسْهَل
تَمْر بِهَا اَلْأَيْدِي سنيحا وبارحا وَتُوضَع باللهم حَيَّ , وَتَحَمَّلَ
فَتَوَقَّفَ أَحْيَانًا فَيَفْصِل بَيْننَا غِنَاء مُغْنٍ أَوْ شِوَاء مرعبل
فَلَذَّتْ لِمُرْتَاح وَطَابَتْ لِشَارِب وَرَاجَعَنِي مِنْهَا مراح وأخيل
فَمَا لبثتنا نَشْوَة لَحِقَتْ بِنَا تَوَابِعهَا مِمَّا نَعُلْ وَنَنْهَل
تَدِبّ دَبِيبًا فِي اَلْعِظَام كَأَنَّهُ دَبِيب نمال فِي نَقَّا يتهيل
رَبَّتَ وَرَبًّا فِي كَرَمهَا اِبْن مَدِينَة مُكِبّ عَلَى مِسْحَاته يتركل
إِذَا خَافَ مِنْ نَجْم عَلَيْهَا ظماءة أَدَّبَ , إِلَيْهَا جَدْوَلًا يَتَسَلْسَل
فَقُلْت اُقْتُلُوهَا عَنْكُمْ بِمِزَاجِهَا وَحَبّ بِهَا مَقْتُولَة حِين تَقْتُل
فَقَالَ التغلبي إِنِّي جَرَرْت اَلذِّرَاع وَلَقِيت اَلذِّرَاع وَهَجَرْت الآبدة , و رَجَوْت أَنْ
تُدْعَى اَلنَّفْس اَلْعَابِدَة , وَلَكِنْ أَبَتْ الأقضية .
فَيَقُول أَحَلَّ اَللَّه الهلكة بمبغضيه أَخْطَأَتْ فِي أَمْرَيْنِ جَاءَ اَلْإِسْلَام , فَعَجَزَتْ أَنْ
تَدْخُل فِيهِ وَلَزِمَتْ أَخْلَاق سَفِيه وَعَاشَرَتْ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة , وَأَطَعْت نَفْسك اَلْغَاوِيَة
وَآثَرْت مَا فَنِيَ عَلَى بَاقٍ فَكَيْفَ لَك بالإباق ? .
فيزفر اَلْأَخْطَل زَفْرَة تَعْجَب لَهَا اَلزَّبَانِيَة وَيَقُول آه عَلَى أَيَّام يَزِيد أُسَوِّف عِنْده
عَنْبَرًا وَلَا أَعْدَم لَدَيْهِ سيسنبرا وَأَمْزَح مَعَهُ مَزَحَ خَلِيل فَيَحْتَمِلنِي اِحْتِمَال اَلْجَلِيل
وَكَمْ أَلْبَسَنِي مِنْ مُوَشِّي أَسْحَبهُ فِي اَلْبَكَرَة أَوْ اَلْعَشِيّ وَكَأَنِّي بالقيان اَلصَّدْمَة بَيْن
يَدَيْهِ تَغَنِّيه بِقَوْلِهِ :
وَلَهَا بالماطرون إِذَا أَنَفِدَ اَلنَّمْل اَلَّذِي جَمَعَا
خَلْفه حتي إِذَا ظَهَرَتْ سَكَنَتْ مَنْ جلق بَيْعًا
فِي قِبَاب حَوْل دسكرة حَوْلهَا اَلزَّيْتُون قَدْ ينعا
وَقَفَتْ لِلْبَدْرِ تَرْقُبهُ فَإِذَا بِالْبَدْرِ قَدْ طَلَعَا
وَلَقَدْ فَاكِهَته فِي بَعْض اَلْأَيَّام وَأَنَا سَكْرَان ملتخ فَقُلْت اسلم سَلَّمَتْ أَبَا خَالِد ,
وَحَيَّاك رَبّك بالعنقز
أَكَلَتْ اَلدَّجَاج فَأَفْنَيْتهَا فَهَلْ فِي الخنانيص مِنْ مغمز
فَمَا زَادَنِي عَنْ اِبْتِسَام وَاهْتَزَّ لِلصِّلَةِ كَاهْتِزَاز اَلْحُسَام
فَيَقُول أَدَامَ اَللَّه تَمْكِينه مِنْ ثَمَّ أَتَيْت ! أَمَا عَلِمَتْ أَنَّ ذَلِكَ اَلرَّجُل عَانَدَ وَفِي
جِبَال اَلْمَعْصِيَة سَانَدَ ? فَعَلَّام اِطَّلَعَتْ مِنْ مَذْهَبه أَكَانَ مُوَحَّدًا , أَمْ وَجَدَّته فِي
اَلنُّسُك مُلْحِدًا ?
فَيَقُول اَلْأَخْطَل كَانَتْ تُعْجِبهُ هَذِهِ اَلْأَبْيَات
أخالد هَاتِي خَبِّرِينِي وَأَعْلِنِي حَدِيثك إِنِّي لَا أُسِرّ التناجيا
حَدِيث أَبِي سُفْيَان لِمَا سَمَا بِهَا إِلَى أَحَد حَتَّى أَقَامَ البواكيا
وَكَيْفَ بَغَى أَمْرًا عَلَيَّ فَفَاتَهُ وَأَوْرَثَهُ اَلْجَدّ اَلسَّعِيد معاويا
وَقَوْمِيّ فعليني عَلَى ذَلِكَ قَهْوَة تَحْلِبهَا العيسي كَرَمًا شآميا
إِذْ مَا نَظَرْنَا فِي أُمُور قَدِيمَة وَجَدْنَا حَلَالًا شُرْبهَا المتواليا
فَلَا خَلْف بَيْن اَلنَّاس أَنَّ مُحَمَّدًا تَبَوَّأَ رمسا فِي اَلْمَدِينَة ثَاوِيًا
فَيَقُول جَعْل اَللَّه أَوْقَاته كُلّهَا سَعِيدَة , عَلَيْك البهلة ! قَدْ ذُهِلَتْ اَلشُّعَرَاء مِنْ
أَهْل اَلْجَنَّة وَالنَّار عَنْ اَلْمَدْح وَالنَّسِيب وَمَا شدهت عَنْ كُفْرك وَلَا إِسَاءَتك يَسْمَع ذَلِكَ
اَلْخِطَاب كُلّه فَيَقُول بِالْإِغْوَاءِ مَا رَأَيْت أَعْجَز مِنْكُمْ إِخْوَان مَالِك ! فَيَقُولُونَ كَيْفَ
زَعَمَتْ ذَلِكَ يَا أَبَا مُرَّة ? فَيَقُول أَلَّا تَسْمَعُونَ هَذَا اَلْمُتَكَلِّم بِمَا لَا يَعْنِيه ? قَدْ
شَغَلَكُمْ وَشَغْل غَيْركُمْ عَمَّا هُوَ فِيهِ ! فَلَوْ أَنَّ فِيكُمْ صَاحِب نحيزة قَوِيَّة , لِوَثْب وَثْبَة
حَتَّى يَلْحَق بِهِ فَيَجْذِبهُ إِلَى سَقَر , فَيَقُولُونَ لَمْ تَصْنَع شَيْئًا يَا أَبَا زَوْبَعَة ! لَيْسَ
لَنَا عَلَى أَهْل اَلْجَنَّة سَبِيل
فَإِذَا سَمِعَ , أَسْمَعهُ اَللَّه مُجَابِه , مَا يَقُول إِبْلِيس أَخْذ فِي شَتْمه وَلَعْنه وَإِظْهَار ,
اَلشَّمَاتَة بِهِ و فَيَقُول , عَلَيْهِ اَللَّعْنَة , أَلَمْ تَنْهَوْا عَنْ الشمات يَا بَنِي آدَم ?
وَلَكِنَّكُمْ بِحَمْد اَللَّه مَا زَجَرْتُمْ عَنْ شَيْء إِلَّا وَرَكِبْتُمُوهُ فَيَقُول وَاصِل اَللَّه اَلْإِحْسَان
إِلَيْهِ , أَنْتَ بَدَأَتْ آدَم بِالشَّمَاتَةِ , وَالْبَادِئ أَظْلِم .
ثُمَّ يَعُود إِلَى كَلَام اَلْأَخْطَل , فَيَقُول أأنت اَلْقَائِل هَذِهِ اَلْأَبْيَات
وَلَسْت بِصَائِم رَمَضَان طَوْعًا وَلَسْت بِآكِل لَحْم اَلْأَضَاحِيّ
وَلَسْت بِقَائِم كَالْعِيرِ أَدْعُو قُبَيْل اَلصُّبْح حَيّ عَلَى اَلْفَلَّاح
وَلَكِنِّي سَأَشْرَبُهَا شُمُولًا بِالْإِغْوَاءِ عِنْد مُنْبَلِج اَلصَّبَاح !
فَيَقُول أَجْل , وَإِنِّي لِنَادِم سادم وَهَلْ أَغْنَتْ اَلنَّدَامَة عَنْ أَخِي كسع ? .
وَيَمَلّ مِنْ أَهْل اَلنَّار فَيَنْصَرِف إِلَى قَصْره اَلْمُشَيَّد , فَإِذَا صَارَ عَلَى مِيل أَوْ مِيلَيْنِ
ذَكَرَ أَنَّهُ مَا سَأَلَ عَنْ مُهَلْهَل التغلبي وَلَا عَنْ المرقشين وَأَنَّهُ أَغْفَلَ اَلشَّنْفَرَى
وَتَأَبَّطَ شَرًّا فَيَرْجِع عَلَى أَدْرَاجه فَيَقِف بِذَلِكَ اَلْمَوْقِف يُنَادِي أَيْنَ عُدَيّ اِبْن رَبِيعَة ?
فَيُقَال زِدْ فِي اَلْبَيَان فَيَقُول اَلَّذِي يَسْتَشْهِد اَلنَّحْوِيُّونَ بِقَوْلِهِ
ضَرَبَتْ صَدْرهَا إِلَيَّ وَقَالَتْ يَا عُدَيًّا لَقَدْ وَقَتْك الأواقي وَقَدْ اِسْتَشْهَدُوا لَهُ بِأَشْيَاء
كَقَوْلِهِ
وَلَقَدْ خبطن بُيُوت يَشْكُر خَبْطَة أَخْوَالنَا وَهُمْ بَنُو اَلْأَعْمَام
وَقَوْله
|