رد: كتاب مجمع الامثال للامام ابو الفضل الميدانى
المعاتبة: المعاودة، وبَشَرة الأديم: ظاهره الذي عليه الشَّعَر، أي أن ما يُعاد إلى الدباغ من الأديم ما سلمت بشرته. [ص 41]
يضرب لمن فيه مُرَاجعة ومُسْتَعْتَب.
قال الأصمعي: كل ما كان في الأديم محتمل ما سلمت البشرة، فإذا نَغِلَتْ البشرةُ بطل الأديم.
154- إنّ بَيْنَهُمْ عَيْبَةً مَكْفُوفَةً.
العَيْبَة: واحدة العِياب والعِيَبِ، وهي ما يجعل فيه الثياب. وفي الحديث "الأنصار كرشي وعَيْبَتي" أي موضع سرى. ومكفوفة: مُشَرَّجَة مشدودة. ومعنى المثل أن أسباب المودة بينهم لا سبيل إلى نقضها.
155- إذَا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْنِ فَاْعْلَمْ أنّهُ مُصَبِّحٌ.
قال الأصمعي: أصله أن القَيْنَ بالبادية يتنقل في مياههم، فيقيم بالموضع أياما، فيكسد عليه عمله، ثم يقول لأهل الماء: إني راحِل عنكم الليلة، وإن لم يرد ذلك، ولكنه يُشيعه ليستعمله مَنْ يريد استعمالَه، فيكثر ذلك من قوله حتى صار لا يصدق.
يضرب للرجل يعرفه الناس بالكذب فلا يقبل قوله وإن كان صادقا، قال نَهْشَل ابن حَرِّيٍّ:
وعَهْدُ الغانياتِ كعَهْدِ قَيْنٍ * وَنَتْ عنه الْجَعائِلُ مستذاق
كبَرْقٍ لاح يُعْجِبُ مَنْ رآه * ولا يَشْفِي الْحَوَاثِمَ مِن لماق
حدث أبو عبيدة عن رؤبة قال: لقي الفرزدقُ جريرا بدمشق، فقال: يا أبا حَزْرة أراك تَمَرَّغ في طواحين الشأم بعد، فقال جرير: أيهاه إذا سمعت بسُرَي القين فإنه مصبح، قال: فعجبت كيف تأتَّي لهما، يعني لفظ التمرغ ولفظ القَيْن، وذلك أن الفرزدق كان يقول لجرير "ابن المراغة" وهو يقول للفرزدق "ابن القَيْن".
156- الأكْلُ سَلَجَانٌ والقَضَاءُ لَيَّانٌ.
السَّلْج: البَلْع. يقال: سَلَجْتُ اللقمة أي بَلَعْتُهَا. والليَّان: المدافعة، وكذلك اللَّيُّ، ومنه "ليُّ الوَاجِدِ ظلم" ولم يجئ من المصادر شيء على فَعْلاَن بالتسكين إلا اللَّيَّان والشَّنْآن.
يضرب لمن يأخذ مال الناس فيسهل عليه، فإذا طولب بالقضاء دافع وصَعُبَ عليه، ومثلُه.
157- الأَخْذُ سُرَّيْطٌ والقَضَاءُ ضُرَّيْطٌ.
ويروى سُرَّيْطَي وضُرّيْطَي، والمعنى واحد، أي إذا أخذ المال سَرَطَ وإذا طولب أضرط بصاحبه.
158- آخِرُهَا أقَلُّهَا شُرْباً.
أصله في سَقْي الإبل. يقول: إن المتأخر عن الورود ربما جاء، وقد مضى [ص 42] الناس بِعِفْوَةِ الماء (عفوة كل شيء: صفوته) وربما وافق منه نفادا، فكن في أول من يُورد، فليس تأخير الورد إلا من العجز والذل، قال النجاشيّ أحَدُ بني الحارث بن كعب يذم قوماً:
ولا يَردُونَ الماء إلا عشيةً * إذا صَدَرَ الوُرَّادُ عن كل مَنْهلِ
159- أكَلَ عَلَيْه الدَّهْرُ وَشَرِبَ.
يضرب لمن طال عمره، يريدون أكلَ وشرب دهرا طويلا، وقال:
كم رأينا من أناسٍ قَبْلَنَا * شربَ الدهْرُ عَلَيْهِمْ وأَكَلْ
160- أبَى الْحَقِينُ العِذْرَةَ.
الحقين: اللبن المَحْقُون، والعِذْرة: العُذْر. قال أبو زيد: أصله أن رجلا ضاف قوما فاستسقاهم لبنا وعندهم لبن قد حَقَنوه في وَطْب، فاعتلّوه عليه واعتذروا، فقال: أبى الحقين قبول العذر، أي إنه يُكَذّبهم.
161- أتَاكَ رَيَّانَ بِلَبَنِهِ.
يضرب لمن يعطيك ما فضل منه استغناء، لا كرما، لكثرة ما عنده.
162- أثَرُ الصِّرَارِ يَأْتِي دُونَ الذِّيَارِ.
الصِّرار: خيط يُشَدّ فوق الْخِلْف والتودية لئلا يرضع الفصيل، والذِّيار: بعر رَطْب يلطخ به أطْبَاء الناقة لئلا يرتضعها الفصيل أيضا، فإذا جعل الذِّيار على الْخَلْف ثم شدّ عليه الصِّرار فربما قطع الْخَلْف.
يضرب هذا في موضع قولهم "بلغ الْحِزاُم الطُّبْيَيْنِ" يعني تجاوز الأمر حدّه.
163- أنَا مِنْهُ كَحَاقِنِ الإِهَالَةِ.
يقال للشحم والوَدَك المُذَاب: الإهالة، وليس يحقنها إلا الحاذق بها، يحقنها حتى يعلم أنها قد بَرَدَتْ لئلا تحرق السقاء. يضرب للحاذق بالأمر.
164- إنَّهُ لَيَعْلَمُ مِنْ أيْنَ تُؤْكَلُ الكَتِفُ.
ويروى "من حيث تؤكل الكتف" يضرب للرجل الداهي.
قال بعضهم: تؤكل الكتف من أسفلها، ومن أعلى يشق عليك، ويقولون: تجرى المَرَقَة بين لحم الكتف والعظم، فإذا أخذتها من أعلى جَرَت عليك المرقة وانصبَّتْ، وإذا أخذتها من أسفلها انْقَشَرَتْ عن عظمها وبقيت المرقة مكَانَها ثابِتَةً.
165
|