عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-08, 12:20 PM   #2
 
الصورة الرمزية لميس صلاح

لميس صلاح
هيئة دبلوماسية

رقم العضوية : 9320
تاريخ التسجيل : Oct 2007
عدد المشاركات : 4,014
عدد النقاط : 10

أوسمة العضو
لاتوجد أوسمة لـ لميس صلاح
رد: نظريات تفسير السلوك الإجرامي




تقييم نظرية لومبروزو:


من أهم الانتقادات التي وجهت إلى نظرية لومبروزو أنه لم يقدم تفسيراً علمياً للعلاقة بين الخصائص الجسمية، والسلوك الإجرامي، كذلك فإن فكرة الجريمة تعتمد على التمييز بين الأفعال المشروعة، وغير المشروعة، وهي نسبية تختلف من مجتمع إلى آخر، بما يشر إلى أن الجريمة مفهوم نسبي يعتمد على قيم المجتمع التي لاعلاقة لها بالخصائص الجسمية لبعض الناس.(21)
وقد أشار (لومبروزو) في نظريته إلى أن الإنسان المجرم قد ورث بعض الصفات البيولوجية، والخصائص الخلقية بإنسان ماقبل التاريخ، أو الإنسان البدائي مما يشير إلى أن جميع أفراد المجتمع البدائي كانوا متوحشين، أو مجرمين، وهذا بالطبع لم يثبت تاريخياً(22)
وهذا مالايتوافق مع الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى إحسان الظن بالآخرين فإن العلاقة بين الخصائص الجسمية والسلوك الإجرامي ليست دائماً صحيحة، فليس كل المجرمين ذوي ملامح وحشيةٍ، كما أنه ليس ضرورياً أن يصبح كل فرد يعاني من عيب خلقي مجرما، فجرائم الاحتيال والنصب غالباً مايرتكبها أفراد ذوو هيئات وسيمةٍ حتى يستطيعوا إقناع ضحاياهم عن طريق حسن مظهرهم أنهم من علية القوم.
كما أن جرائم الجنس تعتمد في كثير من الأحيان على استغلال بعض الأفراد لما يتميزون به من جمال الشكل، في التغرير بضحاياهم، وفي هذا دليل على أن العلاقة بين الشكل الخارجي والسلوك الإجرامي ليست دائماً صحيحة.
وإننا ـ على الجانب الآخر ـ نرى صُماً وعُمياناً وعُرجاناً، ومبتورى الأيدي، أو السيقان، أو ذوى الأجسام الضخمة، والملامح الوجهية الخشنة إلا أنهم ذوو قلوبٍ رحيمة، وأخلاق سامية.
ونحن نميل إلى ما أثبتته (أنا استاذي) من عدم وجود علاقة بين حجم الجسم، أو خصائص الوجه والجمجمة، وبين السلوك الإجرامي، وقالت بأن هذه العلاقة تكاد تكون منعدمة(23)


2 ـ النظرية الوراثية:


تقوم هذه النظرية على افتراض مؤداه أن بعض الخصائص الموروثة تجعل أصحابها ذوى سلوكيات إجرامية(26).
أي أن النظرية الوراثية ترى أن السلوك الإجرامي ينتقل بالوراثة كسائر السمات الجينية التي تنتقل للفرد عن طريق الوراثة، وقد أظهرت تلك الدراسات التي أجريت على أسر تفشى فيها الإجرام، ففي دراسة أجراها (دوجدال) على تاريخ أسرة (جوك)، لمدة 75 سنة، حيث أجرى فحصاً على 1200 فرد من المنحدرين منها، تبين لهم من خلاله أنه قد خرج من هذه الأسرة 280 متسولاً، 140 مجرماً، 65 لصاً، 7 قتلة، 50 عاهرةً، 440 مصاباً بأمراض سرية نتيجة للسلوك الجنسي المشاع، و30 طفلاً غير شرعي.(27)
وقد أثبتت بعض الدراسات أن السلوك الإجرامي يرجع إلى كروموزوم إضافي محدد للجنس لدى بعض الأشخاص ـ فمن المعروف أنه يوجد في الذكور السوية تركيبٌ كروموزومي وفي الإناث السوية تركيب كروموزومي، وأن الكروموزوم الإضافي يجعل سلوك صاحبه متسماً بالعنف، والقسوة، والعدوانية.(28)
وقد بدأ العلماء بالفعل في التركيز على دراسة أشجار العائلة لدى المجرمين، ودلت الأبحاث على أنه كلما تشابه التركيب التكويني لشخصين تشابه سجلهما الإجرامي(29).
وأجريت منذ أعوام قليلة مجموعة من الأبحاث التي تتعلق بالمظاهر المختلفة لهذا الشذوذ التركيبي، فيقول (فورسمان) بخصوص هذا الموضوع أنه قد أصبح من المسلم به أن هؤلاء الرجال الذين يحتوون على كروموزوم إضافي قد يظهرون بعض السلوكيات المعادية للمجتمع(30). وهذه النظرية باطلة لأننا نرى الولد الصالح يخرج من الأب الفاجر كإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ونرى الولد الفاجر يخرج من الأب الصالح كما قص الله علينا خبر نوح عليه الصلاة والسلام وابنه الكافر، إضافة إلى أن هذه النظرية ترسخ الجريمة أكثر لأن الأسر التي انتشرت فيهم مثلاً الجريمة لايحاولون إصلاح أولادهم ولا المجتمع يصلحهم لأنهم ـ بناء على هذه النظرية ـ سيصبحون مجرمين حتماً، إضافة إلى أن هذه النظرية فيها مايشبه مذهب القائلين بالجبر والذي مؤداه عدم مؤاخذة المذنب لأنه لاذنب له في ارتكاب الجريمة حيث ورثها عن آبائه وأجداده وهذا باطل.


3 ـ نظرية المحددات التكوينية (نمط بنية الجسم):


وتمثل هذه النظرية أحد الاتجاهات البيولوجية في تفسير الجريمة، ويحاول أصحاب هذا الاتجاه الربط بين أنماط بناء الجسم، وارتكاب أشكال معينة من الجرائم. (ودراسة الأنماط) نظام وصفي يقسم الناس إلى فئات محددة طبقاً لبناء أو تكوين الجسم، ويضع وصفاً للخصائص الجوهرية التي تميز كل فئة أو نمط. وكان أبو قراط الطبيب اليوناني القديم أول من أرسى دعائم دراسة الأنماط)(31).

4 ـ نظرية الاضطرابات الفسيولوجية:

(يرى أصحاب هذا الاتجاه أن بعض الاضطرابات الفسيولوجية التي قد توجد لدى بعض الناس، كزيادة إفرازات الغدد الصماء أو نقصانها أو الاضطرابات في عملية التمثيل الغذائي من شأنها أن تؤدي إلى السلوك الإجرامي).
وحيث إن الغدد الصماء هي المسؤولة عن النمو الهيكلي لجسم الإنسان وتأكيد صفات الذكورة والأنوثة فيه، فإن اختلال وظائف هذه الغدد يؤدي إلى نتائج تظهر في أعضاء جسم الإنسان من حيث التضخم والضمور والذكورة والأنوثة والنشاط والخمول والهيجان والاستقرار مما يؤدي في ظروف معينة إلى ارتكاب الفرد جرائم معينة. والغدد الصماء هي الغدد المقفلة إلا من قنوات تخرج ما تفرزه منه هرمونات كيماوية تساعد على النمو الجسمي والعقلي للفرد والتي يؤدي اضطراب إفرازاتها إلى اضطراب نمو الفرد، ومن هذه الغدد الغدة النخامية، والغدة الدرقية، والغد التناسلية.
وقد أثبت عالم الإجرام الإيطالي (بند) أن الإفراط في إفراز الغدة الدرقية يؤدي إلى جرائم العنف، وأن الخمول في إفراز الغدة النخامية يؤدي إلى جرائم الأموال.
ويذكر أصحاب هذا الاتجاه أن العلاقة بين الاضطرابات الفسيولوجية والسلوك الإجرامي هي علاقة السبب والنتيجة، بمعنى أنها علاقة ذات اتجاه واحد، أي أن انعدام التوازن في العمليات الفسيولوجية يؤدي إلى إفساد دوافع الفرد وسلوكه مما يؤدي به إلي ارتكاب الجرائم.
ونظرتنا نحن المسلمين المحكومين بشرع الله تعالى فإننا لانطمئن إلى هذه النظرية لأن مناط المسؤولية في الإسلام هو العقل والإرادة.

نقد النظريات السابقة:

^ أيها القاريء العزيز إن جميع ماذكر في النظريات السابقة هو دليل على فساد العقل الفلسفي الذي لم يهتد بنور الشرع الحنيف كما يدل على قصور البشر وتخبط بعضهم، ومامن شك أن الجريمة قد يكون لها سبب واحد أو أسباب متعددة تختلف باختلاف الناس وإن كان ضعف التدين الذي يجعل الإنسان رقيباً على نفسه محاسباً لها هو السبب الرئيس الذي تتولد منه الأسباب الأخرى كقلة التربية وانتشار الفساد في المجتمع مما يشجع على الإقدام على الجريمة والجهل المطبق سواء بالأحكام الشرعية أو بما يحتاجه الإنسان في حياته المعاصرة، ولا ينكر أيضاً أثر البيئة التي يعيش فيها المجرم في تشكيل نفسيته الإجرامية من أسرته إلى مدرسته إلى حارته إلى أقرانه وأصدقائه وقرابته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
^ المراجع:
1ـ السيد رمضان، الجريمة والانحراف من المنظور الاجتماعي، (الاسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 1985م)، ص63.
2ـ د. علي عبدالقادر القهوجي، علم الإجرام وعلم العقاب، (بيروت: الدار الجامعية للطباعة والنشر، ب ت) ص37.
3ـ د. السيد رمضان، مرجع سابق، ص63.
4ـ James William Coleman Coleman and Donald R. Cressy, Social Problems, third edition, Ne YorK Harper and Ro, pblishers, p. 406 .
5ـ د. علي عبدالقادر القهوجي، مرجع سابق، ص38.
6ـ المرجع السابق، ص39.
7ـ د. محمد شحاتة ربيع وآخرون، علم النفس الجنائي، (القاهرة: دار غريب، 1995م)، ص92.
8ـ Herschl Prins, Criminl Behavior An Introdcion to Its Stdy and Treatment, Ne York Pitman pblishing, 1973, p.47 .
9ـ د. السيد رمضان، مرجع سابع، ص ص 85: 86.
10ـ د. علي عبدالقادر القهوجي، مرجع سابق، ص 39.
11ـ James William Coleman and Donald R. Cressy, op. Cit, pp.407 ـ 406.
12ـ د. علي عبدالقادر القهوجي، مرجع سابق، ص 40: 42.
13ـ د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، الوجيز في علم الإجرام وعلم العقاب، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1978م) ص 37.
14ـ د. سامية حسن الساعاتي، الجريمة والمجتمع: بحوث في علم الاجتماع الجنائي، ط2، (بيروت: دار النهضة العربية، 1983م) ص92.
15ـ د. السيد رمضان، مرجع سابق، ص ص 74: 75.
16ـ د. سامية حسن الساعاتي، مرجع سابق، ص 93. عن:
17ـ د. نور الدين هنداوي، مبادئ علم العقاب، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1989م) ص37.
18ـ د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، مرجع سابق، ص37.
19ـ .47Hershel Prins, op. Cit. , p.
20ـ د. نور الدين هنداوي، مرجع سابق، ص 38.
21ـ د. علي عبدالقادر القهوجي، مرجع سابق، ص ص 42: 46.
22ـ د. محمود نجيب حسني، دروس في علم الإجرام وعلم العقاب، (القاهرة: دار النهضة العربية، 8891ص) المجتمع ص44.
أ: 145.
24: د. أنور محمد الشرقاوي، انحراف الأحداث، ط2 مكتبة القاهرة: (الانجلو المصرية، 1986ص) المجتمع 194.
25ـ د. علي عبدالقادر القهوجي، مرجع سابق، ص 5.
26ـ د. السيد رمضان، مرجع سابق، ص 97.
27ـ محمد شحاته ربيع وآخرون، مرجع سابق، ص48.
28ـ د. السيد رمضان، مرجع سابق، ص 86.
29ـ د. محمد شحاته ربيع وآخرون، مرجع سابق، ص ص 48: 78.
30ـ James illiam Coleman and Donald R. Cressy, op. cit, pp. 408 ـ 407.
31ـ Herschel Prins, op. Cit., p. 49.



منقول


توقيع : لميس صلاح
زهرة الشرق
zahrah.com

لميس صلاح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس