عرض مشاركة واحدة
قديم 14-06-09, 02:30 AM   #31
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


قَوْلك
يَا دَار سَلْمَى خَلَاء , لَا أُكَلِّفهَا إِلَّا المرانة حَتَّى تَسْأَم اَلدُّنْيَا
مَا أَرَدْت بالمرانة ? فَقَدْ قِيلَ , إِنَّك أَرَدْت أُسَمِّ اَلْمَرْأَة وَقِيلَ هِيَ أَسُمّ نَاقَة ,
وَقِيلَ اَلْعَادَة فَيَقُول تَمِيم وَاَللَّه مَا دَخَلَتْ مِنْ بَاب اَلْفِرْدَوْس وَمَعِي كَلِمَة مِنْ
اَلشِّعْر وَلَا اَلرِّجْز , وَذَلِكَ أَنِّي حُوسِبْت حِسَابًا شَدِيدًا وَقِيلَ لِي كُنْت فِيمَنْ قَاتَلَ عَلِيّ
بْن أَبِي طَالِب وَانْبَرَى لِي النجاشي اَلْحَارِثِيّ , فَمَا أَفْلَتَ مِنْ اَللَّهَب حَتَّى سفعني
سفعات وَإِنَّ حِفْظك لمبقى عَلَيْك , كَأَنَّك لَمْ تَشْهَد أَهْوَال اَلْحِسَاب وَمُنَادِي اَلْحَشْر ,
يَقُول , أَيْنَ فُلَان اِبْن فُلَان ? والشوس اَلْجَبَابِرَة مِنْ اَلْمُلُوك تَجْذِبهُمْ اَلزَّبَانِيَة ,
إِلَى اَلْجَحِيم وَالنِّسْوَة ذَوَات اَلتِّيجَان يَصِرْنَ بِأَلْسِنَة مِنْ اَلْوَقُود , فَتَأْخُذ فِي
فُرُوعهنَّ وَأَجْسَادهنَّ فَيَصِحْنَ هَلْ مِنْ فِدَاء ? هَلْ مَنْ عَذَرَ يُقَام , وَالشَّبَاب مِنْ أَوْلَاد
الأكاسرة يتضاغون , فِي سَلَاسِل اَلنَّار , وَيَقُولُونَ نَحْنُ أَصْحَاب اَلْكُنُوز , نَحْنُ
أَرْبَاب اَلْفَانِيَة , وَلَقَدْ كَانَتْ لَنَا إِلَى اَلنَّاس صَنَائِع , وَأَيَادٍ فَلَا فَادِي و
لَا مُعَيَّن .
فَهَتَفَ دَاعٍ مِنْ قَبْل اَلْعَرْش , أَوْ لَمْ نُعَمِّركُمْ مَا يَتَذَكَّر فِيهِ مِنْ تَذَكُّر , وَجَاءَكُمْ
اَلنَّذِير فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ , مِنْ نَصِير " وَلَقَدْ جَاءَكُمْ اَلرُّسُل فِي زَمَان بَعْد
زَمَان , وَبَذَلَتْ مَا وَكَدّ مِنْ اَلْأَمَان , وَقِيلَ لَكُمْ فِي اَلْكِتَاب , " وَاتَّقَوْا يَوْمًا
تَرْجِعُونَ فِيهِ إِلَى اَللَّه ثُمَّ تَوَفَّى , كُلّ نَفْس مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يَظْلِمُونَ " فَكُنْتُمْ فِي
لَذَّات اَلسَّاخِرَة واغين وَعَنْ أَعْمَال اَلْآخِرَة مُتَشَاغِلِينَ فَالْآن ظر اَلنَّبَأ , لَا ظُلْم
اَلْيَوْم إِنَّ اَللَّه قَدْ حَكَمَ بَنِي اَلْعِبَاد .
فَيَقُول أَنْطَقَهُ اَللَّه بِكُلّ فَضْل إِنْ شَاءَ رَبّه أَنْ يَقُول أَنَا أَقْصَى عَلَيْك قِصَّتِي :
لُمْنَا نَهَضَتْ أَنْتَفِض مِنْ اَلرِّيم , وَحَضَرَتْ حرصات اَلْقِيَامَة , [ والحرصات مِثْل
العرصات وَأَبْدَلَتْ اَلْحَاء مِنْ اَلْعَيْن ] ذَكَرَتْ اَلْآيَة " : تُعَرِّج اَلْمَلَائِكَة وَالرُّوح
إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة . فَأَصْبِر صَبْرًا جَمِيلًا , " فَطَالَ عَلَيَّ
اَلْأَمَد وَأَشْتَدّ اَلظَّمَأ والومد , [ والومد : شِدَّة اَلْحَرّ وَسُكُون اَلرِّيح كَمَا قَالَ
أَخُوكُمْ اَلنُّمَيْرِيّ ]
كَأَنَّ بَيْض نَعَام فِي ملاحفها , جَلَاهُ طَلّ وَقَيْظ لَيْله وَمَدّ ]
وَأَنَا رَجُل مهياف , [ أَيّ سَرِيع اَلْعَطَش ] فافتكرت فَرَأَيْت أَمْرًا لِأَقْوَام لِمَثَلِي بِهِ
وَلَقِيَنِي , اَلْمَلِك اَلْحَفِيظ بِمَا زُبُر , مِنْ فِعْل اَلْخَيْر و جُدْت حَسَنَاتِي قَلِيله كالنفا
فِي اَلْعَام اَلْأَرْمَل , [ بِالْإِغْوَاءِ اَلرِّيَاض , وَالْأَرْمَل قَلِيل اَلْمَطَر ] إِلَّا أَنَّ اَلتَّوْبَة
, فِي آخِرهَا كَأَنَّهَا مِصْبَاح أبيل . رَفْع لِسَالِك اَلسَّبِيل , فَلِمَا أَقَمْت فِي اَلْمَوْقِف
زُهَاء شَهْر أَوْ شَهْرَيْنِ , وَخِفْت , فِي اَلْعَرَق مِنْ اَلْغَرَق , و زَيَّنَتْ لِي اَلنَّفْس اَلْكَاذِبَة
أَنْ أُنَظِّم أَبْيَاتًا فِي رِضْوَان خَازِن اَلْجِنَان و عُمْلَتهَا فِي وَزْن
قَفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى , حَبِيب وَعِرْفَان
وَوَسَمَتْهَا بِرِضْوَان , ثُمَّ ضانكت اَلنَّاس حَتَّى وَقَفَتْ مِنْهُ بِحَيْثُ يَسْمَع وَيَرَى , فَمَا حَفَلَ
بِي , وَلَا أَظُنّهُ أبه لِمَا أَقُول
فَغَبَّرَتْ بُرْهَة نَحْو عَشَرَة أَيَّام مِنْ أَيَّام اَلْفَانِيَة ثُمَّ عَمِلَتْ أَبْيَاتًا فِي وَزْن بِأَنَّ
اَلْخَلِيط , وَلَ طووعت مَا بَانَا , وَقَطَعُوا مِنْ حِبَال اَلْوَصْل , أَقَارِبنَا وَوَسَمَتْهَا
بِرِضْوَان ثُمَّ دَنَوْت مِنْهُ فَفَعَلَتْ كَفِعْلِي اَلْأَوَّل , فَكَأَنِّي أُحَرِّك ثبيرا , وَأَلْتَمِس مِنْ
التغضرم عَبِيرًا , [ والغضرم تُرَاب يُشْبِه اَلْجِصّ ] فَلَمْ أَزَلْ أَتَتْبَعُ اَلْأَوْزَان ,
اَلَّتِي يُمْكِن أَنْ يوسم بِهَا رَضْوَان حَتَّى أَفْنَيْتهَا وَأَنَا لَا أَجِد عِنْده مغوثة وَلَا
دَعَوْت بِأَعْلَى صَوْتِي , يَا رِضْوَان , يَا أَمِين , اَلْجَبَّار اَلْأَعْظَم عَلَى الفراديس ,
أَلَمَّ بِتَسَمُّع نِدَائِي بِك بِالْإِغْوَاءِ إِلَيْك ? فَقَالَ لَقَدْ سَمِعْتُك تَذَكُّر رَضْوَان وَمَا
عَلِمَتْ مَا مَقْصِدك , فَمَا اَلَّذِي تَطَلَّبَ أَيُّهَا اَلْمِسْكِين ? فَأَقُول أَنَا رَجُل لَا صَبْر لِي
عَلَى اللواب [ أَيّ اَلْعَطَش ] وَقَدْ اِسْتَطَلْت مُدَّة اَلْحِسَاب , وَمَعِي صكب بِالتَّوْبَةِ ,
وَهِيَ لِلذُّنُوبِ كُلّهَا , مَاحِيَة , وَقَدْ مَدَحَتْك بِأَشْعَار كَثِيرَة , وَوَسَمَتْهَا بِاسْمِك فَقَالَ
وَمَا اَلْأَشْعَار ? ‎ فَإِنِّي لَمْ أَسْمَع بِهَذِهِ اَلْكَلِمَة قَطُّ إِلَّا اَلسَّاعَة فَقُلْت اَلْأَشْعَار جَمْع
شِعْر و اَلشِّعْر كَلَام مَوْزُون تَقْبَلهُ اَلْغَرِيزَة عَلَى شَرَائِط إِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ , أَبَانَهُ
اَلْحِسّ , وَكَانَ أَهْل اَلْعَاجِلَة , يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى اَلْمُلُوك , وَالسَّادَات , فَجِئْت بِشَيْء
مِنْهُ إِلَيْك لَعَلَّك تَأْذَن لِي بِالدُّخُولِ , إِلَى اَلْجَنَّة , فِي هَذَا اَلْبَاب , فَقَدْ اِسْتَطَلْت
مَا اَلنَّاس فِيهِ وَأَنَا ضَعِيف مَنَّيْنَ , وَلَا رَيْب أَنِّي مِمَّنْ يَرْجُو اَلْمَغْفِرَة وَتَصِحّ لَهُ
بِمَشِيئَة اَللَّه تَعَالَى , فَقَالَ إِنَّك لغبين اَلرَّأْي ! أَتَأَمَّلَ أَنَّ آذِن لَك بِغَيْر إِذْن
مِنْ رَبّ اَلْعِزَّة ? هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ! وَأَنِّي لَهُمْ اَلتَّنَاوُش مِنْ مَكَان بَعِيد " .
فَتَرَكْته وَانْصَرَفْت فَأُمْلِي إِلَى خَازِن آخَر يُقَال لَهُ زفر و فَعَلِمَتْ كَلِمَة وَوَسَمَتْهَا
بِاسْمِهِ فِي وَزْن , قَوْل لَبِيد : .
تُهِنِّي اِبْنَتَايَ , أَنْ يَعِيش أَبُوهُمَا وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ رَبِيعَة , أَوْ مُضِرّ لأستنزل
أبودا عَصْمَاء , وَلَمْ أَتْرُك وَزِنَا مُقَيَّدًا وَلَا مُطْلَقًا , يَجُوز أَنْ يوسم بزفر إِلَّا
وَسَمَتْهُ بِهِ و فَمَا نَجْع وَلَا غَيْر , فَقُلْت رَحِمَك اَللَّه ! كُنَّا فِي اَلدَّار اَلذَّاهِبَة
نَتَقَرَّب إِلَى اَلرَّئِيس وَالْمَلِك بِالْبَيْتَيْنِ أَوْ اَلثَّلَاثَة فَنَجْد عِنْده مَا نُحِبّ وَقَدْ نَظَّمَتْ
فِيك مَا لَوْ جَمَعَ لَكَانَ دِيوَانًا , وَكَأَنَّك مَا سَمِعْت لِي زجمة [ أَيّ كَلِمَة ] فَقَالَ لَا
أَشْعُر بِاَلَّذِي حممت [ أَيْ قَصَدَتْ ] وَأَحْسَب هَذَا اَلَّذِي تَجِيئنِي بِهِ قُرْآن إِبْلِيس اَلْمَارِد
وَلَا يُنْفِق عَلَى اَلْمَلَائِكَة إِنَّمَا هُوَ لِلِجَان وَعَلِمُوهُ وَلَد آدَم , فَمَا بُغْيَتك ?
فَذَكَرَتْ لَهُ مَا أُرِيد فَقَالَ , وَاَللَّه مَا أَقْدَرَ لَك عَلَى نَفْع وَلَا أَمَلك لِخَلْق مَنْ شَفَّعَ
فَمِنْ أَيّ اَلْأُمَم أَنْتَ ? فَقُلْت مِنْ ‎ أُمَّة مُحَمَّد بْن عَبْد اَللَّه بْن عَبْد اَلْمَطْلَب , فَقَالَ
صَدَقَتْ , ذَلِكَ نَبِيّ اَلْعَرَب , وَمِنْ تِلْكَ اَلْجِهَة أَتَيْتنِي بالقريض , لَانَ إِبْلِيس اَللَّعِين
نَفَثَهُ فِي إِقْلِيم اَلْعَرَب فَتُعْلِمهُ نِسَاء وَرِجَال , وَقَدْ وَجَبَ عَلَيَّ نُصْحك , فَعَلَيْك
بِصَاحِبِك لَعَلَّهُ يَتَوَصَّل إِلَى مَا اِبْتَغَيْت .


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس