عرض مشاركة واحدة
قديم 15-01-09, 04:09 AM   #6
 
الصورة الرمزية حسين الحمداني

حسين الحمداني
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 11600
تاريخ التسجيل : Sep 2008
عدد المشاركات : 5,724
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ حسين الحمداني
رد: البحر من امامكم والعدو محيط بكم


لن يبدأ المشهد هُنا بسلام ينعم به شعب الحريّة
ليس هُنا تلتئم جراح أسرتي بالتمامها .. ليس لدينا طاولة المائدة أصلا َ !
كان بودّي لو شدا لكم بلبل فوق زيتونتنا العجوز
لكنهم قتلوه .. حين اجتاحوا الديار
من أين آتيكم ببداية رائقة لائقة
تلك سكنانا .. أظننتموه خراباً نلقي فيه بقايا ذكريات ؟!

كُنت وعائلتي نُرسل أمنياتٍ قصيرة المدى بيننا
ودعواتٍ طويل المدى .. إلى السماء
نُمارس عَبقرية البساطة فنفتـح مغاليقَ { الأنفاقِ } ، ونعرّج للسماوات لحظة هطول الأمنيات .

فنرسمُ حلماً { دافئاً } يأكلُ من خبزِ داليةٍ أوراقها من الجنّة ، ونمضي إلى فجرٍ لنا هوَ منّا المُرتـجى والمبتغى ، ونحلّق حرفاً حرفاً بأحاديث السّهر الغافية

لحظة .. أسمع دويَ رصاصٍ يخرقُ لحظة المعراج !


ضجيج غارةٍ .. بل مائة غارة !
صرخة ثـكلى ، أنينُ طفلة
تمازجت الأصوات حتى غابت مفاهيمها
ذابت وسط أنينها شهقات نحيب
تتراكض الأقدام عشوائياً إلى اللامكان حيث هُناك يبدو آمن ..
أطلّ من النّافذة فيبدو لوهلة أن كل شيءٍ استحال شيئاً فارغاً لا يشغل حيّزاً ..
المعالم غير المعالم التي أعرفها .. والمفزوعونَ ممن أعرف تشابهت عليّ ملامحهم المٌشوهة










× لا وقت للتفكير في خياراتك ×


[frame="12 98"]
حتى لا وقت لتحديد وجهتك ، وكأنها صارت في اللاوعي إحدى أوامر الركض إلى المجهول بأسرع وقت كي { تنفذ بريشك } ويكون نصيبك بعض كسورٍ وخدوشٍ ورصاصة في رجلك اليمنى { فقط } ..
التفتّ .. أمي بضعفها ، وأبي برجله الوحيدة بعدَ أن فقد الأخرى جرّاء هجومٍ صهيونيٍ سابق .. وإخوتي التسعة..
شحبت وجوههم ، وارتعدت أطرافهم .. وسَكنت حركتـهم في زاويةٍ بآخر البيت شُعِرَ بأن صاروخَ طائرة اف – 16 لن يخترقها ..
صحت بجنون : " بسرعة .. خلونا نطـلع نتخبّى في محل "
وما كُنت أدري وجهتي لو سألتني وقتها عن مَقصدي من كلامي ..
إنما أنا صاحب المَوقف بشظاياه ومرارته
قال أبي : " وين بدك نروح ؟ مش شايف ... "
صوتُ القذائف الأخيرة والطائرة المُحلقة فوق سقف بيتنا مباشرة هشّم الحروف الباقية فما استوعبها عقلي
أرسلتُ بيدي إشارة للخروج بعد أن نضج بفؤادي ضرورة التّحرك .. وخطورة البقاء حيث استكّنا
خرجت أمّي أولاً بعد أن أصررت عليها بترك إخوتي التسعة بوعدٍ منّي أن أخرجهم بعدها
أبي تبعها .. مشى خطوتـين وتعثّر وفقد عصاه ..
أسرعت إليه .. أسندته .. ناولته ركيزته .. وقدتّه خطوتين للخارج ..
رُصدنا من الطائرة .. حُددت وجهة القذيفة .. أطلقت على الزاوية الآمنة بآخر البيت حيث أفئدتي التّسعة انتظرتني كيْ أعود ..

أطلقت أمي صرخة من قحف رأسها ، وأبي وقف دون عصا وما تحرّك قيدَ أنملة ..
وأنا طِرتُ كَيْ أنعمَ بنظرةٍ أخيرة لأفئدتي التسعة قبل أن تستحيل إلى طيورٍ عُشّها الجنّة ..//[/frame]


حسين الحمداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس