عرض مشاركة واحدة
قديم 14-06-09, 02:28 AM   #29
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: المعري-فيلسوف الشعراء-حسين الحمداني


وَيَمُرّ حَسَّان بْن ثَابِت , فَقُولُون أَهْلًا أَبَا عَبْد اَلرَّحْمَن , أَلَّا تُحَدِّث مَعَنَا سَاعَة
? فَإِذَا جَلَسَ إِلَيْهِمْ قَالُوا , أَيْنَ هَذِهِ المشروبة مِنْ سبيئتك اَلَّتِي ذَكَّرَتْهَا فِي
قَوْلك
كَأَنِّي سبيئة مِنْ بَيْت رَأْس يَكُون مِزَاجهَا عَسَل وَمَاء
عَلَى أَنْيَابهَا أَوْ طَعْم عَضّ مِنْ اَلتُّفَّاح هصره اجتناء
إِذَا مَا الأشربات ذَكَرْنَ يَوْمًا فَهُنَّ لِطِيب الراح اَلْفِدَاء
وَيْحك ! مَا اِسْتَحْيَيْت أَنَّ تَذَكُّر مِثْل هَذَا فِي مَدَحَتْك رَسُول اَللَّه صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ , فَيَقُول : أَنَّهُ كَانَ أسجح خُلُقًا مِمَّا تَظُنُّونَ وَلَمْ أَقُلْ إِلَّا خَيْرًا , لَمْ أَذْكُر
أَنِّي شَرِبَتْ خَمْرًا , وَلَا رَكِبَتْ مِمَّا حَظَرَ أَمْرًا , وَإِنَّمَا وَصَفَتْ رِيق اِمْرَأَة يَجُوز أَنْ
يَكُون حَلَا لِي وَيُمْكِن أَنْ أَقُولهُ عَلَى اَلظَّنّ وَقَدْ شَفَّعَ صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي
أَبِي بَصِير بَعْد مَا تَهَكَّمَ فِي مَوَاطِن كَثِيرَة وَزَعَمَ أَنَّهُ مِسْتَر , مُفْتَرِيًا أَوْ لَيْسَ
بِمُفْتَرٍ وَمَا سَمِعَ بِأَكْرَم مِنْهُ صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أفكت فَجَلَدَنِي مَعَ مُسَطَّح ثُمَّ
وُهِبَ لِي أُخْت مَارِيَة فَوُلِدَتْ لِي عَبْد اَلرَّحْمَن وَهِيَ خَالَة وَلَده إِبْرَاهِيم .
وَهُوَ , زَيَّنَ اَللَّه اَلْآدَاب بِبَقَائِهِ , يَخْطُر فِي ضَمِيره أَشْيَاء يُرِيد أَنْ يُذَكِّرهَا
لِحَسَّان وَغَيْره ثُمَّ يَخَاف أَنْ يَكُونُوا لَمَّا طَلَبَ غَيْر مُحْسِنِينَ فَيَضْرِب عَنْهَا إِكْرَامًا
لِلْجَلِيسِ مِثْل قَوْل حَسَّان .
يَكُون مِزَاجهَا عَسَل وَمَاء .
يَعْرِض لَهُ أَنْ يَقُول كَيْفَ قُلْت يَا أَبَا عَبْد اَلرَّحْمَن أَيُكَوِّنُ مِزَاجهَا عَسَل وَمَاء أَمَّا
مِزَاجهَا عَسَلًا وَمَاء , أَمَّا مِزَاجهَا عَسَل وَمَاء عَلَى اَلِابْتِدَاء وَالْخَبَر ? وَقَوْله
فَمَنْ يَهْجُو رَسُول اَللَّه مِنْكُمْ وَيَمْدَحهُ وَيَنْصُرهُ سَوَاء يَذْهَب بَعْضهمْ إِلَى أَنَّ مِنْ مَحْذُوفَة
مِنْ قَوْلك وَيَمْدَحهُ وَيَنْصُرهُ عَلَى أَنَّ مَا بَعَّدَهُمَا صِلَة لَهَا وَقَالَ قَوْم حُذِفَتْ عَلَى أَنَّهَا
نَكِرَة وَجَعْل مَا بَعْدهَا وَصَفًّا لَهَا , فَأُقِيمَتْ اَلصِّفَة مَقَام اَلْمَوْصُوف
وَيَقُول قَائِل مِنْ اَلْقَوْم , كَيْفَ جُبْنك يَا أَبَا عَبْد اَلرَّحْمَن ? فَيَقُول إِلَيَّ يُقَال هَذَا
وَقَوْمِيّ أَشْجَع اَلْعَرَب ? أَرَادَ سِتَّة مِنْهُمْ أَنْ يَمِيلُوا عَلَى أَهْل اَلْمَوْسِم بِأَسْيَافِهِمْ ,
وَأَجَارُوا اَلنَّبِيّ صَلَّى اَللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى أَنْ يُحَارِبُوا مَعَهُ كُلّ عَنُود ,
وَفَرَّ مِنْهُمْ رَبِيعَة وَمُضِرّ وَجَمِيع اَلْعَرَب , عَنْ قَوْس اَلْعَدَاوَة وَأَضْمَرُوا لَهُمْ ضغن اَلشَّنَآن
وَإِنَّ ظَهَرَ مِنِّي تُحْرِز فِي بَعْض اَلْمُوَاطِن فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى طَرِيقَة اَلْحَزْم كَمَا جَاءَ فِي
اَلْكِتَاب , اَلْكَرِيم " وَمَنْ يُولِهِمْ يَوْمئِذٍ دبرة إِلَّا متحرفا لِقَتَّال أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى
فِئَة , فَقَدْ بَاءَ بغب مِنْ اَللَّه وَمَأْوَاهُ جَهَنَّم وَبِئْسَ اَلْمَصِير " .
وَيَفْتَرِق أَهْل ذَلِكَ اَلْمَجْلِس , بَعْد أَنْ أَقَامُوا فِيهِ , كَعُمْر اَلدُّنْيَا أَضْعَافًا ,
كَثِيرَة , فَبَيِّنًا هُوَ يَطُوف فِي رِيَاض اَلْجَنَّة , لَقِيَهُ خَمْسَة , نَفَر عَلَى خَمْس أَيَنِقُّ ,
فَيَقُول مَا رَأَيْت أَحْسَن مِنْ عُيُونكُمْ فِي أَهْل اَلْجِنَان ! فَمَنْ أَنْتُمْ خُلْد عَلَيْكُمْ اَلنَّعِيم
? فَيَقُولُونَ نَحْنُ عوران قِيسَ , تَمِيم بْن مُقْبِل , العجلاني وَعَمْرو بْن أَحْمَد
اَلْبَاهِلِيّ والشماخ , مَعْقِل بْن ضِرَار , وَأَحَد بَنِي ثَعْلَبَة بْن سَعْد بْن ذُبْيَان ,
وَرَاعِي اَلْإِبِل , عَبِيد , بْن اَلْحَصِين اَلنُّمَيْرِيّ , وَحَمِيد اِبْن ثَوْر اَلْهِلَالِيّ .
فَيَقُول للشماخ بْن ضِرَار , لَقَدْ كَانَ فِي نَفْسِي , أَشْيَاء مِنْ قَصَدَتْك اَلَّتِي عَلَى
اَلزَّاي وَكَلَّمَتْك اَلَّتِي عَلَى اَلْجِيم , فأنشدنيها لَا زِلْت مُخَلَّدًا كَرِيمًا .
فَيَقُول لَقَدْ شَغَلَنِي عَنْهُمَا اَلنَّعِيم اَلدَّائِم , فَمَا أَذْكُر مِنْهُمَا بَيْتًا وَاحِدًا ,
فَيَقُول , لِفَرْط حُبّه اَلْأَدَب , وَإِيثَاره تَشْيِيد اَلْفَضْل , لَقَدْ غَفَلْت أَيُّهَا اَلْمُؤْمِن
وَأَضَعْت ! أَمَا عَلِمَتْ أَنَّ كَلِمَتَيْك أَنْفَع لَك مِنْ اِبْنَتَيْك ? ذَكَّرَتْ بِهِمَا فِي اَلْمُوَاطِن ,
وَشَهَرَتْ عِنْد رَاكِب اِبْنَته عَقْرَب , لَعَلَّ تِلْكَ شَانَتْهُ , وَمَا زَانَتْهُ وَأَصَابَهَا فِي
اَلْجَاهِلِيَّة سباء , وَمَا وَفَّرَ لِأَجْلِهَا الحباء , وَإِنْ شِئْت أَنْ أَنْشُدك قَصِيدَتَيْك فَإِنَّ
ذَلِكَ لَيْسَ بِمُتَعَذِّر عَلَيَّ , فَيَقُول أَنْشَدَنِي ضفت , عَلَيْك نِعْمَة اَللَّه فَيَنْشُدهُ
عَفًّا مِنْ سُلَيْمِيّ بِطُنّ فو فعالز فَذَاكَ الغضا فَالْمُشْرِفَات النواشز
فَيَجِدهُ بِهَا غَيْر عَلِيم , وَيَسْأَلهُ عَنْ أَشْيَاء مِنْهَا , فَيُصَادِفهُ بِهَا غَيْر بَصِير فَيَقُول
شَغَلَتْنِي لذائذ اَلْخُلُود , عَنْ تَعَهُّد هَذِهِ اَلْمُنْكَرَات , " إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي ظِلَال
وَعُيُون , وَفَوَاكِه مِمَّا يَشْتَهُونَ كَلُّوا وَأَشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " إِنَّمَا
كُنْت أَسُقْ , هَذِهِ اَلْأُمُور وَأَنَا آمِل أَنْ أَفْقَرَ بِهَا نَاقَة أَوْ أَعْطَى كَيْل , عِيَالِي سَنَة
, كَمَا قَالَ , الراجز .


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس